Saturday, December 29, 2012



الدروز هدف صهيوني... أين أصبحت الدولة الدرزيّة؟
Friday, December 28, 2012 - 10:11 PM
مفيد سرحال

مرجع درزي كبير : لا دولة درزيّة تعيش على حساب إسرائيل
نحن مُسلمون مُوحّدون نعيش مع إخواننا في هذا الشرق

مفيد سرحال

الدروز في النسب عرب أقحاح، ولا يوجد في العرب الجالين عن جزيرة العرب اصبح عروبة منهم.. فأولئك الذين يعدون الاجانب بأن آل معروف يكونون الى جانبهم على الامة العربية قد احتملوا بهتانا وإثما مبينا، فمهما يكن من العوامل فإنه متى انقسم الناس ولحق كل فريق بأهله، فأبناء معروف لا يخرجون عن الجامعة العربية، ولا من الجامعة الاسلامية، ولن يقدر احد ان يخل بهذه القاعدة: فمن نكث فإنما ينكث على نفسه.
هذا الكلام لا لبس فيه ولا إبهام صاغة بفصاحة وصراحة من قيل عنه بين العروبة، ولسان الامة الاسلامية، وامير البيان العربي في القرن العشرين، الامير شكيب ارسلان والذي قال لصديقه عبد الله المشنوق قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة في التاسع من كانون الاول 1946 «أوصيكم بفلسطين».
ما تقدم اقل ما يقال فيه انه عقيدة وصراط ومنهج حياة ومسلك جماعة دأبها التمسك بهويتها القومية فاستحقت بجهادها عن جدارة لقب سيف العروبة والاسلام وعبثا يحاول اعداء الامة كسر المقدس وانتهاك الحرمة اي الانتماء والهوية والتاريخ لتلويث الجماعة الدرزية بلوثة الخصوصية كدين مستقل وليست مذهبا من مذاهب الاسلام بغية جرها الى حماية مزعومة وقلق اقلوي ينجذب الى شبيهه، ويبقى الوجدان الجماعي مزدانا بذاكرة تضج خلاياها بمآثر محفورة عميقا في كينونة وجودها ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فهل من السهل ان ينسى الدروز الامير مجيد ارسلان يوم دخل المالكية في معركة استعادة فلسطين العربية ووصلت طلائع جيشه التحريري الى الناصرة حيث قرعت اجراس الكنائس فرحا، كما لن ينس الدروز كمال جنبلاط الذي اعتمر الكوفية الفلسطينية وحمل في قلبه ووجدانه قضية العرب المركزية مناضلا مجاهدا في سبيلها وكيف للدروز ان ينسوا سلطان الاطرش وثورته بوجه المستعمر الفرنسي وكلمته الشهيرة عندما لحق بالفرنسيين الذين اختطفوا ضيفه ادهم خنجر من منزله وحملته طائرة فرنسية في بلدة الشقا: «لا حيلة لنا في السماء اما على الارض فسترون بأس بني معروف» وسحق الثوار الدروز العسكر الفرنسي في طول الجبل وعرضه وامتدت الثورة الى وادي التيم معقل الدعوة الدرزية واشتعلت الثورة في كل المناطق السورية فكانت ثورة هنا نور صالح العلي وتوحد السوريون تحت لواء الثورة السورية الكبرى وكان التحرير ومعه الاستقلال، وكيف للدروز ان ينسوا ابن السويداء العقيد نايف العاقل الذي اقتحم مرصد جبل الشيخ اكبر تحصينات الجيش الصهيوني على خط الجبهة عام 1973، بإنزال رأسي ومعه مجموعة من جنود الجيش العربي السوري البواسل، وعندما قلده الرئيس الراحل حافظ الاسد وسام بطل الجمهورية ابى إلا ان يغرسه في لحم صدره لا في بزته العسكرية.
} موقف حكيم وشجاع }
وهل ينسى الدروز ابن بلدة شارون في جرد عاليه الاستشهادي القومي الاجتماعي عن سابق اصرار وجدي الصايغ فاتح عهد العمليات الاستشهادية وبصرف النظر عن انتمائه العقائدي فهو ابن عائلة وبيئة درزية غرست فيه حب الارض والشهادة في سبيلها وكذا هي رفيقته الشهيدة ابتسام حرب ابنة غريفة الشوف، وكيف للدروز ان ينسوا عام 1998 الحرم الديني الذي رماه مشايخ خلوات البياضة وعلى رأسهم الشيخ ابو سهيل غالب قيس والشيخ فندي شجاع والشيخ سليمان شجاع على كل من يتصل بالعدو الصهيوني وخلوات البياضة اكبر مرجع للموحدين الدروز في العالم، قرارهما ملزم قاطع صارم ويطال الاجنة في بطون امهاتهم ويومها صعق القادة الصهاينة من هذا القرار فأوفدوا الى حاصبيا وكانت تحت الاحتلال رئيس جمعية الصداقة الدرزية الاسرائيلية محمد الرمال وموفق طريف لاقناع المشايخ بالعودة عن قرارهم الا ان الموفدين لم يتمكنا من دخول حرم خلوات البياضة ومنعا من تدنيسها فكان الحرم ورد الزائرين الثقيلين صفعة هزت كيان العدو ومخططاته الهادفة الى فرز لبنان الى طوائف ومذاهب منها الصديق المفترض والعدو، ولن ينسى الدروز موقف الزعيم وليد بك جنبلاط عقب احداث 7 ايار 2008 من مقاتلة حزب الله المقاوم في موقف حكيم وشجاع ينطوي على قرار وجداني ينسجم مع الذات بحيث لا يسجل على الدروز ان سلاحهم رفع في وجه من هزم العدو الصهيوني من جهة وكي لا تؤسس تلك المواجهة الى ثقافة معادية لخط المقاومة قد تدفع بعض المجانين اذا افلتت الامور من عقالها وانسدت الافق واقفلت السبل الى مد اليد للمحظور القاتل الذي لا طاقة للدروز في تحمل تبعات الغوص في مجاهله، كما ان كلام الامير طلال ارسلان واضح في «ان الجبل سيبقى جبل العروبة ولن يكون خنجرا في ظهر المقاومة وان سلاح الدروز لن يشهر إلا في وجه اليهود دفاعا عن ارض العرب ومقدساتهم».
ما تقدم قطيرة من بحيرة في تاريخ طائفة الموحدين الدروز، ترطب الجذور وتمنع اليباس في حلكة الزمان وتشظي الخرائط حين تنطق الجغرافيا بذاك الخواء وتتقلص الاوطان في ضمور انتحاري ويوسوس الخناس الوسواس في صدور الناس.. انه الشغل المحموم لحكومة العالم الخفية لصناعة كيانات «اسرائيليات» تنهش بعضها وتدور في فلك المولود الغير شرعي «اسرائيل» فمن الوهم ولو للحظات لو فكرنا ان الحركة الصهيونية تراجعت او قد تتراجع عن مشروع تدمير وحدة الوطن بالتجزئة والحقد الطائفي طريقا لتمزيق سوريا الطبيعية والجزيرة العربية ومصر واول الغيث في المؤامرة المتناسلة والمخطط الدائم الحضور في الادراج، والذي يعاد تظهيره في السوانح كلما اختلت الموازين واستفزت المشاعر واستشرت العصبيات واستحكم الجهل الغرائزي وتهدمت الجسور بين القلوب وباتت الاسلاك الشائكة حارسة حدود الذات وحارسة حدود «الغول».. انه مشروع «الدولة الدرزية» وعلى الدوام الدروز هدف صهيوني كما سواهم من الاقليات ونبش اوراق الذاكرة والاضاءة على احداث ووقائع مغمورة واخرى مخفية كفيل بتوكيد ان كل ظاهر «نور» ينير العقل والدرب معا ويكشح غمام الالتباس ويبدد المظان الكالح..
فمن المسلّم به ان الصهيونية خليفة الامبريالية في المنطقة العربية او هي الامبريالية الغربية وقد صدرت الى هذه المنطقة اقبح صورها التي تقوم على البراغماتية الانانية المتطرفة والتوسع الدموي غير المحدود وفق هذه الرؤيا المتناسلة التي تخدم الغرض عينه، اعلن نابليون بونابرت في اواخر القرن الثامن عشر اثناء حصاره لعكا عن رغبته المخلصة في ان يقيم للدروز استقلالهم واعطائهم مدينة بيروت ذات المرفأ كمركز تجاري وإبان الانتداب الفرنسي عرض المستعمر على سلطان باشا الاطرش اقامة «دولة - إمارة» درزية في منطقة السويداء وتتكفل فرنسا بدعمها بشتى الوسائل على ان تتوسع لاحقا برعاية اجنبية لكن سلطان رد بإشعال الثورة ليؤكد عروبة بني معروف وانتماءهم القومي والديني لن يكونوا اداة طيعة بيد المستعمر بل حربة في صدر مشاريعه التفتيتية.
اما الحلم الصهيوني فقد تكشفت ملامحه في الرسائل المتبادلة بين موشيه شاريت وبن غوريون لاقامة الدولة المارونية والتي اختارت جونية لتكون عاصمة لها لكن عوامل محلية وعربية ودولية حالت دون قيامها وجاء عدوان 1967 على سوريا والاردن ومصر واحتلال قسم من الاراضي العربية فأبقت «اسرائيل» على الدروز في الجولان تأسيسا لترجمة الحلم وليبدأ التقسيم بقيام «دولة درزية» وقد اتصلت اسرائيل بعدد من القيادات الدرزية معلنة انها على استعداد ان تعترف فورا بالدولة الدرزية وتقدم لها كل اسباب الدعم عبر ترحيل دروز فلسطين المحتلة بغية إقامة واعداد جيش درزي قادر على محاربة الجيوش العربية في الشرق والشمال وقد وقع الاختيار الاسرائيلي في تلك الفترة على كمال كنج ابو صالح باعتباره شخصية تحظى باحترام شعبي واسع كما انه كان عضوا في البرلمان السوري واحد الزعماء السياسيين البارزين بين ابناء الطائفة الدرزية وجرت لقاءات عدة جمعته مع موشي دايان ودافيد اليعازر وايفال آلون الذين عرضوا عليه خطتهم فأصيب بالذهول والدهشة والصدمة لدى سماعه المخطط الرهيب وآليات تنفيذه العملانية واوهم الكنج القادة الصهاينة بأنه وافق على المشروع وسيتشاور مع القادة الدروز في سوريا ولبنان وفي روما التي غادر إليها الكنج بدأت رحلة التخطيط لقيام الدولة الدرزية في شارع فينتيو قرب متحف بوركيزي في «بانسيون فرانشيسي» حيث اتصل الكنج بقريبه المحامي كمال ابو لطف من بلدة عيحا - قضاء راشيا الوادي والذي انتقل الى روما وسمع تفاصيل المشروع اليهودي بعد جولات ولقاءات مع الضابط يعقوب الذي افصح عن كامل المشروع اي قيام دولة درزية وحدودها وسبل تمويلها ودورها في المنطقة لكن هذين البطلين القوميين ابلغا السلطات اللبنانية والسورية كما تم ايصال المعلومات الى جمال عبد الناصر واتخذ العرب حينها الاحتياطات الكافية لحماية جنوب سوريا فرفعت جهوزية الجيوش العربية ورصدت اسرائيل ذلك التحرك واعتبرت ان خطتها فشلت وان الكنج وابو لطيف قد خدعا المخابرات الاسرائيلية واخبرا العرب بمخططهم ثم اكتشف الصهاينة لاحقا ان كمال كنج اعتاد زيارة سوريا سرا ومقابلة شقيقه الذي كان ضابطا في الجيش السوري كما التقى حكمت الشهابي رئيس المخابرات العسكرية آنذاك فتم القبض عليه وصدر الحكم ضده بالسجن لمدة 30 عاما لكن افرج عنه بعد مرور سنتين عقب اتفاقية تبادل الاسرى بين سوريا واسرائيل عقب حرب تشرين الاول 1973.
} حدود الدولة الدرزية }
كذلك فعل كمال ابو لطيف الضابط السابق في الجيش السوري باطلاعه المرحوم كمال جنبلاط على تفاصيل لقاءاته في روما وتسليمه تقارير مفصلة للمخابرات السورية واللبنانية بشخص عبد الكريم الجندي وسامي الخطيب كما اعلمت المخابرات المصرية والعراقية بالامر وامضى ابو لطيف حياته محاطا بسرية التحرك والانتقال الى ان قضى بحادث أليم شهدته بلدته عيحا في منتصف الثمانينات.
اما حدود الدولة الدرزية وفق التقرير الذي وضعه ابو لطيف بتصرف المخابرات اللبنانية والسورية فتمتد من «جبل الدروز الى الشاطئ اللبناني محيطة «باسرائيل» وتشمل القنيطرة وقضاء قطنا وضواحي دمشق اي بعض قرى الغوطة الدرزية فقضاءي راشيا وحاصبيا ثم الشوف وعاليه حتى خلدة. بما في ذلك بلدة الشويفات، اما القرى والبلدات السنية والشيعية والمسيحية بين منفذي جزين عبر مشغرة والشوف عبر الباروك من كفريا حيث الحدود الشمالية للدولة في خط مستقيم الى وادي القرن فيتم إما اخلاء هذه القرى او العيش في كنف الدولة المزعومة.
اما عاصمة الدولة فتكون السويداء او بعقلين بحسب اي من دروز لبنان او سوريا اكثر تعاونا مع اسرائيل اما المقومات الاقتصادية فمضمونة من قبل اسرائيل بتعهدات اميركية ويصبح ميناء صور بعد تطويره الميناء التجاري للدولة ويبقى ميناء صيدا لتصدير النفط ورصدت اميركا آنذاك مبلغ 30 مليون دولار للبدء بتهيئة الاجواء للتنفيذ على ان تتكفل بحماية الكيان عن طريق اسرائيل وتعترف به فورا مع اوروبا والامم المتحدة ككيان قائم ومستقل.
اما التنفيذ على الارض فيتم بعد احتلال الجنوب حتى صيدا واختراق الجهة السورية على محور درعا - ازرع - السويداء».
وتجدر الاشارة الى ان اعنف معركة خاضها الجيش العربي السوري عام 1982 في منطقة بيادر العدس التي ادعى الصهاينة آنذاك انهم تجاوزوا عن طريق الخطأ خط وادي كامد اللوز فكانت مقبرة الدبابات الاسرائيلية التي لم تشهدها دولة العدو عبر تاريخها حيث وقع رتل كبير من الاليات المدرعة بين فكي كماشة كتيبتين من الوحدات الخاصة السورية مولجتين حماية بوابات الشام وبالتالي فإن ما سمي خطأ تجاوز خط كامد اللوز كان يخفي فيما يخفي ذاك الاستهداف الكبير في رسم الحدود والسدود ومن الصدف البالغة الدلالة ان ضابطا درزيا من آل مهنا في السويداء كان في عداد الكتيبتين السوريتين اللتين صنعتا اكبر هزيمة للجيش الصهيوني في احتكاك مباشر استخدم فيه السلاح الابيض وبالتالي هذا الضابط قاتل في صفوف الجيش العربي السوري بعقيدة قومية لا تقيم وزنا لكل الولاءات الضيقة.
وفي السياق نفسه «الدروز هدف صهيوني» فقد حرصت دولة الاغتصاب اسرائيل على زرع بذور التشكيك بصدقية انتماء الدروز القومي والعروبي وامعنت في التشويه والتزوير محاولة تظهير تمسك دروز فلسطين بأرضهم وكأنه اعلان ولاء لدولة الاحتلال. ثم ألم تلعب اسرائيل واجهزتها وضباطها على هذا الوتر اثناء الاحتلال وعقب اجتياح عام 1982 على قاعدة هذه طائفة موالية وتلك طائفة معادية امعانا بتعميق الشروخ النفسية وضرب عوامل الثقة بين ابناء الوطن الواحد، ثم ألم تشعل حرب الجبل بين المسيحيين والدروز خدمة لغرضها في اذكاء نيران الطائفية والتعصب واغراق القرى والبلدات بالدم والتهجير، والدروز كما المسيحيين شاهدوا بأم العين الاحابيل والخدع الصهيونية بين طرفي النزاع اثناء المعارك وفي خضم الصراع وكيف كان يتم الانسحاب من منطقة لتحدث فيها المجازر ويتم الدخول الى اخرى للايهام بأنهم عنصر حماية وامان.
وفي الاطار نفسه ايضا وبكل صفاقة ووقاحة ودون سابق انذار عبر شمعون بيريز الشوف منتشيا واقتحم دار المختارة وسمع كلاما واضحا من زعيمها: أنتم قوة احتلال لارضنا انتم اعداؤنا.. فخرج بيريز حانقا خالي الوفاض وعندما سئل وليد بك في اجتماع ضمه وعدد من اصدقائه في الكويت حين زارها في الثمانينات عن رأيه فيما يشاع عن الدولة الدرزية قال: «لن نسمح بمرور هذه المؤامرة ولست مستعدا لان اخون قوافل الشهداء من اهلنا، لقد ساهم والدي في إفشال المؤامرة من قبل وستبقى فاشلة لاننا لن نبيع عروبتنا ولو كان الثمن دولة من ذهب».
} انتم قوة احتلال }
وكما هي المختارة كذا هي دار خلدة حين دخل على المرحوم الامير مجيد ارسلان ضابط درزي في جيش الاحتلال من رتبة عالية ومعه شخصية درزية من آل عطشة وقبل ان يتجاذب الطرفان الحديث نادى الامير مجيد على مرافقه واسر في اذنه وبعد قليل عاد المرافق حاملا بزة عسكرية قديمة عليها بقع باهتة، فقال الامير مجيد: «حضوركم في بيتي غير مرحب به واعرف تماما مقاصدكم ومرامي من ارسلكم، هذا القميص الذي ترونه يعود لضابط صهيوني ارديته بمسدسي في المالكية، واحتفظت به في المستودع، ابلغوا قادتكم انهم اعداء الله والانسانية ولن تكون علاقتنا بهم إلا بالبارود والنار، فاخرجوا من بيتي.. دنّستم قصري» وكان بالطبع يدرك المير مجيد ابعاد الزيارة الوقحة وخلفياتها ببصيرته ومعرفته بما يخطط له العدو الصهيوني.
وفي السياق نفسه القائم على ان الدروز هدف صهيوني فاثناء اجتياح عام 1982 وفي معمعة الاحداث نفسها دخلت قوات الاحتلال الاسرائيلي منطقة راشيا بعد ان تأخرت اندفاعة دباباتها في الحاصباني بفعل الرماية المكثفة والهادفة لمرابض مدفعية الجيش اللبناني (155) المحصنة في وادي كفرمشكي والتي ألحقت خسائر كبيرة بعديد العدو وعتاده، وبعد معارك شرسة خاضها الجيش السوري في سهل عز العرب وجب فرح، وصلت قوة مؤللة الى قلعة الاستقلال في راشيا وكان يقود حامية القلعة المقدم عادل ابو ربيعة (ضابط درزي من بلدة الفرديس قضاء حاصبيا) ومعه نحو 400 من مختلف الطوائف لكن غالبيتهم من الدروز وعندها خاطب ابو ربيعة الضابط الصهيوني وهو برتبة عقيد ومعه مسؤول عسكري من احدى الميليشيات اللبنانية ومن لهجته عرف بانه لبناني وفق شهود عيان من العسكريين وقال ابو ربيعة: انتم قوة احتلال ولهذه القلعة رمزيتها الوطنية وبالتالي لن اسمح لكم بالدخول اليها الا على جثتي وجثث جنودي وتستطيعون قصفنا بالطائرات ونرضى حينها ان نموت لكن ان تدنس ارض القلعة وغرفها ومعالمها فهذا ما لن يحصل... عندها رضخ العقيد الصهيوني ودخل القلعة مع الميليشيوي اللبناني الذي حرص على تدوين كل كلمة قالها ابو ربيعة وبدأ التفاوض على تفاصيل تعود لاماكن انتشار الجيش في منطقة راشيا لكن الاخطر ما طرحه الضابط اليهودي على ابي ربيعة اذ طلب منه ان ينشر عناصره الدروز من راشيا الى جزين ويتولى حماية المنطقة على ان تقدم دولة اسرائيل كل الدعم المالي واللوجستي والعسكري لهذه القوة. عندئذ انتفض ابو ربيعة ووجه كلاما نابيا وصل الى حد الاشتباك بالايدي مع الضابط اليهودي وقال له: لن اخون قسمي اتريدني ان اتحول الى مأمور في جيشك وفي خدمة عدو وسلطة احتلال ؟ فبادره الضابط اليهودي بالقول: «خذ جيشك واخرج من المنطقة ولنا معك حساب».
وقد فهم ابو ربيعة بحسه الامني والعسكري مغزى الطلب الاسرائيلي اي تحويل هذه الكتيبة الى نواة للجيش الدرزي والدولة الدرزية لاحقاً...
وبالفعل خرج ابو ربيعة مع جنوده الابرار بشرف الى بيروت ويبدو ان الضابط الصهيوني نفذ وعيده حيث قتل المقدم الشهيد عادل ابو ربيعة في شارع الحمرا على بعد امتار من منزله والخلية التي قيل انها اغتالته غادرت لبنان بين 1989 و1990 الى اميركا عبر مطار بن غوريون في تل ابيب؟؟ فقضى ابو ربيعة شهيد وحدة لبنان على مذبح انتمائه العروبي القومي...
ألم يغتل الموساد الصهيوني السيدة ليندا جنبلاط في شرق العاصمة بيروت، شقيقة المرحوم كمال جنبلاط وزوجة الامير حسن الاطرش الذي اطلع من كمال الكنج على مخطط الدولة الدرزية عبر كمال ابو لطيف الذي زاره في الاردن وكان الامير حسن ركيزة من ركائز اجهاض مشروع الدولة الدرزية وكان الغرض في السبعينات من اغتيال ليندا جنبلاط ان يندفع المرحوم كمال جنبلاط الى القيام بردة فعل ضد المسيحيين في الشوف وعاليه والمتن لكنه تنبه واحبط الجهد الصهيوني في هذا الاتجاه.
وفي السياق عينه : الدروز هدف صهيوني، فمن منا لا يتذكر احداث السويداء عام 2001 وما عرف انذاك بالاشكال الامني الكبير الذي وقع بين الدروز والبدو وفي ملفات المخابرات السورية كم كبير من المعلومات الخطرة عن مخطط استهداف وحدة سوريا من تلك الزاوية الحساسة اللصيقة بالاردن حيث تبين ان الامير حسن بن طلال عم الملك عبدالله وبالتعاون مع المخابرات الصهيونية سلح وموّل مجموعات من البدو بأسلحة وذخائر ومعدات عسكرية لخوض صراع مع الدروز العزل وتآمر احد الرموز الاداريين مع الخارج بحيث نقل صورة تحرك تظاهرة مطلبية في السويداء الى النظام السوري على انها عصيان مدني والغرض اشغال النظام السوري بصراع مذهبي مدخله السويداء وتطوير هذا النزاع الدموي ليشمل مناطق اخرى فيكون فاتحة الشقاق المذهبي من جهة وبابا لدفع الدروز المحاصرين في لحظة حاسمة يكتنفها القلق على المصير والوجود، الى مد اليد واستجداء المعونة من الشيطان؟؟ لكن النظام السوري وأد هذا المخطط وتنبه لخطورته وخلفياته فتدخل بقوة واعاد الامور الى نصابها وعاقب المسؤول الاداري الذي تبين لاحقا ارتباطه بهذا المخطط المشبوه الهادف الى تمزيق سوريا وتصديع وحدتها واحياء قضية الدولة الدرزية من خلال هذا الاشكال الذي بدا في بدايته عرضيا سطحيا لكنه تكشف عما هو أدهى وأخطر.
} لن يخرج الدروز من عباءة العروبة }
كذلك في السياق نفسه: الدروز هدف صهيوني: فأحداث السابع من ايار بين الشيعة والدروز على خلفية القرارين المشؤومين في الحكومة اللبنانية آنذاك كانت محط اهتمام صهيوني وتطلعت قيادة العدو الى الساعة التي ترى فيها الدم الدرزي والدم الشيعي يسيلان في معمعان العبث فتغرق المقاومة في تفاصيل الداخل وتستنزف ويحقن الدروز بالضغينة والكره للمقاومة وشعبها وتنبعث في البيئة الدرزية الثقافة المعادية للخط القومي العروبي حتى اذا ما استفحل الصراع واتسع تطل «اسرائيل» كحامية وراعية للمحاصر الفاقد لكل مقومات المواجهة والصمود فتنبه القادة الدروز الى هذا الشأن الخطر خشية انتشار افكار مغلقة اصولية في الوسط الدرزي لا ترى الا المقاومة وجمهورها عدوا فتتلقفها جهات مغرضة وتنال من منعتها فتحرفها عن سياقها التاريخي الطبيعي وهناك من يعتقد لا بل يؤكد ان اغتيال القائد المقاوم الشيخ صالح العريضي كان رسالة مكتوبة بدم الشهيد ومدموغة بخاتم الموساد للأمير طلال ارسلان رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الذي اطلق مبادرة 11 ايار واوقف نزف الدم الشيعي - الدرزي مانعا الفتنة الشيعية - الدرزية من التمدد. أليس كلام ارسلان عن ان الجبل لن يكون خنجرا في ظهر المقاومة رسالة ارسلانية للعدو قبل الصديق ازعجت بني صهيون وخنقت خطتهم القديمة الجديدة الدائمة الحضور في كل حين ؟ هذا العدو الذي كان ينتظر ان يطلق الدروز نداءات الاستغاثة حتى يظهر هيامه القاتل لوجودهم في حين لا تستطيع كل جبال الشوف ان تحمل ذلك العبء الحمائي البغيض على حد قول مرجعية دينية درزية كبيرة. فالشهيد صالح العريضي من مفاصل العمل المقاوم في الجبل الدرزي ويجسد تطلعات الامير طلال ارسلان في وحدة ابناء الجبل من كل الطوائف ومبشر بثقافة المقاومة فيما المطلوب تجذير العداء للمقاومة وخطها في الساحة الدرزية في مناخ لا يعوض في نظر العدو في مرحلة النفور الكبير بين الزعيم وليد جنبلاط والمقاومة وتيارها ومناصريها..
في السياقات الانفة الذكر شهود وشهادات وشهداء، والهدف واحد ومهما كانت الاسباب والظروف لن تخرج الجماعة الدرزية من عباءة العروبة الى صقيع التقوقع رغم ان الصهاينة حتى وان كشف مخططهم سيواصلون المحاولة وكما في كل مرحلة وعند كل منعطف ستفشل الطائفة الدرزية واركانها وألي الامر فيها هذا المخطط الجهنمي الذي يحمل في طياته بذور فناء الدروز مع العلم ان كل ما يدور حولنا في السنوات الاخيرة من تدمير منهجي للوطن العربي يخدم دون ادنى شك ديمومة الدولة اليهودية القلقة على وعودها عقب انتصار تموز المدوي حيث استشعر الصهاينة خطر زوال الكيان فكانت الحرب البديل اي تطييف ومذهبة المنطقة واغراقها في دم الاقتتال الذي يجعلها بمنأى عن اي جهد عسكري قد يؤسس لهزيمتها بشكل نهائي فالعراق قسم ومصر في غيبوبة عربية ستصحو بعدها على نزاع طائفي لا محالة وسوريا نبض العروبة وشريان المقاومة تتعرض لأشرس حرب دولية لتغييرها وإسقاط دورها وهي آخر حلقة من حلقات التآمر فاذا استمرت ثقافة تقطيع الرؤوس الى جانب تقطيع الجغرافيا فان المنطقة برمتها ذاهبة الى ذلك المخطط المرعب، فالعودة الى الخصوصيات وحدها الكفيل بحماية الكيان الصهيوني الهجين ويهودية الدولة تعني «ترانسفير» جديد لعرب الـ 48 بعدما مهد المسرح في محيط فلسطين. وذات يوم مطلع الحرب الاهلية اللبنانية في السبعينات سئل المكفر اللبناني شارل مالك عن رأيه في تقسيم لبنان فقال: لا يقسم لبنان الا بعد تقسيم العراق، فهل تتحقق نبوءة مالك.. حتما ان انتصار سوريا سيعيد توليف المنطقة بحزام العروبة اما البديل فاحزمة المذهبية الناسفة للوحدة التي ستتشكل حول «الملك اليهودي». اسئلة لا اجابات عنها راهنا، الا ان الجواب الوحيد جاء من مرجع درزي كبير ان لا دولة درزية تعيش على حساب اسرائيل حتى ولو وصلوا الارض بالسماء فنحن مسلمون وموحدون سنعيش مع اخواننا في هذا الشرق مهما كان شكله وكيفما كان مضمونه.
مقالات أخرى :
ماذا يحدث للدببة حين ترقص فوق الرمال؟ الدببة القطبية بطبيعة الحال. والسؤال يطرحه امامنا ديبلوماسي عربي تساند بلاده بقوة المعارضة السورية. وتعقيبه ان روسيا تنتحر بل هي انتحرت فعلاً في الشرق الاوسط.. يضيف ساخراً «لكم نجحت الايديولوجيا الحمراء، اي ...
كمال ذبيان نجحت مقولة وزير الخارجية الاميركية الاسبق، عن «حرب المئة عام بين السنة والشيعة»، على غرار «حرب المئة عام بين

No comments:

Post a Comment