Tuesday, September 3, 2013

بيان اللقاء المسيحي الذي عقد في بيت عنيا حاريصا في2/9/2013

البيان الختامي للقاء 2 أيلول

نلتقي اليوم غداة الأول من ايلول، ذكرى تأسيس لبنان الكبير. هذا التاريخ الذي حمل بالأمس وكل يوم، معنيين اساسيين:
اولاً القطع مع كل تبعية أو وصاية أو هيمنة من الخارج. لكن من دون انعزال ولا انطواء. من دون استقواء بأحد ولا استعداء لأحد. بانفتاح على العالم، وبالتزام الانتماء إلى محيطنا العربي والمشرقي.
ثانياً، تبني مشروع الدولة الواحدة في الداخل. دولة الوحدة في التنوع، والعدالة في الاختلاف. دولة الديمقراطية والحداثة، مع الخصوصية والفرادة. دولة غير قامعة في توحدها، وغير فاشلة في تنوعها.  
 دولة استقلال الوطن وسيادة حدوده - وتوافق الجماعات وتوازن شراكتها - وحرية الإنسان وكرامة عيشه.
ونلتقي اليوم قرب السيدة العذراء. في بيت مريم التي كرسها جميع اللبنانيين، شفيعة لهم في بشارتها، ومثالاً أرادوه لمواطنيتهم، في الالتزام والتضحية، وفي العيش بحسب القيم الإنسانية العليا.
وبعد، نلتقي اليوم، وسط معطيين مصيريين: أولاً، منطقة تتغير وتتفجر حولنا. وثانياً أزمة نظام سياسي تتعمق  وتتفاقم عندنا. معطيان يدفعاننا إلى الإيمان بأن الزمن لم يعد للتسويات الظرفية، ولا للصفقات الفردية، ولا طبعا للحسابات الفئوية. إنه زمن التفكير جذرياً، بكيفية إنقاذ جذري للوطن وجماعاته ومواطنيه.
ولأن الأمور كذلك، تداعينا والتقينا لنقول لكل من يسمع، أن مسيحيي لبنان والمنطقة، ليسوا جاليات غريبة في أوطانهم، ولا رؤوس جسور على شطآنهم، ولا مستشرقين ولا مستغربين ولا متغربين عن أصولهم وجذورهم. إنهم أهل الأرض واصحاب البيت وأساس بناء الأوطان، وغالباً هم حتى أصلُ أسمائها. وهم في كل ذلك خميرة المحبة، وملح التسامح، وذرة الإيمان بالعيش الحر الكريم معاً. وبمقدار ما أن مسؤوليتهم في الحفاظ على دورهم تجاه الآخر كبيرة، فإن مسؤولية والمسلمين في الحفاظ على وجودهم في ذاته، أكبر.
نلتقي لنعلن، بأن مصالحة بعض الإسلاميين في منطقتنا مع مصالح البعض في الغرب، لا تكون بإحراق كنائس مصر، ولا تمر بتهجير مسيحيي العراق، ولا تتعزز بخطف أساقفة سوريا وذبح مؤمنيهم، ولا تترسخ بتفريغ فلسطين من معنى بشارتها وقيامتها، ولا تقوم إلا بالحفاظ على مسيحيي لبنان وعدم استتباعهم أو استيلاد سياسييهم ومسؤوليهم في الحاضنات الاصطناعية.
نلتقي لنؤكد لكل معني، إن نجاح ربيع المنطقة، الذي نريده ونعمل له، وساهمنا منذ قرون ولا نزال في إنضاجه وبلورته، لا يكون إلا بقيام الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة الآمنة، لكل إنسان، ولكل جماعة، ولكل معتقد، على أساس حرية الضمير المطلقة. فديمقراطية المنطقة، لا تُبنى على إحراق ديمقراطيتنا. وإن استقرار الشرق الأوسط لا يولد من ضرب استقرارنا ولا استقلالنا. ونحن بالتأكيد لن نرضى بذلك.
ونلتقي لنجدد أمام كل اللبنانيين، تشبثنا بكل الثوابت الميثاقية التي أقرتها وثيقة الوفاق الوطني، في هوية لبنان وانتمائه، وفي التساوي الكامل والفعلي في شراكة مكوناته، وفي الإقرار بأن هذا التساوي شرط ضروري وملزم ومؤسس لشرعية أي سلطة.
ولنقول لهم، بأن وطننا المنتمي إلى محيطه، والملتزم قضاياه المشروعة والمحقة، كما أوصى الإرشاد الرسولي الخاص بلبنان، الذي وقعه يوحنا بولس الثاني بعد 77 عاماً على إعلان لبنان الكبير، وكما جدد سينودس الشرق الأوسط، لا يمكنه القيام بهذا الواجب، إلا بمقدار ما يؤدي محيطه وأهله واجبهم في صون رسالته، للشرق كما للغرب، في تلازم الحرية والتعددية.
ونلتقي لنصارح كل المسيحيين واللبنانيين، بأن المخاطر واضحة، والتحديات كبيرة، لكن الفرص متاحة أيضاً، وهي غالباً ما تولد من الأزمات الكبرى. ونحن في مواجهة تلك المخاطر والمخاوف، متمسكون بنهائية الوطن، ورافضون لأي محاولة توطين مزمنة أو مستجدة، وعازمون على تحقيق خير إنساننا في إطار دولة السيادة والاستقلال والتوافق والتوازن والعدالة اجتماعية.
ونلتقي لنعلن لكل المسيحيين واللبنانيين، أن أيدينا ممدودة، وقلوبنا مفتوحة، وعقولنا منفتحة، لنعمل معاً، لكي نخلص معاً. فإنقاذ لبنان لا يمكن أن يكون نتيجة جهد شخص أو جهة أو فئة. فيما سقوط لبنان سيكون سقوطاً لكل الفئات والجهات والأشخاص. هذا يقتضي من كل منا، توحيد كل جهودنا. فلبنان الكبير، ليس كبيراً بجغرافيته، بل بحريته وديمقراطيته، وتعدديته، وحسن إدارة ثرواته وعدالة توزيعها، وكرامة إنسانه وأحادية الولاء لهويته وجنسيته. والحفاظ اليوم على لبنان الكبير، يقتضي من الجميع التوقف أولاً عن تقزيمه بالارتباطات الخارجية، والعمل فوراً على عدم تحجيمه لحشره في سياسات المحاور، والامتناع دائماً وأبداً عن تصغيره بسياسات الفساد والانتفاع والزبائنية.

في 2 أيلول 2013، التقينا لنقول أننا لن نقبل بسقوط أي حق، وسنقاوم لنحفظ كل الحقوق.

No comments:

Post a Comment