Friday, January 11, 2013

القانون «الفرزلي» حظي بالتوافق الرباعي الدفع ورواجا لدى الجمهور المسيحي
Friday, January 11, 2013 - 10:33 PM
مفيد سرحال

السير بالقانون الارثوذكسي يسهل تطبيق الطائف
الخروج عن الاجماع المسيحي يعني خروجهم من المعادلة السياسية

مفيد سرحال
اذا كانت الارثوذكسية تعني في الجوهر العقائدي اجتهاداً مسيحياً عبر عنها مسلكياً بالخط المستقيم، فان القانون الانتخابي الارثوذكسي باستقامته الفقهية والقانونية عبر عنه «فرزلياًً» بالقانون المنصف للمسيحيين الذي يؤمن مناصفة حقيقية بين المسيحيين وباقي شركاء الوطن من الطوائف والمذاهب الاخرى بحيث يسقط فكرة الاستلحاق في ديكور الشراكة الوطنية على قاعدة طالما ان الوطن كونفدرالية طوائف والشعب مقسم الى طوائف والطوائف كيانات ومؤسسات اجتماعية قائمة بذاتها فلماذا لا يكون استيلاد النواب من رحم طوائفهم بدل استيلادهم في كنف طوائف اخرى.
ومما لا ريب فيه ان القانون الارثوذكسي «الفرزلي» الصنع قد لاقى رواجاً لدى الجمهور المسيحي نخباً وافراداً عاديين وتحوّل الى قناعة ذهنية راسخة عكست نفسها قبولاً طوعياً للقوى المسيحية الاساسية يتواءم مع رأي مسيحي عام فكان التوافق الرباعي الدفع الذي انطلق من بكركي ليحط رحاله في اللجنة النيابية الفرعية المولجة مناقشة قانون انتخاب متوازن وعادل.
ومما لا ريب فيه ايضا ان القانون الارثوذكسي المجمع عليه مسيحياً قد اجهز وبشكل قاطع على قانون الستين وسواء اعتمد الارثوذكسي او لم يعتمد فان الستين بات من الماضي وتم شطبه نهائياً من لائحة المداولات على حد تعبير مصدر سياسي علماني رفيع وجد ضالته بالقانون الارثوذكسي!! ويقول المصدر: ان اعتماد النسبية في قانون «كل طائفة تنتخب نوابها» من شأنه توسيع رقعة المشاركة السياسية لكل الاطياف داخل الطوائف بحيث يسقط التمثيل الاحادي للطائفة وتنتهي فكرة الاختزالية لابناء الطائفة من جهة او فئة او مرجعية فالكل يغدو حاضراً داخل الندوة البرلمانية بالاحجام التي تفرزها الصناديق وهذا من شأنه تعزيز التنافس الديمقراطي والتعددية وحينها بالامكان ان تتشكل تحالفات من الكتل المتنافسة داخل كل طائفة وكتل من طوائف اخرى وحتماً سيؤدي ذلك الى انتاج سلطة ومعارضة تتجاوز الحال الطائفية ناجمة عن تقاطعات اكثرية واقلية داخل الطوائف ومعها وقتئذ تتشكل تحالفات وقوى متنوعة الالوان تنأى بنفسها عن اصطفافات اللون الواحد وتبعث الامل بتوفر آليات كسر المعتقلات الطائفية وتتداعى ثلاثة عوامل ضاغطة على صدر النظام السياسي اللبناني: التهميش - الاستئثار - والعزل.. فالمهمشون باتوا في قلب اللعبة السياسية والمستأثرون تم تجويف استحواذهم الثقيل، والمعزولون خرجوا من عزلتهم الى رحاب الحضور الدائم.
ويتابع المصدر: لا تتأمن المناصفة الحقيقية والتمثيل الحقيقي الا بهذا القانون والحديث عن انه يسهم في تعميق الطائفية لا يعدو كونه فذلكة سياسية وتشاطر غرضه التعمية وتظهير الشكلانية الوطنية التي تخفي في الجوهر عصبيات طائفية متصلبة وتلبس لبوس الوحدة واهازيج العيش المشترك الخادعة، فهل نحن حقاً نعيش في «جنة عدن» اللاطائفية ام ان الاوكسيجين في لبنان طائفي... فرفض القانون من زاوية وصمته بالطائفية كلام حق يراد به باطل والرفض يعني الاستمرار بفرض النفوذ الطائفي والابقاء على المصالح الخاصة بحجة حماية الطائفة ومصالحها.
ويقول المصدر: ان السير بالقانون الارثوذكسي يسهل تطبيق الطائف ولا نقول يدفع باتجاه تعديله لان مجرد الحديث عن التعديل سيفسر على انه تعديل بالتوازنات القائمة واخلال بالاحجام وعبث بسلة الحصص التي ارساها الطائف لجهة النفوذ والامتيازات فعمليا طبق الطائف خطأ او تم تجاهل بعض بنوده وبالتالي صلاحه بتطبيقه جدياً ودون استنساب، فالمناصفة يؤمنها القانون الارثوذكسي بشكل عادل ودون منّة من احد، والشراكة الوطنية تتبلور عندما تتوالف القوى الناتجة عن انتخاب كل طائفة لنوابها بحيث تنطبع بطابع وطني يشمل حالة تحالفية تتمثل فيها كل الشرائح المذهبية والطائفية. وبهذه الحال يكون الطائف مثالياً فلا تعود الترويكا قائمة على حساب المسيحيين كما ان تشريع نظام داخلي لمجلس الوزراء يمنع اختزال الحكومة بشخص رئيسها فيمارس كل وزير صلاحيته دون عوائق او محاذير... والذين يتحدثون عن طائفية الارثوذكسي والباس الطائف ثوب العفة ان لم نقل الباس انفسهم هذا الثوب هؤلاء الم يقرأوا المادة 22 من الدستور التي تتحدث عن مجلس الشيوخ يمثل الطوائف وبالتالي يحمل في طياته عناوين طائفية ورغم ذلك يبقى القانون الارثوذكسي وتداعياته الى جانب مجلس الشيوخ يعطي الانموذج الاصح لقيادة البلد بحيث تتوفر من خلاله الشراكة والوحدة الوطنية والخطاب الوطني ويتفرغ اعضاء مجلس الشيوخ للقضايا التي تحفظ التوازنات وترعى العيش الواحد والوحدة الوطنية. واذا سلمنا جدلاً بطائفية القانون الارثوذكسي في حسناته انه ينتج حالة وطنية بينما كل القوانين الاخرى طائفية بامتياز وتكرس الحالة الطائفية في البلد بشكل جذري وتستبيح حقوق الاقليات في كل طائفة وتطغى هوية الجماعة على الهوية الوطنية. وتعيد تموضع الطائفة كجماعة ثانوية وسيطة ثقيلة ومستبدة بين الدولة والمواطنين.
ويقول المصدر: من الناحية العملية ان القانون الارثوذكسي سيقلب المعادلات وهنا مكمن رفضه من المتمسكين بالنظام الطائفي كمصدر للنفوذ الاحادي والتعبيرات السياسية الفردية في حكم الطوائف فالاقلية داخل كل طائفة ستتحول حكما الى اكثرية اذا ما تحالفت مع اقليات او اكثريات من طوائف ومذاهب اخرى وتصبح وازنة في النسق العام وعندها لا قيمة مطلقة للاكثرية داخل الطائفة وهذا بحد ذاته الخطوة الاولى على طريق تقويض النظام الطائفي وكسر بنيته المتكلسة افساحاً في المجال امام خلطة سياسية على طائفتيها في مكان ما تبقى اخف وطأة ومدخلاً علمياً لولوج حالة وطنية على اساس ان الكل اقوياء وضعفاء في آن والكل بحاجة للكل وهذا لن يغير شيئاً على مستوى اللون الطائفي للوظائف والمواقع السياسية والادارية سوى انه يكسر الاحتكار داخل الطوائف ويوسع هامش الفرص لكل ابناء الطائفة.
ويختم المصدر بالقول: ان اختراق الاجماع المسيحي حول القانون الارثوذكسي يشكل ضرباً لآخر الفرص المتاحة للمسيحيين في لبنان للمشاركة الفعلية في السلطة عبر اختيار ممثليهم ذاتياً ودون حضانات طائفية اخرى وكأنها بيوتات الايتام، والتفريط بهذا الاجماع لصالح قضايا آنية معنوية ومصلحية بحتة من شأنه ان يحرم للمرة الاخيرة فرصة مشاركة المسيحيين بشكل لائق ومحترم في السلطة هذا ان لم يؤد الى تعميق فكرة الغبن الناجم عن انتزاع العديد من صلاحياتهم بعد الطائف وبالتالي دفعهم تحت وطأة هذا الشعور لترك البلد، فكما للاخرين ظروفهم ومصالحهم وواقعهم السياسي الذي تتم مراعاته كذلك للمسيحيين ظروفهم وواقعهم السياسي والديمغرافي الذي يجب ان يراعى ولا عتب او حرج من الآخرين فالامانة يحملها القادة المسيحيون وعلى عاتقهم تقع المسؤوليات الجسام فالخروج عن هذا الاجماع يعني خروج المسيحيين من المعادلة السياسية الى ابد الابدين ودهر الداهرين ولن ينفع حينها مركز هنا او منصب هناك او....

No comments:

Post a Comment