Monday, July 21, 2014

"اللقاء المسيحي - بيت عنيا" يناشد الحريري الثبات في جوهر الميثاق:


 "اللقاء المسيحي - بيت عنيا" يناشد الحريري الثبات في جوهر الميثاق:
نطالب  بملاحقة إسرائيل على جرائم الحرب وإحراق الكنائس وفرض الذمية جريمة ضد الإنسانية
بيروت 20 تموز 2014

عقد اللقاء المسيحي – بيت عنيا لبنان، اجتماعاً استثنائياً، تداول خلاله التطورات الراهنة، وأصدر على أثره البيان التالي:
أولاً، يتوقف اللقاء بألم وغضب شديدين، حيال المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين في غزة، ويعتبر أن كل صرخات الاستنكار والشجب والإدانة انما هي قاصرة وعاجزة أمام تلك الفظائع الواقعة على أناس مدنيين محاصرين في أرضهم. لذلك، يؤكد اللقاء أن التضامن مع تلك المأساة واجب إنساني وأخلاقي ومسؤولية دولية وعربية، لا يمكن لأي كان التنصل منها، وانه يجب التأسيس عليها من السلطة الفلسطينية لملاحقة دولة اسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية بمادة جرائم الحرب، التي هي من اقبح الجرائم ضد الانسانية.
ثانياً، يوجه اللقاء صرخة مناشدة إلى جميع أبناء الدول العربية، وإلى المجتمع الدولي ومرجعيات الشرعية والقانون الدوليين، لوقف حروب الإبادة وجرائم التهجير القسري والتطهير العرقي والتمييز الديني التي ترتكب في الموصل وفي مناطق أخرى من العراق، ويهيب بجميع المسؤولين العمل الفوري على وقف الاضطهاد السافر الذي يتعرض له المسيحيون وسواهم من المواطنين العراقيين، على أيدي ميليشيات التكفيريين، وهم برابرة هذا العصر. إن إحراق الكنائس وهدم المقدسات الدينية ومصادرة بيوت الناس وفرض مساوئ الذمية عليهم، ستظل وصمة عار على جبين كل صامت أو متفرج، وجريمة ضد الإنسانية بحق كل مرتكب ومتواطئ.
ثالثاً، توقف اللقاء باهتمام كبير، أمام كلمة رئيس الحكومة الأسبق، الأستاذ سعد الدين الحريري، يوم الجمعة في 18 تموز 2014، وتدارس كل ما جاء فيها، إن لجهة بعض المضمون بشكل محدد، أو لجهة المقاربة العامة التي اعتمدها الخطاب المذكور حيال القضايا الوطنية الطارئة والمصيرية.
وبناء عليه، يجد اللقاء نفسه ملزماً توضيح التالي:
1-    إن اللقاء المسيحي يربأ بأن يكون نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ووريثه والمؤتمن على نهجه، قد أطلق كلاماً يُفهم منه ان المناصفة بخطر، وبالتالي الميثاق، في حال لم يقدم المسيحيون بالتوافق على استحقاق دستوري يخصهم والوطن اجمع، وان العد قد توقف بفعل المناصفة تلك التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني. لذلك يهم اللقاء أن يؤكد أن المسيحيين ليسوا مهووسين بالعدد، بل هم مؤمنون بالتعدد الحضاري الخلاق، ركيزة للحياة الإنسانية الحرة والكريمة، في وطن ميزته الاساسية تعدديته تلك وعيش مكوناته معا في ظلها، كما ان المسيحيين ليسوا معنيين بنصائح احتكار النوع وأحادية الفكر والرأي والمرجعية، بل هم ملتزمون بالتنوع وحرية الرأي والممارسة السياسية، نهجا لمقاربتهم المسائل الوطنية.
2-    يشدد اللقاء المسيحي في هذا السياق بأن ليس لاحد ان يملي على المسيحيين دروسا او امثولات بموضوع وثيقة الوفاق الوطني وظروفها ومبادئها واحكامها وسائر مندرجاتها، ذلك انهم يدركون كل ذلك، وقد رفضوا الممارسات التي اختزلت الوثيقة وانقلبت عليها وصادرت حقوق المسيحيين فيها لاهداف سلطوية بحتة تتعارض وجوهر هذه الوثيقة وعنوانها العريض المتمثل بشراكة كل مكونات الشعب في صناعة القرار الوطني. ان ما ارتضاه المسيحيون في وثيقة الوفاق الوطني كان من باب الشراكة الفعلية وليس الصورية، في حين ان الممارسة انصبت دائما على السعي الحثيث لالغاء حضورهم الدستوري وتصحير دورهم السياسي والوطني، ووصلت الامور الى مستوى محاولة اقتلاع جغرافيتهم وديمغرافيتهم، بخرق قوانين التملك وفرض مراسيم التجنيس المشبوهة.
3-    يذكر اللقاء بأن جوهر وثيقة الوفاق الوطني انما يكمن في المبادىء التي وردت فيها تحت عنوان "احكام اساسية"، تلك المبادىء التي اقتبسها حرفيا المشرع الدستوري سنة 1990 جاعلا منها مقدمة دستورنا، وقد اعتبرها فقيه اصيل من عندنا انها تتمتع بصفة القدسية، لانها في حقيقتها الموضوعية انما هي بمثابة الاعلان الدستوري لما يستند اليه لبنان من الاركان الثابتة وما يؤمن به الشعب اللبناني من العقيدة القومية، وهي الخاصية التي تتضح صراحة في كل بند من بنود هذه المقدمة – الاعلان،  الذي تنضوي كل كلمة منه على حل لاشكال نفسي وسياسي. ان خاتمة هذه المبادىء هي ان "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، وهو الميثاق المرتكز على معادلة حسابية رقمية واحدة واضحة، لا لبس فيها ولا مجال للاجتهاد حولها، وهي المعادلة التي كرستها المادة 24 من الدستور، حول "التساوي بين المسيحيين والمسلمين"، تساويا فعليا حقيقيا بين جماعتين كاملتين، لا بين 64 شخصاً من كل منهما في مجلس نيابي، ولا بين مجموعة من أشخاصهما في مجلس وزراء تتمثل فيه الطوائف "بصورة عادلة"، وفقا للمادة 95 من الدستور. ان هذا التساوي لا يتأمن، بحسب وثيقة الوفاق الوطني، إلا بإقرار قانون انتخاب "يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب واجياله وفعالية ذلك التمثيل". هذا هو جوهر وثيقة الوفاق الوطني. فلا شرعية لأي سلطة تناقض التساوي. ولا تساو حقيقياً من دون قانون يؤمن صحة التمثيل وفعاليته، وهو ما أكدته مذكرة بكركي الوطنية بكلام صارخ واضح. ان اغفال هذا الركن من حياتنا معا والاصرار على صوريته واختزاله وتسويق مفهوم خاطىء ومموه له، هو قمّة الانقلاب على وثيقة الوفاق الوطني بحجّة المحافظة عليها والتمسك بها، ما يشكل فعليا اخطر ما يتهدد لبنان في ظل قهر مكوّن وتقهقر وطن.
4-    يتوقف اللقاء بمرارة شديدة، عند قول الرئيس الحريري في خطابه نفسه، أن اقتراح انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب اللبناني، هو من باب "جعل رئاسة الجمهورية رهينة الاقتراع الطائفي والمحميات المذهبية من هنا أو هناك"، وأنه وفق التهويل المتكرر، "مغامرة بصيغة المشاركة الوطنية وقواعد المناصفة". إن اللقاء يرى في هذا الكلام موقفا خطيراً، يربأ بأن يكون مقصوداً، لأنه انقلاب ايضا على جوهر وثيقة الوفاق الوطني، ذلك أنه يترك رئاسة الجمهورية اللبنانية نهباً للصفقات الخارجية والتسويات الفوقية وافرازات اروقة السفارات. ان كلام الرئيس الحريري في هذا السياق يبقي التعطيل قائما على مستوى الآليات اللبنانية الذاتية والحرة لانتخاب رئيس، ويوحي بتهديد المسيحيين بالقول المبطن لهم: لقد وافقنا في اتفاق الطائف على إبقاء رئاسة الجمهورية لكم، شرط أن نحدد  لكم نحن من يكون الرئيس. وهو المنطق نفسه الذي تصرف به البعض ولا يزال، حيال قانون الانتخاب: أعطيناكم نصف النواب، شرط أن نعيّن لكم ثلثي نصفكم. أما إذا اردتم أن تنتخبوا فعلاً نوابكم، عندها نعيد النظر في المناصفة والشراكة!. اما اقتراح انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب اللبناني، مباشرة وعلى مرحلتين، فهو يسقط تلك المخاطر، ويحسم الاستحقاق الرئاسي في موعده، من دون أي تدخل خارجي أو تلاعب داخلي بمقام الرئاسة وموقعها الميثاقي. 
5-    إن اللقاء كان يتمنى في هذا المجال، أن يسمع من الرئيس الحريري مقاربته لما رفعته بكركي في مذكرتها الوطنية من مطالب ميثاقية. بدءاً "بقانون إنتخابي نيابي جديد (...) يلغي فرض نواب على طوائفهم بقوة تكتلات مذهبية"، إلى "إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة وتطبيقها، كونها تؤمن إدارة أفضل للتنوع في الوحدة". مروراً بضرورة "اعتبار محاربة الفساد أولوية مطلقة، لأنه معطل أساسي لقيام الدولة"، وصولاً إلى تعديل "صلاحيات رئيس الجمهورية (...) بغية تحقيق ما يتطلبه الدستور من رئيس الجمهورية كرئيس للدولة".
6-    أخيراً، واستناداً إلى كل ما تقدم، يناشد اللقاء المسيحي رئيس الحكومة الأسبق سعد الدين الحريري، الثبات في جوهر الميثاق والصيغة، كما العودة إلى لبنان، فلا نتغرّب عن أسس وثيقة الوفاق الوطني، ولا نغترب عن أرض الوطن الكليم. إن الظروف الداخلية والخارجية التي نعيش، بما تحمل من أخطار كبرى، تفرض ذلك عليه وعلينا جميعاً، كي ننقذ لبنان، وطناً نهائياً، وطن الشركاء لا الأجراء، وطن سيادة الدولة التامة، وتوازن الجماعات الكامل، وحريات المواطنين الشاملة.  


No comments:

Post a Comment