Thursday, December 6, 2012

أوساط ديبلوماسيّة عربيّة : الهجوم التركي الأردوغاني
Tuesday, December 04, 2012 - 12:25 AM
مفيد سرحال

على الحكم في سوريا لعبة خطرة تفوق قدرة أردوغان على تحمّـلها

مفيد سرحال

هل بدأ القادة الاتراك اصحاب العقل «الامبراطوري» في حزب العدالة والتنمية يتحسسون رؤوسهم الآيلة للسقوط تحت وطأة اللعنة السورية التي لم تعد تنفع مع شظاياها التعاويذ الطاردة للمحن المتنقلة ولا بطاريات الباتريوت والقبب والدروع الهلامية، واذا كان اليهود في سالف الزمان وبالطبع مع اختلاف الادوار والمواقع والصلات ناهيك عن تمايز اللحظة السياسية قد اطاحوا بالسلطان عبد الحميد الرافض للسياسات الاستعمارية وبين ظهرانيها بيع فلسطين بحفنة من الذهب، فنخروا حكمه بالدسائس والفتن والقلاقل والمؤمرات فإن السلطان اردوغان الطامح لإعادة إحياء وايقاظ الروح «العصملية» وتجسيدها امبراطوريا والمندمج في آن في منظومة تبدأ في اميركا وتنتهي في «اسرائىل» بات على اعتاب تقهقر سياسي وتلاش للدور المأمول عبر البوابة السورية التي ارادها اردوغان ومنظّر الربيع العربي اوغلو مدخلا لاحتواء دول «الربيع» في المدار التركي كمرجع للسنة في المنطقة بعد تجويف العروبة كجامعة للعرب لصالح التمذهب والخصوصيات سيما وان اوغلو ومؤيدي خطته في الغرب وداعمي حركته في الخليج ماليا ولوجستيا، قد رسموا اطارا لاقسام الشرق الاوسط بثلاث دول دينية الهوى اسرائىل اليهودية - ايران الشيعية (عاصمة الشيعة) - وتركيا السنية عاصمة ومرجع السنة اما المسيحيون فيتم تهجيرهم الى الغرب ليندمجوا بسهولة في تلك المجتمعات وبخروجهم من بلادهم الاصلية كشهود على ولادة السيد المسيح تتحول المسيحية الى مجرد اسطورة من ضمن الاساطير التي حفل بها هذا الشرق!
بناء على ما تقدم ترى اوساط ديبلوماسية عربية مهتمة بالشأن السوري ان الحراك داخل تركيا سيأخذ منحى تصاعديا في اكثر من اتجاه وبالاخص اتساع دائرة حزب الشعب الجمهوري المعارض برئاسة كمال كلجوار اوغلو عبر تنامي تيار شعبي مؤيد لرؤية الحزب المعترض بشدة على سياسات اردوغان المنغمسة في الملف السوري الدموي وما سيعكسه هذا الملف المتفجر والذي ستطال حممه البنية التعددية التركية الجاذبة حتما للشروخ العميقة في البنية السورية لأن النظام العلماني التركي لا يسمح لأي سلطة تركية الغوص في صراعات ونزاعات مذهبية دعما وتجهيزا وايواء وتدريبا وهذا من شأنه تفجير المجتمع التركي من الداخل وايقاظ نزعات مذهبية نائمة او منسية في تركيا... وفي نفس المنحى يقول المصدر: ان تحريك مشاعر العلويين في تركيا بهذا الشكل الفظ عبر التدخل في سوريا ودعم الحركات السلفية والمقاتلين القادمين من البلدان الاسلامية سيكون له تداعياته الخطرة على المجتمع التركي الذي عاش فترة طويلة من السكون المذهبي والطائفي فإذا به اليوم يستفيق على سياسات اردوغان وعلى الصخب السوري الداوي وتداعياته القاتلة وما لا يعرفه كثيرون يقول المصدر: ان الجيش التركي درع الدولة وصاحب القرار في الازمات مؤتلف في تركيبة جعلت العلمنة منه جيشا تركيا بكل معنى الكلمة لا تمايز بين ضباطه ومسؤوليه او تمييز بدليل ان مفاصل العمل الاساسية في الجيش التركي وفي القطاعات الحساسة يتولاها علويون واستمرار عزف القيادة الاردوغانية على الوتر المذهبي والغوص في صراع مذهبي مع ايران على النفوذ في المنطقة سيدخل الجيش التركي في متاهة يصعب الخروج منها والكل يذكر المزحة السمجة لاردوغان عندما قال (بشار الاسد جيد لأن زوجته سنية) فالهجوم التركي الاردوغاني على الحكم في سوريا لغايات مذهبية ولوضع سوريا «تحت الباط التركي» لعبة خطرة تفوق قدرة اردوغان على استيعاب نتائجها وستكون ارتداداتها كارثية على تركيا ووحدة مجتمعها وتركيبتها المتماثلة مع التركيبة السورية وكلام الرئيس الاسد عن ان المنطقة بأسرها ستتداعى اذا ما استمر الهجوم على سوريا لتغييرها وتغيير دورها ونظامها العلماني له دلالاته الواضحة.
ويتابع المصدر: اما المشكلة الكبرى التي تعيشها تركيا فهي قضية الاكراد وتحديدا الاشتباك الحاصل منذ عقود مع حزب العمال الكردستاني الذي سيزيد من ضغوطه على الحكومة التركية - لاخراج زعيمه المعتقل عبدالله اوجلان ومعلوم ان سوريا رفضت تسليم خبراء اتراك وضباط ورتباء قبض عليهم وايديهم ملطخة بالدم السوري للدولة التركية - الا بعد الافراج عن اوجلان ولعل هذه الورقة بأيدي سوريا قد آلمت كثيرا القيادة التركية وعززت وقوف الاكراد الى جانب النظام السوري وهذا بنظر السوريين ليس تدخلا بالشأن التركي انما على مبدأ المعاملة بالمثل وكما تراني اراك... ولهذا يخوض الاكراد حربا ضروسا مع المجموعات المسلحة في ريف حلب ومنعوا تركيا من تحقيق اهدافها باسقاط حلب عبر تدفق الآلاف من الداخل التركي الى سوريا ففي الوقت الذي اعاق الاكراد تقدم المجموعات المسلحة كان الجيش السوري يقضم المجموعات المسيطرة على احياء حلب بشكل تدريجي مانعا تحويلها الى منطقة عسكرية ومنصة للمسلحين للانطلاق الى دمشق.
وتقول المصادر: من الاحراجات الكبرى التي ستخرج تركيا من المعادلة هو التحالف الاستراتيجي مع اسرائىل امنيا وعسكريا وتعميم ثقافة العداء لايران عبر تصويرها عنصر تهديد للأمن الإقليمي والخليجي تحديدا.
والسيطرة عبر «تشييع المنطقة» بزعمهم وصحيح ان ايران تحرج تركيا والعرب بمناصرتها للمقاومين الفلسطينيين وعدم تركهم ذبحاً حلالاً للسكين الصهيوني ولعل اكبر الخدع التركية تجلى في نشر صواريخ باتريوت على الحدود مع سوريا علماً أن مداها يزيد عن 120كم بحجة التهديد السوري لتركيا وكان سبقها نشر الدرع الصاروخية ومحطة التجسس في ملاطيا التي تحوى رادارات ضخمة غرضها مراقبة الحركة العسكرية الايرانية.. اما صواريخ باتريوت فبامكانها ضرب الصواريخ الايرانية المتوجه الى المدن الاسرائيلية في أي مواجهة قبل خمس او ست دقائق من وصولها الى تلك المدن وهذا الدور لتركيا لا شك انه سيترك غضباً وسخطاً كبيرين لدى الجمهور العربي المتلهف لرؤية صواريخ تسقط على تل ابيب وغيرهما تسقط من ذهنه وعقله سيكولوجية الهزيمة والدونية العسكرية تجاه الكيان الصهيوني ويقول المصدر: انظروا بربكم تركيا تدمر سوريا الممانعة الداعمة لحركات المقاومة في المنطقة وتحمي اسرائىل بالباتريوت وتعمل على مذهبة المنطقة عبر جعل ايران عدواً للعرب والمسلمين وحرف الصراع التاريخي مع اليهود عن مساره وتبديد فكرة العروبة والغاء الدور العربي بالكامل وجعل الانظمة العربية «الثائرة» ذات الصبغة الاسلامية مجرد مقاطعات تركية واقامة الصلح الكبير مع اسرائيل على حساب القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته على كامل التراب الفلسطيني.
وتقول المصادر نفسها: ان القيادة السورية أوصلت رسالة واضحة للاتراك في الاونة الأخيرة عن ان استعادة لواءي الاسكندرون وكيليكيا السورية أمر لا تهاون فيه طال الزمن ام قصر فالاستعمار سلخ هذين الاقليمين من سوريا وضمهما الى تركيا زوراً وبوقاحة استعمارية لا مثيل لصلفها وعدوانيتها وسوريا ستستعيد هذين الاقليمين تحت لواء العروبة كونهما أرض عربية سورية اما استمرار تركيا بالايغال في الجسد السوري انفاذاً لاجندات امنية تخدم مصالح اسرائىل الوجودية، واشعال النار المذهبية لتحقيق طموحات امبراطورية على حساب وحدة سوريا فان التداعيات حتماً والحلول ستكون ايضاً على حساب وحدة تركيا وعندها سيكون خروج هذين الاقليمين من الكنف التركي بالعنوان المذهبي هو جزء من اللعنة السورية التي ستمسخ ما حولها مذهبياً وعندها لن تكون البوابة السورية مدخل تركيا للتوسع والتمدد في الاقليم «بالوهم الامبراطوري»، بل مدخلها الى جانب العوامل الأخرى الآنفة الذكر الى الانفراط الممنهج يسبقه رحيل أردوغان وفريقه السلطاني الرؤي والهوس وقادم الايام سيظهر حجم التخبط التركي والمأزق الكبير الذي اوقعت نفسها فيه وريثة السلطنة لا بل وريثة المرض من الرجل المريض.

No comments:

Post a Comment