Wednesday, October 10, 2012


الفرزلي للديمقراطية: ان السرّ الوجود المسيحي في لبنان مرتبط بدورهم .. ونفتخر بمواقف " المير" الوطنية على مرّ التاريخ

رجل دولة وقانون بإمتياز، نرتشف منه تاريخ لبنان والأمة والعالم في جلسة واحدة، محلل للسياسات والإستراتيجيات في منطقة تحكمها سياسة المدّ والجرز ،ليقرأ من خلالها مستقبل الاحداثيات قبل حصولها، يرفض تحويل لبنان الى كيانات مذهبية وجعله أشبه بالمحيط تجتمع فيه الاسماك الكبيرة لتبتلع الصغار منها في ظل غياب قانون يحمي الأقليات، لم يحقق حلم والده في دراسته الطب ولكنه أصبح الطبيب الذي يداوي جراح الأرثوذكسيين من خلال مهنة المحاماة في جلسة مفتوحة كمحاولة لاستعادة حقوقهم منذ قيام دولة لبنان الكبير ورفضهم للإنتداب الفرنسي...هو الثورة المتيقنة لمخاطر العقلية الصهيونية المناهضة للأديان السماوية، لديه كل الثقة بالشرق الذي يحوي شعوباً مؤمنة اتخذوا من القرآن والإنجيل كلمة حق بنصرتهم على اعداء الله والدين ..هو المعاصر لكبار رجالات السياسة.. ذات جذور زحلاوية تبنّته الدولة اللبنانية على نيابة رئاسة مجلس النواب لسنوات عدة الى جانب الرئيس نبيه بري.. إنه دولة الرئيس إيلي الفرزلي، مدرسةٌ في عالم الحقوق والاخلاق والإنسانية.
اعداد وحوار: منى العريضي
تصوير: أريج العريضي
كيف تصف لنا المشهد السياسي في لبنان اليوم؟
قبل ان نتحدث عن المشهد السياسي يجب توصيف الواقع اللبناني، انا ارى لبنان عبارة عن لبنانات بإمتياز .هناك كيانات مذهبية كل كيان له حدوده واعلامه ومؤسساته وطقوسه وثقافته وله علاقته مع الخارج وهذا امر واضح لم يعد يُجتهد فيه او يُخجل الكلام فيه لدرجة انه بات الكلام اليوم عن مليارات الدولارات ستتدفق الى لبنان لشراء ضمائر اللبنانين المغتربين والمقمين ولا ترى هناك من يحرك ساكناً خصوصاً من المسؤولين الكبار المؤتمنين على الحياة العامة والمؤسسات الدستورية والثقافة والاخلاق الدستورية في لبنان الذي نعتبرها من المسلمات في لبنان.
لبنان اصبح كيان سني بإمتياز، كيان شيعي بإمتياز، كيان درزي إمتياز، وكيان مسيحي بإمتياز في حين يحاول البعض الخروج من هذه الكيانات بعض الاحيان فيرتد الى كيانه اما يتأقلم أو يثور فيقضى عليه بالسياسة أو بالأمن.. هذا هو الواقع الذي نعيشه.
من هنا نقول ان هناك مشاهد سياسية، مشاهد الواقع الإقليمي تبعاً للدول المرتبطة بها هذه الكيانات ارتباطاً عضوياً وثيقاً تتلقف وتتلقى توجيهاتها من الخارج بصورة واضحة بإيقاع محكوم من الدول الذي تموّل وتدعم هذه الكيانات.. مع التنويه هنا بالظاهرة التي نشأت وهي المقاومة الإسلامية التي حققت النصر على اسرائيل، هذه المقاومة التي لها احترامها وهيبتها ومهامها الخاصة بصرف النظر عن الكيدية التي سادت الساحة اللبنانية وهي حماية هذه الظاهرة الى حين تحرير الارض وحماية لبنان من اي عدوان اسرائيلي هذا الامر هو من المسلمات وهنا لا اربط موضوع الطائفي بالمقاومة لأن الكيان الشيعي موجود إسوة بغيره من الكيانات.
لقد وصفت يوماً الرئيس ميقاتي "بالمرتهن " للإدارة الأميركية ولا يمكن ان يتحرك الا بإيعاز منها .. واكثر من ذلك فقد راهنت على اسقاط الحكومة نفسها بنفسها .. ما هي السلوكيات التي قامت بها الحكومة ورئيسها والتي استفزت دولة الرئيس ايلي الفرزلي كي يصل به الى هذا الإعتقاد؟
منذ اليوم الاول لتكليف الرئيس ميقاتي وقبل تشكيل هذه الحكومة انا اعلم كيف اوصّف ميقاتي وطبيعة هذه القوى كنت اقرأ هذا الامر بوضوح تماماً قبل بدء السلوكيات.. ان حقيقة الوضع هو ان " المستوزر" يساير رئيس الوزراء ولا ينتقده الا اذا كان زعيم كبير يهدد بالإنشقاق وانا لست زعيم طائفة كي اتصرف على هذا الاساس ولكن هناك اسباب موضوعية تيقنتها الى جانب تجربة عام 2005. فالرئيس نجيب ميقاتي اتي نتيجة الاتفاق اسمه امكانية التحالف الرباعي والقرار الاميركي الفرنسي الذي كان يدعوا الى تحييد حزب الله لتركيز الحرب على سوريا آنذاك وقد وُثقت هذه المعلومات في مذكرات جورج بوش وجاك شيراك انه عندما اجتمع النورماندي اتفقوا على اخراج الأسد من لبنان وبالتالي يسقط النظام فرد عليه الرئيس بوش قائلاً: " يبدو انك متطلع على هذا الامر جيداً فما عليك سوى الذهاب بهذه المسألة وان ادعمك ولكن ماذا عن حزب الله فأجاب :" سنقوم بترقيته بتهدئته وتحيده وكان على اثرها مسألة التحالف الرباعي وكذلك تكليف الرئيس ميقاتي وذلك لاستهداف سوريا بإسقاط النظام ...!! ما الذي حدث آنذاك ...انما الذي حدث بعد اخراج الرئيس سعد الحريري من الحكومة هو انه كُلّف ميقاتي برئاسة الحكومة ولكنه لم يذهب الى تشكيلها وبدء يناور تارة بانتظار 14 آذار وتارة 14 شباط آذار ثم طرح حكومة التكنوقراط الذي كان يعلم مسبقاً انه ليس بإمكانه تأليف مثل هكذا حكومة لانه كان قد تم تبليغه من القوى المعنية الأساسية ان تأليف الحكومة لا شيء يدعى حكومة تكنوقراط إذاً الرئيس ميقاتي لم يكن يريد سوى كسب الوقت حتى يبدأ الحراك المعارض في سوريا فتشعر سوريا بالوهم فيلجأ إلى تأليف حكومة تخضع الى موازين قوى يستطيع من خلالها ان يحول دون الغاية التي تم من اجلها اخراج الرئيس سعد الحريري من السلطة واكبر دليل على ذلك هو ذهابه الى دار الفتوى والتزامه بعدم ان يقارب اي انجاز اداري او امني او سياسي حققته حكومة الحريري هذا يعني ان الرجل هو مكلّف بمهمة اخرى وهو ملتزم بمصالحه المرتبطة بالخارج ولا يمكن ان يخرج من البيئة الذي خرج بها وهو اتى باصوات معروفة وقد حذرت مسبقاً مراراً وتكراراً وقلت إياكم ان تأتوا بحكومة من دون ان يتم الإتفاق على كل التفاصيل .. لكنهم أحداً لم يصغِ وقد وقعوا في المحذور لانه تحول دور نجيب ميقاتي في ظل عدم قدرته المواجهة المباشرة مع حزب الله تحوّل كي يلعب حامي مرمى بوجه ميشال عون اي ان يحول دون ان يمكن ميشال عون من تحقيق اي مكسب حقيقي انمائي خدماتي سياسي او اداري من خلال التشكيلات على مستوى الحكومة كي يحول دون استثمار ذلك انتخابياً ... الخطة كانت ان يمر الوقت دون ان تسطيع احد عناصر هذه الحكومة وبالتحديد حزب الله وميشال عون لأنهم العامودين الاساسيين لما يسمى 8 آذار في الحراك السياسي القائم وفي حين لم يستطع المس بحزب الله حاول ضرب الجناح الآخر والمقصود هنا ميشال عون سيما ان الساحة المسيحية اكثر حساسية من سواها خصوصاً فيما يتعلق في الاصوات المتأرجحة او الرأي العام الحساس الذي يتنقل من طرف الى آخر تبعاً للتطورات او تقصير ما او سوء تصرف ما لذلك كان التركيز على ميشال عون تركيزاً دقيقاً من قِبل ميقاتي والفريق الذي شكل ظاهرة اعتراضة في الحكومة تتألف من فخامة رئيس الجهورية العماد ميشال سليمان ووليد بك جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي، بيد ان وليد بك جنبلاط موقفه واضح منذ البدء ولا يقع اللوم عليه، فهو زعيم سياسي معروف واضح يتحدثون عن تقلباته ولكنه يتقلب حسب المصلحة الذي يجد نفسه فيها وربما هذا من حقه انما رئيس البلاد الذي كان من المنتظر ان يتصرف على قاعدة انه حكم وقد اقسم اليمين على ان يقوم بهذا الدور ولكنه كان جزء بامتياز من فريق الإعتراضي في الحكومة كي يلعب الدور الواضح دون غيره من الادوار وهو تشكيل حارس مرمى لمنع ميشال عون من تسديد اهداف ذات ابعاد مهمة تعكس ايجاباً على رصيده في الواقع السياسي اللبناني المسيحي تمهيداً للإنتخابات 2013 المنتظر ان يحدث الانقلاب الكبير.
انا لا اريد ان اتصرف كمحاضر بالعفة ولكن اقول واكرر هذا الرجل يتصرف نتيجة توجيهات خارجية لان الخطة الاجنبية كانت هو بتأليف حكومة تؤمن استقرار ( هذا الاستقرار الظاهري الهش) ولا يمكن الاستقرار دون حزب الله فإذاً ارسلوا ميقاتي لتشكيل حكومة تؤمن الاستقرار في لبنان وعندها يتم التركيز المعركة على سوريا والاستفراد بالساحة السورية تماماً كما حدث عام 2005 عندما تم الاتفاق الحلف الرباعي على تحييد حزب الله من الصراع والإستفراد بسوريا واتهمامها بشكل رئيسي بانها كانت وراء إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري .. هذا المشهد لم يتغير على الإطلاق سوى شراسة المعركة حيث أُخذ قرار بضرب قلب سوريا.
لقد تخوفت من الصراع القائم في شمال لبنان كونه يأخذ الطابع الطائفي والمذهبي هل مستقبل لبنان على المحك نتيجة امتداد هذه الصراعات لتعم لبنان كافة؟
بامتياز، تماماً لا يمكن رؤية وضع لبنان خارج إطار الوضع العام في المنطقة. لقد دخلوا الأميركين على العراق الموّحد – بغض النظر عن نظامه الديكتاتوري او العكس آنذاك- نظام موّحد ليس بالقوة فقط بل خاض حرب ضد ايران على مدى سنوات والجيش العراقي كان يقاتل بأكثرية شيعية لم تسجل حادثة فرار واحدة على خلفية الوطنية العراقية والقومية العربية. اما وبعد الخروج الاميركي من العراق باتت دولة ذات كيانات مذهبية شيعة وسنة واكراد.. ورئيس مجلس النواب السني يهدد بالإنفصال ونائب الرئيس طارق الهاشمي يتهم بالتآمر على رئيس الوزارة بإغتياله، يذهب الى تركيا ويُحمى من الاتراك بالرغم من القرار القضائي العراقي بغض النظر من صحة التهمة او عدمها ... اين الوحدة في العراق؟؟؟ فلننظر الى الصراع القائم في سوريا اليوم الذي يأخذ طابع طائفي بمؤازرة من اجهزة الاعلام والممارسات على الارض والاستهدافات التي تحاول اللعب على وتر المذهبية كل يوم ..وكذلك الحال في لبنان نعيش على وتيرة الصراع المذهبي بامتياز الذي ايضاً حذرت منه عام 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقلت إحذروا الفتنة السنية - الشيعية والتي حينها وجهت الي انتقادات لاذعة وابرزها عندما قيل ( الفتنة نائمة .. لعن الله من ايقظها ) وتعممت هنا وهناك ولكن هذا الواقع نعيشه اليوم .. وفي ظل هذا المناخ العام ان احداث طرابلس لا يمكن ان لا ننظر اليها بقلق كبير على قاعدة هذا التخوف ضمن إطار الواقع.
بالحديث عن التخوّف.. لطالما ناشدت باللقاء الأرثوذكسي وقانون الأنتخاب على قاعدة النسبية رافضاً قانون الستين ومن يتبنى هذا القانون على انه يكرس الشرخ السني – الشيعي ويذوب المسيحين في كيانات حلفائهم ... لا بل ذهبت بالقول ان قانون الانتخابات على اساس النسبية يحرر المسيحين ....
- لماذا هذا الكم من التخوف على الوجود المسيحي في لبنان؟
ان السرّ الوجود المسيحي في لبنان مرتبط بدورهم.. بمعنى ان لا اهمية لهذا الوجود إذا كان مجرد وجود كي يعلفوا كالأغنام و"يبولوا " كالأغنام في حديقة الىخرين كما يقول الشاعر نزار فياني في قصيدته الشهيرة " من قتل الإمام" .. اذاً وجودهم مرتبط بدورهم وهم طائفة تأسيسية للكيان اللبناني هم ليسوا طائفة عرضية ولا جالية صليبية .. إما ان يكون لهم دور اولا يكون .. قد لا يكون لهم دور شانهم شان مسيحي سوريا والعراق وسواهم في المنطقة ولكن وجودهم حينها ينتهي .. وهذا ما لن يحصل إذاً سر وجودهم مرتبط تلقائياً بدورهم ولا وجود لدور الوجود المسيحي خارج إطار قانون الانتخابات وهو مصدر الدور والذي يقونن ويشرع لإحداث هذا الدور .. اما الواقع على الارض ان كل القوانيين التي سُنت منذ 1992 حتى اليوم كانت هواجسها عدم نجاح سمير جعجع وميشال عون في الانتخابات .. وفي عام 2005 كل ادعياء التغيير سقطوا في لعبة استمرارية السلطة على الوتيرة عينها .وفي عام 2009 وضمن قانون الستين تبين ان الانتشار المسيحي الى ضمور وتقلص في ظل الاحداث لبنان والمنطقة الى جانب عامل المال الذي دمرّ تدميراً شاملاً على مرأى من رئيس الجمهورية التي قسم اليمين للحفاظ الدستور وحسن تطبيقه .." شراء البلد" ... لقد أتوا وفوداً بالطيارات من بلاد الإغتراب كي يقترعوا وتبين من خلال هذه الظاهرة ان الشيعة والسنة والدروز يفوزوا بنوابهم اما المسيحين من اصل 64 نائب هناك 34 نائب يستولدوا في كنف الكيانات المتعددة بدرجات متفاوتة وما تبقى منقسمين على بعضهم البعض وبالتالي دورهم معطّل بالرغم من حراكهم الإعلامي المصبوغ بالضجيج ولكن في الواقع القرار ليس بيدهم ... ولقد فُضحت هذه المسألة وتم الكشف عن هذا الواقع علناً.
إذاً قانون الانتخابات على قاعدة النسبية هو الحلّ لحماية كيان ووجود ودور المسيحين في لبنان؟
قانون النسبية هو سرّ الدور وبالتالي سرّ الوجود، واي قانون الانتخابات لا يأخذ بعين الإعتبار حق المسيحين إسوة ببقية الطوائف اللبنانية بانتاج قياداتهم وليس مستولدين في كنف الآخرين ولا لكي ينتجوا نواب انابيب .. اي تجاهل لهذا الواقع هو سيكون مؤامرة على الدور المسيحي وسيتحمل مسؤوليته القادة المسيحين الموارنة بالتحديد لانهم حتماً سيكونوا متآمرين بأمتياز على هذا الوجود المسيحي في لبنان.
وانا هنا اتكلم خارج الاصطفاف السياسي وبما يسمى 8 و 14 آذار اليوم فالوجود المسيحي عمره الف عام ولا يرتبط في تشكيلات آنية وما يعنيني هو الوجود المسيحي والمسألة أخطر مما نتخيل اذا لم يتم استصدار قانون انتخابي جديد يلحظ امكانية المناصفة الفعلية وفقاً للمادة 24 من الدستور وحق المسيحين باستلام قياداتهم النيابية إسوة بباقي الطوائف.
وبالمناسبة ان لا أحمّل باقي الطوائف مسؤولية بهذا الشان.. في هذا الإطار فلنأخذ على سبيل المثال وليد بك جنبلاط عندما يقف امام قصر بعبدا ليقول انا لدي خصوصيتي .. أرجوا احترامها ولا اريد ان أُحجم ولا اريد الذوبان في المساحات الكبرى ... وانا اليوم هذا ما اريده واقوله واكرره . من جهة اخرى، وعلى إثر اجتماع في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الدكتور محمد رشيد قباني الذي خلص الاجتماع آنذاك في صدور بيان يشدد فيه على خصوصية الطائفة السنية –( وبالمناسبة أوجه تحية على الرسالة الذي سّلمها لقداسة البابا والتي تحمل كل رقي الكلام وتقدمه وشدد فيه على ضرورة انصاف المسيحين - ) وبالعودة الى خصوصية الطوائف .. كذلك الطائفة الشيعية، فقد خرج وزراء الطائفة من حكومة السنيورة واكدوا على انها حكومة غير ميثاقية وغير شرعية نظراً لخصوصيتها الطائفة الشيعية وموقعها ومشاركتها في النظام . اضافة الى ذلك .. بالأمس القريب قالها سماحة السيد حسن نصرالله " انا لا اريد طائفة حاكمة او قائدة بل اريد مساواة بين طوائف ... اذاً هناك تعددية طوائف... واليوم ، اي جرم ارتكب إذا انا طالبت كمسيحي بالتعددية الطوائفية واريد حق المسيحين بإنتاج قياداتهم إسوة بباقي الطوائف .. ؟؟ نؤكد ان قانون اللقاء الأرثوذكسي هو الحل الوحيد ليس لمسيحي لبنان فقط بل لمسيحي الشرق .. فليقل لي احدهم ما هو الحل لأقباط مصر ومسيحي سوريا والعراق.
نحن لا نتكلم بالتقسيم ولا بكيانات شبيهة بالعراق بل نقول ان لبنان هو دائرة واحدة ونقول لنترك الانتشار النيابي كما هو ودعوا هؤلاء ان ياتوا ممثلي لطوائفهم وضمن كل طائفة على مستوى لبنان يجب تطبيق النسبية من اجل ان تتفتت الطوائف من الداخل وتتعدد وجهات النظر ضمن كل طائفة وخلق تيارات متعددة ضمن كل طائفة ولتلتقي مع تيارات الطوائف الأُخرى كي يصبح هناك تكتل نيابي عنها نستطيع انتاج تكتلات كبرى شبيهة بالكتلة الوطنية والدستورية التي كانت تضم مختلف الطوائف اللبنانية واعادة احياء لبنان الواحد الموّحد وبناء دولة القانون والمؤسسات.
ان الصرعات السنية – الشيعية تتم على ارض المسيحين .. ففي السابع من ايار بعد الصراع اتفقوا في الدائرة الثانية على توزيع المراكز النيابية وقد تم الصراع على ارض المسيحين وهكذا دواليك في ظل سماح القيادات المارونية ان تكون أدوات الصراع. ان معيار تآمر القادة المسيحين هو الاتفاق او عدم الاتفاق على قانون واحد يركزون فيه على مصلحة المسيحين تحت سقف الدستور واحترام الخصوصيات واي تخّلف عن ذلك هو مؤامرة مكررة على الدور المسيحي الذي اغتالوه اليوم يريدون القضاء عليه .. لذلك هم المسؤولين عن انتاج او عدم انتاج قانون واحد موّحد.
انا النوايا هو استباحة الدور المسيحي وانا اتحدى اهم زعيم كبير ان يلاقيني على الشاشة كي يناقشني في هذا الإطار كي أعريه امام جمهوره وامام الوجود المسيحي لذلك المسؤولية التاريخية ستترتب عليكم هذه المسؤولية إذا لم تتوحدوا على صيغة موحّدة تؤدي إلى انتاج المسيحين لقيادتهم ونناشد البطرك الراعي الذي مسؤوليته كبيرة في هذا المسالة اما في ما يتعلق بقانون الستين فقد تم اغتياله واكبر دليل على ذلك ان الحكومة تذهب لإقرار قانون انتخابي جديد لجهة مخالفته للطائف بالإضافة الى اعاقتة لعمل المؤسسات الدستورية، فضلاً عن استباحة المسيحين .. وبالتالي قانون الستين قد توفي بشهادة جعجع وعون وفرنجية والجميّل ... ولكن اي لعبة الى تمييع الواقع واغراق الساحة بكم من القوانين ومن ثم التحجج في لعبة عدم وجود بديل عن قانون الستين في ظل المستجدات وما شابه فهي ستكون مؤامرة لنسف الدور المسيحي كاملاً.
لقد رفض رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الامير طلال ارسلان تهميش طوائف او اقليات سيادية واساسية في لبنان وتصنيفها فئات درجة رابعة او خامسة .. اين يلتقي طرحكم مع موقف ارسلان وكيف يحفظ هذا القانون الاقليات ويكون الافضل في التمثيل الصحيح في منظومة الحياة السياسية الجديدة؟
ان عطوفة الامير طلال ارسلان ابن البيت اللبناني العريق هو ابن الطائفة المؤسسة للكيان اللبناني ولأ احد يستطيع ان يهمّش هذه الحقائق وبرأيي ان الدفاع عن الحقوق يتطلب صرخة عالية ليس مجرد اطلاق موقف هنا وهناك واعتقد ان الطائفة الدرزية الكريمة لها مصلحة كبرى بقانون اللقاء الأرثوذكسي وانا استغرب حتى تاريخه كي ان " المير" لم يقف ويرفع الصوت عالياً في الدفاع عن هذه الفكرة.
ولكنه من أبرز رجالات السياسية المؤيدين لطرح اللقاء الأرثوذكسي وقد عبّر عن ذلك بأكثر من مناسبة..
المطلوب ليس مجرد موقف سيما اننا ندرك أهمية مواقف المير الوطنية بل المطلوب نشاط وحراك وتسويق للفكرة والدفاع عنها في كل المنتديات. ان كل السفارات الأجنبية التي عادة ما نلجأ اليها نحن وانصارنا فقد نظّرنا بالاسباب الموجبة لهذا القانون لم يستطع سفير واحد ان ينقض كلمة واحدة قلناها في الدفاع عن هذا القانون .. وبالتالي ما الذي ننتظر.
ماذا عن الأزمة السورية التي طالت وما مدى تداعياتها على لبنان والمنطقة واين ترجمت سياسة النأي بالنفس من قبل الدولة اللبنانية في ظل هذه الأزمة؟
لم يدرك اللبنانيون ما ادت اليه حرب تموز. ان هذا النظام العالمي كان قائماً على ركائز، الركيزة الاساسية من ركائزه هو قلب العالم لهذا الشرق مضبوظ إيقاعه من دولة سيدة عليه تدعى اسرائيل. وعندما حصلت حرب تموز وثبت ان السلاح الاسرائيلي هو وسيلة التفوق الاسرائيلي هي وظيفة محدودة لم تستطع ان تقمع قلة فكيف بشرق اوسط كبير فارتفعت فيه وتيرة الصحوة الإسلامية وثقافة الإستشهاد.. فشعروا ان هذا النظام العالمي اهتز وبدأت بشائر اعادة الأصطفاف العالمي فكان الرد ان يتم الضرب في داخل سوريا في القلب ولا سيما بعد الإجتماع التاريخي بين الرئيس بشار الأسد والرئيس احمدي نجاد وسماحة السيد حسن نصرالله آنذاك لكي يتم القطع الوصل بين محور الممانعة فاستعملت كل الاسلحة بدءاً من المذهبية والطائفية واستنفار الدول ودور تركيا المخبئ وكل الشخصيات اصحاب الوظائف المخبئة كلها انفجرت مع المال والسلاح في ظل المراهنة الكبيرة لإسقاط الرئيس بشار الأسد لأنهم يعتبروا ان شخص الرئيس بشار الأسد هو المدرسة التي تقف وراءها هذه الثقافة. ومع بداية الأزمة بدأت بشائر الديمقراطية والإصلاح تغرّد من هنا وهناك مع العلم اننا من دعاة الديمقراطية والإصلاح لا سيما ان النظام والسلطة والحكومة ذهبوا باتجاه اجراء تغييرات حقيقية على مستوى ديمقراطي ولكن ليس هذا ما يريدونه، بل ارادوا احداث تغيير استراتيجي في وظيفة النظام في سوريا.. بدأت المعركة.. وعندما وجدوا ان النظام لم يسقط خلال شهر رمضان ذهبوا بالمعركة نحو السلاح وقد أعلن عنها ولم تكن أصلاً مخبأة لذلك من السخف القول انه لو لجأ إلى الإصلاح منذ اليوم الاول لما وصلنا الى هنا .. لأن في مثل هذه الاقاويل هي فقط لإعطاء عناوين للمعركة .. فالمعركة واضحة هي سياسية بإمتياز ، حرب كونية.
انها معركة كانت نتيجتها لتكون انشاء امبراطورية عثمانية جديدة، وضع اليد على تركيا عبر حلفائها ويد على مصر عبر حلفائها وعندها ياتي السعودي ليقدم مفاتيح للتركي ويقول له انت خليفة المسلمين تماماً كما حصل في عهد السلطان سليم الاول.. اما اليوم فقد تنبه الروس لمخاطر اعادة احياء امبراطورية عثمانية جديدة والجذور التركية للإقليات في روسيا والحفاظ على روسيا خارج دردفيل والبوسفور وهذا ما ما سيحتم احداث مشكلة كبيرة الى جانب الاسباب الاقتصادية والمصالح المشتركة وخصوصاً في ما يتعلق بممرات الغاز . ففي حال الغاء دور روسيا فيما يتعلق بخط الانابيب على اوروبا التي هي مصدر التمويل وذلك بإنشاء خط انابيب آخر عبر سوريا على اوروبا للإستغناء عن روسيا وبالتالي كانت المصلحة الاستراتيجية.
هل هذه المصالح الروسية وحدها التي حالت دون سقوط النظام والرئيس في سوريا؟
انها أحد الأسباب ولكن صمود الاسد شعباً وجيشاً عبر مؤسسة عسكرية عقائدية ثبُت انها مبنية على صخر وهذا ما اعترف به كسنجر في مقاله الشمهور في حزيران وان اظن هذه المعركة دخلت في مراحلها الاخيرة وليس من جهة المعارك العسكرية الكبرى وقد تطول المناوشات ولا يقف قرار ايذاء الشعب السوري الا بعد الاتفاق روسيا والولايات المتحدة الاميركية على اعادة الاصطفاف العالمي والاعتراف به لتوزيع مناطق النفوذ توزيعاً اكثر عدالة مما كان عليه سابقاً.
ماذا عن بدعة سياسة النأي بالنفس التي اتخذها على عاتقه لبنان في ظل هذه الأزمة؟
ان مهام نجيب ميقاتي ودوره ان يكون الكلام عن سياسة النأي بالنفس مجرد كلام ولا يمت للواقع بصلة لانه منذ اليوم الاول لم يكن دور الحكومة حاسم عندما اعطي قرار حقيقي في تطويق الجيش اللبناني لبنان يمنع الطوائف التورط كانت لتكون سهلة وكان تقبلها الشعب اللبناني ولكن النأي بالنفس الذي تحدث عنه رئيس الحكومة وادعى بها رئيس الجمهوية هو نأي بالذات والنظر من بعيد عما يجري بتحويل لبنان الى ممر ومقر لعوامل عدم الاستقرار في سوريا ذهاباً واياباً وبالتالي تورط لبنان بدرجات مختلفة عندها رفض البطرك بموقفه الشهير وقال لن نقبل ان يكون لبنان ممر او مقر لعوامل عدم الاستقرار في سوريا وكان الشعار الحقيقي للبطرك وكان انعكاس لمضمون الميثاق الوطني عام 1943. لذلك ابداً لم يكن هناك شيء اسمه نأي بالنفس ولقد اردك ذلك الرئيس ميقاتي بعد اندلاع الاحداث في طرابلس وتداعيات الازمة السورية ذهبت بعيداً في طرابلس عندها قال كلمته الشهيرة " سننأى بالنفس بكليتنا " هذا يعني كان النأي بالنفس بالذات مسبقاً وعندها جاء جيفري فيلتمان بالقول لضرورة دعم الحكومة اللبنانية في سياستها لعدم تورط لبنان في الأزمة.
ما هي انطباعتكم حول زيارة الحبر الاعظم قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر لبنان وما هي انعكاساتها على لبنان والمنطقة؟
قداسة البابا زيارته عزيزة وكريمة وهو موقع متقدم جداً وله تأثير كبير عى العالم ولكن قداسة البابا لم يأتِ بجيوش الى المنطقة بل جاء ليظلل برعايته المعنوية لبنان كدولة سيدة حرة عزيزة مستقلة.. وايضاً جاء ليوكد على الوجود المسيحي وتجذره في الشرق وليؤكد على وحدة المسيحين بين كنائس المسيحية .. جاء ليقول ان لبنان اكبر من دولة عادية .. صحيحي انه ليس دولة بترول ولا ذات مساحات شاسعة بالكيلمترات المربعة انما هو دور ورسالة هو التعايش بين المسلم والمسيحي وان كل الحضارات اذا لم تتعايش في لبنان لا تسطع ان تتعايش على المستوى العالمي. لقد جاء ليؤكد على مسيرة السلام.. لقد اطلق فكرة ومع الوقت يتبين نتائجها ولا نستطيع القول ان المسيحين انفرجت همومهم بل انعكست زياراته طمأنينة ان هناك عين كبيرة تسهر عليهم ولكنهم لا تهدأ نفوسهم الا بعد وضع حدّ لمؤامرة سياسة تهجير المسيحين في الشرق.
ولكن بالمقابل، الإسلام اليوم يواجه حملة قد تكون الأفظع الا وهي التعرض لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم بإنتاج فيلم مسيء بحيثاته ومضمونه واهدافه ما هو ردكم على مثل هذه الظاهرة؟
هذا العمل كالذي سبقه من اعمال تتمثل بالرسم الكاريكاتوري المسيء لشخص الرسول( ص) وكذلك القس الذي لا يمت للدين بصلة وسواها انا هذا العمل جزء لا يتجزأ من العداء الصهيوني غايته خلق ردات فعل من قبل المسلمين في الشرق بحق اخوانهم المسيحين في الشرق كي يجهز على الوجود المسيحي في الشرق وتقع القطيعة بين الشرق الاغلبية المسلمة والغرب الاكثرية المسيحية وتتعمق صراعات الحضارات التي تسعى له اسرائيل والهيونية في العالم.
ان الحرب العالمية الاولى والتناقض العالمي انتجه وعد بلفور، والحرب العالمية الثانية انتجه زرع الكيان عام 1948 اما الحرب العالمية الثالثة وهي الحرب الباردة انتج الاعتراف بهذا الكيان وتوسعوا وحضنه وجعله شرعي. عندما سقط الاتحاد السوفياتي شعرت اسرائيل ان وظيفتها كرأس حربي متقدم لغرب في الشرق أخذت تتدنى، فكان لا بد من إعادة انتاج صراع من نوع جديد على المستوى العالمي كي تبرر دورها كدولة متقدمة لهذا الغرب بكل ما في ذلك من مردود المادي والأسلحة، واخترعت لما يسمى صراع الحضارات وكانت 11 ايلول والعلامات الاستفهام حول تلك الحادثة اضافة الى التغذية المستمرة لحرب الحضارات. لذلك اسرائيل هي صاحبة المصلحة الاولى في الغاء ما يسمى واقع الاقليات في المنطقة لكي يبرر صراع الحضارات ومن هون رد الكنيسة والدولة الروسية برفع شعار حماية الاقليات في المنطقة وليس المقصود المسيحين في الشرق كي يبقى هذا الشرق مصدر حضاري منبت الديانات ومكان التسامح والآخاء والتعايش.
هنا لا بد من التنويه بمرافعة سماحة السيد حسن نصرالله خلال اطلالته الاخيرة لتوضيح المؤامرة وتحميل المسؤولية للصهاينة للنيل من المسيحين.
ولكن ما هي خلفيات التوقيت لإطلاق فيلم " براءة المسلمين" تحديداً او ان اسرائيل على جهوزية تامة لبث السموم كجزء من صراع الحضارات بغض النظر عن التوقيت؟
لا شك ان التوقيت له خلفية مأساوية سيما ان نشر هذا الفيلم تزامن مع زيارة قداسة البابا المقررة منذ أشهر الى لبنان. هذا الفيلم أنتج بعلم الرقابة الاميركية من قبل جاسوس قبطي وربما يكون من اصل يهودي لان هذا الجاسوس هو تحت المراقبة نتيجة حكم صادر بحقه بالتالي لا يحق له القيام بإنتاج فيلم من دون علم الرقابة.. لذلك من الإستحالة ان يتم انتاج مثل هذه العمل الا بعلم مسبق من الادارة الاميركية.. وهذه ليست مسألة توقيت بقدر ما هي مسألة اخلاق وقد تبين ذلك عندما منحت ميركل رئيسة الوزراء الالمانية جائزة لرسام الكاريكاتور المسيء للرسول (ص) .. هؤلاء تمكنت منهم الصهيونية وتغاغلت في عمق افكارهم وبالتالي تلك العدائية يمكن ان تتمثل بعدة أوجه.
بعيداً عن التخبط السياسي القائم، في احد التصريحات المسبقة تمنيت لو يعود الزمن الى الوراء ما كنت لتخوض عالم السياسة في لبنان التي استفزتك مطولاً وخياراتك في الحياة لكانت مختلفة تماماً ... فلنعتبر ان هذا الحلم تحقق من كان سيكون ايلي الفرزلي اليوم واين؟
كان يمكن ان اكون بمجال آخر سيما ان والدي لطالما ارادني ان اصبح طبيباً... ولكن ليس سياسياً لا ن في لبنان ليس هناك شيء اسمه سياسة بل هناك مزارع وكيانات مذهبية او ان يكون المرء من تبعية الطوائف او احد اركان طائفته او ان لا دور له. لان البلد اشبه بالمرفأ .. لبنان ساحة مباحة متاحة مفتوحة على كل الاحتمالات.. هذا هو لبنان. ونحن كطائفة أرثوذكسية بشكل خاص هي طائفة مهمة فعندما جاءت فرنسا لتعلن دولة لبنان الكبير لم يجد غير ارثوذكسي ليسلم البلد الا ان خلال مؤتمر الساحل رفضوا هذا الامر نتيجة اتفاقية سايكس بيكو فعادوا الفرنسيين وانتخبوا شارل دباس آنذاك وقد دفعوا الارثوكسين ثمن موقف رفضهم للإنتداب الفرنسي على مدى التاريخ ومع ذلك نحن ليس لدينا مشكلة ما حصل قد حصل ولكن في يومنا هذا يجب وضع حد لهذه الظاهرة المقيتة التي تحوّل المسيحين الى اغنام في حدائق الكيانات المذهبية الاخرى.
  • كلمة اخيرة لمجلة الديمقراطية
نحن لنا ثقة كاملة بالبيت الارسلاني الكريم والدور الذي يلعبه عطوفة الامير طلال ارسلان لأن هذا البيت مؤمن بوحدة الوطن الارض والشعب والمؤسسات، مؤمن بلبنان كدولة مستقلة ذات سيادة، مؤمن بالتعايش، مؤمن بالنظام الديمقراطي البرلماني، يتمتع بالثقافة الديمقراطية، نأمل له الخير ولحزبه الكبير الذي ربطتنا بكثير من قيادته بصداقة خاصة فتحية خاصة لنائب الرئيس الاستاذ مروان ابو فاضل والأمين العام الحزب الديمقراطي الاستاذ وليد بركات.

 

No comments:

Post a Comment