Thursday, December 20, 2012


زحلة الفتاة العدد 2941 بتاريخ 27 كانون الأول عام 1947
صلاة زحلة
الصلاة الربانية التي القاها شاعرنا الكبير سعيد عقل في حفلة الذكرى فاهتزت لها أعمدة الهيكل
أبانا الذي تعالى في السموات، فوق آلام الناس و صغارة الناس.
ليتقدس اسمك ، اسمك الذي لوّثوه بشفاههم، و تلفظوا به ستاراً يخفون وراءه جشعهم الى المال، و شهوتهم للسيادة ، و استغلالهم للفقير.
ليات ملكوتك ، ملكوت العدل الذي يبلغ من حدّه انه- بعد إطالة الحبل- لا يشفق و لا يرحم ، يوم تغدو الشفقة ظلماً للذي ظلم، و الرحمة انتفاصا من حق الذي أضيم.ليأت ملكوتك العالم بما أخفوه عن الشعب ، و المعلن لما أخفوه على الشعب ، هؤلاء المتمرغون باوحال جهازٍارادوه مظلماً كضمائرهم المظلمة، فجعلوا من ادارته متجراً، و من عدله مكمناً ،و من جيشه الجميل مطيةّ.،
ويا رب، لتكن مشيئتك التي لصبرها و طول اناتها ،ظنّت انها لن تكون.لتكن مشيئتك صريحة ،قاصمة للظهر ،معلنة ان الحق ينتهي بان يسود،و ان زمجرة الغضّاب للكرامة ستحلّ يومامحل ابتسامة طيبي القلب ، و ان العقاب سيرتفع بقبضته على ناصية من ارتقوا على عرش الجماجم.
لتكن مشيئتك، يارب، في السماء ،سماء البررة و الخلّص و المتعبين.كذلك في الارض ، ارض الآمنين و العملة و الكادحين،تلك التي جعلوها ارض الظلم و الفقر و العبودية. متى طلبت خبزاً ألقموها  بدل الجواب صمتا و عوض الرغيف رصاصا. و متى تظلمت قالوا لها: انتظري كلمة العدل. عدلهم هم! هؤلاء الذين بنهبهم و تزويرهم و سفكهم الدم حذفوا انفسهم بانفسهم    من كتاب العدل، حذفوها من الوجود.
أعطنا ، يا رب، خبزنا بذكائنا البريء لا بالاعيب اللاعبين، بحق لا يجور،بعرق الجبين لا باستثمار المستضعفين،بنشاط الزند و العقللا بالاتجار بالرغيف و الادوية.أعطنا خبزنا كفاف يومنا، يا رب، لأننا تعبنا يومنا، لا كفاف السنين،و كفاف ابناء الابناء و حفدة الحفدة. كفاف يومنا، يا رب ،لا كفاف الجشع يحوّل قوت الفقراء أموالاً تكدّس في المصارف ، في خارج الوطن الجميل الفقير.
و اغفر لنا ، يا رب ، ذنوبنا جميعاً: ذنوب سكوتنا عن المتربعين على عرش الكرتون ، \نوب سكوتنا عن اقوالنا و دعاياتنا التي نصّبتهم جبابرةو ما هم الا تماثيل من خزف ، ذنوب سكوتنا عن انفسنا التي صغرت و صغرت الى حد أن أصبح هؤلاء ، هؤلاء أنفسهم ، كباراً.
اغفر لنا، يا رب، كما نحن نغفر الى من اساء الينا ، أساء عن طيب قلب لا عن تعمّد، عن قصد الى الخير لا عن توطيد العزم على الفتك، عن محبة بالرعية لا عن طمع بأن لا يبقى في الساحة من حرٍيعترض مطامعه.
و لا تدخلنا ، يا رب، في تجربة، تجربة التفكّر بان نكون أّذلاءعند الاذلاء،متقاعسين عن الواجب في وجه المتغاضين عن الحق، متخاذلين في صفوفنا و في داخل انفسنا امام المتمظهرين بالقوة، و ما هم الا أيد ترتجف و ركاب تصطك .
و لكن نجنا، يا رب، من الافعى التي تتمسكن اذا تظّلمنا لها، و تلين، و تدّعي ان لا قبل لها بدفع الشر. نجنا من مكرها الناعم و ريائها العميق و استغلالها المبطّن و الجهوري معاً. نجّنا يا رب منها ، إنها هي الشرير.
- 2-
و السلام عليك ، يا زحلة، يا سيدة النجاة، نجاة لبنان. السلام عليك ايتها التي كانت، بفضل اجدادٍ كبار (يؤلمنا اليومان يكون حبيبان غاليان، سمّيا باسمين من اسمائهم:حنا وعبدلله، الواحد قتيلاً و الآخر مفجوعاً )، كانت ملاذ الغاضبين للحق، و درع لبنان ، و حامية المدن و القرى.
السلام عليك يا ممتلئة نعمةً و مجداً و كرامةً، مترفعةً عن كل مسكنة،  متحة في صف واحدٍ الى نصرة القيم ، متمسكةً باهداب الشرف الذي لا يعدله حكم و لا مال و لا جاه.
الرب معك ، يا زحلة، الرب معك متى تكبرين على الاعصاب، و توقنين ان العزّة فوق الزلفى، و القناعة بالمجد الحقيقي فوق التخمة "بالاستكلاب" عند ذوي السلطان ، و الفقر اليه تعالى فوق الغنىبثروة الذي يغنى بتجويع الشعب.
الرب معك، يا زحلة، يا سيدة النجاة ، نجاة لبنان، يوم تعرفين ان العيون شواخص اليك، من كل صوب من عطاش البقاع، الى فرسان الشمال ، الى منكوبي الجنوب ن الى احرار الجبل، الى المستغلين المحطّمين في بيروت.
الرب معك، يازحلة، يا سيدة النجاة، نجاة لبنان، و العالم معك: من قلب هذه الكاتدرائية التي شهدت في تاريخك أولى مؤتمرات الكرامة، الى قلاع البطولة التي رفعها لك ابناؤك في سانبولو و مكسيكو، في الاميركتين جميعاّ،في افريقيا و استراليا.
الرب معك، يا زحلة ، و مباركة انت بين المدن و القرى، نبعث فيك كلمة الوالد المفجوع أن "فداء اتحادك دم ولدي" أحب دعوة يرددها الشيخ في مسجده و الكاهن على مذبحه و الآمفي اغنية طفلها و الفتى يوم يحرك قلماً او يتقلّد بندقية.
و مباركة ثمرة جهادك ، إعلان كلمة الحق و صوت العقاب القاصم، وإنقاذ الاستقلال من الاستغلال.
و يا قديسة مريم ، يا والدة الحق الأحد، صلّي لأجلنا نحن الذين اتحدنا فلن نموت بعد اليوم ، صلّي لأجلنا نحن خطأة الأمس و حماة الكرامة غداً، اللآن و كلما دعانا الواجب. 
                                                           سعيد عقل



No comments:

Post a Comment