Thursday, December 20, 2012






جعجع هو المسؤول عن عدم تطبيق قانون انتخابي يُعيد للمسيحيين إنتاج دورهم في النظام السياسي
حاوره: محمود حجّول
الحديث مع النائب السابق لرئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي حول أسباب عدم تطبيق اتفاق الطائف، وخصوصاً في شقه الإصلاحي، له نكهة مميّزة، كونه عريقاً في الحياة البرلمانية ومرجعاً قانونياً، ناهيك عن توليه الحوار مع المراجع الدينية بتكليف من رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ سنوات للبحث في تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية. إلا أن هذه المهمّة اصطدمت برفض كلي من المرجعيات الدينية، الأمر الذي أدى إلى ما نحن عليه من توترات مذهبية وطائفية لا حدود لها.
الطائف لم يطبّق برمته
وعن أسباب عدم تطبيق الشق الإصلاحي في اتفاق الطائف، وخصوصاً قانون الانتخاب الذي ينصّ على اعتماد المحافظة كدائرة واحدة وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، قال الفرزلي في حوار مع البناء أمس:
ـ اتفاق الطائف لم يطبّق برمته، وأولاً الجوهر الميثاقي لاتفاق الطائف هو أن يتنازل الموارنة عن صلاحيات رئاسة الجمهورية لمصلحة مجلس الوزراء مجتمعاً مقابل المناصفة بصرف النظر عن العدد، عملياً لم يتمّ وضع القانون الذي ينظم أعمال مجلس الوزراء ويعطي الوزراء قيمة المشاركة الحقيقية في مجلس الوزراء الذي يتضمّن المناصفة، فمالت الكفة لصالح رئيس الوزراء بامتياز، وبالتالي هذا هو الجوهر الميثاقي للطائف لم يطبّق.
أضاف: الأمر الآخر، مصلحة المناصفة أيضاً لم تطبّق، لأنها كانت مناصفة شكلية وليست مناصفة فعلية تمكّن من إنتاج توازن حقيقي في النظام السياسي في لبنان، وخصوصاً في قانون الانتخاب الذي ينصّ جوهره على المناصفة، والبند الذي يعتبر محافظة دائرة واحدة يخضع للقوانين التي تعدّل الجوهر الميثاقي والمناصفة الفعلية وليس الشكلية.
وهناك أمر آخر هو المجلس الدستوري الذي يعتبر من أهم إنجازات الطائف أيضاً، تمّ انتهاكه وفضّه عبر إنشاء المجلس الدستوري من دون الالتزام بأحكامه من حيث اعتباره سلطة دستورية مستقلة، فأصبح قلماً من أقلام الدولة ودائرة من دوائرها المستتبعة للطبقة السياسية، وهناك أيضاً نصّ المادة الدستورية الرقم 52 المتعلقة بحق رئيس الجمهورية في إجراء المفاوضات انتهك، ولم يطبّق إطلاقاً، لذلك حدّث ولا حرج عن كمية المخالفات الدستورية لاتفاق الطائف، ومنها أيضاً عدم تأليف الهيئة المكلفة بدراسة السبل التي تؤدي إلى إلغاء الطائفية السياسية، التي رفضت بصورة قطعية من قبل رؤساء الطوائف، وعندما كلفت شخصياً من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري للاتصال بهم لتأليف الهيئة للدراسة وليس لاتخاذ القرار، لذلك الطائف لم يطبّق بكلّ بنوده، وهنا نقول دعونا ننتج مجلساً نيابياً فعلياً، ولنؤمّن المناصفة الحقيقية يجب أن نجلس على طاولة حوار وإجراء مفاوضات حول السبل الآيلة إلى إلغاء الطائفية السياسية، ولنطبّق الدستور اللبناني عبر تأليف مجلس شيوخ.
وأكد أننا ما زلنا متمسكين تمسكاً كاملاً بدستور الطائف، وكذلك كلّ المسيحيين، ولكنهم كما الجميع يرون أنّ قانون الستين قد سقط، وأوضح أنه يجب تطبيق الطائف جيداً، وأنّ كلّ الأفرقاء السياسيين والروحيين يتحمّلون مسؤولية عدم تطبيقه.
وأكد الفرزلي رداً على سؤال أن إعادة العمل باتفاق الطائف يكون أساساً عبر الانتخابات النيابية، وشدّد على أنه تمّ انتهاك الطائف عبر قوانين الانتخاب منذ عام 1992 وحتى عام 2005، وقال في عام 2009 طبّقوا قانون الستين الذي قام اتفاق الطائف على أنقاضه، ولم يستبعد إمكان التوصل إلى قانون انتخابي فعليّ يؤمّن المناصفة الحقيقية، لكنه أشار إلى أنّ مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي تؤيّده غالبية الشعب اللبناني هو الحلّ، خصوصاً بعد إعلان رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية وحزب الطاشناق التمسك به والتصويت عليه في مجلس النواب، كما أعلنوا أنّ حلفاءهم مستعدّون لتبنّي هذا المشروع، أيّ حزب الله وحركة أمل بما يمثلان من ثقل في الطائفة الشيعية الكريمة.
إذن، المسألة أصبحت متوقفة على الرئيس أمين الجميل وسمير جعجع، وحزب الكتائب أعلن الاستعداد للتصويت على مشروع اللقاء الأرثوذكسي في مجلس النواب، وأصبح سمير جعجع المسؤول الفعلي عن عدم تطبيق هذا القانون وعدم التصويت لمصلحته، وبالتالي حرمان المسيحيين من فرصة لإعادة إنتاج دورهم في النظام السياسي، وأكد الفرزلي أنه في حال إضاعة الفرصة أمام المسيحيين بالنسبة لقانون الانتخاب من قبل جعجع سأعلن صراحة تحميل جعجع المسؤولية الكاملة عن ذلك.
لتأجيل الانتخابات بدل «الستين»
وشدد الفرزلي رداً على سؤال حول رأيه عن سعي فريق «14 آذار» للإبقاء على قانون الستين عبر مقاطعة المجلس النيابي واللجان، على أن الانتخابات يجب أن تجري على أساس تعديل قانون الانتخابات، وفضل إرجاءها على أن تجري وفق قانون الستين الذي يعيدنا إلى أزمة فعلية، وقال: أنا مع تأجيل الانتخابات وذلك لعدم وجود المساواة بين الطوائف المسيحية، محمّلاً جميع القيادات المسيحية نتيجة التسويات التي تكرّس التبعية المسيحية، ورأى أنه إذا طبّق قانون الستين، فسيكون سبباً رئيسياً في التهجير المسيحي إلى الخارج، لأنهم إذا حصل ذلك يعتبرون أنفسهم مهمّشين وملحقين لطوائف أخرى لا شركاء حقيقيين في الدولة والنظام.
واعتبر أنه يجب تأجيل الانتخابات إلى فترة معينة ريثما يتمّ خلالها التوصل عبر التشاور والحوار الحقيقي والفعلي بعيداً من الحسابات الضيّقة إلى قانون انتخاب يؤمّن تمثيلاً صادقاً وحقيقياً للمسيحيين في لبنان يدفعهم بالتالي إلى التمسك بالوطن والأرض.
لا تداعيات لأزمة سورية
على الانتخابات
وعما إذا كانت الأزمة السورية ستؤدي إلى إجراء الانتخابات، نفى الفرزلي أية تداعيات للأزمة السورية على الانتخابات النيابية في لبنان، ولكن الخطر الفعلي هو في إجرائها على أساس قانون الستين الذي يبدو أن الفريق الآخر يطمح إلى ذلك، عبر مقاطعته المجلس النيابي واللجان بهدف تمرير الوقت وإضاعة الفرصة الحقيقية أمام التوصل إلى قانون انتخابي عادل ينصف الجميع، لا أن يكون سبباً أساسياً في إطالة الأزمة السياسية التي وصلت إلى حدّ لا يُطاق ولا يجوز الاستمرار على هذا المنوال، وأشار إلى رفض البطريركية المارونية لقانون الستين وقبولها بمشروع اللقاء الأرثوذكسي، وبالتالي أصبح هناك أكثرية مسيحية مع هذا المشروع.
فريق 14 آذار متورّط
وعن تورط فريق «14 آذار» وتيار «المستقبل» خصوصاً بعدما نشر عن تورّط النائب عقاب صقر، أكد الفرزلي أنّ هذا الفريق متورّط حتى العظم في الأزمة السورية عبر توريد السلاح والمسلحين، وشدّد على أنّ هذا الفريق يعمل ضمن أجندة خارجية ومشروع أميركي غربي يريد السيطرة والهيمنة على المنطقة.
وعما إذا كان بالإمكان رفع الحصانة عن صقر حتى تتم محاكمته، استبعد الفرزلي حصول ذلك، لأن المسألة تقتضي أولاً طلباً من النيابة العامة، وإذا وصلت المسألة إلى مجلس النواب، فيحتاج الأمر إلى الأكثرية النيابية، وهذا مستبعد في التصويت في ضوء مواقف النائب وليد جنبلاط وكتلته.
الوضع المسيحي في المشرق
واعتبر الفرزلي أن الوضع المسيحي في لبنان يختلف عنه في سورية والعراق وغيرهما، وأكد أن مسيحيّي لبنان لا يقبلون إلا أن يكونوا من صانعي القرار السياسي اللبناني وشركاء حقيقيين في النظام والسلطة، لا أن يكونوا ملحقين لطوائف أخرى، أو أن الطوائف الأخرى هي التي تحدد النواب المسيحيين الذين يجب انتخابهم.
وعن عمليات تهجير المسيحيين في سورية من قبل ما تسمّى «المعارضة السورية» عبر الجماعات التكفيرية، أعلن الفرزلي أنّ مسألة استهداف تهجير المسيحيين من الشرق لم تبدأ الآن في سورية، بل إنه مخطط يهودي أميركي غربي قديم يهدّد وجودهم، وقال: هذا المخطط بدأ في فلسطين، ثم انتقل إلى العراق ومصر واليوم في سورية، مشدداً على أنّ القرار الذاتي للمسيحيين هو الذي يساعدهم على الاستمرار والتمسك بأرضهم في سورية، وأشار إلى وجود إجماع دولي على حماية الأقليات فيها، المسيحيون متجذرون في هذه الأرض العربية، وعلينا وعي المخطط الجهنمي التهجيري ونواجهه بكلّ الوسائل، وأكبر ردّ يكون عبر قوانين الانتخاب والمشاركة الفعلية في السلطة والحكم.
انتخاب البطريرك اليازجي
وعن انتخاب البطريرك يوحنا اليازجي خلفاً للبطريرك الراحل مار اغناطيوس بطرس هزيم، أوضح الفرزلي أن مسألة سوري ـ لبناني لا وجود لها في انتخاب الكرسي الأنطاكي، وأنّ الخلفية ليست ذات فعل تعصّبي لهذا البلد أو ذاك، ولفت إلى أنّ أبناء الكنيسة الأرثوذكسية في سورية مهدّدون بالخطر، وبالتالي فإن مجيء بطريرك من طائفتهم قد يخفف عنهم من مخاوفهم، ولهذا السبب قد يكون انتخب اليازجي بطريركاً جديداً لأنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.

No comments:

Post a Comment