Tuesday, February 5, 2013


يا أهل السنّة والشيعة، ماذا تفعلون؟
غسان حجار في جريدة النهار
في قراءة، ولو مجتزأة، لتاريخ لبنان الحديث، يحمّل مؤرخون الموارنة مسؤولية عدم بناء دولة حقيقية ، كانوا الأساس في إعلاء بنيانها، وفي الدور الفاعل فيها. وانهم كمن انتشوا بولادة الجمهورية فسكروا بهذا الانجاز الذي كان للبطريرك الياس الحويك الدور الأبرز فيه، ولم يكملوا المسيرة لتحويل مشروع الدولة الناشئة دولة حقيقية.
ويبدو اليوم أن التاريخ يتكرر بوجوه أخرى، وكأن اللبنانيين لا يتعلمون من أخطائهم، فحروب القرن التاسع عشر (1860) ما زالت ماثلة أمامنا، وقد تكررت في القرن العشرين مراراً (أبرزها 1958 و 1975 )، ومرشحة للاستمرار في القرن الحادي والعشرين (حروب متنقلة ما بين المناطق حتى اليوم).
الوجوه مختلفة هذه المرة، لم يعد للموارنة الدور الأفعل، تراجع الدور المسيحي مع الحروب المتتالية، وصراع المسيحيين في ما بينهم على الرئاسة الأولى، القاتلة لهم. صعد الدور السني مع الطائف السعودي، والدور الشيعي مع التعطيل السوري الايراني للطائف. ازداد عديد الطائفتين وأضيفت القدرة المالية الى البشرية.
لكن الواضح ان لا خبرة حقيقية في الحكم وفي بناء الدولة، أو قد تكون لا رغبة، بل صراع على السلطة قضى على الدور الماروني سابقاً، وهو اليوم سيقضي على لبنان، لا على الطائفتين فقط . إذ ان الصراع المحتدم، المحكوم بحقد تاريخي متراكم ومزمن، سيؤول حتماً الى الصدام. وما أصعبه صراع أهل البيت الواحد.
بالأمس استمر التراشق الاعلامي الطائفي ، فاعتبر تلفزيون "المنار" ان الاعتداء على الجيش هو نتاج تحريض متراكم بهدف النفاد الى الداخل اللبناني لتفتيته. وتجسد هذا التحريض بكلام للنائبين خالد الضاهر ومعين المرعبي.
وسأل تلفزيون "المستقبل" ماذا يريد حزب الله ، هل ما يفعله هو لايقاظ الفتنة أم للتغطية على عناصر له قيل انهم قتلوا في عرسال؟ وتجسد التحريض أيضاً بكلام للسيد هاشم صفي الدين، أدخل أهالي عرسال في ما سماه المؤامرة على سوريا.
أذكر حديثاً مع ايلي الفرزلي، نائب رئيس مجلس النواب سابقاً، في العام 2005. إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعد بروز الانقسام السني – الشيعي، قال لي يومها "ان أخطر ما في الجريمة هو ايقاظها الصراع السني – الشيعي. وهو قديم. واذا انفجر سيطيح بالبلد، ولا يفرحن أحد به، اذ هو ليس وسيلة استقواء للمسيحيين وفرصة لهم، بل قضاء عليهم، لأن لا بديل للمسيحيين عن الدولة والسلم الأهلي، وصراع المسلمين في ما بينهم سيقضي على كل مقومات هذه الدولة وسيفتتها".
أجواء التحريض والفتنة اليوم تؤكد هذا الواقع. جمر تحت الرماد. محاولات التهدئة والضبط ممكنة حتى الساعة، لكنها لن تبقى كذلك مع تنامي العصبيات والحقد. فهل يعلم أهل السنة ، وأهل الشيعة، ما هم فاعلون بوطن تسلموا زمامه، وأي جريمة يرتكبون بحقه؟

No comments:

Post a Comment