Wednesday, April 2, 2014

نص المبادرة المدنية لقيام الدولة - الدكتور فارس ساسين

كلمتان،
الكلمة الأولى نوجّهها إلى الجالسين في مقاعد النوّاب: لا استقامة في جلوسكم في هذه المقاعد. لقد خطفتم هذه السلطة، ونقضتم ميثاق العيش المشترك.  ولا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض هذا الميثاق. والعيش المشترك إنّما هو بين المواطنين اللبنانيّين، في ظلّ الدستور، في مجتمع متمدّن، لا بين السلطات الطائفيّة الدينيّة أو الدنيويّة أو بين مراجعها الأجنبيّة، في غابة محليّة أو دوليّة. هذا ما يقوله الدستور. الحلّ الوحيد للعودة إلى الشرعيّة، هو بإعادة هذه السلطة إلى أصحابها في أسرع وقت، بواسطة قانون الانتخاب. وهذا لا يكون بالتخطيط لاقتسامها في ما بينكم، وبالتالي بين الأوصياء عليكم، فالنسبيّة هي الخطوة الأولى في القانون المطلوب لقيام دولة اللبنانيّين لكلّ اللبنانيّين. ولبنان،كما يقول الدستور أيضاً، هو وطن سيّد حرّ مستقلّ، لجميع أبنائه لا لأصحاب المال أو أصحاب السلاح أو أصحاب الدول الأجنبيّة.
الكلمة الثانية نوجّهها إلى أنفسنا، إلى المواطنين أصحاب السلطة الأصليّين: المسؤوليّة مسؤوليّتكم، وخصوصاً في مثل هذه الأوقات، بالعمل، لا بالتشكّي أو التمنّي أو الانتظار. ولن نكون أصحاب السلطة الحقيقيّين، أي مواطنين أحراراً متساوين، إلاّ بإظهار الإرادة واضحةً تمهيداً لفرضها فعلاً. فليكنْ اقتراح القانون اقتراحكم، ودليلاً فعليّاً ضامناً طلبنا الشراكة في إطار الحرّيّة والمساواة. فذلك هو مضمون النظام النسبيّ في تكوين السلطة. وفي هذا السبيل، سوف نعمل على تحويل اقتراح "المبادرة المدنيّة لقيام الدولة" إلى اقتراح شعبي، وبالطرق الجديّة الملائمة، بالمناقشة العامّة، في كلّ مجال عام، وفي كلّ دائرة من دوائر التخاطب بين اللبنانيّين. وهذا ما سوف نعلن عن الشروع به  في أقرب وقت.
غداً يبحثون في ساحة النجمة، بوقار أو بلا وقار، في اقتراح قد تقدّمنا به واكتسب، عندهم، صفة الاقتراح الرسميّ لقانون بمادّة وحيدة من ستّ كلمات: "النسبيّة هي النظام في التمثيل النيابيّ". سوف يقولون ويقولون، يواربون أو يماطلون، أو يعاندون صامتين بلا وعد أو تعليل، منتظرين صدور الأوامر أو إبرام الصفقات. وبعد غد، لن يجدوا أمامهم، إذا أردتم أنتم، سوى التصديق على هذا القانون، تمهيداً لرحيلهم، رحيلاً منظّماً، بلا ذيول. بعد غد، لن يجدوا مفرّاً من التصديق على هذا القانون بصفته اقتراحاً شعبيّاً، بإرادة المواطنين المتساوين الأحرار، لا بإرادة المستبدّين المحليّين ولا بإرادة الأوصياء الأجانب.

أيّها المواطنون، إنّكم، بموجب الدستور، مكلّفون بالقيام بأعمال الدولة، في صورة دائمة، ناخبين أو مراقبين أو محاسبين أو مقاومين، فالتكليف لا ينحصر بالقائمين بأعمال الحكم والإدارة، فهؤلاء إنّما يقومون بأعمال الحكم والإدارة في صورة عابرة، ولقاء أجر معلوم، سواء ً أكانوا نوابّاً شرعيّين أم كانوا منتحلين صفة النيابة، سواء أكانوا، في رئاساتهم ومراكزهم، بانتخاب مشروع أو بثقة وثيقة أم لم يكونوا كذلك. المسؤوليّة في هذه الأوقات الخطيرة إنّما هي مسؤوليّتنا، مسؤوليّة المواطنين، وليس لمن هو في ساحة النجمة سوى مهمّة التصديق على انسحابه السريع في صورة منظّمة، لاتشكّل مخرجاً من ورطة إلى ورطة بل مدخلاً إلى وطن سيّد حرّ مستقلٍّ، بالفعل.

1 comment: