Thursday, November 1, 2012

النهار» ان اغتيال وسام الحسن جاء لإفشال مهمة الأخضر الإبراهيمي
إيلي الفرزلي: اتفاق روسي - أميركي رسم مستقبل سورية
0 0
عدد القراء: 45
إيلي الفرزلي نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق متحدثاً لـ «النهار»
بيروت - نعيم محمد
مقالات أخرى للكاتب
أكد نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق إيلي الفرزلي أن أحد الأسباب الرئيسة لاغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن يتمثل في إشعال النار في الساحة اللبنانية ليس فقط من أجل إلحاق الضرر بلبنان، وربط الساحة اللبنانية بالسورية، بل لتفشيل مهمة المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي في سورية، خاصة أن رئيس شعبة المعلومات السابق يقف على تقاطع طرقات مخابراتية كبيرة، ويمثل منظومة إقليمية ودولية واضحة، مشيراً الى وجود وجهة نظر تؤكد أن «الاستدارة» التركية بدأت، و«بالتالي فإن كل الرموز المتورطة في الحرب السورية يجب التخلص منها». وقال الفرزلي في حديث خاص لـ «النهار» ان قوى 14 آذار تعمل جاهدة في سبيل إسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لذلك رأت في عملية اغتيال الحسن وسيلة لإشعال المشاعر، وتأمين جهوزية الرأي العام تؤدي الى إضعاف ميقاتي نفسياً وذاتياً بحيث يرضخ للتهديدات فيستقيل، لافتاً الى أن قوى المعارضة فشلت في تحركها، وأدينت ليس فقط من قبل الرأي العام اللبناني، بل أن الإدانة الأهم كانت من تقييم المجتمع الدولي لهذه الظاهرة. وأكد الفرزلي انه مع رحيل الحكومة بعد أن يتم الاتفاق على إيجاد بديل لأن العكس يعني فوضى لا سقف لها، خاصة أن لبنان يعتبر حالياً غابة سلاح ومسلحين. وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

باريس تدعو لبنان إلى عدم التورط في الأزمة السورية. وواشنطن ترفض الفراغ السياسي وعودة الاغتيالات. وانقسام مذهبي وطائفي وصل الى حد «الانفجار الحقيقي» في الشارع... ماذا يحصل في لبنان هذه الأيام؟

لا يمكن النظر الى الواقع السياسي في لبنان دون الحديث عن واقع المنطقة وبالتحديد واقع سورية. بعد اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك اوباما مؤخراً، فإن ثمة اتفاقاً قد تم بينهما على مبدأين أساسيين، الأول يمنع التدخل العسكري الخارجي في سورية، والثاني أن يقوم الشعب السوري بحكم نفسه بنفسه. هذا الاتفاق أنتج مؤتمر «جنيف» ببيانه المشهور الذي ثبت هذه النقاط، ولكن ظروف الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية جعلت هذا الاتفاق يصار الى تنفيذه بالمعنى العملي لإحلال السلام، أي توفير المناخات الموضوعية للسماح للشعب السوري أن يقرر مصيره بنفسه بعد الانتخابات الأميركية. أما حلفاء واشنطن والدول الإقليمية التي كانت متورطة في المعركة ضد سورية، وغيرها مثل تركيا وبعض الدول العربية وإنكلترا، فقد اعتبرت بأن الفترة الممتدة من أواخر شهر يونيو الماضي وحتى موعد الانتخابات الأميركية هي الفترة التي يجب أن تؤمن فيها أعلى درجات الجهوزية لإسقاط الرئيس بشار الأسد.. هنا، لم يكن هناك مانع لدى الولايات المتحدة الأميركية إذا استطاعوا الى ذلك سبيلا دون اللجوء الى التدخل العسكري، وفقاً للاتفاق بينهم وبين الروس. فارتفعت درجة الجهوزية الى أعلى درجة، لوجيستياً ومادياً وتسليحاً وتورطاً مباشراً في الأحداث السورية. هؤلاء لم يستطيعوا أن يحققوا المبتغى، فبدأت المعركة في سورية تخلق ارتدادات لدى التركي الذي شعر أنه دخل في خسارة من طراز رفيع، أي تنافضات داخلية- تركية ذات طابع مذهبي، ومساحة العمل لدى حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا أخذت أبعادها لناحية الخسائر التركية العسكرية اليومية، وشعور أنقرة بأن مشروع الإمبراطورية العثمانية الذي كانت تحلم به اصطدم بعقبة سورية، وبالتالي فشل فشلاً ذريعاً، لذلك عليها أن تلحق بالركاب لكي تؤمن مقعداً في تركيبة النظام الإقليمي المنشود تحت سقف التفاهم مع إيران، وبرعاية أوروبية، فكان الاتفاق الذي تم الاتفاق عليه بين أنقرة وطهران. في هذا الوقت، رافق ذلك تعيين الأخضر الإبراهيمي لتنفيذ الإرادة الدولية المتعلقة بتأمين الظروف الملائمة في سورية من حيث الاستقرار لكي تؤمن السبل للشعب السوري لأن يقرر نفسه بنفسه، أي اتفاق سياسي، وانتخابات تؤدي الى أن يقول الشعب «كلمته» في صناديق الاقتراع. هذا الأمر يتطلب مسارا سلميا غمز من قناته الإبراهيمي حول إمكانية الهدنة في عيد الأضحى، في حين أن هناك أطرافاً متضررة من هذا الصراع، عربية وأوروبية، لذلك فإن أحد الأسباب الرئيسة لاغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن يتمثل في إشعال « النار» في الساحة اللبنانية ليس فقط من أجل إلحاق الضرر بلبنان، وربط الساحة اللبنانية بالسورية، بل لافشال مهمة الأخضر الإبراهيمي. لا يمكن وجود شخصية ملائمة يتم اغتيالها واستهدافها، وتستطيع أن تحدث الأثر الذي أحدثته بهذا الظرف بالذات بمستوى الشهيد الحسن الذي يقف على تقاطع طرقات مخابراتية كبيرة، ويمثل منظومة إقليمية واضحة، ودولية واضحة، وينتمي الى فريق سياسي بكليته بشكلٍ واضح، وبطابع طائفي واضح، وبالتالي فإن استهدافه شكل ذريعة لأخذ البلد الى المجهول، وصولاً الى إشعال الساحة اللبنانية، وتعطيل مهمة الإبراهيمي. وهذا الذي دفع بمجلس الأمن الدولي بكل أعضائه أن يؤمن الجهوزية الكاملة لكي يرفع السقف، وبالتالي يضع حداً لتدهور الوضع اللبناني.

اغتيال الحسن

استشهد اللواء وسام الحسن في تفجير الأشرفية. من له مصلحة باغتيال «حامي الأمن» في لبنان، كما يوصف؟

من له مصلحة بعدم الاستقرار في سورية؟ من له مصلحة بسقوط الأسد؟ من له مصلحة بفشل مهمة الأخضر الإبراهيمي؟ الذي له مصلحة بفشل مهمة المبعوث الدولي هو الذي اغتال وسام الحسن.

من تتهم هنا بالتحديد باغتيال رئيس شعبة المعلومات السابق؟ إسرائيل أم أطرافاً إقليمية؟

أنا لا أتهم أحدا، ولا أبرئ أحدا، ولا أتعاطى بالعمل البوليسي. هذا كلام فيه مراهقة أو سوء نية عندما تبدأ بالاتهام أو بالتبرئة. لا أريد «الرقص» على أنغام اداء مخابراتي معين، وبالتالي من له مصلحة بذلك، يأخذ الموضوع بعين الاعتبار، ويبني مواقفه على هذا الأساس.

لكن قوى 14 آذار سارعت الى اتهام سورية وحلفائها في لبنان بتنفيذ عملية الاغتيال؟

إن السؤال المطروح هنا: هل تنتمي قوى 14 آذار الى المحور الإقليمي الذي لا يريد السلام ؟ قوى المعارضة النيابية تعمل جاهدة في سبيل إسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وبالتالي رأت في عملية اغتيال وسام الحسن وسيلة لإشعال المشاعر، وتأمين جهوزية الرأي العام تؤدي الى إضعاف نجيب ميقاتي نفسياً وذاتياً بحيث يرضخ للتهديدات فيستقيل.

استدارة الدول

هناك معلومات تتحدث عن أن قراراً دولياً كبيراً اتخذ على أعلى المستويات لإزاحة وسام الحسن. كيف تقرأ هذا التحليل؟

كل الأمور واردة.. هناك وجهة نظر تؤكد أن الاستدارة التركية بدأت، وبالتالي فإن كل الرموز المتورطة في الحرب السورية في لبنان وتركيا وفلسطين وسورية والعراق يجب التخلص منها. نحن أمام اصطفاف إقليمي وعالمي جديد، واستدارة للدول، وشراكة دولية جديدة ستؤدي الى تغيير قوانين اللعبة.

قوى 14 آذار، وفي أول رد على عملية الاغتيال، نزلت إلى ساحة الشهداء حيث قاد بعض أركانها الهجوم على السرايا الحكومية. هل أخطأت قوى المعارضة بتصرفها أم أصابت؟

الأمور تقاس عادةً بنتائجها، لذلك فإن قوى 14 آذار فشلت في تحركها، وأدينت ليس فقط من قبل الرأي العام اللبناني، بل أن الإدانة الأهم كانت من تقييم المجتمع الدولي لهذه الظاهرة، خاصة أن الفكرة كانت لدى المرجعيات الدولية عن فريق المعارضة مختلفة تماماً بالنسبة لحرص الأخيرة على المؤسسات.

هل أفهم من حديثك بأن نظرة المجتمع الدولي لقوى 14 آذار قد تغيرت حالياً؟

تماماً، خاصة أن الانطباع الدولي حالياً يتمثل في أن قوى 14 آذار تمتلك «إدارة فقيرة» على الصعيد اللبناني. عام 2005، كانت الإدارة ذكية حيث تبين أن العقل الذي كان يدير هذه الساحة مختلفاً عن الذي يديرها اليوم، بمعنى أن جيفري فيلتمان كان موجوداً عند اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أما اليوم، فهو غير موجود، وبالتالي بدا للعالم أن قوى 14 آذار «قاصرة»، وتريد من يرعاها ويقودها، خاصة أنها أيضاً في مواجهة «قوى جبارة» في لبنان أو حزب الله الذي استطاع، بإدارته الذاتية للساحة اللبنانية ولعملية الصراع مع إسرائيل، أن يقارع الدولة العبرية، ويتلاعب بالرأي العام الإسرائيلي. لذلك فإن قوى المعارضة أمام طاقتين، طاقة لإدارة فقيرة، وعقل سياسي مفقود، وطاقة كبيرة يحاربها الغرب (المقاومة اللبنانية)، لذلك هل يستطيع الخارج أن يستمر بلعب دور الوصي على هذه الشريحة لكي تقوم بمواجهة الطرف الآخر؟

ألم تفهم قوى 14 آذار هذه الرسالة الدولية، خاصة لناحية «الاستدارة» التي تحدثت عنها؟

هذا السؤال المهم هو ما يجعلني أقدم هذا الاستنتاج. لقد عبر الرئيس سعد الحريري عن ذلك عبر مطالبته بسحب المسلحين من الشارع تحت ذريعة أن بعض الدول تريد بقاء الحكومة للحفاظ على الاستقرار، وهو ما رفضه رئيس تيار «المستقبل». عندما كلف ميقاتي تشكيل الحكومة في لبنان، قلت إن الغرب كلفه أن يأتي من بيئته لـ «حزب الله» لتأليف حكومة في سبيل خلق الاستقرار في الساحة اللبنانية كي يصار الى فصل الساحة اللبنانية عن السورية أمنياً. في الماضي، كان الغرب يسعى الى هذا الأمر ليركز نشاطه على إشعال الثورة السورية، أما اليوم، ففي سبيل احتضان مهمة الإبراهيمي لصناعة السلام في سورية، خاصة أن العكس ستكون نتائجه سلبية على المنطقة ككل، وخير مثال على ذلك إعلان الأردن عن إلقاء القبض على مجموعة إرهابية في البلاد، وما يحدث في العراق من تفجيرات، وسقوط عدد كبير من الجنود الأتراك كل يوم، وما حدث في شوارع بيروت منذ فترة قصيرة.

ثلاثي السيطرة

استطراداً، لماذا خرج «الشارع» في لبنان عن السيطرة؟ وهل لبعض القوى المحلية مصلحة بتأجيج الوضع اللبناني؟

لأن لا قيادات لبنانية يركن اليها الرأي العام حالياً. لبنان كان يعتبر «ساحة» ممسوكة من ثلاثة أقطاب رئيسيين، البطريرك الماروني، ووليد جنبلاط، وجيفري فيلتمان. أما اليوم، فالثلاثة غير موجودين، وبالتالي خرج الشارع اللبناني عن السيطرة.

إذاً فأنت تتفق مع من وصف تصرف قوى 14 آذار في ساحة الشهداء بأنه «انتحار سياسي»؟

لقد راهنت قوى 14 آذار على القيام بأعمال في لبنان تؤدي الى تفشيل مهمة الأخضر الإبراهيمي تحصد من خلالها إسقاط حكومة ميقاتي.

الصالون والقبر

بشكلٍ عام، هل أنت مع رحيل حكومة نجيب ميقاتي أم مع بقائها؟

ليس من الضروري بقاء حكومة ميقاتي، خاصة أنها غير مقدسة؟ أنا مع رحيلها بعد أن يتم الاتفاق على إيجاد «بديل» لأن العكس يعني فوضى لا سقف لها، خاصة أن لبنان يعتبر حالياً «غابة سلاح ومسلحين». لبنان لم يمر سابقا بمرحلة مخاطر الفوضى فيها بمستوى ما يحدث حاليا، وهو ما أكد عليه بيان قيادة الجيش اللبناني الذي تحدث عن وجود «غرباء» في «الشارع» قاموا بإطلاق النار عليه.

في حال قرر ميقاتي الرحيل، فمن سيقبل ترؤس الحكومة الجديدة، خاصة في ظل وجود «الغرباء» الذين أشرت اليهم؟

في كل الأحوال سيتم الاتفاق على اسم معين ليترأس الحكومة، وعندها نصل الى مرحلة تحصين الساحة اللبنانية في ظل مرحلة تنتظر التسويات الكبرى، وقيام نظام عالمي جديد، وبالتالي فإن الانتظار سيكون في «الصالون» وليس في «القبر».

يقول النائب وليد جنبلاط انه مع تشكيل حكومة جديدة لكن برئاسة ميقاتي. كيف قرأت موقف «زعيم المختارة»؟

جنبلاط يعبر عن رأيه الشخصي فقط، وبالتالي فإن الموضوع لا يعنيني كمواطن. ما يهمني حالياً هو الاستقرار الداخلي، وعدم رحيل الحكومة دون الاتفاق على بديل يرضي جميع الأطراف، وهو ما أكد عليه الرئيس نبيه بري، وحزب الله .

لكن البعض يلمح الى أن قوى 8 آذار لن توافق على تشكيل حكومة جديدة، خاصة بعد الدعم الدولي والإقليمي الذي حصل عليه ميقاتي؟

قوى 8 آذار وافقت على مبدأ تشكيل حكومة وحدة وطنية يتم الاتفاق عليها مسبقاً.

في حال لم تستقل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فماذا سيحدث «غداً»؟

لا يستطيع فريق 14 آذار الاستمرار بهذا النهج بل عليه إحداث تراجعات استراتيجية تؤدي الى الرضوخ الى «قوانين اللعبة» مجدداً.

الانتخابات

وماذا بالنسبة الى الانتخابات النيابية عام 2013 التي تترنح بين التأجيل أو اعتماد قانون العام 1960؟

أنا مع قانون انتخابي جديد تجري على أساسه الانتخابات مثل قانون «اللقاء الأورثوذكسي» الذي يعتبر الحل برأيي، وفي سبيل رفع عملية «السطو» بالنسبة لحقوق المسيحيين، ولتأمين التمثيل الحقيقي للطوائف اللبنانية التي تشكل المجتمع اللبناني، وإيقاف عملية الصراع بين الطوائف، خاصة الصراع المذهبي، ولإعادة تصدير الصراع ضمن الطوائف عبر تطبيق «النسبية» ضمن كل طائفة، وليكون بمثابة مرحلة تأسيسية للمستقبل تنتج نواباً يمثلون حقيقة قواعد شعبية، وبالتالي إنتاج «لبنان جديد».

لكن بعض القوى السياسية في لبنان بدأت تتحدث فعلاً عن أن قانون العام 1960 هو ما سيكون عنوان الانتخابات؟

قانون العام 1960 «جريمة» بحد ذاتها، وبالتالي فإن النظام الجديد سيحمل بذور تدمير نفسه بنفسه، خاصة على الصعيد المسيحي.

هل هناك خوف من تأجيل الانتخابات النيابية، خاصة إذا استمر الوضع المتوتر في لبنان والمنطقة؟

لا أخاف من تأجيل الانتخابات النيابية، وإذا ما خيرت بين تأجيلها وقانون العام 1960، فإنني مع تأجيلها حتى يتوافر الظرف المناسب لصناعة قانون انتخابات جديد.

احتياطي الحل

بالعودة الى الجيش اللبناني وكيفية إدارته لما حصل في الشارع مؤخراً. هل كنت راضياً عن أداء المؤسسة العسكرية؟

موقف الجيش اللبناني موقف جدي، ومدرسته هي الوحيدة التي تشد أواصر المجتمع اللبناني، وبالتالي فإن الجيش هو «احتياطي الحل» في لبنان.

هل وقع لبنان في فخ الصراع الإقليمي والدولي؟ وهل رسم الاغتيال شعاراً لمرحلة مقبلة من الفوضى الأمنية؟

طبعاً. لبنان ساحة مباحة ومتاحة للجميع، ومن لا يدخله لا يشعر بالخسارة، وبالتالي تحول الى ساحة لكل الناس حيث يتبادلون كل أنواع الرسائل، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً الى حين نضوج «الطبخة» في المنطقة حيث تستقر الأمور على نهج أو نمط معين. اللبنانيون لم يدركوا أهمية حرب العام 2006 التي أسقطت النظام العالمي الذي كان قائماً بدوره على أحادية مرجعية دولية: قلب العالم هو الشرق الأوسط، وسيدة القلب إسرائيل. حرب تموز/ يوليو بيّنت أن إسرائيل ذات محدودية في وظيفتها الاستراتيجية، ولا تستطيع أن تكون «سيدة هذا القلب». لقد برز الدوران الإيراني والتركي في حين أن الدور العربي «حدث ولا حرج»، وبالتالي أفسح المجال لكي يقضي على ثقافة وفكرة العروبة تحت عنوان الصراع «الشيعي- السني»، فدخلت تركيا وإيران الى المنطقة من الباب العريض، لذلك نشهد الآن إعادة اصطفاف جديد، ونشوء نظام إقليمي جديد يضم إيران وتركيا وإسرائيل.

الأزمة السورية

بعد 19 شهراً من الأزمة السورية، بدأ المحور المؤيد للنظام يشعر بأنه يستعيد زمام المبادرة، ومن التقى الرئيس الأسد مؤخرا شعر بأن الرجل يتحدث عن مرحلة جديدة يكاد يقول ان سورية نجت من الأزمة. هل هذه القراءة صحيحة؟

طبعاً صحيحة، وخير مثال على ذلك أن المؤسسات في سورية مازالت قائمة، والجيش، الذي يعتبر أساس المعركة، مازال صامداً. الأزمة السورية طويلة، وتنتهي فقط عند توقف الدعم اللوجيستي والمادي والتدخل الخارجي، وهنا لتركيا دور أساسي.

أي اتفاق سياسي جديد في سورية سيكون بشار الأسد على رأسه أم العكس؟

لا أدري إذا كان بشار الأسد سيبقى أم لا، فذلك أمر يقرره الشعب السوري في صناديق الاقتراع. من خلال قراءتي للأمور في بلاد الشام، فإن أكثرية الشعب مازالت الى جانب رئيسها، وهو ما تؤكده أيضاً أكثرية الدول المعنية بالساحة السورية.

هل تغير الموقف الدولي من سورية، خاصة أن الأسد باقٍ كما تؤكد؟

لقد تغير الإجماع الدولي الى القلق الكبير من تعاظم دور التطرف في سورية، ومن شعور هذه الدول أن تعاظم دور هذا التطرف سيؤدي الى خروج سورية والدول المجاورة عن السيطرة، وبالتالي شعرت أنها بحاجة الى إعادة إنتاج واقع جديد لكي لا يفتح المجال لهذه القوى بأن تسيطر، خاصة بعد عملية اغتيال السفير الأميركي في ليبيا.

الحل

يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس الروسي «لا لرحيل الأسد، والحل في سورية سياسي بامتياز». متى ينضج هذا الحل؟

الحل في سورية بدأ مع تعيين الأخضر الإبراهيمي، ومؤتمر «جنيف» لناحية التأكيد على عدم التدخل العسكري، وترك الأمور للميدان. إن عملية الترجمة على الأرض تتطلب وقتاً طويلاً، وقد تأخذ أشهراً طويلة.

تحدثت كثيراً عن الدور التركي في سورية. ماذا خسرت أنقرة من هذا الصراع؟

لقد خسرت تركيا كثيراً. ليس المهم الخسارات التي أتت نتيجة تسعير المشاكل بل أن الوظيفة الاستراتيجية التي كانت موكلة اليها فشلت، فضلاً عن تسلل الثقافة المذهبية، وهو ما سيترك بصمات سلبية داخل تركيا.

إذا حصلت التسوية الأميركية - الروسية، واستمر حكم الأسد، فماذا سيكون موقف لبنان الذي لم يستطع تطبيق سياسة «النأي بالنفس»؟

الشخصيات اللبنانية لا تستطيع صنع الحدث بل تابعة له، لذلك فإن «التابع يتبع المتبوع».

في ظل «العاصفة» التي تضرب منطقة الشرق الأوسط منذ فترة زمنية. كيف ترى مستقبل المنطقة ككل؟ وماذا عن لبنان؟

نحن أمام نظام إقليمي جديد أو مثلث إيران- تركيا- إسرائيل. أما لبنان، فهو ساحة خلفية لهذا النظام ليس إلا، وبالتالي مفتوح على كل الاحتمالات، وله أيضاً ركيزتان للاستقرار، خارجية ظهرت ملياً في «اجتماع سفراء مجلس الأمن الدولي» في القصر الجمهوري، وداخليا تتمثل هذه الركيزة في حزب الله

No comments:

Post a Comment