Thursday, July 24, 2014

عندما يهزّ التكفير الوجدان المسيحي اللبناني ميشال أبو نجم النهار 24 تموز 2014

http://static.annahar.com/interface/arabic/images/logo.png

عندما يهزّ التكفير الوجدان المسيحي اللبناني

النهار  24 تموز 2014

كان من الصعب على الوجدان المسيحي اللبناني الشعبي أن يتقبَّل فكرة ظهور خطر وجودي وداهم هو الإرهاب التكفيري، يتقدَّم على ما يعتبره الأخطار التقليدية والتاريخية.
أفصل بين "الشعبي" و"السياسي" لأن دوافع القوى المسيحية اللبنانية التي تجاهلت الخطر التكفيري مرتبطة بمصلحة سياسية تقتضي نفي خطر التشدد والتكفير والتخفيف من وطأته أولاً، وثانياً وبعد بروزه، تبريره بتحميل مسؤولية إيقاظه للنفوذ الإيراني في المشرق والنظام السوري و"حزب الله"، وفي أقصى الأحوال المساواة بين ما عرف بمفهومي "داعش" و"حالش"، في قراءة اختزالية وسطحية ومشوِّهة لظهور التكفير في التاريخ الإسلامي وانتشاره.
جوهر القصيد هنا ليس سلوك تلك القوى والشخصيات السياسية، بل محاولة فهم الأسباب التي تجعل وجوهاً عامة مسيحية ومواطنين عاديين مستقلين يطرحون أسئلة من نوع "شو يعني تكفيري"، أو "هلقد خطرين وللا في تضخيم..."، "ما سوريا هيي اللي خلقتن"... وغيرها الكثير التي سمعناها ونسمعها كل يوم. هذه الأسئلة تعبِّر عن الصدمة التي تلقاها الوجدان المسيحي اللبناني التقليدي بعدما ظهر خطر مختلف عن تلك المخاطر التي واجهها منذ تأسيس الإختراع المسيحي، لبنان الكبير، عام 1920. ما عزِّز الصدمة أنَّ الخطر المستجدّ مجهول الملامح، ضبابي، عناصره متشابكة، لا صورة واضحة له، كما هي صور الأخطار التقليدية.

الأسس التقليدية للوجدان المسيحي
كان لبنان الكبير الإبن الشرعي للمسيحية السياسية والمارونية تحديداً، وواجه منذ نشأته أزمة شرعية بين مكوناته، وأزمة عدم اعتراف مع محيطه العربي من البوابة السورية، فضلاً عن الخطر الإسرائيلي. فكان هاجس المسيحيين حماية وطنهم من الإبتلاع والضم ومحاولة استخدامه ورقة في الصراعات الإقليمية وتنفيسها فيه، ومن أي محاولة لتغيير نموذجه ككيان للحرية والعيش بمساواة ومشاركة الطوائف في النظام السياسي من دون تحديد لدين الدولة، والحفاظ على استقراره.
لذلك كان الخطر بالنسبة للوجدان المسيحي، ذلك الذي يهز استقرار الكيان وهدوءه: مصر الناصرية، الأنظمة السورية المتعاقبة، الصراع الإسرائيلي العربي، المنظمات الفلسطينية المسلحة، ولاحقاً إيران الخمينية المتشددة و"حزب الله". وقد حفرت مواجهة هذه المخاطر عميقاً في وجدان مسيحيي لبنان، وخاصة مع النظام السوري لأنها كانت الأقسى. من جهة أخرى، كانت التطورات والمخاطر تدور في ظل نظام إقليمي محدد نشأ بعد سقوط الامبراطورية العثمانية سمي بـ"سايكس – بيكو"، عماده الدول "القُطرية" المحكومة من أنظمة بنت شرعيتها على الفكرة القومية.
تلك المخاطر كانت ذات طبيعة جيواستراتيجية، وثانياً نابعة من دول وأنظمة واضحة صورتها ومصالحها وقيادتها.

زلزال انهيار المشرق وتنامي التكفير

ما بين تلك المخاطر التقليدية والخطر التكفيري المستجد، تختلف ثلاثة عناصر: طبيعة الخطر ومنشأه، صورته، النظام الإقليمي المستولد في كنفه.
تنامت الحالة التفكيرية بعد هزيمة 1967 وحرب أفغانستان، وفي لبنان ظهرت في الثمانينات ولم تكن إيران الأصولية بعيدة عن دعمها، مع حركة التوحيد في طرابلس وغيرها، وصولاً إلى تنظيمات عين الحلوة. وبعد التسعينات بدأنا نسمع بمحاولة تفجير دير البلمند وصولاً لمواجهة الضنية عام 2000، ولاحقاً حرب نهر البارد. لكن كان زلزال سقوط الدولة في العراق عام 2003، وسقوط النظام الإقليمي كما عرفه لبنان ومسيحيوه سابقاً، هو المفصل الذي عزز البؤر والبيئة المناسبة لتنامي العمل التكفيري في المنطقة. وأتت الحرب السورية لتوسع دائرة التفكك. وبات السماع بتنظيمات جديدة، وبتفجيرات وصدامات مع الجيش، دورياً. هنا الخطر صار أكثر بروزاً للعين المجردة.
أمام الحقائق الجديدة، بدا الوجدان المسيحي اللبناني التقليدي أمام هزة كبيرة تزعزع أسسه. بعضه وعى الخطر، لكن شريحة أخرى بدت رافضة، مرتبكة، مشككة: هل يعقل أن يكون هناك خطر أكبر من ذلك النظام الذي قاتلناه في الأشرفية وزحلة؟ هل هناك ما هو أخطر من تنظيم عسكري داخلي ذي ارتباطات خارجية، لديه سلاح ويمارس أمامنا سياسة "فائض القوة"، وفي يده القرار الإستراتيجي؟ إن قوة الهزة تسمح بتفهم حجم التشكيك والأسئلة والرفض، وأكرر "الشعبي" العادي لا السياسي.

الظاهرة التكفيرية مجهولة ومعقّدة
ما اختلف أنَّ الظاهرة التكفيرية مجهولة، غامضة، لا تاريخ لها في المواجهة مع المسيحيين اللبنانيين، مثل القوى الفلسطينية أو النظام السوري. العامل الأساسي المساعد هو اختلاف طبيعة التهديدين أو "الخطرين" وصورتهما، هو الرؤية أمام العين. فالظاهرة التكفيرية هي أولاً حالة اجتماعية سياسية مستمرة ذات طبيعة عقائدية مرتبطة بتفسيرات معينة للدين الإسلامي، تطورت عبر قرون من مجرد حالة عقائدية متشددة إلى تعبير عملي عبر منطلقات سياسية وتنظيمات تكفّر وتفجّر وتستهدف كل آخر مختلف. مرت بمراحل منذ العصر العباسي مع الإمام أحمد بن حنبل، وصولاً إلى الشيخ إبن تيمية، ووجدت الترجمة السياسية الأولى لها بظهور الدعوة الوهابية، ولاحقاً من خلال منظمات بعضها خرج من رحم تنظيم "الإخوان المسلمين" أو على هامشه، خاصة بعد إعدام المنظر الأكبر للتكفير المصري سيد قطب. فانطلقت المنظمات الجهادية، وصارت تتكاثر وتخلق بؤراً لعنفها، وهي في معظمها لا تركيبة متماسكة لها، تريد إلغاء الجميع بالعنف والسيف مما أضفى عليها صورة منفلشة ومجهولة.
ما عقّد الموضوع أكثر، سهولة استخدام التنظيمات التكفيرية من قوى متناقضة، وظاهرة الإنقلاب على مستخدميها. بمعنى يمكن أن يغض السادات النظر عنها لتواجه "مراكز القوى" اليسارية، لكنها ترتد عليه. وتدعمها أميركا في أفغانستان لكنها تضربها لاحقاً، ويضرب النظام السوري "الإخوان" لكنه يدعم مرور الجهاديين لمحاربة الأميركيين في العراق، وتستخدمها قوى لبنانية فزاعة لمحاربة "حزب الله" لكنها تعود لتهددها.
في مقابل تعقيد صورة الخطر التكفيري، من الأسهل لوجدان أي شاب مسيحي لبناني أن يحدِّد الخطر بالعودة إلى الماضي، بدل أن يبدل منظومة أفكاره التي تتعرض لاهتزاز قوي. أقله من الناحية الإعلامية، أسهل جداً أن يتذكَّر القذائف التي أسقطها الجيش السوري من مناقشته بأفكار سيد قطب، وبشرح المودودي، أو تذكيره بأن إبن تيمية لم يميّز بين العلويين والدروز و"النصارى" في تكفيره. هو رأى عناصر المخابرات السورية على الحاجز وسمع عن تدمير حماة لكنه لم يحتكّ بأتباع مروان حديد و"الطليعة المقاتلة"، ولم يقرأ كتب قيادات إخوانية سورية تستخدم المصطلحات التحقيرية كـ"النصيريين". إضافةً إلى ذلك، هو يرى "القوة الصلبة" مثلاً لـ"حزب الله" أمامه، من استعراضات عسكرية وغيرها، فيركز على المظاهر المنفِّرة القريبة منه ويتغافل عن الخطر الأدهى خلف الحدود.
هناك اختلاف مسيحي حول تحديد الأخطار، لكن المهم أن يتذكر مسيحيو لبنان دوماً أن وجع الإلتهاب القريب لا يحجب خطورة المرض الأدهى المستكين.

كاتب سياسي

Monday, July 21, 2014

"اللقاء المسيحي - بيت عنيا" يناشد الحريري الثبات في جوهر الميثاق:


 "اللقاء المسيحي - بيت عنيا" يناشد الحريري الثبات في جوهر الميثاق:
نطالب  بملاحقة إسرائيل على جرائم الحرب وإحراق الكنائس وفرض الذمية جريمة ضد الإنسانية
بيروت 20 تموز 2014

عقد اللقاء المسيحي – بيت عنيا لبنان، اجتماعاً استثنائياً، تداول خلاله التطورات الراهنة، وأصدر على أثره البيان التالي:
أولاً، يتوقف اللقاء بألم وغضب شديدين، حيال المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين في غزة، ويعتبر أن كل صرخات الاستنكار والشجب والإدانة انما هي قاصرة وعاجزة أمام تلك الفظائع الواقعة على أناس مدنيين محاصرين في أرضهم. لذلك، يؤكد اللقاء أن التضامن مع تلك المأساة واجب إنساني وأخلاقي ومسؤولية دولية وعربية، لا يمكن لأي كان التنصل منها، وانه يجب التأسيس عليها من السلطة الفلسطينية لملاحقة دولة اسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية بمادة جرائم الحرب، التي هي من اقبح الجرائم ضد الانسانية.
ثانياً، يوجه اللقاء صرخة مناشدة إلى جميع أبناء الدول العربية، وإلى المجتمع الدولي ومرجعيات الشرعية والقانون الدوليين، لوقف حروب الإبادة وجرائم التهجير القسري والتطهير العرقي والتمييز الديني التي ترتكب في الموصل وفي مناطق أخرى من العراق، ويهيب بجميع المسؤولين العمل الفوري على وقف الاضطهاد السافر الذي يتعرض له المسيحيون وسواهم من المواطنين العراقيين، على أيدي ميليشيات التكفيريين، وهم برابرة هذا العصر. إن إحراق الكنائس وهدم المقدسات الدينية ومصادرة بيوت الناس وفرض مساوئ الذمية عليهم، ستظل وصمة عار على جبين كل صامت أو متفرج، وجريمة ضد الإنسانية بحق كل مرتكب ومتواطئ.
ثالثاً، توقف اللقاء باهتمام كبير، أمام كلمة رئيس الحكومة الأسبق، الأستاذ سعد الدين الحريري، يوم الجمعة في 18 تموز 2014، وتدارس كل ما جاء فيها، إن لجهة بعض المضمون بشكل محدد، أو لجهة المقاربة العامة التي اعتمدها الخطاب المذكور حيال القضايا الوطنية الطارئة والمصيرية.
وبناء عليه، يجد اللقاء نفسه ملزماً توضيح التالي:
1-    إن اللقاء المسيحي يربأ بأن يكون نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ووريثه والمؤتمن على نهجه، قد أطلق كلاماً يُفهم منه ان المناصفة بخطر، وبالتالي الميثاق، في حال لم يقدم المسيحيون بالتوافق على استحقاق دستوري يخصهم والوطن اجمع، وان العد قد توقف بفعل المناصفة تلك التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني. لذلك يهم اللقاء أن يؤكد أن المسيحيين ليسوا مهووسين بالعدد، بل هم مؤمنون بالتعدد الحضاري الخلاق، ركيزة للحياة الإنسانية الحرة والكريمة، في وطن ميزته الاساسية تعدديته تلك وعيش مكوناته معا في ظلها، كما ان المسيحيين ليسوا معنيين بنصائح احتكار النوع وأحادية الفكر والرأي والمرجعية، بل هم ملتزمون بالتنوع وحرية الرأي والممارسة السياسية، نهجا لمقاربتهم المسائل الوطنية.
2-    يشدد اللقاء المسيحي في هذا السياق بأن ليس لاحد ان يملي على المسيحيين دروسا او امثولات بموضوع وثيقة الوفاق الوطني وظروفها ومبادئها واحكامها وسائر مندرجاتها، ذلك انهم يدركون كل ذلك، وقد رفضوا الممارسات التي اختزلت الوثيقة وانقلبت عليها وصادرت حقوق المسيحيين فيها لاهداف سلطوية بحتة تتعارض وجوهر هذه الوثيقة وعنوانها العريض المتمثل بشراكة كل مكونات الشعب في صناعة القرار الوطني. ان ما ارتضاه المسيحيون في وثيقة الوفاق الوطني كان من باب الشراكة الفعلية وليس الصورية، في حين ان الممارسة انصبت دائما على السعي الحثيث لالغاء حضورهم الدستوري وتصحير دورهم السياسي والوطني، ووصلت الامور الى مستوى محاولة اقتلاع جغرافيتهم وديمغرافيتهم، بخرق قوانين التملك وفرض مراسيم التجنيس المشبوهة.
3-    يذكر اللقاء بأن جوهر وثيقة الوفاق الوطني انما يكمن في المبادىء التي وردت فيها تحت عنوان "احكام اساسية"، تلك المبادىء التي اقتبسها حرفيا المشرع الدستوري سنة 1990 جاعلا منها مقدمة دستورنا، وقد اعتبرها فقيه اصيل من عندنا انها تتمتع بصفة القدسية، لانها في حقيقتها الموضوعية انما هي بمثابة الاعلان الدستوري لما يستند اليه لبنان من الاركان الثابتة وما يؤمن به الشعب اللبناني من العقيدة القومية، وهي الخاصية التي تتضح صراحة في كل بند من بنود هذه المقدمة – الاعلان،  الذي تنضوي كل كلمة منه على حل لاشكال نفسي وسياسي. ان خاتمة هذه المبادىء هي ان "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، وهو الميثاق المرتكز على معادلة حسابية رقمية واحدة واضحة، لا لبس فيها ولا مجال للاجتهاد حولها، وهي المعادلة التي كرستها المادة 24 من الدستور، حول "التساوي بين المسيحيين والمسلمين"، تساويا فعليا حقيقيا بين جماعتين كاملتين، لا بين 64 شخصاً من كل منهما في مجلس نيابي، ولا بين مجموعة من أشخاصهما في مجلس وزراء تتمثل فيه الطوائف "بصورة عادلة"، وفقا للمادة 95 من الدستور. ان هذا التساوي لا يتأمن، بحسب وثيقة الوفاق الوطني، إلا بإقرار قانون انتخاب "يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب واجياله وفعالية ذلك التمثيل". هذا هو جوهر وثيقة الوفاق الوطني. فلا شرعية لأي سلطة تناقض التساوي. ولا تساو حقيقياً من دون قانون يؤمن صحة التمثيل وفعاليته، وهو ما أكدته مذكرة بكركي الوطنية بكلام صارخ واضح. ان اغفال هذا الركن من حياتنا معا والاصرار على صوريته واختزاله وتسويق مفهوم خاطىء ومموه له، هو قمّة الانقلاب على وثيقة الوفاق الوطني بحجّة المحافظة عليها والتمسك بها، ما يشكل فعليا اخطر ما يتهدد لبنان في ظل قهر مكوّن وتقهقر وطن.
4-    يتوقف اللقاء بمرارة شديدة، عند قول الرئيس الحريري في خطابه نفسه، أن اقتراح انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب اللبناني، هو من باب "جعل رئاسة الجمهورية رهينة الاقتراع الطائفي والمحميات المذهبية من هنا أو هناك"، وأنه وفق التهويل المتكرر، "مغامرة بصيغة المشاركة الوطنية وقواعد المناصفة". إن اللقاء يرى في هذا الكلام موقفا خطيراً، يربأ بأن يكون مقصوداً، لأنه انقلاب ايضا على جوهر وثيقة الوفاق الوطني، ذلك أنه يترك رئاسة الجمهورية اللبنانية نهباً للصفقات الخارجية والتسويات الفوقية وافرازات اروقة السفارات. ان كلام الرئيس الحريري في هذا السياق يبقي التعطيل قائما على مستوى الآليات اللبنانية الذاتية والحرة لانتخاب رئيس، ويوحي بتهديد المسيحيين بالقول المبطن لهم: لقد وافقنا في اتفاق الطائف على إبقاء رئاسة الجمهورية لكم، شرط أن نحدد  لكم نحن من يكون الرئيس. وهو المنطق نفسه الذي تصرف به البعض ولا يزال، حيال قانون الانتخاب: أعطيناكم نصف النواب، شرط أن نعيّن لكم ثلثي نصفكم. أما إذا اردتم أن تنتخبوا فعلاً نوابكم، عندها نعيد النظر في المناصفة والشراكة!. اما اقتراح انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب اللبناني، مباشرة وعلى مرحلتين، فهو يسقط تلك المخاطر، ويحسم الاستحقاق الرئاسي في موعده، من دون أي تدخل خارجي أو تلاعب داخلي بمقام الرئاسة وموقعها الميثاقي. 
5-    إن اللقاء كان يتمنى في هذا المجال، أن يسمع من الرئيس الحريري مقاربته لما رفعته بكركي في مذكرتها الوطنية من مطالب ميثاقية. بدءاً "بقانون إنتخابي نيابي جديد (...) يلغي فرض نواب على طوائفهم بقوة تكتلات مذهبية"، إلى "إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة وتطبيقها، كونها تؤمن إدارة أفضل للتنوع في الوحدة". مروراً بضرورة "اعتبار محاربة الفساد أولوية مطلقة، لأنه معطل أساسي لقيام الدولة"، وصولاً إلى تعديل "صلاحيات رئيس الجمهورية (...) بغية تحقيق ما يتطلبه الدستور من رئيس الجمهورية كرئيس للدولة".
6-    أخيراً، واستناداً إلى كل ما تقدم، يناشد اللقاء المسيحي رئيس الحكومة الأسبق سعد الدين الحريري، الثبات في جوهر الميثاق والصيغة، كما العودة إلى لبنان، فلا نتغرّب عن أسس وثيقة الوفاق الوطني، ولا نغترب عن أرض الوطن الكليم. إن الظروف الداخلية والخارجية التي نعيش، بما تحمل من أخطار كبرى، تفرض ذلك عليه وعلينا جميعاً، كي ننقذ لبنان، وطناً نهائياً، وطن الشركاء لا الأجراء، وطن سيادة الدولة التامة، وتوازن الجماعات الكامل، وحريات المواطنين الشاملة.  


Thursday, July 17, 2014

تحيَّة إلى الكبير سعيد عقل في ذكرى ميلاده للشاعر جورج جبّور


جورج شكُّور 
تحيَّة إلى الكبير سعيد عقل في ذكرى ميلاده 
لِمَجْدِك قُرْبَ النَّهْرِ شِيدَ لَكَ القَصْرُ
وأَنْتَ مَلِيكُ الشِّعْرِ، تَوَّجَك العَصْرُ
هُنا زَحْلَةُ الأَبْطالِ تَزْهُو بِمَنْ بَنَى
لَها مِنْ قُصُورِ الفِكْرِ ما ابْتَكَرَ الفِكْرُ
نَبَتَّ بِها نَبْتًا كما الأَرْزُ في الذُّرى
وَزَهْرًا فَرِيدَ اللَّوْنِ، طَيَّبَهُ العِطْرُ
بِشَطْرَة شِعْرٍ تَحْبِسُ العُمْرَ، حالِيًا
وَيُغْرِي كَلامُ السِّحْرِ، إنْ صَدَقَ السِّحْرُ

حياتُكَ أَبْهَى ما تُصاغُ قَصِيدةٌ
صَفائِحَ مِنْ تِبْرٍ يُرَصِّعُها الكِبْرُ!
مُهَنْدِسُ نَفْسٍ أَنْتَ في الأُمَّةِ الَّتي
تَماهَى بِها ما أَنْتَ تُبْدِعُ والدَّهْرُ
تَصَبَّاكَ لُبْنانُ العَظيمُ حَضارَةً
تُراثًا على صَدْرِ الزَّمانِ لَهُ حَفْرُ!
فَغَنَّيْتَهُ أَمْسًا بَهِيًّا، وحاضِرًا
رِسالةَ حُبٍّ يُسْتطابُ بِها الحِبْرُ
وَشِئتَ لَهُ ما شاءَ رَبُّكَ في غَدٍ
تَبادُعَ أَبناءٍ، بَدائعُهُمْ كُثْرُ
وَقُلْتَ لهُ: شَأ تَبْنِ دُنْيا، وإنْ تَشأْ
تُزَلْزِل بناها. كَمْ يَلِيقُ بكَ الأَمْرُ!

يُها الواسِعُ البَحْرُ الَّذي لا تَحُدُّهُ
حُدُودُ مَكانٍ أو يماثِلُهُ بَحْرُ!
يُخَيَّلُ أَنَّ اللّهَ يَسْكُنُ في فَمٍ
أَواناتِ، يَعْلَولي قَصِيدُكَ والنَّثْرُ
وما هَمَّ أَنْ مُتْنا تَقُولُ ولم نَنَلْ
مُنانا، كَفانا أَنْ مَسِيرَتُنا جِسْرُ
بَلَغْنا عُلانا لا الْتِواءَ، وَلا وَنًى
وَلا هَدْنَ أَغْرانا يَغُرُّ، وَلا غَدْرُ
غَدًا، في خُطانا يُكْمِلُ الخَطَّ نُخْبَةٌ
بَنُونَ، وشَطْرُ الشِّعْرِ يُكْمِلُهُ شَطْرُ
سَعِيدُ، غَدَتْ للشِّعْرِ، بَعْدَك حُرْمةٌ
وهَلْ حُرْمة إلاَّ وَبارَكَها حُرُّ؟
سَمَوْتَ بِشِعْرِ الحُبِّ عَذْبًا زَهَتْ بِهِ
العَذارَى، أَمِيراتٍ، يُتَوِّجُها الطُّهْرُ
وَفي المَسْرَحِ العالي تَمَثَّلْتَ مَغْرِبًا
تُشادُ بهِ مُدْنٌ، وقَبْلاً، هو القَفْرُ
تَبارَكَ قَدْموسٌ على اسْم أروَّةٍ
يُسَمِّي بِلادًا حينَ حالَفَهُ النَّصْرُ
ويَنْشِرُ فِكْرًا، يَوْمَ يَبْذُرُ أَحْرُفًا
هِيَ الغَيْثُ في قُطْرٍ يَعِزُّ بِهِ القَطْرُ!

وَما بَعْلَبَكُّ الشِّعْرِ إلاَّ قصائدٌ
طَلَعْتَ بِها، فَجْرًا، كما طَلَعَ الفَجْرُ
ولُبنانُ إذْ يَحْكِي، فأَنْتَ الَّذي حَكَى
وَلُبْنانُ قَلْبُ اللّهِ ذاكَ هُوَ السِّرُّ
تُنافِسُ فِيكَ النَّفْسُ ذاتًا عَلِيَّةً
فتَعْلُو على ذاتٍ، ويَسْمُو بِك العُمْرُ
وتَكْتُبُ شِعْرًا عَنْ سِواكَ مُكَوْكِبًا
أَمامَكَ مِرآةٌ، وثَغْرُكَ يَفْتَرُّ ...
فيا زَحْلَ، يا حُلْمَ الزَّمانِ، تَحيَّةً
تَسامَى لدَيْكِ العَرْشُ، وانْتَسَبَ الشِّعْرُ
هُنا الهادِرُ البِرْدَونُ يَدْفُقُ، عارِمًا
هُنا نَهْرُ أَشْعارٍ يُحاوِرُهُ نَهْرُ!....

Monday, July 14, 2014

"داعش" وأخواتها: مخاطر التجاهل والتبرير بقلم : ميشال ابي نجم

"داعش" وأخواتها: مخاطر التجاهل والتبرير

ميشال أبو نجم

تشكِّل الظاهرة التكفيرية أخطر تحدٍ للنسيج الإجتماعي المتنوع في المشرق العربي وجميع مكوناته الأصيلة والحضارية، بما تمثله من رفض للتنوع الثقافي والديني وللآخر المختلف، دينياً كان أم مذهبياً أم قومياً. وهي بذلك لا تستهدف المسيحيين فحسب وإن كانوا من أوّل ضحاياها وطليعة استهدافاتها خاصة في العراق وسوريا، بل تطال بمخاطرها وإرهابها كل المختلفين عنها ولو كانوا من الدين الإسلامي أو من أهل السنة والجماعة.
إنَّ خطورة هذه الظاهرة لا ترتبط بعملياتها الإجرامية واستهدافاتها الأمنية فحسب، بل بكونها تعكس الردود العنيفة والمضطربة لأزمة الهوية التي تعصفُ بمجتمعات المنطقة وصدامها مع الحداثة، منذ حملة نابوليون وحتى اليوم. وهي بهذا المعنى ليست نتاج أحداث الساعة، وليست نتيجة لدخول حزب الله لسوريا مثلاً كما يتوهم أو يبرر البعض، بل تشكل امتداداً لمسار اجتماعي تاريخي من التشدد والتفسير الديني وانتشار عقائد وأفكار نشأت في القرن الثامن عشر وفي طليعتها "الوهابية" وصولاً إلى "الإخوان المسلمين" وأفكار "سيد قطب" المتشددة قبل إعدامه، وهذه التوجهات لا تنتمي إلى بلاد المشرق الحضارية التي عُرفت بالتسامح الديني والإخاء والوسطية. وقد تصاعدت حدة ظاهرة التكفير والتشدد مع تسارع وتيرة الإصطدام بواقع تقدم وتطور الدول الغربية، والمنعطفات التي مرت بها المنطقة وخاصة في الصراع العربي الإسرائيلي والهيمنة الإستعمارية على الشرق الأوسط.

الخطورة البالغة في التعاطي مع هذه الظاهرة وخاصة على المسيحيين المشرقيين، واللبنانيين منهم، تتمثل في سلوكين:
1-  تجاهل مخاطر هذه الحركات وفكرها التكفيري ورموزه وإحالته إلى أوضاع سياسية وآنية، ومن ثم التعامي عن عملياتها واستهدافاتها الإقصائية أو للأسف تبريرها والتخفيف منها.
2-  نتيجة لجهل فكر هذه الحركات وبنيته المنهجية والعقائدية، ينبثق سلوك "يجرّم" المسيحيين المشرقيين للمواقف والسلوكيات التي اعتمدوها في بلدانهم وفي شكل خاص في الصراع في سوريا، وتحميلهم وزر نشوء واستمرار الأنظمة الديكتاتورية العربية، وفشل تحقيق الديموقراطية والتنمية. وهذا المنطق هو أخطر ما يواجه البيئة المسيحية المشرقية نظراً للغطاء السياسي الذي يشكله للحالة التكفيرية وعملياتها ونشاطها، وتحويل الأنظار عن الخطر الأكبر على وجودهم الجسدي وعلى دورهم الحضاري الفاعل في المجتمعات المشرقية. ولنا في الأوضاع في العراق وسوريا ومصر أمثلة كثيرة على هذا المنحى.
وانطلاقاً مما تمثِّله الحالة التكفيرية على كامل النسيج الإجتماعي في المشرق، ومن تشويه للدين الإسلامي ولصورة أتباعه في شكل خاص، فإننا نرى أن مواجهة هذه الظاهرة لا يمكن إلا أن تكون مشتركة مسيحية إسلامية، ومبنية على قاعدة التلاقي على القيم المشتركة والمساواة التامة في المواطنية واحترام الآخر المختلف والتنوع من ضمن وحدة المجتمع.
إن التلاقي مع المرجعيات والإتجاهات المتنورة والتجديدية في الفكر الإسلامي، والتي يرتفع صوتها على الرغم من كل ضجيج التشدد الذي يعصف بالعالم العربي والإسلامي، ومع الشرائح المدنية الواعدة التي برزت طلائعها خاصة من شوارع المدن المصرية، هو واجب ومسؤولية على المسيحيين المشرقيين، ويشكل إحدى السبل الكفيلة بقطع الطرف على أهداف التكفيريين والمتشددين، وتقديم نموذج حضاري مغاير للحال الإقصائية التي يمثلونها.



Tuesday, July 8, 2014

تجاوزت السعودية وباتت أكبر منتج عالميًا تأثيرات تنامي إنتاج أميركا من النفط الصخري على الشرق

تجاوزت السعودية وباتت أكبر منتج عالميًا
تأثيرات تنامي إنتاج أميركا من النفط الصخري على الشرق
·          
بينما احتفلت الولايات المتحدة بعطلة يوم الاستقلال الخاص بها في الـ 4 من الشهر الجاري من خلال إطلاق الألعاب النارية والاحتفالات، أفادت وكالة بلومبيرغ الإخبارية بأن أميركا تجاوزت السعودية وباتت أكبر منتج للنفط في العالم.

لكن العاملين في مجال النفط في أميركا لم يكن لديهم وقت للاحتفال، فقد كانوا مشغولين للغاية بضخ كميات أكبر من النفط والغاز مقارنةً بأي وقت آخر في تاريخ الولايات المتحدة.
ثورة مبهرة
ونجحت ثورة الصخر الزيتي في أميركا في تحويل مزيج الطاقة العالمي، حيث باتت الولايات المتحدة أقل اعتمادًا على النفط الأجنبي. وفي تقرير حديث صادر من بنك أوف أميركا، قال معدوه إنه طوال الأعوام الخمسة الماضية، أحدثت رقعة النفط الأميركية ثورة في مجال الطاقة تسببت في إثارة انبهار العالم، في وقت شعرت فيه واشنطن بارتعاد ووول ستريت بحالة من القلق ودفعت المتشائمين إلى الإعلان عن تراجع أميركا.
أضاف تقرير بنك أوف أميركا أنه في أقل من عامين، زاد إنتاج أميركا من النفط بحوالى 2.2 مليون برميل يوميًا، أي أكثر من ثلث الإنتاج، وأكبر من كامل إنتاج البرازيل.
وبحسب الاتجاهات الحالية، فمن المتوقع أن يتجاوز إنتاج النفط الأميركي 9 مليون برميل يوميًا في 2014/2015 وأن يصل إلى 10 مليون برميل يوميًا في عام 2016.
واشتمل الرقم الذي استخدم في اعتبار الولايات المتحدة المنتج رقم واحد، متجاوزةً المملكة العربية السعودية، على السوائل النفطية المرتبطة. وبينما تحتدم المنافسة بين أميركا والسعودية في مجال النفط، فإن الولايات المتحدة تعتبر المنتج المهيمن للغاز الطبيعي.
لدغة طفرة
وكما لفت تقرير بنك أوف أميركا، فإن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، حيث سبق لها أن أنتجت حوالى خمس الإنتاج العالمي عام 2013، وجاءت روسيا في المركز الثاني (بنسبة قدرها 17.8 %).. فيما تبيّن أن الولايات المتحدة وحدها أنتجت كمية إضافية نسبتها 21 % من الغاز الطبيعي أكثر من كامل منطقة الشرق الأوسط في العام الماضي، وبما يعادل تقريبًا إنتاج آسيا وأفريقيا.
إذن، ما الذي يعنيه هذا كله بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط؟، فهل سيشعر منتجو النفط والغاز في الشرق الأوسط بلدغة الطفرة التي تعيشها الولايات المتحدة في الوقت الحالي؟.
وهنا، أوضح فاتح بيرول، كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية، أن خط التفكير هذا يفتقد الأثر. وقال في مؤتمر عن الطاقة جرى تنظيمه أخيرًا في سنغافورة: "إن قال بعض الناس إنه ونتيجة لنمو النفط الأميركي فلن نكون بحاجة إلى أي نفط إضافي من منطقة الشرق الأوسط، غير أنني لا أرى ذلك أمرًا صحيحًا". 
وأشار إلى أن حجم موارد النفط غير التقليدية في الولايات المتحدة تقل بكثير عن منطقة الشرق الأوسط، موضحًا كذلك أن النفط الأميركي أكثر غلوًا من نفط الشرق الأوسط.
رواية خطيرة
وتابع بقوله: "ومن ثم فإن النظر إلى ذلك، إلى جانب نمو الطلب على النفط، من قبل آسيا في الأساس، يخبرني بأن الشرق الأوسط ما يزال وسيظل في قلب صناعة النفط العالمية على مدار سنوات عدة مقبلة".
وفي مؤتمر للطاقة جرى أخيرًا في هيوستن، أوضح بيرول أن الرواية التي تتحدث عن أن الولايات المتحدة سوف تتفوق على الشرق الأوسط ليست خاطئة فحسب، وإنما خطيرة كذلك. وأكمل حديثه بالقول: "هذه مشكلة لأن ذلك إن تسبب في عرقلة الاستثمارات في بلدان الشرق الأوسط للبحث عن حقول نفط جديدة، وأنا أرى بالفعل بعض الإشارات في بعض الدول التي تُرجَأ بها القرارات الاستثمارية، فربما سنكون على موعد مع صعوبات خلال السنوات القليلة المقبلة عندما نحتاج أن يأتي النمو من بلدان الشرق الأوسط".
وأضاف بيرول: "هناك قاعدة موارد رئيسة واحدة في العالم، وهو ما قد يلبي النمو في الطلب العالمي على النفط، وهي منطقة الشرق الأوسط. فبدون الشرق الأوسط، لن نتمكن من تلبية النمو، خاصة في آسيا".
وساهم الإنتاج المتزايد للنفط الأميركي في الحد من ارتفاع الأسعار، وفقًا لمعظم المحللين. فعادة تتسبب الاضطرابات الجيوسياسية كتلك التي نشاهدها في كل من العراق، ليبيا ونيجيريا واستبعاد إيران من الأسواق النفطية في ارتفاع أسعار النفط، لكن النفط الأميركي عمل على تلطيف الزيادة. وهو ما يفيد الكثير من الدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط، التي تواجه بالفعل عبئًا ثقيلًا من ارتفاع أسعار النفط.
كبح جماح
وقال جيمس كلاد وهو نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي سابقًا ويعمل حاليًا كمستشار متخصص في شؤون الطاقة الدولية: "مع تعرض أسعار النفط العالمية مرة أخرى لارتفاع متواضع، فقد لعب الإنتاج الأميركي والكندي دورًا محوريًا في كبح جماح الأسعار المرتفعة".
وأضاف كلاد في مقال نشر له أخيرًا في مطبوعة ذا هيل الأميركية: "الإنتاج الأميركي الجديد للنفط الخام من الصخر الزيتي، الذي يتجه صوب 3 مليون برميل يوميًا، حلَّ محل جزء كبير مما فُقِد في السوق العالمية".
وإلى حد ما، غطت فكرة ما هي الدولة رقم واحد على حقيقة أن العالم بحاجة إلى هيدروكربونات – غاز ونفط – في المستقبل البعيد، ومن ثم فإن المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان المنتجة للنفط ستظل تلعب دوراً حيوياً بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي.
وماذا عن منتجي الغاز الطبيعي مثل قطر؟ - ينطبق الأمر نفسه. فتوقعات الطلب على الغاز الطبيعي كبيرة للغاية لدرجة أن العالم بمقدوره استيعاب صادرات الغاز الأميركية، التي لا تزال بعيدة المنال.
وتشكل بكل تأكيد الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسواق الغاز والنفط بفضل مساهمات أميركا حالة دينامية جديدة في أسواق الطاقة العالمية، لكن تلك الأسواق ليست لعبة محصلتها صفر. ويؤكد معظم المحللين أن هناك طلباً كافيًا في شتى أنحاء العالم. ونتيجة لذلك، سيواصل منتجو النفط والغاز في الشرق الأوسط معرفة أن منتجاتهم مطلوبة بشدة. 

Sunday, July 6, 2014

عن مبادرة عون : رمت صخرة كبيرة في مياه راكدة


الفرزلي: مثالثة فعلية بدل مناصفة وهمية والتمديد افضل من قانون الستين
الإثنين 07 تموز 2014

اعتبر نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إيلي الفرزلي أن رئيس تكتل التغيير الإصلاح العماد ميشال عون عندما طرح فكرة انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب "طرح مبادرة تؤمن رئيساً ينطلق من مكونه الطائفي، وتحرّره من الدفع والقبض الذي اعتدنا ان نشهده في كل استحقاق رئاسي، وتحرّره من التدخلات الاجنبية القريبة والبعيدة"، ورأى أن "المبادرة رمت صخرة كبيرة في مياه راكدة عفنة، وعادت واستحضرت الحقوق المسيحية بشكل هائل على الطبقة السياسية"، مشدداً على أن "هذه الحقوق ستبقى بطيفها وستبقى تضغط وتضغط حتّى قيام الساعة".
ورد الفرزلي في حديث الى "النهار" الكويتية على من يعيبون طرح عون تمهيداً للمثالثة بالقول "بين مثالثة فعلية ومناصفة وهمية يجرّنا فيها الآخر دون أن نشعر إلى المرابعة، أفضّل المثالثة الفعلية"، واضاف "أفضّل أن يمعن هذا النظام بارتكاباته، بموبقاته كلها، بما فيها التمديد لنفسه، بدل إجراء الانتخابات على أساس قانون الستّين، لأن هذا القانون سيعيد إنتاج الحالة التي نعاني منها اليوم"، وشنّ هجوماً عنيفاً على رئيس الجمهورية اللبنانية المنتهية ولايته ميشال سليمان، معتبراً انه "بين إملاءٍ للشغور على شاكلة سليمان، وشغور يجعل الحالة ضاغطة، أنا مع شغور يجعل الحالة ضاغطة"، ولفت إلى ان "الحال اليوم أفضل بكثير مما كانت عليه بوجود هذا الـ"سليمان" الذي ملأ كرسي الرئاسة بالمكان دون المكانة، والذي اصطُنعت له مكانة قبل أن يرحل كتعويض عن الخدمات التي قدّمها"، متّهماً سليمان بأنه "قام بالتغطية على وجود القاعدة في لبنان خدمة لتوجيه أجنبي يراد منه توريط لبنان في الازمة السورية، عبر تحويله إلى ممر ومقر في عوامل عدم الاستقرار".
وعن مصير الانتخابات الرئاسية، أكد الفرزلي أنه "حتى الآن لا يوجد قرار دولي بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، لا في السعودية ولا من غيرها ممن يملكون حصّة في القرار". اما بالنسبة لتهديد "لواء احرار السنّة بعلبك" عبر بيان باستهداف "الصليبيين" في لبنان، فرأى الفرزلي انه "يشكّل تهديداً وجودياً على المسيحيين، كما ان الاعتداء على حقوقهم الدستورية من قبل رموز النظام، يعتبر تهديداً لدورهم وشراكتهم. وبالتالي فإن هذا التهديد للوجود والدور يتكاملان فيما بينهما".

التعريفات: إيلي الفرزلي - النشرة اللبنانية

Friday, July 4, 2014

"اللقاء المسيحي – بيت عنيا" يدعو إلى التمسك بالميثاق الوطني والمناصفة: مواجهة الإرهاب بالوحدة وبروح المسؤولية الوطنية

"اللقاء المسيحي – بيت عنيا" يدعو إلى التمسك بالميثاق الوطني والمناصفة:
مواجهة الإرهاب بالوحدة وبروح المسؤولية الوطنية

4 تموز 2014

عقد اللقاء المسيحيّ – بيت عنيا – اجتماعه الدوريّ الشهري يوم الجمعة 4 تموز 2014 في مقرّ "اللقاء الأرثوذكسيّ" في الأشرفيّة بمشاركة السادة الأساقفة الأجلّاء وأعضاء اللقاء، وأصدر البيان التالي:


أولاً: يشدِّد اللقاء على التمسك بالميثاقِ الوطنيِّ كإرادةَ حياةٍ واحدَةٍ وعيشٍ كريمٍ متساوٍ بين اللبنانيين. ويؤكد أنَّ روحيَّةَ الميثاقِ منبثِقةٌ من مبدأِ التَّمثيلِ الفعليِّ المتساوي بين المسيحيين والمسلمين والمناصفة الفعلية المكرَّسين في الدستور، لذلك فإنَّ كلَ انتقاصٍ لهذا المبدأِ الكبيرِ إطاحةٌ بالوَحدةِ الوطنيّة وطعَن بالميثاقِ والدُّستور. ويجدد اللقاء التمسك بأن مَدخلَ التَّصحيحِ يتِمُّ بالإتفاق على قانونٍ انتخابيٍّ يُراعي صِحَّةَ التَّمثيلِ المتوازِنِ. كما يشدد على أن استحقاق انتخابَ رئيسٍ للجمهوريَّةِ يشكل فُرصَة ليُثبِت أنَّ زمنَ إلغاءِ التَّمثيلِ الشَّعبيِّ للمسيحيين ولّى إلى غيرِ رجعةٍ، وأن رئيس الجمهورية يجب أن يتمتع بتمثيل وازن في مكونه المسيحي وبالقدرة على الجمع بين كل فئات الوطن، ليستقيم الميثاق وتستقر الوحدة الوطنية على أسس ثابتة.

ثانياً: ينظرُ اللِّقاءُ بقلقٍ شديدٍ إلى الأحداثِ الدَّمويَّةِ في العراق وسوريا النَّاتجةِ من تصاعدِ الفكرِ التكفيري الإلغائيِّ، وإعلان دولةِ خلافَةٍ إسلاميَّةٍ تطيحُ بالتَّنوعِ والتَّعدُّدِ، مستهدفةً الوجودَ المسيحيَّ والآخر المختلف في شكل عام. في هذا الإطار يستغرب اللقاءَ الصَّمتَ المُريبَ للقياداتِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ وتخلّي العالم المدّعي حريةَ الإنسانِ وحقوقَه عن عدمِ التصدّي الفعلي لهذهِ الظَّاهرةِ وللممارسات الإلغائية. وقد تلقى اللقاء باهتمام الأصوات الشجاعة للبطاركة المشرقيين، التي حثت على الصمود وطالبت بعودة الشباب للتشبث بأرضهم والدفاع عنها مع التمسك بالمساواة في المواطنة.

ثالثاً: ثمَّن اللقاء عمل الأجهزةَ الأمنيَّةَ وتضحياتها في مواجهة الإرهاب ومستوى التنسيق فيما بينها وطالبها بخططٍ صارمَةٍ في لبنان في ظل عودة عمليات التفجير، ويؤكِّدُ أنَّ للقضاءِ دورًا حاسماً في التصدّي لكلِّ الأصواتِ التي تنشرُ أجواءَ البغضِ والكراهيَّةِ والتفرقة. ويرى اللقاء أن المطلوب من المسيحيين واللبنانيين عامة مواجهة هذا الخطر التكفيري بعيداً من التجاهل أو التبرير وبروح المسؤولية عن الوجود والمصير، انطلاقاً من أن اللبنانيين جميعاً مسؤولون عن نبذ الحالة التكفيرية وعدم تبريرها بأي ذريعة. فلا دينَ للإرهابِ ولا طائفةً له، ولا مواجهة له إلا بالوحدة الوطنية والإتحاد بين الجميع وبالتمسك بتاريخنا في العيش الواحد والقيم المؤسسة للبنان وفي طليعتها الإعتراف بالآخر المختلف والمساواة في المواطنة والحرية.  

رابعاً: تابعَ اللقاءُ باهتمامٍ كبيرٍ مؤتمر الوَحدةِ الأنطاكيّةِ وأعمالَ المجمَعِ الأنطاكِيِّ المقدّس في البلمند، بحضورِ بطاركَةِ أنطاكيةَ وسائرِ المشرق. ويتبنّى اللقاءُ قولَ غبطة البطريركِ يوحنّا العاشر، بأنّ ما يجمعُ المسيحيين في المشرقِ هو وَحدةُ الدّم، متلاقياً مع كلامُ قداسةُ البابا فرنسيس الأوّل في الأراضي المقدَّسةِ، بضرورةِ الوَحدةِ الوجوديّةِ في مواجهةِ المصير.

خامساً: يتقدّمُ "اللقاءُ المسيحيُّ" من إخوتِنا المسلمين في لبنانَ والعالمِ العربيِّ والإسلامي بكلِّ مذاهبِهم، وفي مناسبةِ بدءِ شهرِ رمضان المبارك، بأطيبِ التمنياتِ راجيًا أن يحملَ هذا الشهرُ الكريمُ معهُ كلَّ الخيرِ والأمنِ والسَّلامِ للبنانَ والمنطقةِ العربيّةِ والعالمِ بأسرِه. إنَّ مظاهرَ الصومِ والإفطارِ والزكاةِ في هذا الشهرِ الفضيلِ، تبقى جزءًا طيّبًا ولونًا محبّبًا من حياتِنا اللبنانيَّةِ ولوحتِنا الوطنيَّةِ، والتي يفرحُ اللقاءُ بها. لكنّه يرفضُ محاولةَ البعض قمعِ التنوّعِ وفرضِ قوانينِهم الخاصَّةِ عنوةً. كما يشجُبُ تلك التَّعاميمَ والبياناتِ الصَّادرةَ عن بلديتَيِّ عبرا وطرابلس، التي تمسُّ بالتَّنوعِ الدِّينيِّ، وتُنافي مبدأَ الحريَّةِ الشَّخصيَّةِ للفردِ، وهي قيمةٌ جوهريَّةٌ مكرَّسَةٌ في الدُّستورِ اللُّبنانيِّ، والإعلانِ العالميِّ لحقوقِ الإنسان. ويطلبُ من الدَّولةِ معالجةَ هذا الأمرِ.




Wednesday, July 2, 2014

القمع الصهيوني وكي الوعي الفلسطيني

د. مصطفى يوسف اللداوي
القمع الصهيوني وكي الوعي الفلسطيني
هل يستغل العدو الصهيوني عملية الخليل التي تأتي ضمن السياق الطبيعي للمقاومة، التي يجب أن ينتهجها كل شعبٍ تحتل أرضه، ويعتقل رجاله، وتهان نساؤه، وتدنس مقدساته، وتكبل حريته، ويصادر قراره، ويحرم من أن يكون له دولة ووطن، يعيش فيها، ويحمل هويتها، ويتمتع بخيراتها، ويتنسم الحرية فيها.
مقاومة عسكرية، شأنه شأن بقية الشعوب والأمم، التي تلجأ إلى المقاومة وحمل السلاح، لاستعادة حقوقها، وحماية شعبها، وإطلاق سراح أبنائها، إذا لم تجد وسيلةً أخرى ناجعة، تضمن من خلالها استعادة حقوقها، والعودة إلى أرضها ووطنها.
ولهذا كانت عملية الخليل الجهادية، حلقةً في مسلسل المقاومة، وخطوة على طريق الجهاد، وصفحةً جديدة يسطرها المقاومون، وصلاً للحاضر مع ما مضى، وعهداً جديداً للوفاء بالقديم، وقسماً لمواصلة الطريق والحفاظ على النهج، وقد جاءت تعبيراً عن إرادة شعبٍ مظلوم، مكلومٍ جريح، مكبوتٍ محاصر، يشعر بالقهر، ويعيش في ظل القمع، ويواجه أعتى كيان، وأسوأ عدو، ويتحدى أعزلاً جيشاً مدججاً بكل أنواع السلاح، ومستعداً لكل أشكال البطش والقمع، والقتل والتصفية.
فهل يخطط العدو الصهيوني للاستفادة من الحادثة في توجيه جرعاتٍ قاسية وعنيفة من السياسات العقابية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويجعل منها عقوباتٍ جماعية شاملة، تطال كل الفئات، وتشمل كل القطاعات في مختلف الإتجاهات، وتتعمد القوى الفلسطينية المختلفة، بقصد إضعافها والتأثير عليها، لحرفها عن مسارها، وتخليها عن مقاومتها.
أو  يقصد منها فض الناس عن المقاومة، وتخويف الجمهور المؤيد لها وإبعاده، في عمليةٍ قاسية ومستمرة، تمس الحياة والممتلكات، والمال والحريات، وتكون عميقة لتحقق الشعار الإسرائيلي الذي يطلقه كبار ضباط الجيش والمخابرات، بضرورة كي الوعي الفلسطيني، كياً موجعاً ومؤثراً، يقلب المفاهيم، ويغير القناعات، ويبدل السياسات، ويفرض معادلاتٍ جديدة، ويخلق قوى مختلفة، تؤمن بالسلام، وتخاف من العقاب، وتعترف بالكيان وتتجنب المواجهة معه.
لعل كي الوعي الفلسطيني طموحٌ قديم، وهدفٌ إسرائيليٌ عملوا لأجله طويلاً، وقد حاولوا الوصول إليه مراراً، واستخدموا لأجل تحقيقه وسائل مختلفة، ولكنهم كانوا دوماً يفشلون، ويعجزون عن تحقيق مآربهم، بل إن أهدافهم كانت تنقلب إلى الضد والنقيض.
فبدلاً من كي الوعي الفلسطيني ليكون ضعيفاً مسلوب الإرادة، خانعاً مستسلماً، خاضعاً يرضى بالقرارات الإسرائيلية، ويستجيب لإملاءات الاحتلال، وممارسات السجان، جاءت عمليات الكي بنتائج عكسية وإيجابية، إذ صلَّبت الإرادة الفلسطينية، ووحدت الرأي العام، وزادت من حدة المقاومة، وضاعفت من قوتها، ودفعت بقطاعاتٍ كبيرة من الشباب والرجال للإنحراط في صفوفها، والعمل من داخلها، والتخطيط لعملياتٍ نوعية، وابتكار أفكارٍ جديدة، تكون مفاجئةً للعدو، وموجعةً له.
منَّى الإسرائيليون أنفسهم كثيراً، وظنوا أن سياستهم ستصنع لهم ما يريدون، وستحقق لهم ما تصبوا إليه نفوسهم، وستجعل من الشعب الفلسطيني الأسد، حملاً وديعاً مستكيناً ضعيفاً، يستسلم للسكين وقتما أرادوا، ويخضع للذبح وقتما شاؤوا، ولا يعرف الثورة، ولا يسلك الطرق الوعرة، ويحب السكينة ويبتعد عن التلال والأماكن العلية، ولا يبحث عن غير الطعام يسكته، والماء يشبعه، ويخاف ممن حمل العصا أو رفع الصوت في وجهه مهدداً.
الإسرائيليون يريدون من عملية الخليل التي جاءت انتقاماً للأسرى المضربين، والمعتقلين المحرومين، وكانت صرخةً في وجههم عالية، وثورةً ضدهم غاضبة، رفضاً لسياساتهم الجائرة، واحتجاجاً على الصمت الدولي المتآمر، لتؤكد لهم أن أحداً من الفلسطينيين لن ينسى الأسرى والمعتقلين، ولن يتخلى عن قضيتهم، وأن التضامن معهم لن يكون هذه المرة بمسيرةٍ احتجاجية، أو بمهرجانٍ خطابي، أو ببيانٍ سياسي، ولن يكون بوقفاتٍ ذليلةٍ ضعيفة، ولا برسائل رسمية مهينة، ولا باستجداءاتٍ دولية عقيمة، بل سيكون الوقوف مع الأسرى بالقوة، بطريقةٍ تهز المحتل وتربكه، وتوقظه من غفوته، وتعيد إليه عقله الذي أذهبته سكرة القوة، وغطرسة الكبرياء.
يخطئ الإسرائيليون إذ يظنون أن ثورة غضبهم ستسكت الفلسطينيين، وأن تهديداتهم سترعبهم وستخيفهم، وأن جمهورهم المتضامن معهم سينفعهم، وسيشجعهم للقيام بمزيدٍ من الإجراءات والممارسات القاسية بحق الفلسطينيين، وأن حدة العملية وأثرها، ستمكنهم من تنفيذ سياساتٍ جديدة، تغير من الواقع، وتفرض مستجداتٍ أخرى.
كأن الحكومة الإسرائيلية تتناسى العمليات الكبرى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، والتي هزت الكيان وأرعبته، وكبدته خسائر أكبر، ونالت من هيبته أكثر، وأوجعته وأدمته، تفجيراً في الحافلات والمقاهي، وفي المحطات والساحات، وكانت نتائجها مدوية، ولكن الشعب تهيأ لكل ردات الفعل، واستعد لكل العمليات الانتقامية، وامتص الغضب، وتحمل الثأر والانتقام، وصبر على الحصار والمداهمة، والقتل والاعتقال، وتقبل هدم البيوت ونسف المنازل، ولم يمكن العدو منه، ولم يحقق يوماً أياً من أهدافه.
عملية الخليل يجب أن تكون رسالةً إلى الإسرائيليين أنفسهم، إلى الشعب والحكومة، والجيش والمخابرات، وإلى المجتمع الدولي والقوى العظمى، بأن حقبة الاحتلال يجب أن تنتهي، وأنه قد آن الأوان لأن يستعيد الفلسطينيون حقوقهم، ويعودوا إلى بلادهم، لتنتهي معاناتهم، ويتوقف شتاتهم، ويجتمع شملهم من جديد، ويخرج معتقلوهم من السجون والمعتقلات.
وبدلاً من أن تكون تداعيات عملية الخليل كياً للوعي الفلسطيني، يجب أن تكون كياً للوعي الإسرائيلي والدولي، كياً موجعاً مؤلماً، غائراً عميقاً، يترك أثراً، ويبقى في العقل دوماً ذكرى وعبرة، ودرساً وموعظة، يعيها العقلاء، ويتجاهلها السفهاء، ويفهمها الأذكياء، ولا يدرك كنهها الأغبي

اوباما وانهيار مؤسسة الرئاسة في أميركا

Jun 22 (11 days ago)
to me
اوباما وانهيار مؤسسة الرئاسة  في أميركا
          تعرض مسار ادارة السياسة الاميركية في عهد الرئيس اوباما الى سلسلة من الانتقادات، من المقربين قبل المناوئين، سيما مع تسارع الاخفاقات والتراجعات الواحدة تلو الاخرى، على الصعد الداخلية والخارجية. الأمر الذي حدى بصحيفة واشنطن بوست، المقربة من صناع القرار، توصيف الأمر بأن "العالم أصبح بمثابة مسرح للإخفاقات بالنسبة للرئيس الأمريكي .." (عدد 13 حزيران الجاري).
        الأمر بالطبع ليس محصور بطاقم تنفيذ السياسة المخول بالمحافظة على اسس الاستراتيجية القائمة على ارساء الهيمنة الاميركية وتفتيت الدول والكيانات. وشرعت ادارة الرئيس الى التحلي بالتردد والنأي بالنفس في بعض الساحات تفاديا لتكرار الاخطاء السابقة، كما يروج لانسحاب اميركي من العراق وافغانستان، والتدخل غير المسبوق كما يجري في سورية دون تحقيق انجازات ملموسة باستثناء استمرار مسلسل القتل والدمار.
          الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش العربي السوري، فضلا عن ترتيبات المصالحة ونزع المنخرطين في القتال ضد الدولة وحملهم على التخلي عن اسلحتهم والعودة الى نسيج المجتمع، اثارت ولا تزال ردود فعل غاضبة ودعوات متنامية للتدخل عسكريا، او على الاقل توفير اسلحة مضادة للدروع ولسلاح الطيران لقوى المعارضة المسلحة. عند هذا المنعطف، اوضحت يومية "واشنطن بوست" ما ينبغي على الادارة فعله وتذكيرها بأن "إستراتيجية تجنب المخاطر قد تؤدي إلى تعقيدات مضاعفة .. الوقت حان للتخلص من الأوهام وإدراك أن تجنب المخاطر عادة ما يقود إلى مزيد من المخاطر."
          ساحات وقضايا اخرى لا تزال تنتظر توجهات اوضح الى جانب الاخفاق الابرز لاميركا في سورية، منها: الجدل المتجدد حول حقيقة دور اركان الادارة في احداث بنغازي التي ادت لمقتل السفير الاميركي، كريستوفر ستيفنز، في 11 أيلول 2012؛ الانسحاب الاميركي المرتقب من افغانستان دون التوصل الى اتفاق مسبق مع السلطات المحلية؛ قرار روسيا بضم شبه جزيرة القرم الذي اخذ الاجهزة الاستخبارية الاميركية على حين غرة؛ والأزمة في اوكرانيا؛ وانتقال الصراع في العراق الى الصدارة مترافقا مع اخفاق القوات العراقية المدربة اميركيا عن اداء مهامها. وفي المستوى الداخلي، لا زال مناوئوا الرئيس يلاحقونه ومحاصرة برنامج الرعاية الصحية الشاملة، اوباماكير؛ واستهداف مصلحة الضرائب الاتحادية منظمات بعينها محسوبة على الحزب الجمهوري؛ فضيحة اخفاق هيئة ادارة شؤون المحاربين القدامى واهمال متطلبات رعايتهم الصحية؛ والاحدث طبيعة الصفقة المعقودة مع حركة طالبان التي بموجبها اطلق سراح جندي اميركي معتقل، بو بيرغدال، مقابل اطلاق سراح خمسة من معتقلي تنظيم القاعدة من سجن غوانتانامو.
          استطلاعات الرأي العام حول اداء الرئيس اوباما جاءت بنتائج متدنية اقلقت اركان الادارة، اذ بيّن الاستطلاع التي اجرته مؤخرا وكالة رويترز للانباء ان نسبة المؤيدين انخفضت الى 38% مقابل 55% للمناوئين.
          مصادر القلق لا تنحصر في قواعد الخصم للحزب الجمهوري فحسب، بل امتدت لعدد من مؤيديه السابقين في الحزب الديموقراطي وشريحة الناخبين المستقلين ايضا. اسبوعية "ناشيونال جورنال،" المؤيدة اجمالا للرئيس اوباما عنونت مقالها الرئيسي "بلغ السيل الزبى،" موضحة ان اقلاع الممثلين الديموقراطيين في الكونغرس عن تأييد الرئيس اوباما في صفقة اطلاق سراح الجندي الاميركي شكل الخطوة الاحدث في مسار "القشة التي قصمت ظهر قادة الحزب الديموقراطي معبرين عن مدى الاحباط من قيادة الرئيس." ونقلت عن هؤلاء قولهم انهم "يكنون الاحترام والاعجاب لشخص الرئيس لكنهم على اعتقاد بأن منصب الرئاسة قد تعرض للضرر نتيجة قصور ادائه .."
          ويؤخذ على الرئيس اوباما بأنه "لا يصغي لنصائح محبيه وبات يترنح متنقلا بين مأزق وآخر من صنع يديه." خطاب الرئيس اوباما في الاكاديمية العسكرية، ويست بوينت، رمى لدحض مشاعر الضعف في اداء السياسة الخارجية. بينما صفقة اطلاق سراح بيرغدال تم توقيتها لتهدئة حدة الانتقادات المتصاعدة لهيئة ادارة شؤون المحاربين القدامى واستغلال العواطف الشعبية لاستعادة جندي أسير، اتهمه الخصوم لاحقا بأنه فار من الخدمة، مما ادى لاختلاط مشاعر المحاربين القدامى بين مؤيد ومعارض. وعلى ضوء التعبئة المناهضة للصفقة اعرب نحو 68% من عائلات المحاربين معارضتهم لها. وتفاقمت ازمة الصفقة مع تشبث الكونغرس بنص قانون يلزم الرئيس اعلامه بشروط صفقة من هذا القبيل خلال 30 يوما قبل اتمامها، الأمر الذي ضاعف من تدهور مصداقية الادارة وباتت في موقف الدفاع لاحتواء الضرر وتداعياته على الممثلين عن الحزب الديموقراطي في مجلسي الكونغرس.
          البعض يتساءل عن الدوافع التي ادت بالرئيس اوباما ارتكاب سلسلة مذهلة من الخطوات حصدت الفشل، بيد ان الأمر ينطوي على عدد متشعب من العوامل والحوافز تشمل طبيعة هيكلية المؤسسات الحاكمة واطباع الرئيس اوباما الشخصية فضلا عن كبار مساعديه.
سجين البيت الابيض
          نزعة البيت الابيض للعزلة والتقوقع ليست وليدة اليوم، بل تضاعفت مرات عدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. بالمقارنة، يقال ان الرئيس هاري ترومان اعتاد الخروج للتنزه الصباحي دون مرافقة طاقم الحراسة الخاص. الرؤساء ايزنهاور وكنيدي عادة كانوا يركبون سيارات مكشوفة في زياراتهم والتفاعل المباشر مع الناس. اغتيال الرئيس جون كنيدي وضع حدا وفرض اعادة مراجعة بالاجراءات الأمنية وحراسة الرئيس وافراد عائلته. شغف جهاز الحرس الرئاسي باجراءات الحماية الشخصية اضحى خانقا وادى عمليا لعزل الرئيس عن التواصل المباشر مع المواطنين.
          الاجراءات المطبقة راهنا تقتضي وقف السير البري والتحليق الجوي في محيط المنطقة التي سيتحرك ضمنها الرئيس، واتخاذ تدابير احتياطية مسبقا لفحص طبيعة المجموعة التي سيلتقي بها لسد ثغرات التهديد الأمني من عناصر عادية مثيرة للشغب، ربما، او لكونهم يحملون آراء سياسية مغايرة. من يقع عليهم الاختيار للقاء الرئيس في البيت الابيض يتم انتقائهم بعناية وتحديد اطار ومدة الظهور مع الرئيس والتقاط الصور التذكارية لاقصر فترة زمنية ممكنة.
          جهاز الحرس الرئاسي والاجهزة الأمنية المرافقة تتحكم بقرار مدى تفاعل الرئيس مع اي جمهور مما يؤدي الى تقليص مدة الاحتكاك بين الرئيس والمواطن العادي وعدم اطلاع الأول على هموم ومطالب الناس، ويبقى الأمر على ما هو لحين مغادرة الرئيس البيت الابيض. الاستغناء عن الاحتكاك اليومي المباشر اعطى بعدا اضافيا لاستطلاعات الرأي للتوقف عند الهموم الشعبية، والتي عادة لا تلبي غرض التوقف الحقيقي عند الاهتمامات الشعبية، بل تسعى للوصول الى نتيجة سياسية مسبقة. وعليه، تعددت الاطر والمراكز المهتمة باستطلاعات الرأي التي توظَّف اسئلة منتقاة بعناية لبلوغ النتيجة السياسية المرجوة.
          مراكز القوة عادة تعج بالكفاءات والمقربين والمتملقين ايضا والذين يحيطون بصاحب القرار بقوة يسمعونه ما تطرب له اذنيه وحجب الوقائع الجارية خاصة ان لم تحمل انباء سارة. صحيفة "واشنطن بوست" اعربت عن اعتقادها بأن الرئيس اوباما محاط بمستشارين متملقين الذين دفعوا باتجاه انجاز صفقة التبادل مع طالبان قائلة "لا يساورنا الشك بأن تلك المجريات هي من صنع مستشاري الرئيس واستعداهم للموافقة،" متوِّجين "غرائز الرئيس اوباما" في تعامله مع قضايا شتى. كما رأت الصحيفة ان اوباما احاط نفسه "بطاقم من المستشارين يفتقد اما للمكانة او الثقة بالنفس ومواجهته مباشرة لقرار اساء تقديره .. خطورة الصورة الموصوفة هو ان لمرء يستحدث فقاعة يبنيها لعزل نفسه، والمستشارين يصبحون عرضة للميل باتخاذ قرار يرضيه."
          وعليه يصبح ساكن البيت الابيض يعتمد بشكل كبير على قلة من مصادر المعلومات الموثوقة واستشعار حقيقة اراء الوسط الانتخابي. ومن المفارقة ان يراكم الرئيس الاميركي معلومات وآراء متعددة عما يدور في المجتمعات الاخرى ويفتقر الى ما يوازيها عن المجتمع والمواطنين الاميركيين. في هذا السياق يستطيع المرء تلمس اجواء وقوع الرئيس ضحية معلومات غير متكاملة يتخذ على اساسها قرارات سياسية تثبت خطأها، والتي كان بامكانه تلافيها لو حرص على التواصل مع النبض الشعبي.
طبائع شخصية الرئيس اوباما
          يجمع المقربون من الرئيس اوباما انه ذو شخصية حادة الذكاء منطوية ذاتيا محاط بمجموعة صغيرة من المستشارين الموثوق بهم، مثل فاليري جاريت، يجنح للاحجام عن توسيع دائرة المشاركة السياسية خاصة عند توفر دلائل وقرائن تدل على امكانية اغناء رصيده السياسي بتبنيه هكذا اجراء.
          اضحى الرئيس بعيدا عن اكثرية عناصر الاطقم الاخرى المحيطة به، ومنها وزراء على رأس اعمالهم، والذين لا يسمح الضغط اليومي بلقائه سوى على عجل او في جلسات معدة لالتقاط الصور التذكارية. وزيرة الخارجية السابق هيلاري كلينتون، ووزير الخزانة السابق تيم غايتنر اعربا عن امتعاضهما من اقصائهما عن المشاركة في اتخاذ قرارات هامة.
          المجلة الشهرية "فانيتي فير،" واسعة الانتشار عنونت احد موادها "الرجل المتيتم،" للدلالة على ان الرئيس اوباما احاط نفسه بفقاعة شخصية وسياسية. وأنبت الرئيس ومستشاريه ابان انكشاف تجسس وكالة الأمن القومي على المستشارة الالمانية انغيلا ميركل قائلة "ماذا حل بمستشاري الرئيس اوباما، هل اصيبوا بالجبن والذعر لابلاغه بذلك؟ هل ادى فصله لنفسه بعدم اثارة الأمر؟ ام الامرين معا؟"
          على خلفية سياق ضحالة المعلومات المتوفرة لدى الرئيس اوباما عند اتخاذه قرار ما، يبتعد عنصر المفاجآت وردات الفعل المتعددة لقرار يقدم عليه الرئيس. يأبى اوباما تقبل النقد، مما يعزز ميل اولئك المحيطين به لمشاطرته الرأي عوضا عن تقديم وجهات نظر قيمة وربما متباينة. وينقل المقربون ايضا عن توتر علاقة الرئيس اوباما بتجمع الممثلين السود في الكونغرس ويصاب بالاحباط امام اي اشارة انتقاد من قبل اعضاء التجمع.
          كما ان الرئيس اوباما معروف بقصر انشداد انتباهه، كما اوضحت اسبوعية "ناشيونال جورنال،" بالقول ان الرئيس "تظهر عليه علامات الملل والكلل من مهام الرئيس، والحزب الديموقراطي يدفع ثمن ترشيحه .. هو انسان موهوب لكنه غير مهيأ للقيادة."
          اما في برنامج عمله اليومي فيلتزم الزهد ويقلع عن العمل ساعات طويلة كما اوضح في مقابلة اجرتها معه شبكة "ايه بي سي" للتلفزة عام 2011، وعادة ما ينهي اعماله اليومية مع حلول الساعة الرابعة بعد الظهر، ويحافظ على تقليد تناول وجبة الغداء مع زوجته واطفاله قدر ما يستطيع، ومن ثم يخلو بنفسه في مكتبه الخاص؛ البعض يعتقد انه يطالع عدد من الملفات والبعض الآخر يغفل ما يجري خلف ابواب مكتبه.
          المحصلة النهائية لطبائع شخصية اوباما المنطوية ادت الى تراكم عدد من الازمات لادارته، فضلا النتائج السلبية المرافقة لعنجهية السياسة الاميركية نحو بعض حلفائها، كالتجسس على المستشارة الالمانية، وتضعضع ثقتهم بقدرة الادارة الاميركية على مواجهة التحديات المتنامية. يستشهد خصوم اوباما بصعود روسيا القوي على المسرح الدولي بمديات ابعد مما كانت عليه التوازنات ابان الحرب الباردة اضافة الى عزم الصين ممارسة نفوذها وقوتها في الاقليم ولجوئها لاتخاذ تدابير اقلقت الدول المجاورة في بحر الصين الجنوبي.
          ابتعاد اوباما عن النبض الشعبي ادى به الى عدم قراءة التوجهات الانتخابية بدقة، كما برهنت صفقة اطلاق السراح المتبادل وسوء ادارة هيئة شؤون المحاربين القدامى. ولا يزال يعبر عن ثقته العالية بأن مشروع الرعاية الصحية، اوباماكير، ينال رضى الشعب الاميركي الذي تعارضه اغلبية معتبرة. وفي ذات السياق تندرج الازمات السياسية المرافقة للقضايا الداخلية الاخرى.
ماذا عن المستقبل؟
          متاعب الرئيس اوباما في ولايته الثانية لا تقتصر على شخصه فحسب، اذ عادة ما يتعاظم مدى النقم الشعبي على الرئاسة في ولايتها الثانية، وربما نال الرئيس اوباما حظا اسوأ بالمقارنة مع اقرانه الآخرين واقلاعه عن اعادة النظر باخطاء السياسات المتبعة.
فهل سيستطيع استرداد شعبيته المفقودة؟ على الارجح انه لن يكون بوسعه ذلك.
          الاستدارة السياسية لمعالجة الاوضاع الراهنة تتطلب توفر شرطين: طاقم جديد من المستشارين المقربين وتعديل اوباما لمسلكه في التعاطي مع الامور. وبعكس اسلافه من الرؤساء يبتعد الرئيس اوباما عن اتخاذ اجراءات قاسية باركان ادارته بما فيها اقالتهم من مناصبهم، بيد ان استقالة وزير شؤون المحاربين القدامى جاءت استثناءاً لتلك القاعدة بعد اشتداد حملة الاستقطاب في الكونغرس ورفض استمراره في منصبه. وعليه، يبقى استمرار الرئيس اوباما في انتهاج ما سلف ذكره اكثر ترجيحا، وربما سيشهد مزيدا من تقلص اعضاء مستشاريه بالترافق مع اشتداد المعارضة لسياساته.
          من المستبعد اقدام الرئيس اوباما على تعديل طبائعه وآلية اتخاذه للقرارات في المدى المنظور نظرا لصعوبة المثابرة على توجهات مغايرة احيانا. وينقل بعض المقربين انه يعيش اجواء ما بعد انتهاء ولايته الرئاسية والاهتمام بتفاصيل التطبيقات، منها تركيزه على انشاء مكتبة رئاسية تتضمن اوراقه الخاصة والعامة، اسوة بمن سبقوه من الرؤساء.
          بما ان الرئيس اوباما يعد رئيسا للحزب الديموقراطي ايضا، تتسع ابعاد المعضلة امام الحزب سيما وانه مرتبط ارتباطا عضويا بالسياسات المقررة وانعكاساتها التي ستدخل موسم الانتخابات عليها قبل نهاية العام الجاري. بالمقابل، تشير كافة الدلائل ان الحزب الجمهوري سيحافظ على مكانة الاغلبية في مجلس النواب وربما يستطيع الفوز ايضا باغلبية تمثيلية في مجلس الشيوخ.
          في ظل هذا السيناريو يتحكم بالحزب الجمهوري بمقاليد السلطة التشريعية كافة والذي ينذر بمتاعب جديدة للرئيس اوباما فيما تبقى له من ولايته الرئاسية؛ ومن المرجح ان يعزل نفسه داخل فقاعة تدخل اليه بعض الطمأنينة الذاتية بانتظار يوم مغادرته البيت الابيض، 20 كانون الثاني 2017.
          ترف خيار الانعزال والتقوقع لا يتوفر للحزب الديموقراطي الذي سيسارع الخطى لبحث عن شخصية قيادية تدير دفة مستقبله السياسي تمهيدا للانتخابات الرئاسية المقبلة، 2016. في هذا الصدد، برزت وزيرة الخارجية السابق هيلاري كلينتون في مكانة تتهيأ فيها لقيادة الحزب والتميز عن سياسات الرئيس اوباما السابقة. وقد يسعفها تخبط سياسات البيت الابيض في بلوغ مكانتها امام القوى المؤثرة في الحزب، سيما في قدرتها على جمع التبرعات المالية لمرشحي الحزب لخوض الانتخابات المحلية والقومية.
          بيد ان سجل السيدة هيلاري ينوء من اعباء سياسات ساهمت في صنعها وباتت محل انتقاد تهدد مسيرتها الطامحة، لا سيما فيما يخص اخفاقات السياسة الاميركية بمجملها في ليبيا وسورية وروسيا، وقد تضطر لتبرير موقفها عما مضى ومواجهة مطالبات البعض لماذا لم تقدم استقالتها مبكرا احتجاجا على سياسات تزعم معارضتها لها.
          قسم كبير من الشعب الاميركي لا يكن احتراما لهيلاري ويتهمونها بتصلب الشخصية والمبالغة بما يخدم اغراضها، لعل اخرها قبل بضعة ايام للترويج لكتابها الجديد بالزعم انها وزوجها بيل كلينتون كانا على حافة الافلاس المالي عند مغادرته البيت الابيض، رغم توقيعها عقدا بقيمة 8 مليون دولار لكتابة مذكراتها آنئذ، وشرائهما بيتا خاصا في نيويورك لتلبية شرط الاقامة قبل دخول الانتخابات كمرشحة عن الحزب في مجلس الشيوخ. يخطيء من يعتقد من المرشحين ان بوسعه التحايل على الذاكرة الجمعية.
          يسود اجماع بين المراقبين السياسيين يفيد بأن نفوذ البيت الابيض في تراجع، وعثراته بنيوية الطابع لن يتغلب عليها بيسر. في المقابل، يتأهب الحزب الجمهوري استغلال ما يستطيع من ثغرات حقيقية او متخيلة لمصلحته السياسية في الانتخابات المقبلة، مطمئنا ان خصمه الديموقراطي يحث الخطى للتوصل الى شخصية قيادية تخلف الرئيس اوباما.