Friday, May 17, 2013

مفيد سرحال يكتب في الديار





مفيد سرحال /

اذا كان اتفاق الطائف كمنتج تسووي قلب للمسيحيين ظهر المجن. وبدد وهج نفوذهم السلطوي فان اطفاء شعلة القانون الارثوذكسي بريح «قواتية» وعصف «مستقبلي» قلص المسيحيين الى ظلال باهتة وآذن دون ادنى شك بانكسار بنيوي وجودي لا بل خسارة آخر معارك الشراكة السياسية في نظام الملل والنحل الطائفي وضياع آخر فرص استرداد المشاعات المسيحية من ملاكي ومقاطعجيي الطوائف الاخرى.
وفي هذا المجال تساءلت مرجعية روحية مسيحية «حول مغزى وابعاد انقلاب القوات اللبنانية على الاجماع المسيحي الهادف الى اعادة الحقوق المسيحية في التركيبة اللبنانية وخلق فرص متساوية وعادلة في مسألة اختيار الممثلين المسيحيين في الندوة البرلمانية بارادة ذاتية لا بارادات فوقية تترجم ابشع مظاهر الاستلاب والاستتباع...
وتقول المرجعية الروحية المسيحية: ان تلاقي القادة المسيحيين حول فكرة القانون الارثوذكسي اثلج صدورنا كونهم تجاوزوا كل الجراحات والمواجع وطووا صفحة المراحل السوداء فيما بينهم وما اكثرها وما آلمها بشجاعة وفروسية ما خلق ارتياحا وطمأنينة لدى الشارع المسيحي بكل اطيافه ومشاربه وترك انطباعا ان حقبة جديدة بدأت في تاريخ المسيحيين عنوانها المصالح المسيحية العليا والتنافس الحضاري بين كافة القوى وحصول كل الفرقاء على حصصهم الموضوعية من دون انتفاخ مصطنع او خسارة ظالمة بحيث تمنع النسبية الجميع حظوظا في التمثيل وفقا للمعطى الشعبي لكل طرف، وبالتالي يتم انتاج ممثلين حقيقيين للمسيحيين وعندها تصبح الشراكة حقيقية مع الاخوة في الوطن من بقية الطوائف وتحل الندية مكان الشعور بالغبن والدونية والاستعطاء مع الحفاظ على درجات العيش الواحد واحترام الخصوصيات والتفاعل الانساني.
وتتابع المرجعية الروحية: لقد فوجئنا بخروح طرف مسيحي من دائرة الائتلاف والاتفاق على روحية واهداف القانون الارثوذكسي في هذه اللحظات الحاسمة والتاريخية التي تمر بها المنطقة والتي تضع المسيحيين دورا وحضورا على المحك في ظل تنامي حالات التطرف وشيوع افكار التكفير والتهجير لافراغ المنطقة من الوجود المسيحي. وبدأنا نتلمس الاخطار التي تطال هذا الوجود في العديد من الاقطار العربية. ولبنان بعد الطائف شهد تسربا مسيحيا كبيرا الى اوروبا واميركا لشعور المسيحيين ان دورهم في السلطة تقلص وان هذا الدور بصرف النظر عن العدد اعطي لهم كي يكونوا رواد تواصل بين الحضارتين الشرقية والغربية وليس حبا بالسلطة وجنبتها بقدر ما هو بوليصة تأمين وعلامة ثقة ترسخ المسيحيين في ارضهم وتجعلهم تلوينة مشعة في المشهدية اللبنانية الغنية والمتفردة في هذا الشرق والان جرى وأد الارثوذكسي ما يعني ان امام المسيحيين فرصة مستعجلة لحزم حقائبهم وحجز مقاعد على طائرات الشحن المدموغة بلعنة الارثوذكسي وللاسف هذا واقع سيترجم لان الفرصة الذهبية ضاعت وسيضيع معها المسيحيون في متاهات قوانين الخصوصيات على حساب خصوصيتهم وكرامتهم..
ولم تخفِ المرجعية الروحية سخطها على اداء ودور قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في هذا المضمار وتقول: نحن كرجال دين مسيحيين لا شأن لنا في السياسة لكن ندخل ابوابها عندما تكون جماعة المؤمنين في خطر وجودي وعلينا بكل جرأة وشجاعة ان نسمي الاشياء باسمائها دون مواربة ومن حقنا ان نطرح الاسئلة بحزم وقوة دون خوف او وجل لان المرحلة وخطورتها تقتضي ذلك فهل صدفة التصق اسم سمير جعجع بهزيمة المسيحيين في شرق صيدا وهل صدفة التصق اسمه بتهجير المسيحيين من الشوف وعاليه وهل صدفة التصق اسمه بضرب الجيش اللبناني سيما وان المؤسسة العسكرية شكلت العامل الاستراتيجي لحماية المسيحيين منذ قيام الكيان اللبناني وهل من باب الصدفة التصاق اسم سمير جعج باسقاط القانون الاثوذكسي بطعن الاجماع المسيحي حوله وحرمان المسيحيين من اعادة انتاج دورهم في النظام السياسي اللبناني بشكل لائق ومحترم من دون تفريغ النواب على جذوع الطوائف الاخرى، وما زاد الطين بلة الحاق ما يزيد عن 30 الف من اخواننا الشيعة بالمتن الشمالي وكسروان وجبيل وتحويل مسيحيي الشوف وعاليه الى اتباع وملحقات..
وتتابع المرجعية الروحية المسيحية: الظنون تكشف الحقائق فهل ما اسلفنا من باب الصدف؟؟ بالتأكيد الجواب لا وعلى الدكتور جعجع ان يدرك الواقع الكارثي الذي جلبه للمسيحيين بخروجه عن الاجماع المسيحي ومن دون شك عليه ان يتحمل ردات فعل الشارع المسيحي الذي اعتاد لفرط حساسيته ان يرذل كل من يفرط بحقوقه ويضرب اجماع قادته السياسيين والروحيين...
ويختم المرجع: ان حراكاً روحياً مسيحياً سيبدأ في الكنائس لمخاطبة العقل المسيحي المصدوم مما جرى وسيتوج بطلب للقادة المسيحيين باعادة النظر باتفاق الطائف لانه جاء بعد حرب طاحنة بين المسيحيين وكأن التاريخ يعيد نفسه فاسقاط الارثوذكسي سيكرس لعنة الطائف على المسيحيين وهذا ما لن يقبل به عاقل وعلى المسيحيين قادة ورأي عام ان يدركوا «ان من صار نعجة أكله الذئب».

No comments:

Post a Comment