Friday, March 8, 2013


(هيثم الموسوي)
لم يقسم اقتراح اللقاء الأرثوذكسي لقانون الانتخاب الطبقة السياسية اللبنانية فحسب، بل امتد هذا الانقسام إلى الطائفة الأرثوذكسية نفسها؛ إذ انعقد المؤتمر الثالث للقاء الرعائي من دون ثلاثة من أبرز وجوهه بعد أن انتقدت حركة الشبيبة الاقتراح
جوانا عازار
أعدّ الدكتور نجيب جهشان الكلمة الافتتاحيّة للمؤتمر الثالث للّقاء الرعائي الأرثوذكسي، لكنّه لم يحضر الى دير سيّدة الجبل في فتقا، مكان انعقاد المؤتمر لإلقائها. فقد علّق جهشان عضويّته في اللقاء إثر البيان الأخير الذي صدر عن حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة والذي رأت فيه أنّ «التداول الكثيف لمصطلح القانون الأرثوذكسي في الأوساط السياسية والإعلامية يثير لغطاً عند الناس لجهة تلازم العبارتين، وأنّ مشروع القانون الانتخابي المذكور، لا يعبّر عن جوهر الأرثوذكسية، بل يغايرها تماماً، ولو ان الذين أطلقوه ينتمون إلى الطائفة».
جهشان لم يكن وحيداً؛ إذ علّق أيضاً عضويّتيهما في اللقاء كلّ من رجا بدران (كان غائباً عن اجتماعات اللقاء في الفترة الأخيرة) والقاضي نسيب إيليّا (كان معترضاً من قبل على موقف اللقاء من الهيئة المدنيّة). فقد رأوا أنّ الموقف الذي صدر عن الحركة هو في غير مكانه وزمانه. «الاخوة» الثلاثة كانوا أعضاءً في اللجنة التنفيذيّة للقاء الرعائي الذي انبثق من اجتماع عقد في دير سيدة الجبل في 13 تشرين الثاني 2010 على هامش أعمال مؤتمر حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة الثاني والأربعين. وحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة وصفها المؤسسّون بأنّها «مجموعة من الناس، كهنة كانوا أو رهبانًا أو علمانيين، يتكرّسون كلّياً للمسيح ويختبرون محبّته ويلتمسون حضوره في كتابه العزيز، في سرّ الشكر، في الصلاة الفرديّة والجماعيّة، في حياة الشركة في ما بينهم وفي خدمة البشر في الكنيسة والعالم».
وقد وضعت قانون حركة الشبيبة الارثوذكسية لجنة مؤلّفة من المطران جورج خضر وجبرائيل دبس وجبرائيل سعادة. وجرى إقراره والإعلان الرسمي لتأسيس الحركة في اجتماع عقد في 16 آذار 1942. وقد انتخب خضر أميناً عاماً للحركة.
أمّا اللّقاء الرعائي فقد ولد عام 2010 «بمبادرة من حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة وبعيداً عن أي منحى أو هدف سياسي»، وقد دعي اليه خلال انطلاقته عدد من الكهنة وأبناء الكنيسة المهتمّين بالشأن الرعوي. وقد بحث اللقاء حينها موضوع مجالس الرعايا ومسألة المشاركة في الكنيسة وانبثقت منه لجنة متابعة بهدف وضع خطّة عمل للإسهام في تنفيذ القوانين الرعائيّة وتوعية المؤمنين حول دورهم وضرورة مشاركتهم في حياة الكنيسة. تابع اللقاء عمله خلال السنتين الماضيتين في هذا الإطار، وأتى مؤتمره السنوي الثالث هذا العام «لمتابعة هذه الخطى وإقرار الخطوات القادمة الضروريّة لفرض الشراكة بين الكنيسة والشعب».
الأمين العام لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة إبراهيم رزق، قال في المؤتمر، ردّاً على تعليق عضويّة الأعضاء الثلاثة، إنّ اللقاء الرعائي له شخصيّة مستقلّة عن حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، وإنّ هامش الحريّة مفتوح أمام أعضائه. وهكذا انعقد المؤتمر السنوي الثالث للقاء من دون «الإخوة» الثلاثة وناقش تقرير اللجنة التنفيذيّة ورسالة بطريرك انطاكية وسائر المشرق يوحنا العاشر يازجي الرعوية، فضلاً عن مقارنة تعديلات قوانين المجالس الأنطاكيّة وآليّات تطبيقها.
في كلمة جهشان التي ألقاها منسّق اللّقاء الرعائي نقولا لوقا تركيز على الموجبات التي أوجدت اللقاء والمتمثّلة في «ضعف الرعاية وافتقار أطر اللقاء بين الإكليركيين والشعب الأرثوذكسيّ، وفي هزالة التواصل بين الأبرشيّات والمؤسسّات الكنسيّة». وحسب اللّقاء انّ من أبرز أسباب هذا الضعف الرعائيّ «الحالة الهرميّة المسيطرة على علاقة أبناء الكنيسة برعاتها، حيث تبدو الكنيسة كأنّها طبقات من البشر، بعضها عالم ومعلم متربّع في القمّة، وبعضها الآخر جاهل وناقص المواهب والقدرات يترنّح وراء قمّة الهرم». مؤتمر اللّقاء هذا العام جاء لمتابعة عدد من الخطوات في «هذا المسار الطويل». فالمجامع الانطاكيّة المتلاحقة حدّدت قوانين اداريّة تنظّم حياة الكنيسة وكان آخرها قانون 1973 الذي أصدره المجمع المقدّس، ثمّ عاد وعدّله عام 1993، من دون أن يبصر هذا القانون النور على أرض الواقع، وها هم «الاكليركيّون يتحّكمون بسلطة رعائيّة مطلقة والشعب يستبعد عن الشراكة في حياة الكنيسة وادارتها».
ولاقت خطوات اللقاء في هذا الاتّجاه خلال العامين الماضيين، الترحيب الأكبر من مطران طرابلس والكورة وتوابعهما افرام كرياكوس، والمطران خضر. واللقاء يعوّل على تحقيق خروقات جديدة في هذا الاطار، وخصوصاً أنّه اليوم أمام مرحلة جديدة بعد انتخاب البطريرك يوحنا العاشر. وفيما كان البطريرك الراحل اغناطيوس الرابع هزيم يتقن لعبة التوازنات بين ما يجري في بيروت وفي سوريا، وما يجري في بيروت عينها، فإنّ البطريرك الجديد يبدي حسب المعلومات انفتاحاً على اللقاء الرعائي. ويجد اللّقاء في الرسالة الرعائيّة التي صدرت أخيراً عن البطريرك يوحنّا العاشر والتي نشرت في مناسبة قدّاسه الاحتفاليّ الأوّل في بيروت «الأمل الفياض بتحقق هذا التبدّل الذي طال انتظاره»؛ إذ ممّا قال البطريرك في رسالته: «لن نوفّر جهداً حتّى يشعر كلّ مؤمن بأنّ الكنيسة جاهزة للاستفادة من علمه، ومن خبرته ومن طاقاته الإنسانيّة في حياة الرعيّة كما في المجال الكنسيّ العامّ. مهمّتنا، في عالم اليوم، أن نزيل الغربة عند المؤمن بين انتمائه الكنسيّ وانتمائه الى عام هو مدعوّ لتقديسه».
العلمانيّون الذين همّشت سلطتهم لحساب الاكليروس ينطلقون اليوم بخطّة عمل أثمرها مؤتمرهم الثالث. ها هم يقررون متابعة نشاط العامين السابقين من أجل الضغط لفرض الشراكة العامّة عبر مجالس الرعايا وغيرها واحترام القوانين وتطبيقها كما هي، وصولاً الى «مؤتمر أرثوذكسيّ انطاكيّ عام يجمع المواهب والطاقات ويؤسس لعصر جديد من النهضة». هم يثمّنون الرسالة الرعائيّة للبطريرك يوحنّا العاشر ويجدون فيها الأجوبة عن كلّ ما يحتاجون اليه، ويبدون كلّ الاستعداد لتحقيق كلّ ما تصبو اليه الرسالة وكي يكون التغيير فعليّاً على الأرض.
الى جانب التركيز على استقطاب الشباب بشكل أكبر، وخصوصاً منهم البعيدين عن الكنيسة، قرّر المجتمعون الحضور الكثيف لمساعدة «الاخوة» في سوريا الذين يقتلون ويهجّرون. ويقول لوقا لـ«الأخبار» إنّ الأولويّة في هذه الظروف هي الوقوف الى جانبهم من خلال هيئة الإغاثة التي أنشأها «الاخوة» اللبنانيّون، الى جانب هيئة الطوارئ لدعم السوريين، التي عممت على «الحركيين اللبنانيين»ضرورة اقتطاع 2% من مدخولهم الشهريّ من أجل توزيع المساعدات على السورييّن مباشرة. وأولويّة أخرى ستكون أيضاً عنوان تحرّك اللقاء الرعائي لهذا العام، تتمثّل في تطبيق القوانين الاداريّة وفي ذلك أمر أكثر من ملحّ، يختم لوقا.

No comments:

Post a Comment