Tuesday, September 25, 2012

فؤاد دعبول

لقاء ضهور الشوير
لو كان اللقاء في بيروت، لكان طبيعياً أن يشهد ذلك الكم والنوع من الحضور.
اما ان يكون في ضهور الشوير، المصيف الهادئ والبعيد جغرافياً، فتلك هي المعجزة.
لقاء ضهور الشوير كان لبنانياً، أكثر منه أرثوذكسياً، ولو كان الداعي اليه، اللقاء الأرثوذكسي.
أولاً، حفل اللقاء، قبل الظهر وبعده، بجلسات حوار، لامست تاريخاً عريقاً لطائفة العراقة، وحفل بأفكار لبنانية الأهداف والأعراق، ولو ارتدى هوية انسانية.
وبين التجليات في الليتورجيا، والشهادة الكنسية، والوقوف على الحاجات المدنية والاجتماعية والقانونية للنائب غسان مخيبر، والأنظمة الانطاكية بين الماضي والحاضر للأستاذ جورج غندور والأفكار التي أتى عليها المحاضرون الآخرون، تنتصب رؤية وطنية ودينية للأستاذ ألبير لحام والأستاذ جهاد حيدر.
وبين الاثنين كان تكريم المتروبوليت جورج خضر، وهو يتكئ على تسعين عاماً من النضال لله، وفي تجديد الفكر اللاهوتي. وتكريم اللقاء لمطران جبل لبنان، اعتراف عبّر عنه الأمين العام للقاء المحافظ نقولا سابا بالدور الأرثوذكسي المتجدد، في عصر يضج ب ربيع التغيير.
وأبعد من واشنطن، وأقرب من موسكو، كما كان يقول مخايل نعيمة.
... كان ثمة طيف يحلّق ويطوف في أجواء ضهور الشوير.
صحيح أنه لم يطرح مباشرة ابان المناقشات.
لكن الصحيح أيضاً، أن مداخلة الوزير السابق بشارة مرهج خلال المناقشات لامسته.
لكنه كان حاضراً على الوجوه، وظاهراً في النفوس.
وربما، هذا هو الذي خطف الوجوه من العاصمة بيروت، ومن طرابلس وصيدا وزحلة، وكان الارادة الكامنة خلف الحضور الحاشد، في فندق السنترال، لتلك النخبة المثقفة، والمتعطشة الى دور وطني دأب الأرثوذكس على تمثيله في مختلف العصور.
لا أحد ينكر أن الوجوه العلمانية، والاكليريكية تتحمّل أوزار انحسار القرارات الديمقراطية، في المجامع التاريخية في الكرسي الانطاكي، منذ نسف الظاهرة المشتركة حيناً والمتباينة أحياناً في العام ١٩٥٦.

الآن الماضي رحل.
والمستقبل آتٍ بسرعة.
والكرسي الانطاكي يمور ويدور حول تغيير لا بد أن يولد في الوقت المناسب.

طبعاً، كان الحاضر الغائب في لقاء ضهور الشوير هو مشروع القانون الأرثوذكسي الانتخابي.
كان فيلسوفه حاضراً.
لكن الأستاذ ايلي الفرزلي بقي صامتاً، وكله اعتزاز بولادة الارادة الأرثوذكسية، وكأنها حزب غير معلن، لوطن يبحث عن صيغة انتخابية، تعيد تجسيد الحضور الأرثوذكسي، في السياسة اللبنانية، على غرار الطوائف الأخرى.
هل كان أحد، يتوقّع قبل بضعة أشهر، أن تهفو قلوب الأحزاب المارونية، في بكركي عاصمة الموارنة، لمشروع قانون أرثوذكسي، أضحى مطلب الجميع ومخرجا من الغابة السياسية، من دون قانون ينظّم الصراع على السياسة اللبنانية.
مما لا شك فيه، ان مشروع اللقاء الأرثوذكسي، أضحى مثل حبّة حصى ألقت بها نخبة أرثوذكسية في بحيرة لبنانية راكدة، فجعلتها أشبه بنهر دافق لا جامد، في الوطن اللبناني.
قد يمرّ المشروع، وقد لا يمرّ.
لكنه أحدث صيغة أعطت الحياة لنظام يسوده الظلم ويتحكّم به الافتئات على الانصاف السياسي.
بيد أنه أصبح عنواناً لأي اصلاح انتخابي في البلاد.
ليس غريباً ان تستضيف ضهور الشوير مثل هذا اللقاء الثقافي الأرثوذكسي.
لكن، ان يعيش مفكّرون، هذه الكميّة من الحضور، وتلك النوعية من المثقفين، فهذه ظاهرة صحّية جيّدة في الفكر اللبناني. .

Reply
Forward
Click here to Reply or Forward

No comments:

Post a Comment