Saturday, August 24, 2013

حديث جريدة "الحوار" مع هيام شحّود عيد /ايلي فرزلي



حديث جريدة "الحوار"
هيام شحّود عيد
*في ظل مسلسل التفجيرات الإرهابية المتنقلة بين المناطق، أين أصبح الحراك السياسي للخروج من حال الجمود وتشكيل الحكومة الجديدة؟
ـ الحكومة في لبنان لا تتألّف في غياب المرجعيات الخارجية، وهذا الواقع موجود منذ عشرات السنين، ولكن مع فارق هام وهو أنه خلال الوجود السوري في لبنان كانت تتألف الحكومات بشكل أسرع وبتأثير من الوجود العسكري السوري. وما تغيّر اليوم، هو أن الكيانات الطائفية والمذهبية اللبنانية مرتبطة بالخارج وتتصارع فيما بينها بسبب الصراعات الخارجية، كما أن هناك كيانان رئيسيان، فيما الكيان المسيحي مهمّش. والسؤال المطروح اليوم يتناول كيفية الحفاظ على ما تبقى من ثقافة الشراكة الوطنية تحت سقف الوفاق الوطني والتعايش.
*أطلقتم مبادرة من الديمان حول توحيد الصوت المسيحي واستعادة الدور القوي، هل هذا يعني جمع الزعماء المسيحيين في جبهة سياسية واحدة؟
ـ هناك مسؤولون على الساحة المسيحية ولكنهم ليسوا كلهم زعماء، لأنهم عاجزون عن صناعة الحدث على مستوى إصدار موقف مسيحي موحّد في ظل الصراع السنّي ـ الشيعي، وهذا ما يعطّل الدور المسيحي القوي. ليس المطلوب إلغاء التنوّع المسيحي، بل على العكس، على كل قيادي الحفاظ على تحالفاته السياسية، فتحالف القوات اللبنانية مع "المستقبل" يجب أن يستمر، وكذلك تحالف العماد ميشال عون مع "حزب الله"، لأننا نطالب بالتنوّع المماثل في الكيانات المذهبية الأخرى، فلا يجب إلغاء التنوّع، بل تشجيعه ودعمه. ما ندعو إليه في مبادرتنا هو وضع بعض النقاط ذات البعد الإستراتيجي للوجود المسيحي، والتي يجب أن تكون خارج النقاش بين المسيحيين بحيث تكون لهم إطلالة واحدة فيها، مما يعيد إليهم القدرة على صنع القرار السياسي. فعلى سبيل المثال، لو بقي الزعماء المسيحيون متّفقين على القانون "الأرثوذكسي" للإنتخاب، لإإن ذلك كان سيحدث تغييراً على مستوى تحديد مصير الإنتخابات النيابية. من جهة أخرى فإن الشعارات الإستقلالية المرفوعة من بعض القوى المسيحية، لا يجب أن تطرح كشعار تكتيكي لاجتياح السنّة للنظام، أو لاجتياح الشيعة للنظام.
*ما هي نقطة الإرتكاز في مبادرتكم؟
ـ إن حراكنا السياسي اليوم يقع ضمن إطار يقوم على إيجاد نقاط مشتركة يلتقي عليها الزعماء المسيحيون لإعادة انتاج الدور المسيحي في النظام تحت سقف الحقوق التي كفلها ونص عليها الدستور اللبناني الذي نلتزم به وليس خارج الدستور. فخلال الحقبة السورية أسيئ تنفيذ الدستور بقرار من القيادات اللبنانية، وليس القيادة السورية، وانا أتحدّى كل من يقول عكس هذا الكلام. إن القيادات اللبنانية لم تعمل سوى على استمالة السوري لاستباحة القيادات الأخرى، وكانت الضحية دائماً الدور المسيحي في لبنان. لقد مرّت هذه المرحلة ويجب أن يحظى لبنان باستقلاله، ولكن بدستوره أيضاً، ويجب تطبيق هذا الدستور كاملاً بحيث تكون الشراكة الوطنية هي التي تحمي الإستقلال. فما من شراكة وطنية خارج الميثاق المسيحي ـ الإسلامي، فالشراكة مناصفة، وهذا ما نص عليه الدستور، وليس استغلال ظروف مرحلية للقضاء على المناصفة وتهميش المسيحيين. لذا هذا هو سبب حراكنا وهذا هو عنوان معركتنا، لأن الشعار الإستقلالي من دون شراكة وطنية مسيحية ـ إسلامية هو الذي يحقّق الإستقلال.
*هل من مساحة للمبادرات السياسية في ظل التحدّيات الأمنية الماثلة حالياً؟
ـ المسألة ليست ظرفية، والواقع الأمني أولوية، كما أن الدولة أولوية، ونحن ندعم الأجهزة الأمنية ونلتزم بقرارها بالكامل، ولكن تحت شعار الأمن أو المعركة في سوريا أو المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية تذوب القضايا المصيرية والحقوق. إن هذه المسألة هي مادة نضالية ولن نتخلى عنها في أي لحظة من اللحظات. وموقفنا من كافة الكيانات المذهبية سيتحدّد في ضوء مدى التزام هذه الكيانات بأحقية المطلب الدستوري أو عدم أحقيته.
*هل توجّه صرختك حول الحقوق للمسيحيين أم للقوى الأخرى؟ وهل من صدى إيجابي؟
ـ سأواصل رفع هذا الصوت وطرح مبادرة تقوم على عدم الإستسلام لأي طرف، لأن الإتفاق المسيحي على النقاط الأساسية بات ضرورة، وتطبيق اتفاق الطائف بات أولوية لأن هذا الإتفاق نص على المناصفة، وعلى كل الأطراف أن تعي هذا الواقع.
*وسط الإصطفاف السياسي الحاصل فإن كل مبادرة تتحوّل إلى أسيرة رفض أو تأييد فريقي 8 أو 14 آذار؟
ـ أنا لا أنتمي إلى أي من الفريقين، ولكن قد أويد موقف أي منهما إذا تقاطع مع قناعاتي.
*كنت في السابق قريباً من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكنك ابتعدت اليوم عن تيار "المستقبل"؟
ـ طبعاً كنت قريباً جداً من الرئيس الشهيد، ولكن "المستقبل" هو الذي ابتعد عني، فأنا لا أؤيد أي طرف سياسي بالمطلق، وأحكم على الطرح السياسي فقط.
*من يتحمّل مسؤولية تراجع الوضع المسيحي؟
ـ المسيحيون أنفسهم هم المسؤولون، لأن الإنقسام لا يفيد أحداً، ولذلك نعمل اليوم لإقامة مؤتمر مسيحي يجري خلاله الإتفاق على صياغة توافق حول الأمور المصيرية للمشاركة في القرار الوطني، بدلاً من أن يتحوّل المسيحيون إلى وقود في الصراع ألإقليمي على الأرض اللبنانية.
*صرختك قد تكون الوحيدة في هذا المجال؟
ـ هناك العديد من الشخصيات التي تشاركني هذا التوجّه، فالعماد ميشال عون موافق عليه، وكذلك البطريرك بشارة الراعي، وقد طلبت موعداً من الدكتور سمير جعجع، وسأطرح المبادرة مع الرئيس أمين الجميّل.
*هل تتوقّعون تجاوباً من الجميع؟
ـ إن من يتقاعس  سيتحمّل مسؤولية احتضار وتصفية الدور المسيحي، وعلى الأقل علينا إطلاق الصرخة ودفع القيادات إلى تحمّل مسؤولياتها. ولا علاقة هنا بتحالفات 8 و14 آذار، إذ لا علاقة للفريقين بفكرة حياد لبنان أو إنتاج قانون جديد للإنتخابات، فالإصطفافات لا تؤثّر على كيفية بناء الدولة وعلى الثوابت الوطنية كصناعة "منطق الدولة"، لأن هناك من يرتزق على حساب الدور المسيحي في لبنان، ونحن سنحدّد من هم هؤلاء المرتزقة الذين يتآمرون على هذا الدور لتأمين مصالح خاصة وضيقة، فهم ليسوا سوى فئة مستولدة في كنف القيادات الأخرى.
 *اذا لم تتم الاستجابة لهذه المبادرة فما هي النتيجة ؟
ـ الإمعان في التهميش وتقليص الدور المسيحي وتراجعه على مستوى لبنان هو النتيجة، مع العلم أنه في لبنان ليس الوجود هو سبب الدولة، بل الدولة هي سبب الوجود، وذلك خلاافاً على ما هي عليه الحال في دول المنطقة حيث الدولة أوجدت الدور. فالمسيحيون أوجدوا لبنان ليلعبوا دوراً سياسياً، وإذا فقدوا هذا الدور فقدوا وجودهم. واتفاق الطائف أعطى المسيحيين هذا الدور من خلال معادلة المناصفة مهما كان العدد، ولكن قوانين الإنتخاب في السابق أدّت إلى تراجع هذا الدور، ولذلك التركيزاليوم هو على صياغة قانون جديد للحفاظ على العيش المشترك ووحدة البلد وعروبته والحفاظ على النظام الديمقراطي .
*يجري الحديث اليوم عن تفعيل وتعويم حكومة تصريف الاعمال؟
ـ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مستمرة في عملها وهي تصرّف الأعمال منذ تشكيلها، فالرئيس ميقاتي قد كلّف بمهمة محدّدة من المجتمع الدولي وهي الإتفاق مع "حزب الله" وتحييد الساحة اللبنانية عن الساحة السورية .
*لكن الحياد سقط؟
ـ نعم لأن الرهان الغربي كان على سقوط النظام السوري خلال أشهر معدودة وصمد هذا النظام، ولذلك فإن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر.
*بعد التفجيرات الأخيرة هل زاد تواجد التكفيريين في المجتمع اللبناني؟
ـ إن لبنان جزء من المنطقة، والوجود التكفيري في المنطقة قد وصل إلى لبنان أيضاً، هناك صراع مستمر بين التكفيريين والنظام السوري.
*هل أن الإعتدال يتراجع في لبنان؟
ـ الإسلام المعتدل كان سيستمر لو جرى تطبيق الإقتراح "الأرثوذكسي" الإنتخابي، وجرى اعتماد النسبية داخل كل طائفة، إذ عندها كنا سنجد التيارات المتعدّدة والمتنوّعة في كل طائفة. فالمؤامرة على إنتاج الإعتدال في لبنان كانت المؤامرة على القانون "الأرثوذكسي".
*هل سيبقى الوضع الداخلي معلّقاً على الصعيد السياسي حتى تسوية الأزمة في سوريا؟

ـ مؤتمر جنيف سيعقد في تشرين المقبل، وستتّضح صورة الوضع في المنطقة.

No comments:

Post a Comment