Friday, November 30, 2012


الخشية الإسرائيلية من عضوية فلسطين، غير الكاملة، في الأمم المتحدة لم تأت من فراغ، بل من مجموعة مكتسبات ستتيحها العضوية للسلطة الفلسطينية، من شأنها أن تربك دولة الاحتلال
محمد بدير
على مدى أسابيع أدارت الحكومة الإسرائيلية حملة سياسية دولية لإحباط القرار الفلسطيني بالتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على مكانة دولة بصفة مراقب. لكن بين ليلة وضحاها، خفتت التهويلات الإسرائيلية وكأنها لم تكن. وما كان تهديداً جُندت لأجله شبكة العلاقات السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية بكامل طاقتها التشغيلية، أصبح «حدثاً ذا مداليل رمزية» فقط، و«لن يغير على أرض الواقع شيئاً، ولن يدعم قيام دولة فلسطينة»، كما رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
فجأة تحولت المقاربة الإسرائيلية إلى التقليل من أهمية الخطوة الفلسطينية، ضمن محاولة واضحة للتقليل من حجم الإخفاق الإسرائيلي في إجهاضها. إلا أنه على هامش المواقف الإسرائيلية المتقلبة بين التحذير من خطورة ما يقدم عليه الفلسطينيون والتخفيف من وقعه ومفاعيله السياسية، أمكن الوقوف على المحاذير التي تعتبر تل أبيب أنها ستترتب على الاعتراف الأممي بدولة فلسطينية، وإن لم تتمتع بصفة العضوية الكاملة. ففلسطين ستكون الدولة المراقبة الثانية في الأمم المتحدة، إلى جانب الفاتيكان، وفقاً لهذه المكانة سوف تتمتع بكافة الحقوق التي تنطوي عليها العضوية باستثناء حق التصويت في الجمعية العامة والعضوية الدولية في مجلس الأمن. ومن ضمن هذه الحقوق، الحق في الانضمام إلى المواثيق والمنظمات الدولية المختلفة، كميثاق حقوق الإنسان ونحو ثلاثين منظمة دولية متفرعة عن الأمم المتحدة.
وهناك تخشى إسرائيل أن تمارس الدولة الفلسطينية الناشئة ندية سياسية ضد الحضور الإسرائيلي، فضلاً عن إمكان تفعيل المكانة المستجدة لتعزيز المقاطعة الأهلية القائمة في دولٍ غربية ضد إسرائيل.
بيد أن الأهم، هو أن إقرار الدولة الفلسطينية سيغير تماماً الإطار القانوني للعلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ويلغي جزءاً من مرجعيات العملية السياسية. فعلى سبيل المثال، ستتحول المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية، بما فيها القدس، من أراضٍ متنازع عليها إلى أراض محتلة وفقاً للقانون الدولي. ومن شأن ذلك أن يدفع الفلسطينيين إلى تجاوز مسار المفاوضات أو التصلب فيها على قاعدة أن ما منحتهم إياه الشرعية الدولية من حقوق سيادية على صعيد المسائل الجوهرية تحديداً (الحدود، العاصمة، عدم شرعية المستوطنات) لم يعد مادة للمساومة على طاولة التفاوض. لكن ثمة من يرى أن التغيير على هذا الصعيد لن يكون دراماتيكياً، ذلك أن مشروع القرار الفلسطيني ينص على أن الدولة الفلسطينية تقوم «على أساس حدود عام 67»، ومعنى ذلك أن الإقرار الأممي بالدولة يعترف بملكية الفلسطينيين للأرض، لكن حدود هذه الدولة تبقى خاضعة لنتائج التفاوض مع إسرائيل.
وأياً يكن، تخشى إسرائيل من إمكان أن يسعى الفلسطينيون إلى ممارسة أنشطةٍ عملية تُكرس مبدأ السيادة على أراضيهم ومجالهم الجوي والبحري. فحق الدولة الفلسطينية المزمعة في التوقيع على الاتفاقيات سيفتح لها باب الانضمام إلى أطرٍ ومنظمات دولية متخصصة، مثل اتفاقية قانون البحار ومنظمة الطيران المدني الدولي (
IATA)، فضلاً عن المحكمة الجنائية الدولية. يستتبع ذلك إسقاطات قانونية وإجرائية على أكثر من صعيد، كأن يُصبح الفلسطينيون أصحاب السلطة على المياه الإقليمية قبالة سواحل غزة، مع ما يعنيه ذلك من حق المطالبة بالغاز الطبيعي الواقع ضمن المنطقة الاقتصادية الفلسطينية الخالصة. ومن هذه الإسقاطات أيضاً رفض منظمة IATA السماح للطائرات المدنية الإسرائيلية بالتحليق فوق الضفة الغربية وغزة بوصفها أجواء سيادية فلسطينية، ما من شأنه إرباك الحركة الجوية الآتية إلى إسرائيل والمنطلقة منها.
إلا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق الإسرائيلي هو الحق الذي ستتيحه عضوية فلسطين بمقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمٍ متعددة، تبدأ بجريمة المشروع الاستيطاني، الذي يُعد بحسب نظام المحكمة جريمة حرب (نقل سكان من وإلى أراض محتلة)، ولا تنتهي بارتكابات الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية. وتتخوف إسرائيل من أن يتقدم الفلسطينيون بدعاوى ضد وزراء وجنرالات شاركوا في جرائم الاستيطان والحرب على حد سواء، ما سيعرضهم للملاحقة الدولية. على أن ثمة آراء إسرائيلية تحاول أن تختلق وجهاً إيجابياً لهذه النقطة، من زاوية أن تحول السلطة الفلسطينية إلى دولة ذات سيادة سيعني من الناحية القانونية مسؤوليتها القضائية عما ينطلق من حدودها من عمليات «إرهابية» ورمايات صاروخية باتجاه مناطق إسرائيلية مدنية، ما يتيح لإسرائيل أيضاً مقاضاة الدولة الفلسطينية ومسؤوليها على هذه «الجرائم» أمام الهيئات الدولية.
أما على الصعيد الميداني، فتخشى إسرائيل من انطلاق ديناميكية شعبية فلسطينية مواكِبة للحدث يمكن أن تتطور- في حال الانسداد المرجح للأفق السياسي -
إلى خروجها عن السيطرة وسلوكها مسار صيرورةٍ تستنسخ الحراك الشعبي لـ«الربيع العربي» أو تتجه نحو انتفاضة ثالثة. والإشكالية المهمة المستجدة التي سوف تعترض سبل المواجهة الإسرائيلية للحراك الفلسطيني تكمن في أنه سيتخذ صفة «حرب التحرير الوطني الفلسطيني»، وستكون هذه الصفة مستندة إلى مسوغات الشرعية الدولية، وتالياً لن يكون نعتها بصفة الإرهاب بالسهولة التي اعتادت عليها إسرائيل سابقاً.
اسرائيليات
العدد ١٨٧٠ الجمعة ٣٠ تشرين الثاني ٢٠١٢




  • 2012-12-01          المطران جورج خضر ( عناد الله)
أنت لم تخلق الناس ورماك الرب في أيديهم فانه ما نجاك من الوحوش وهي بطبيعتها كاسرة وانت في غابة ولو اشتهيت ان تعيش مع حملان. ولو شاء ربك ان تحيا في هناء دائم لجعل لك مجتمعا على هواك قائماً على الهوى ولم يفعل وتسربت الخطيئة الى تعاريج دماغك وتفاصيل فكرك وثنايا قلبك. وستبقى كذلك لأن البشر لا يتوبون أو التائبين قلة ولهم من معاصيهم منافع لأن الكثيرين منا عبدة مال وعبدة سلطان وقتال وهم لا يؤمنون ذلك الايمان الذي قذفه الله في النفس. لا يؤمنون ولو مارسوا فإن الدنيا أفقهم والآخرة تفرض عليهم تكاليف وتعبا كثيرا وصدامات مع أهل الأولى ولا يتعب أهل الأولى الصدام.
وليس لك أن تخرج من الدنيا ولو رغبت ويريد أهلها أن تلازمها حتى يسيطروا عليك. فهم بالسيطرة يسكرون ويجعلون معاشك متعبا جدا ويحاولون كسبك الى ضلالاتهم ليهنأ لهم العيش فيها وهو متنفسهم. إذ يحسبون أن الفضيلة مختنقهم ليس أنها لا تجذبهم أحيانا فالفضيلة جذابة كالرذيلة وإذا جذبت الانسان يذوقها ذوقا كثيرا.
أن تسبر غور الخطيئة هو أن تسبر كثافة العتمات وفي العتمة المكثفة تأبى النهوض وقد لا تخامرك فكرة النهوض لأن هذا يعني أن تعيش في النور لئلا تعيش نفسك كما آلت اليه أي وكرا للأفاعي، وإذا تآكلت الافاعي أو عضتك الواحدة تلو الاخرى تحسب أن شفاءك يأتي بإعجوبة وتفهم أن غير ذلك تكاثر الذنوب.
والعالم كله تحت الشرير لأن كل ما في العالم "شهوة العين وشهوة الجسد وكبرياء الوجود". الذين استغرقوا فيه، احبوا شهواته، صار مضمونهم. خلاصهم يبدأ إذا استلذوه. يريدون الحياة الجديدة. "ماذا اعمل لأرث الحياة الأبدية؟". احيانا تلمس عند كبار العصاة شوقا الى الحياة الجديدة النازلة من الرب والقادرة على أن تجعل الانسان جديداً وكأن الذنوب لم تلمسه او كأنها لم تعشش فيه. الانسان لا يستطيع أن يستخرج من ذاته حياة جديدة. انه ميت. لا يقدر أن يحيي نفسه. يجب أن يحييه آخر. يجب أن يقيمه آخر من بين الاموات. ووسوسة
الشيطان الكبرى أن يقول له: أرجئ هذا فحياتك في أن تكره الحياة الابدية، في الا تشتهيها. انها تكلفك جهدا كبيرا لا لذة فيه تشبه اللذات التي كنت تسبح فيها.
***
النهوض من الموت الروحي الى حياة مشكلة. بعد أن اسودت صورة الله فينا. من يمحو هذا السواد؟ كيف؟ الكيف أن يعود الله نفسه الى الانسان فيبيد الموت. المسيح قام من بين الاموات لأنه عاد هو نفسه أي حياته التي لا تفنى الى جسده الذائق الموت. هذا اعجوبة. لا يحيا الانسان من جديد الا باعجوبة والاعجوبة تعني تحديدا هذا الشيء الذي لا يأتي منك. الذي ينزل عليك. ولهذا كانت التوبة خلقا جديدا. انت لا تصنع التوبة. تهبط عليك نعمة. تتقبلها وتعترف انها نعمة فإذا ظننت انك فاعلها تموت بكبريائك.
ما تقدر عليه أن تستقبلها. انها هي التي تفتح نفسك لتحل فيها. يحدث فيك خلق جديد. تغدو خليقة جديدة. هذا ما قاله بولس لأنه هو القائل: "بالنعمة انتم مخلَّصون". أنت كنت لا شيء وما أحييت نفسك. الروح القدس هو وحده المحيي.
إذا سقطت في الذنوب مرة أخرى السؤال هو كيف تستنير. لم يوضح الرسول كيف يكون النهوض. اضطرب لهذا اضطراباً كثيرا. خشي الا يبقى لنا سبيل الى الخلاص. ما كان عنده إلا أن يلتمس النعمة، الى أن ينادي الروح القدس ليحل من جديد في النفس البشرية. عند بولس حيرة وجودية امام مشكلة النهوض بعد السقطة. لم يكن ليفهم حقيقة كيف يعيش الانسان خارج المسيح. كيف يبقى المسيح عائشا فيك بمعمودية واحدة؟ أين تذهب المعمودية بعد أن سقطت؟ كيف تحيا من جديد في قيامة المخلص؟ هل لك من وجود خارج الاقامة في المسيح؟ أسئلة تعاش في الألم. فإذا كانت لك أعجوبة الخلاص لا يكون لك تفسير للأعجوبة. يبقى لك فقط تلقيها.
***
الى هذا عندنا تراث من باسكال القائل اركع وصلّ (ان احسست بشعور ديني أم لم تحس). لم اجد كلاما كهذا في تراث الشرق النسكي ولكنه رعائيا مفيد او معقول أو قابل للتجربة. اطلب من المتحير ايمانيا او من كفر بالله ان يرافقك الى الكنيسة. قد يسمع صوتا جديدا او يلمس نعمة نزلت عليه.
بعض الذين كفروا يحدثون من تحول حدث معهم وما كانوا ملتفتين الى الله. في الحقيقة هو الذي يلتفت اليك ويتخذ الوسائل التي تحلو له. تروض على تقبل النعمة. لا يعني هذا انك تأمر الله ان ينزلها عليك ولكن تروض ما استطعت.
آباؤك قالوا ينبغي ان تفهم كل كلمة من كلمات الصلاة. غير ان هذا لا يعني بالضرورة تحس بالكلمات. قلها قد تكون "آمرا" الله أن يأتي اليك. إرم نفسك عليه. إرتمِ في احضانه. ربما لمّك واحتضنك. انه دائما يشعر ببنوتك. دائماً الرب يخترع وسائل لتقترب انت اليه. وإذا رآك من بعيد وكان عارفا أنك ابن ضال ينسى ضلالتك لأنه متأكد أنك ان انضممت الى صدره تسمع نبضات قلبه وتفهم ان قلبه ينبض من اجلك. انه متعطش الى رجوع قلبك.
يحركه بطريقة عجائبية لم يدلك عليها سلفاً. هو دائما صانع العجائب. "عجيب في قديسيه" نقول. عجيب في خطأته أقول. الخطأة هم له وقال هذا بقبوله أن يعلق الخطأة مسيحه على الخشبة. وإذا قبلوا دمه خلاصا يذهب عنهم عنادهم ليحل "عناده" هو أي المحبة.

Thursday, November 29, 2012



1000
|
|
$
¥
£
فلسطين
"نصر"دبلوماسي:"شهادة دولة فلسطين"
نيويروك | الميادين | 2012-11-30 05:42 آخر تحديث2012-11-30 05:49 | 27 قراءة
وسط مظاهر إحتفالية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومخيمات الشتات، ترّقب العالم " جلسة تاريخية" للجمعية العامة للأمم المتحدة، رفع بموجبها التمثيل الفلسطيني إلى صفة "دولة غير عضو مراقب" بأغلبية 138 دولة مقابل 9 وإمتناع 41 عن التصويت..

" إنتصار دبلوماسي فلسطيني في الأمم المتحدة
" إنتصار دبلوماسي فلسطيني في الأمم المتحدة
وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على مشروع قرار يقضي بترقية وضع السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة من كيان مراقب إلى دولة غير عضو بصفة مراقب وهو ما يعني ضمناً الاعتراف بدولة فلسطين ذات سيادة.
جاءت موافقة الجمعية العامة بعد أن ناشد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعية "إصدار شهادة ميلاد لدولة فلسطين" تأخرت طويلاً.
كان هذا النصر للفلسطينيّين في الأمم المتحدة نكسة دبلوماسية للولايات المتحدة وإسرائيل اللتين إنضم اليهما حفنة من البلدان في التصويت برفض ترقية وضع السلطة الفلسطينية من "كيان" الى "دولة غير عضو" مثل الفاتيكان.
ودعت بريطانيا الولايات المتحدة إلى استخدام نفوذها للمساعدة على اجتياز مأزق محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية.
أيدّ مشروع القرار 138 صوتاً وعارضه تسعة وإمتنع 41 عن التصويت. ولم تشارك ثلاث دول في التصويت الذي أجري في الذكرى السنوية الخامسة والستين لتبني الجمعية العامة القرار 181 بشأن تقسيم فلسطين الى "دولتين يهودية وعربية".
ووافقت الجمعية العامة على القرار على الرغم من تهديدات الولايات المتحدة وإسرائيل بمعاقبة السلطة الفلسطينية بحجب أموال تحتاج إليها بشدة الحكومة التي تدير الضفة الغربية.
وقال مبعوثون في الأمم المتحدة إن إسرائيل قد لا تحاول اتخاذ اجراءات انتقامية صارمة من الفلسطينيين بسبب القرار ماداموا لا يسعون إلى الإنضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وإذا إنضم الفلسطينيون إلى المحكمة الجنائية الدولية فإنه يمكنهم تقديم شكاوى لدى المحكمة تتهم اسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم في حق الإنسانية وجرائم خطيرة أخرى.
" شهادة ميلاد دولة فلسطين"
محمود عباس: "شهادة ميلاد فلسطين"
محمود عباس: "شهادة ميلاد فلسطين"
ونزل آلآف الفلسطينيين إلى الشوارع في انحاء الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الشتات وهم يلوّحون بالأعلام ويطلقون الألعاب النارية ويرقصون إحتفالا بصدور القرار.
وانتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون موافقة الجمعية العامة على القرار ووصفتها بأنها "مؤسفة وغير بناءة" وتضع مزيداً من العقبات في الطريق إلى السلام.
وقالت كلينتون في كلمة ألقتها في واشنطن عن إتجاهات السياسة الخارجية "لقد أوضحنا بجلاء أنه لا يمكن للفلسطينيين والإسرائيليين إلاّ من خلال المفاوضات المباشرة تحقيق السلام الذي يستحقونه وهو دولتان لشعبين .. فلسطين مستقلة ذات سيادة ولها مقومات البقاء تعيش في سلام جنبا إلى جنب دولة اسرائيل اليهودية الديمقراطية."
وأشاد الفاتيكان بهذه الخطوة ودعا إلى وضع خاص ذي ضمانات دولية للقدس وهو أمر من المؤكد أنه سيغضب اسرائيل.
وجاءت موافقة الجمعية العامة على القرار بعد أن نددّ الرئيس عباس في كلمته أمام الجمعية العامة بإسرائيل على "التمادي في سياساتها العدوانية وفي إرتكاب جرائم الحرب الذي ينبع من قناعة لديها بأنها فوق القانون الدولي." وقوبلت تصريحاته بانتقادات حادة من إسرائيل.
وقال عباس في كلمته "قبل 65 عاما وفي مثل هذا اليوم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 الذي قضى بتقسيم أرض فلسطين التاريخية وكان ذلك بمثابة شهادة ميلاد لدولة إسرائيل."
وأضاف قوله "إن الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبة اليوم بإصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين."
بالمقابل، نددّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتقاد الرئيس عباس الحاد لإسرائيل ووصف خطابه بأنه "عدائي وسام" وحافل "بالدعاية الكاذبة".
وقال نتنياهو في بيان اصدره مكتبه بعد كلمة عباس في الجمعية العامة "هذه ليست كلمات رجل يريد السلام." وكررّ دعوة إسرائيل إلى مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين واصفا القرار بأنه "لا معنى له".
ونيل الفلسطينيين وضع "دولة غير عضو" لا يرقى الى الحصول على العضوية الكاملة بالامم المتحدة وهو مسعى فشل فيه الفلسطينيون العام الماضي. لكن وضعهم الجديد سيسمح لهم بالعضوية في المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات دولية أخرى إذا رغبوا في ذلك.
إحتفالات فلسطينية
إحتفالات فلسطينية عمّت الضفة والقطاع ومخيمات الشتات
إحتفالات فلسطينية عمّت الضفة والقطاع ومخيمات الشتات
وبعد التصويت على القرار دعت الولايات المتحدة الفلسطينيين والاسرائيليين إلى استئناف محادثات السلام المباشرة.
فيما قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس "تدعو الولايات المتحدة الطرفين كليهما إلى استئناف المحادثات المباشرة دون شروط مسبقة بشأن كل القضايا التي تباعد بينهما ونحن نتعهد بان الولايات المتحدة ستكون مستعدة لمساندة الأطراف مساندة نشطة في هذه الجهود."
وأضافت قولها بعد التصويت على القرار "ستستمر الولايات المتحدة في حث كل الأطراف على تفادي أي اعمال استفزازية أخرى في المنطقة أو في نيويورك أو أي مكان آخر."
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إنه يأمل ان تستغل كل الأطراف هذا القرار للسعي من أجل انفراجات جديدة في عملية السلام.
وقال فياض لرويترز في واشنطن حيث كان يحضر مؤتمرا "أرجو ألا تكون هناك إجراءات عقابية."واضاف : "أرجو أن يسود بعض العقل وأن تنتهز الفرصة للاستفادة مما حدث اليوم من أجل حثّ خطى عملية السلام."
وقال "نحن نعتقد ان الفرصة أمام حلّ الدولتين بدأت تضيق. ولذلك فإننا نشجّع الولايات المتحدة والفاعلين الدوليين الرئيسيين الآخرين على انتهاز هذه الفرصة واستخدام الأشهر الاثني عشر القادمة طريقا من أجل اجتياز هذا المأزق بحق."

Tuesday, November 27, 2012


·         سمير عطاالله
·         2012-11-28
ذات يوم من 1971 صدرت "النهار" وعنوانها الأول "مصرتنقلب". أي تغيّرت معالمها. فقد نقل أنور السادات، رئيس الوزراء السابق علي صبري، من "مراكز القوى" الى السجن ومعه رفاقه من وزراء اليسار. كانت تلك الخطوة الأولى في تصفية الناصرية وانتقال الصحافة وأخذ مصر من دون سؤالها، الى "كمب ديفيد". بل سوف يأخذها الى القدس، من غير أن يقف على رأيها أولاً.
تعوَّدت مصر أن يكون الحاكم هو الفرعون. وللفرعون وكالتان: واحدة من ذاته، باعتباره ممثل الآلهة على الأرض، والثانية من البشر، باعتباره فوقهم. تدخل الثورة كفاصل موقت، يعود فيه الرئيس بشراً لفترة قصيرة، ثم يتذكر فجأة أن مصر هبة النيل، وأنه هو النيل الآخر. هو القائد وخلفه 80 مليوناً، يُطلق عليهم في العالم العربي لقب الشعب. للتحبّب، والتربيت على الظهور.
غالباً، تُنادى هذه المجموعات والمخلوقات باسمها الواقعي، كما في السينما الإيطالية، أي "الشارع العربي"، الذي يُعرف في سائر بلدان الأرض بـ"الرأي العام". حيث يعبِّر عن نفسه ومطالبه وأهدافه، من خلال المؤسسات. تسقط الحكومات وهو باقٍ. ذهب هذا الى صناديق الاقتراع وأسقط أبرز ثلاثة سياسيين في القرن العشرين: ونستون تشرشل، شارل ديغول، مارغريت تاتشر. حاشية: الإثنان الأولان أشرفا على إنقاذ بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الثانية، أما السيدة المذكورة آنفاً فقد أنقذت بريطانيا من الشعارات المهترئة ومن أكوام القمامة التي طمرت المدن.
تشرشل ذهب الى يخوت الأصدقاء، ومعه سيجاره، وبقية اللوازم كانت متوافرة على اليخت. وذات مرة أراد أن يمدح فرانكلين ديلانو روزفلت أقصى المديح، فقال: "إن لقاءه أمتع من زجاجة شمبانيا". أما أمير فرنسا، فقد ذهب، كما تعرفون، الى كولومبي كي يقايض كاهن البلدة على قطعة أرض يضمها الى حديقة "البواسيري"، وأما البارونة تاتشر فإلى الريف البريطاني. ما أجمل أن يُحكم على المرء بالعزلة في الريف البريطاني.
علي عبد الله صالح، في صنعاء، ولن يغادرها. يحكمه أرق يمنعه من النوم خارج القصر، بعد 33 عاماً، تغيّر خلالها رؤساء أميركا وانقلبت روسيا من الاتحاد السوفياتي الى الجمهورية الاتحادية، حيث يتناوب فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين على الكرملين، مرة بلقب فخامة الرئيس، ومرة بلقبين: دولة فخامة الرئيس السابق، صاحب الدولة الحالي.
يجب أن نأخذ دائماً في الاعتبار الفارق بين الأمم التي نشأت على ثقافة الرأي العام، وتلك التي خدَّرت القوم على أنهم مجرد شارع يهتف "بالروح بالدم"، ثم يهتف هو نفسه ضد الروح والدم في اليوم التالي. الفارق بين مجتمع حرّ، عامل، منتج، وحريص على ما حقق وما يملك، وآخر لا يملك شيئاً سوى البطالة والابطال.
تمرّ في حياة الشعوب والأمم مراحل ومنطلقات ذهبية: الرأي العام يتلقفها ويمضي بها قدماً. الشارع، يمشي فوقها. ذات مرة ذهب الشيخ بشارة الخوري للقاء مصطفى النحاس باشا، وللوقوف على خاطر مصر في استقلال لبنان. يا للرجلين. يا للمرحلتين. ويا للبلدين. ويا للزمن العربي الجميل. كان النحاس باشا رئيس وزراء مصر، وكان في الوقت نفسه معارض فاروق. وكان شريكه في أمانة الوطن القبطي مكرم عبيد، الذي على اسمه سوف يُسمي غسان تويني ابنه مكرم. ولم تكن مصر تحترق. كانت تزدهر وتغبطها الأمم. وكانت في سعة لا في قبضة.
عابر، لا يدوم، فرح هذه الأمة. دائماً هناك من يكمن لفرحها عند أول مفترق. كم عاشت ثورة 25 يناير؟ جاء محمد مرسي عيسى العياط عبر صناديق الاقتراع وها هو يُبلغ الأمة أن ناخبه الأول كان الله. أول شيء رماه من النافذة كان القضاء. أول شيء فعله الحكم العسكري أنه أرسل زمرة تقتحم مكتب أبي الدساتير العربي، عبد الرزاق السنهوري، وهي تهتف: "لا حرية ولا دستور". ماذا إذاً؟
كان عبد الناصر يملك ما لم يملكه أحد: المصريين المؤتلفة قلوبهم. وكانت قدرته أن يأخذ "المحروسة" أنّى شاء، لكن المؤسف أن العسكري في الرجل، حال دون تقدير معاني الحرية وأبعادها. لذلك وصل أعداؤه الى الحكم، بعد أربعة عقود من يوم خرج خمسة ملايين مصري في وداعه. خطف الإخوان 25 يناير وردموا ما بقي من 23 يوليو، والآن يسنّ محمد مرسي القوانين ويمنع "الطعن عليها". باسم الدستور لا باسم الانقلاب.
"الفرعون"، سمّاه الرجل المتواضع والآدمي والمتزن والمتعفف، محمد البرادعي. "الديكتاتور" كتبت الصحافة المصرية الأهلية. هل تكون الخطوة التالية لمرسي قلب الصحافة، في بلد "الأهرام" وعصر النهضة؟
حُرم العالم العربي المؤسسات وأعطي الرجل الواحد. يجسّد وحده كل شيء. وإذا دعت الحاجة يأمر لنفسه بصلة بنسب الرسول كما فعل صدام حسين، أو يكون هو نفسه "رسول الصحراء" كما فعل معمر القذافي، الملازم في ثكنة بنغازي. أو يصير "صلاح الدين" بن يوسف الأيوبي، من دون انتصار واحد، ومن دون أي مسحة من تلك النفس السمحاء العظيمة، التي جعلت مهزوميه يحبونه أكثر من أنصاره.
بهذا المعنى، أضرّت بنا عصور الزهوّ. لم نستطع أن نستعير منها سوى الألقاب. لاحظ الأسماء الحركية الشائعة اليوم. لاحظ الفارق. لاحظ اليأس. لاحظ الهوان. الجريدة الضوئية في "روكفلر سنتر" هنا في نيويورك، تعلن مساء الثلثاء أن عدد القتلى العرب في غزة 165 وعدد الإسرائيليين خمسة ويسمي العرب ذلك انتصاراً. لماذا؟ لأن لا قيمة للإنسان العربي الذي يقطن الآن خيام تركيا الموحلة وخيام الأردن الصحراوية القارسة القاسية الجرداء.
وضع الراحل العزيز رفيق المعلوف، الركن الضائع في الصحافة اللبنانية، سَفراً نفيساً بعنوان "النفس العربية". أما كان ليندم لو رأى الفظاظة التي حلّت بها؟ العزة للعرب، مشرّدين جائعين بردانين خائفين، أو "مذلين مهانين" كما في رواية دوستويفسكي؟ فظيع الحاكم العربي. شجرة ومقطوعة. كل ما ومن سبقه "عهد بائد". أراد القذافي حتى أن يغيّر التاريخ وفق السنة الهجرية، أو السنة الهلالية، كما كان يسميها نهضويو مصر. وعندما اغتال عبد الكريم قاسم العائلة المالكة في العراق، لم يُبقِ أحداً، كما فعل البلاشفة في آل رومانوف. لا قبل ولا بعد. فقط أنا، ومَن حولي. أولاً وأخيراً. ولمدافن الشهداء أكاليل في تذكار الموتى أو في بداية الحملة الانتخابية. على رؤوس الشهداء لا على رؤوس الأشهاد.
لامني كثيرون إذ أبديت حذري من الربيع العربي. خيِّل إليهم أن في ذلك دفاعاً مضمراً عن النظام العربي الفاقع والصلف وعادم الحريات. أنا كنت أعرف من مشاهداتي أن الربيع لا يُصنع في الشارع. يصنعه المتنورون والمشغوفون بالحرية وسعد زغلول وأحمد شوقي. نزلت مصر برمتها الى ميدان التحرير تطالب بسقوط مبارك ومسعى التوريث. كان "الإخوان" في الانتظار. لمّا استوت... قطفوها.
رفض الله تعالى عرض النبي إبرهيم بأن يذبح له ابنه. الحاكم العربي يرفع يده بالتحية للذين يطلقون الهتاف المريض، بالروح بالدم. أليس هو أغلى من بلده؟ أليس الشعب إلا شارعاً هتّافاً وجماعة عاطلة عن العمل هاجسها قُوت النهار ورعب الشرطي. كل رئيس مصري أرسل معارضيه الى السجون. الكاتب صلاح عيسى فَرِحَ عندما رأى في السجن الى جانبه، شمس بدران. كان بدران هو من أرسله الى القاووش نفسه في المرة الأولى. أرسل عبد الناصر مصطفى أمين الى ليمان طره ثم ارسل السادات محمد حسنين هيكل. الملك فؤاد كان ينفي الشعراء الى باريس والأندلس. وكذلك الاستعمار البريطاني.
كانت مصر تنتظر خروج مبارك ووصول خَلَفه كي تخرج من صدأ النظام وقبضته واستعباطه لـ"أم الدنيا" هو وزوجته وأبناؤه. لقد سئمت مدن المقابر حول القاهرة. وبلغت أثمان الفساد والترهّل 170 ملياراً في عجز الموازنة وتريليون جنيه من الدين الداخلي. فيما يعيش نصف شعب مصر على مستوى الفقر كما قال عمرو موسى لغسان شربل في "الحياة". حان وقت مُنقذ يخرج من صفوف الناس وصَدِّيقي مصر فإذا المنقذ هو الخاطف. هو وكيل العزة الإلهية ووصيّ الأمة.
ابتهجت مصر (والعرب) بما جرى: انتخابات أولى بلا مساخر، ورئيس مدني أول من دون أرقام هزلية. ولكن قبل مضي نصف سنة على فوزه كان المدني الأول يعتمر قبعة عسكرية فوق اللحية الدينية. الأرض والسماء وما بينهما وما إليهما. وما بعدهما الخلود وهرم يُبنى خصيصاً. استعداداً للعودة.
مخلّد الحاكم العربي ومعصوم "لا يطعن على قراره". وما يحدث لغيره لا يحدث له. هكذا اعتقد زين العابدين بن علي ومعمر القذافي وحسني مبارك، الذي حُمل الى المحكمة على نقالة طبية. لا يتعلم الحاكم العربي الأمثولة المكررة: هذا الشارع يضحك منك عندما يهتف "بالروح بالدم". لأنك أخذت رغيفه ورئته وارتضيت منه الحنجرة فأعطاك إياها. وغداً يعطيها لسواك ويهتف فرحاً لخروجك. أيها السيد الرئيس، تذكّر شيئاً واحدا: هذه مصر.

Monday, November 26, 2012

بعدَ صمت المدافع والصواريخ

هاني المصري
بعد صمت المدافع والصواريخ، يمكن القول بثقة إنّ غزة انتصرت على إسرائيل في معركة من حرب طويلة، وتمّ التوصل إلى تهدئة جديدة برعاية نظام محمد مرسي. وقد تكون هذه التهدئة مجرد استراحة محارب ومقدمة لمعركة أكبر، وبالتالي يجب الاستعداد لها وليس الاستخفاف بقدرات إسرائيل، وتوصيف قوة «حماس» العسكريّة وكأنها قوة عظمى، وقد تؤدي هذه التهدئة إلى ترويض «حماس»، وتأهيلها لتمثيل الشعب الفلسطيني في إطار النظام الجديد، الذي تتم إقامته في المنطقة بزعامة جماعة «الإخوان المسلمين»، من خلال تجميد المقاومة على الأقل، والتعايش مع الاحتلال في الحد الأدنى، والاعتراف بشروط اللجنة الرباعيّة بصيغتها القديمة، أو بصيغتها الجديدة كحد أقصى.
انتصر الصاروخ على الطائرة والأسلحة الأحدث في العالم بسبب إرادة الصمود والمقاومة، بدليل عدم تحقيق العدوان لأهدافه المتمثلة في استعادة قوة الردع الإسرائيليّة، والقضاء على مخزون المقاومة من الصواريخ، وفرض هدنة طويلة تتمتع فيها إسرائيل بحق المطاردة الساخنة. لقد حافظت المقاومة بقيادة «حماس» على قدرتها على إطلاق الصواريخ، ولذلك تستطيع الرد على أي عدوان جديد، ولم يتم الاتفاق على نزع سلاح المقاومة ولا على المطلب الإسرائيلي بمنع تهريب السلاح إلى غزة، وسط آمال أميركيّة وإسرائيليّة بأن نظام محمد مرسي سيعمل على تحقيق هذا الأمر، لاسترضاء الإدارة الأميركيّة، وللحد من النفوذ الإيراني، الذي كان واضحًا، بالرغم من الحرص على إخفائه من خلال الصواريخ الفلسطينيّة التي جلها قادمة من إيران.
على أهميّة نص اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه لم ينص على ضرورة إنهاء الحصار، فيما تضمن نصاً على الأعمال العدائيّة الفلسطينيّة والإسرائيليّة في مساواة ما بين الضحيّة والجلاد، ما بين العدوان وبين الشعب الفلسطيني الذي يحق له مقاومة العدوان. فليس المهم نص الاتفاق، وإنما جوهره الذي ينص على وقف العدوان مقابل وقف المقاومة، وذلك لأنه لم يرتبط لآليات تطبيق ومراقبة ملزمة، ما يجعله قائمًا، ما دام الطرفان يريدان الاستمرار به، وعندما يقرر طرف أو كلاهما خرقه، فإنه سينهار كما انهارت اتفاقات التهدئة السابقة.
أي عمل حربي، كما يقال، هو امتداد للسياسة بوسائل عنيفة، وفي ضوء تحقيق الأهداف أو عدمها من الحرب يتم حسم من هو المنتصر ومن هو المهزوم فيها، ومن ضمن التقييم؛ السياق الذي تجري فيه الحرب، والنتائج التي حققتها، وتلك التي يمكن الوصول إليها، فإذا كانت إسرائيل قد خسرت أحد أسبابها في الحرب، إلا أن هناك أهدافاً أخرى حققتها أو في طريقها نحو التحقق.
فقد كان من أهم الأهداف السياسيّة لإسرائيل اختبار الوضع العربي الجديد، وخصوصًا الحكم في مصر، ورؤيّة إلى أي حد هو معني بالحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، وإلى أي مدى سيمارس نفوذه على الفلسطينيين، وخصوصًا «حماس»، لدفعهم لضمان الاستقرار، والحفاظ على التهدئة، ومواصلة الاعتدال، لتأهيلها للعب دور إيجابي في المنطقة، ما يفتح المجال أمامها نحو الاعتراف بها كلاعب فلسطيني رئيسي، بمشاركة «فتح» والفصائل الأخرى، وربما قائد للفلسطينيين. لا يمكن إسقاط مسألة في منتهى الأهميّة ونحن نقيّم نتائج المعركة، أن إسرائيل تفاجأت بمدى تجاوب النظام المصري وحرصه على التهدئة وممارسة نفوذه لدى «حماس» من أجل الوصول إليها.
إن معركة «عمود السحاب» مجرد حلقة في سياق سلسلة من الحلقات التي تستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وكي وعيه، وإجباره على قبول ما تعرضه إسرائيل من حلول تصفويّة للقضيّة الفلسطينيّة، أو التعايش مع واقع الاحتلال الراهن وعدم مقاومته، كما تستهدف ترويض «حماس»، وتأهيلها بمساعدة الدور المصري للعب الدور المأمول منها كعنصر أمن واستقرار في المنطقة يبتعد عن محور المقاومة والممانعة ويندمج في محور الاعتدال.
لا يجب التسرع بالقفز والاستنتاج، بأن «حماس» رُوِّضت فعلاً، أو أنها ستروض حتمًا، وستستخدم الانتصار واستشهاد أحمد الجعبري، مثلما استخدم السادات ثغرة الدسرفوار لعقد معاهدة الاستسلام مع إسرائيل، ومثلما أدى استشهاد «أبو جهاد» والانتفاضة الشعبيّة العظيمة طوال الفترة من أواخر 1987 إلى العام 1991، التي حققت أهم الانتصارات الفلسطينيّة على الإطلاق منصة لعقد اتفاق أوسلو، الذي أجهض الانتفاضة وفتح الطريق أمام ضياع القضيّة الفلسطينيّة.
إن الأمر الحاسم الذي سيحدد إلى أين ستسير «حماس» هو: هل ستمضي في سياسة تغليب سيطرتها الانفراديّة على السلطة وتعليق المقاومة ومسألة الاعتراف العربي والدولي بها وبسلطتها على أي شيء آخر، وتمضي بالتالي في الانقسام الذي يمكن أن يتحول إلى انفصال، أم أنها ستعتمد سياسة أخرى، أصبحت قادرة على القيام بها بعد انتصارها أكثر من السابق، ترتكز على إعطاء الأولويّة الحاسمة لمسألة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة في سياق إعادة تشكيل منظمة التحرير، بحيث تضم الجميع على أساس إحياء المشروع الوطني، وبما يضمن الاحتكام إلى الشعب من خلال إجراء الانتخابات على كل المستويات والقطاعات بشكل دوري ومنتظم كلما أمكن ذلك، وتحقيق شراكة حقيقيّة لوحدها يمكن أن تعطي الشرعيّة والقيادة لأي طرف فلسطيني؟
على «حماس» أيضًا ألا تبالغ في انتصارها، لدرجة الجزم بأن الحرب البريّة قد انتهت، وأن توازن الردع قد تحقق إلى غير رجعة. فإسرائيل لا تزال متفوقة عسكريًا، وما منعها من تصعيد الحرب ليس فقط الخشية من الخسائر وعدم القدرة على إنهائها بسرعة، وإنما لأنها لم تضع في مهامها في هذه الحرب القضاء على «حماس» أو إسقاط حكمها، كما طالبت أوساط إسرائيليّة متعددة، لأن وجود «حماس» المسيطرة على غزة ساهم في حدوث الانقسام الفلسطيني الذي اعتبره شمعون بيرس واحدًا من أهم الإنجازات الإسرائيليّة، لدرجة وضعه بأهميّة قيام إسرائيل وهزيمة العرب في حرب حزيران 1967.
على «حماس» والفلسطينيين جميعًا ألا ينسوا أن ما دفع الإدارة الأميركيّة، التي ساندت إسرائيل بصورة تجاوزت التوقعات الإسرائيليّة، إلى وضع كل ثقلها لعدم تصعيد الحرب من خلال حرب بريّة؛ لأنها خشيت أن مثل هذه الحرب، في ظل المتغيرات العاصفة في المنطقة العربيّة، يمكن أن تهدد مصالحها في المنطقة، والمساس بمعاهدتي السلام المصريّة والأردنيّة مع إسرائيل، وفتح الطريق نحو حرب إقليميّة أوسع، وحرف الأنظار عما يجري في سوريا، وتقويض النجاحات الباهرة التي حققتها باحتواء الربيع العربي، من خلال نسج تحالف أميركي مع الحكام الجدد، وتحويله إلى بناء تحالف عربي أميركي غربي، وبالتالي إسرائيلي ضد إيران، وإذكاء الفتنة بين السنة والشيعة تمهيدًا لضرب النظام الإيراني أو احتوائه أو إسقاطه، بما يحرف الصراع في المنطقة عن طبيعته الأصليّة بوصفه صراعًا تحرريًا وطنيًا ديموقراطيًا يسعى إلى إنهاء الهيمنة الخارجيّة، ومن أجل الحريّة والكرامة والعيش الكريم والاستقلال الوطني، إلى صراع داخل كل بلد عربي، ولعل ما جرى في العراق يجب أن يبقى مثلاً شاخصًا أمامنا، لأن ما يجري في عدة بلدان شهدت أو لم تشهد رياح التغيير هي محاولات لتعميمه، بحيث يصبح الصراع داخليًا، بين العرب أنفسهم، وبينهم وبين إيران، وبين الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف، وتبقى إسرائيل خارج الصراع، بالرغم من أنها المصدر الرئيسي للتوتر في المنطقة.
لقد تحقق الانتصار واستعادت المقاومة روحها. والسؤال هو: إلى أين سيأخذنا هذا الانتصار، هل إلى الوحدة على أساس وطني لنمضي في طريق تحقيق أهدافنا الوطنيّة، أم إلى وحدة تكرس من جديد خيار المفاوضات وعمليّة السلام، التي فشلت سابقاً وستفشل لاحقاً، ولن تقود سوى إلى استمرار الوضع الراهن أو تسوية تصفويّة مؤقتة أو نهائيّة، لأن إسرائيل لا تريد السلام ولا تزال متفوقة عسكريًا، وتجد الدعم الأميركي المطلق والضعف والتخاذل والتمزق العربي، والنفاق الدولي، والفلسطينيون منقسمون وضعفاء، ولا يملكون حتى الآن أسباب القوة الكافيّة التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم ولو بالحد الأدنى، أم سيأخذنا هذا الانتصار إلى تأجيج التنافس بين «فتح» و«حماس» من أجل الحصول على الاعتراف الأميركي والدولي والإسرائيلي، ليتقرر من بوابة هذا الاعتراف من سيقود الفلسطينيين «فتح» أم «حماس»؟
Hanimasri267@hotmail.com

رجوعالمقال التالي >


نائب رئيس المجلس السابق إيلي الفرزلي يقارب
النظام الداخلي لمجلس النواب بكل موضوعية:


هزلت الحياة البرلمانية كما يقول الرئيس بري ومقاطعة نواب 14 آذار هي مقاطعة للوطن!
http://www.alafkar.net/img/pic/lbnan1%5b42%5d.jpg
لا تزال قوى 14 آذار تقاطع الحكومة والحوار ومجلس النواب، ونوابها لا يحضرون جلسات اللجان، ولن يحضروا جلستي استقبال الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان والتضامن مع غزة اللتين دعا اليهما رئيس المجلس نبيه بري، في وقت واصلت اللجان عملها في غياب أعضائها من نواب المعارضة، حتى إن مقرر لجنة الإدارة والعدل نوار الساحلي عقد جلستين في غياب رئيس اللجنة روبير غانم، بتكليف من الرئيس بري كما قال، ما عدّه غانم خرقاً للدستور وللنظام الداخلي. فإلى أين ستصل المقاطعة وماذا يقول الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب في هذه القضية؟!
<الأفكار> استضافت في مكاتبها نائب رئيس المجلس السابق ايلي الفرزلي وحاورته في هذا الخط، بالإضافة الى العدوان على غزة وما يجري من حراك شعبي في المنطقة بدءاً من السؤال:

المادة الـ27 من النظام الداخلي

ــ نواب 14 آذار يقاطعون المجلس واللجان وإيلي الفرزلي سبق أن كان نائباً لرئيس المجلس النيابي وترأس اللجان النيابية وكلف المقرر أحياناً بترؤسها. فهل توافق على ما يجري لجهة قيام مقرر لجنة الإدارة والعدل نوار الساحلي بترؤس اللجان في غياب رئيسها روبير غانم؟ وماذا عن قول الرئيس نبيه بري بأن الأمور هزلت من خلال مقاطعة 14 آذار لجلستي التضامن مع غزة واستقبال الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان؟
- بعدما جرت انتخابات العام 2000 حصلت ضغوطات لتعديل المادة المتعلقة بقانون أصول المحاكمات الجزائية والمتعلقة أيضاً بصلاحيات مدعي عام التمييز والتي ضغط فيها على المجلس بناء على موقف من الرئيس إميل لحود ومدير عام الأمن العام اللواء جميل السيد، والتدخل في ذلك الحين، الأمر الذي أجبرنا على التعديل خلال 48 ساعة من التصويت، ما أدى الى سقوط المجلس النيابي بعد 8 أشهر من انتخابه، الأمر الذي أدخل الى قلبي اليأس وجعلني أتغيب كثيراً عن جلسات اللجان المشتركة، فكنت أفتتح الجلسات وأدعو المقرر لترؤسها، وهو الشيخ مخايل الضاهر، رغم أنني كنت ملكاً متوجاً كنائب للرئيس بتفويض مطلق من الرئيس بري وبسماح منه، لأنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً من دونه، كونه رئيس المجلس وهو الأصل.
ــ كنت تكلف المقرر فماذا عن اليوم، فرئيس لجنة الإدارة والعدل لم يكلف المقرر نوار الساحلي الذي عقد جلستين حتى الآن رغم وجود النائب غانم في لبنان؟
- وجود رئيس اللجنة في البلد أم خارجه، ليس شرطاً، وهذا الأمر يتعلق برئيس المجلس فقط، حيث يقوم نائب الرئيس بمقام الرئيس إذا كان الأخير خارج البلاد ويحل مكانه، إنما يتم ذلك في ظروف معينة وأسباب معينة، ويقوم مقامه بنص صريح وواضح. أما بالنسبة لمقرر اللجنة فالمادة الـ27 من النظام الداخلي واضحة في هذا المجال وهي تقول: <تجتمع كل لجنة بدعوة من رئيسها ويقوم المقرر بتوجيه الدعوة عند تعذر قيام الرئيس بمهامه، وذلك بناء على تكليف من هذا الأخير أو من رئيس المجلس، ويقوم المقرر بإدارة الجلسة وفقاً للقواعد العامة في الجلسات العامة.
ــ والشرط الآخر اكتمال النصاب؟
- طبعاً في كل الحالات لا بد من اكتمال النصاب.
ــ ماذا لو استمر عضو أي لجنة أو رئيسها في الغياب بدون عذر لثلاث مرات متتالية. ألا يمكن فصله كما يقول النظام الداخلي؟
- هذه المادة لا تطبق عادة.
ــ ماذا عما يقوله الرئيس بري من أن المسألة هزلت لجهة رفض نواب 14 آذار حضور جلستي التضامن مع غزة واستقبال الرئيس الأرمني سيرج سركيسيان؟
- طبعاً هزلت، لأن هذه الجلسات تتضمن قيمة وطنية وليست قيمتها داخلية أو أنها تصنف كجزء من الصراع الداخلي. فهناك رئيس دولة أجنبية يزور بلدنا ويريد توجيه رسالة لمجلس النواب، أي للشعب اللبناني، وبالتالي فالحضور طابعه بروتوكولي ووطني، ومن واجبات النواب الحضور، وإلا فهم يقاطعون الوطن وليس مجلس النواب الذي يترأسه نبيه بري. هذا أولاً، وثانياً نحن نفهم المقاطعة أن يقاطع النواب جلسة ما لإدانة مشروع قانون لا مصلحة لهم فيه، ولكن عند مقاطعة المؤسسة التشريعية ككل، فهذا معناه أيضاً مقاطعة الوطن ولا تعتبر مقاطعة لنبيه بري، بالإضافة الى أنها مقاطعة للرئيس الأرمني.

غزة والنظام الإقليمي الجديد

ــ تعيش المنطقة ظروفاً بالغة الدقة بدءاً من غزة، لكن ما يلاحظ أن خط المقاومة ازداد مناعة وبدل أن نبكي وننوح عند حصول عدوان، نقاوم ونرسل الصواريخ الى تل أبيب والقدس المحتلة. فكيف ترى هذه الظاهرة؟
- أولاً يجب أن نعترف أن قواعد الاشتباك تغيرت.
ــ بفضل الربيع العربي أم بفضل الوعي الفلسطيني؟
- هذا نموذج طبق في لبنان وهو منطق تحرر المقاومة من الأنظمة العربية ووجود أنظمة تمولها بالسلاح، وبالتالي أصبحت المقاومة قادرة على خلق توازنات استراتيجية وأنظمة اشتباك جديدة أعطت للمقاومة في غزة بعداً جديداً وأفقاً جديداً، تماماً كالمقاومة في لبنان، وإلا فماذا يعني توازن الردع؟ لأول مرة في تاريخ الصراع العربي ــ الإسرائيلي تصبح سماء تل أبيب مكشوفة والكنيست يعقد جلساته تحت الأرض، ويصيب الهلع والخوف المستوطنين، وصفارات الإنذار تسمع في كافة أنحاء اسرائيل. هذا أمر في غاية الأهمية، وبالرغم من الربيع العربي فها هي الجامعة العربية تجتمع وتخرج بقرارات دون المستوى المطلوب لا تتلاءم مع قدسية الدماء التي أهرقت ولا مع أشلاء الضحايا من الأطفال الصغار الذين قتلوا وارتكب بحقهم مجازر كبيرة، وهذا أمر يدعو للاستغراب الكبير، وبالتالي طرح سؤال أكبر على هذه الأنظمة الجديدة: ماذا تريد بالعداء لإسرائيل؟ السلطة أم الناحية العقائدية؟ ماذا تريد: السلطة أم استرداد فلسطين؟ ماذا تريد: السلطة أم المسجد الأقصى وهو مسجد الإسراء والمعراج؟! هذا هو السؤال الكبير الذي طرح نفسه على الأنظمة العربية وفي مقدمها النظام المصري، لأن مصر هي القطب العربي.
ــ ألا ترى أن هناك تغييراً جذرياً في الموقف المصري؟
- هناك تغيير دون المستوى المطلوب، إذ إن نظام حسني مبارك أقله لم يكن يستحي من إبقاء الحصار على غزة ومساعدة الطيران الإسرائيلي للضغط على الفلسطينيين أكثر فأكثر، لكن اليوم هناك دون شك عيب وحياء وخجل وشعور بأن هؤلاء هم من الأهل، لكن حتى تاريخه أيضاً هناك تناتش في المواقف بين السلطة والموقف من فلسطين.
ــ هل يستطيع الرئيس محمد مرسي الاستجابة لما يطلبه الفلسطينيون منه وهو إلغاء معاهدة <كامب دايفيد>؟
- نحن لا نريد من مصر أن تذهب الى مرحلة فض إتفاقية <كامب دايفيد>، ولكن على الأقل هناك جبهة متقدمة اسمها جبهة غزة، وهناك رعاية مصرية تمت لهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن اسرائيل لم تحترم هذه الهدنة، وبالتالي وجّهت إهانة كبيرة لمصر وللدور العربي، عبر اغتيال أحمد الجعبري الذي كان قراراً إسرائيلياً خارج إطار الهدنة المتفق عليها، وهذا ألحق إهانة كبيرة بمصر. والسؤال عما تفعله مصر يبدأ ولا ينتهي، بمعنى أنه يحمل في طياته تبرير موقف حسني مبارك. فهل المطلوب الحفاظ على السلطة تحت مظلة الغرب والأميركيين وإسرائيل و<كامب دايفيد> ونظام القيم الذي أرسي وأتى على حساب الشعب المصري وعلى حساب كرامة الأمة العربية والعالم الإسلامي؟ أم أن هناك حداً أدنى لا يمكن تجاوزه؟! فأنا لا أقول بأن يأخذ الرئيس مرسي مصر الى مواقف متقدمة جداً من اللاحساب أو القفز في المجهول، معاذ الله، لكن لا بد من اتخاذ موقف الحد الأدنى.
ــ مثل ماذا؟
- فتح معابر غزة بشكل كامل بحيث تتحول مصر الى عمق استراتيجي حقيقي في الدعم لصمود غزة، والتهديد أيضاً بإلغاء معاهدة <كامب دايفيد> وضرب العلاقات الديبلوماسية وقيادة الصراع في العالم العربي لإحراج الأنظمة العربية المتخاذلة عن تأمين غطاء حقيقي لمنطق المقاومة وعدم الاستسلام لإسرائيل.. فالقدس طارت تحت أنظار العرب، وهذا يثبت أن مسألة انتماء المقاومة في لبنان الى عناوين شتى من شيعية الى إيرانية ليست صحيحة، بدليل أن غزة هي مركز الثقل السني، وبالتالي فالموقف هو ضد فكرة المقاومة، وإذا كانت غزة هي مركز الثقل السني وتعامل بهذا الشكل فماذا عن الآخرين؟! فعلى الأقل لتكن مصر هي العمق الاستراتيجي لصمود غزة ودعم المقاومة فيها.

لبنان وسر استقراره

ــ بماذا تفسر صمود لبنان والاستقرار النسبي في ظل ما يجري في محيطه؟
- منذ اليوم الأول لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي قلت بأنه كلف بتوجيه من الغرب، وذهب الى حزب الله بتوجيه من الغرب، لكي يكون هناك تقاطع مصالح لحماية الاستقرار في لبنان عبر فصل الساحة اللبنانية أمنياً عن الساحة السورية، على اعتبار أنهم كانوا يخططون لأحداث في سورية، ووافق الرئيس ميقاتي آنذاك وقال: <لننتظر 14 شباط (فبراير) و14 آذار (مارس)>، وكل ذلك بانتظار بدء أحداث ما في سورية ويصار الى تأليف حكومة وفقاً لمعايير قوى جديدة تأخذ بعين الاعتبار هذا المستجد، واليوم بعد اجتماع الرئيسين الأميركي <باراك أوباما> والروسي <فلاديمير بوتين> في المكسيك، وعقد مؤتمر جنيف بخصوص سورية الذي تقرر فيه عدم التدخل العسكري وترك الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه، أرسل الموفد العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي استناداً الى هذا المؤتمر، وبالتالي تفجير الأوضاع في لبنان سيؤدي حتماً الى إفشال مهمة الإبراهيمي، وبالتالي أخذ المنطقة الى ما لا تحمد عقباه.
ــ هل ترى أن مهمة الإبراهيمي لا تزال قائمة؟
- طبعاً.. فهذه المبادرة لن تسقط، لأن إسقاطها يعني إسقاط مؤتمر جنيف، وهذا يعني تفجير المنطقة برمتها بما فيها لبنان. وما مجيء ممثلي المجتمع الدولي الى لبنان، وزيارة الرئيس ميشال سليمان، والدعوة الى تهدئة الأوضاع، وعدم استقالة الحكومة، وعدم الوقوع في الفراغ، إلا لحماية مهمة الإبراهيمي، فهذا مسار طويل ينتهي في نهاية الأمر الى نتيجة ما، وطالما أن هناك قراراً بعدم التدخل العسكري في سورية على مستوى دخول قوات عسكرية، فهذا يعني التمسك بمؤتمر جنيف، لكن الموقفين الفرنسي والبريطاني المتمايزين نابعان من دفاع الفرنسيين والبريطانيين عن مؤتمر <سايكس بيكو> المهدد بالزوال، لأن هناك نظاماً إقليمياً جديداً سيركب على أنقاض <سايكس بيكو>، واطرافه إيران وأميركا وتركيا واسرائيل، وبالتالي معركة اسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة في جانب من جوانبها هي معركة مطالبة اسرائيل بالحصة في النظام الإقليمي الجديد الذي بدأت معالمه تظهر وبدأت مسيرته بالاتفاق الأميركي ــ الروسي، لأنه إذا ركبت السيبة الأميركية ــ الإيرانية، نظراً لدور إيران في الخليج وغرب آسيا والعراق وكل المنطقة، وكذلك دور تركيا الذي وصل الى غزة وضربت السفينة <مرمرة> استناداً الى هذا الموضوع، فأين هو إذن دور إسرائيل سوى أن تتفاوض مع محمود عباس في الممر الصغير؟! لذلك تريد إسرائيل أن تعوم دورها وكانت معركة غزة لإعادة إنتاج الدور الاسرائيلي ولكي تحفظ اسرائيل لنفسها قدراً من الحصة في النظام الإقليمي الجديد. وما حماس الفرنسيين سوى للدفاع عن <جورج بيكو> الفرنسي، وكذلك حماس البريطانيين هو للدفاع عن <سايكس> السفير البريطاني، ولذلك ترى الحماس غير المسبوق في الصراع السوري من قبل الفرنسيين والبريطانيين.
ــ وهل سيسقط حلف<سايكس بيكو> سياسياً أم الشظايا ستصل الى الجغرافيا أيضاً؟
- مبدئياً التغيير سيحدث في السياسة، خاصة أن الروس والفرنسيين أصدروا بياناً طالبوا فيه بعدم تغيير الحدود، ولكن الساحة مفتوحة وكل شيء وارد ولا نعرف كيف ستنتهي الأمور، وكل ذلك حسب نتائج معركة غزة، وحسب موقف إسرائيل.
ــ كيف ترى الوضع في سورية وهل تعتقد أن الرهان على سقوط النظام غير صائب؟
- أعتقد أن النظام السوري لن يسقط، ولكن في الوقت نفسه أعتقد أن الاستقرار لن يكون في متناول اليد إذا استمرت حالة الدعم اللوجستي والمادي والمالي للأطراف في سورية، وإرسال المسلحين الى سورية من كافة أصقاع العالم الإسلامي، خاصة أن تنظيم <القاعدة> أعلن وجهة انتقاله من اليمن الى سورية وأيضاً من العراق وليبيا والصومال، ومن كل أنحاء العالم الإسلامي الى سورية، وهذه مصلحة أميركية وغربية بامتياز، لأن سورية تملك جيشاً موحداً بقوة عقائدية، رغم أن أكثريته من السنّة ويقاتل هذه المعارضة المتطرفة ويقتل منها أكثر مما قتل الأميركيون في غزوهم للعراق وأفغانستان من هذه العناصر المتطرفة المنتمية الى <القاعدة>، وبالتالي يرى الأميركيون ترك الأمور على غاربها لجهة الاقتتال الداخلي وإصابة النظام والمعارضة معاً. فهذا أمر تحدثت عنه بعد سقوط حي <بابا عمرو> في حمص وقلت إن المعركة ستستمر لأن الغرب رأى في الجيش السوري أداة عسكرية قوية ومميزة وصامدة لمواجهة المتطرفين، حيث لم يبق أمام الغرب إلا تدمير سورية وهذا ما يجري حالياً.
التفليسة المسيحية

ــ موعد الانتخابات اقترب وايلي الفرزلي نائب مع وقف التنفيذ ونشاطه يتفوق على أي نائب حالي. فإلى ماذا ترمي من ذلك؟
- لا توجد أهداف خاصة، بل هناك أهداف مشروعة شأن كل إنسان يتعاطى الشأن العام. وأنا اليوم أشعر شعوراً لم أشعره خلال 15 سنة من نيابتي، إذ إنني أشعر بذاتي وبحريتي وبالقيادة والريادة على مستوى تواصلي مع الرأي العام من موقعي المنبري، لأن الظاهر أن هناك نوعاً من السلك الكهربائي بين الناس وبين من يتحدث على شاشات التلفزة، أو من منابر الإعلام، وبالتالي عندما يشعر الناس أن الحديث نابع من إرادة حرة لا تشوبها شائبة، يكون كلامه أفعل وباستطاعته أن يتحدث بحرية أكبر. واليوم أقول إنني أشعر بذاتي وبحريتي أكثر من أي وقت مضى.
ــ ماذا عن قانون الانتخاب، أولا تزال متمسكاً بمشروع اللقاء الأرثوذكسي؟
- نحن نعيش من الأطلسي حتى آخر جزيرة من جزر أندونيسيا عصر الخصوصيات. فسم لي دولة أزيحت عنها القبضة العسكرية والدينية ولم يذهب الناس فيها الى الخصوصيات. فالعراق المهم كدولة جيوسياسية واستراتيجية، تركت بصمتها على كل العالمين العربي والإسلامي. فالرئيس السابق صدام حسين قاد معركة ضد إيران، بصرف النظر عما جرى ومن هو المحق، لكن ما حصل أن الجيش العراقي بأكثريته الشعبية قاتل ضد إيران وسقط صدام وذهب البلد الى الخصوصيات المذهبية، وكان هناك كيان شيعي، كيان سني وكيان كردي. وها هي تركيا العلمانية منذ 80 سنة تنتهج اليوم خطاً مذهبياً بامتياز من خلال الخطاب السني، الخطاب العلوي والخطاب الكردي، وهي معرضة للتفكك الاجتماعي الداخلي، وهذا باعتراف الشرق والغرب. وإذا ذهبنا الى اليمن، ترى الأمر ذاته. أما في لبنان فالبلد أصبح كيانات طائفية ومذهبية بامتياز، وكل كيان له أعلامه، وإعلامه وماليته، ومقدساته وثقافته وعلاقاته بالخارج وله جيشه وجامعاته ومستشفياته، وبالتالي هذه الكيانات الطائفية والمذهبية تطورت لدرجة في العملية الانتخابية في لبنان ليس من خلال عملية السطو المنظمة منذ العام 1992 حتى اليوم على حقوق المسيحيين في النظام عبر القوانين الانتخابية الرعناء التي تجسدت أكثر فأكثر عام 2005 عندما خرج أيضاً السوري من لبنان لأنه ثبت أن هذه إرادة النخبة السياسية الحاكمة في لبنان، وكان السوري يغطيها في ذلك الحين، لكن اليوم قال البعض بأنهم كمسلمين يؤمنون نوابهم سنّة وشيعة ودروزاً ويتقاتلون على الساحة المسيحية ويؤمنون الأكثريات من كنف المسيحيين، فكان الحاصل في نتيجة الأمر أن هناك تفليسة اسمها التفليسة المسيحية توزع المغانم المسيحية على مختلف القيادات الإسلامية، وهذا الأمر لا يجوز أن يستمر لأنه غير عادل إذا كنا نريد حياة وطنية مشتركة وإذا كنا نريد شراكة وطنية حقيقية. ونحن لا نزال نتمسك باتفاق الطائف الذي كان واضحاً لجهة القول بالمناصفة مهما كان العدد، مقابل التنازل عن صلاحيات رئاسة الجمهورية لمصلحة مجلس الوزراء مجتمعاً، وبالتالي نريد النصف الفعلي إسوة ببقية المذاهب في البلد. ولذلك قلنا بأن تنتخب كل طائفة نوابها على مستوى لبنان، وتطبيق النسبية في كل طائفة بحيث تنشأ تيارات متعددة تفجر الطوائف تفككها من داخلها، وآنذاك تذهب هذه التيارات المختلفة التي تنشأ ضمن كل طائفة الى التحالف مع بقية التيارات في الطوائف الأخرى، فينشأ عندنا آنذاك كتلتان كبيرتان على غرار الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية تضمان كل الطوائف، فيعاد إنتاج واقع البلد من جديد. ومن الممكن أن تكون هذه مرحلة انتقالية لوضع قوانين جديدة للبنان الغد، وإلا فلا حياة مشتركة إطلاقاً ولا سلامة للعيش المشترك إطلاقاً لأن القهر والحرمان والاستتباع والتهميش والاستقواء لا تصنع وطناً.
SendSendPrintback to home page