Sunday, November 3, 2013

«المؤتمر المشرقي»: هواجس المسيحيين هل يحلّها لقاء؟ 


«
المؤتمر المشرقي»: هواجس المسيحيين هل يحلّها لقاء؟

لأنه «لا يضيع حق وراءه لقاء»، اجتمع ممثلون عن «المسيحيين المشرقيين» لمناقشة «الخطر المحدق بهم» في ظل «الربيع العربي»
ليا القزي

جلس نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي على رأس طاولة «المؤتمر المسيحي المشرقي». أمسك نص كلمته بيد، ورفع اصبع اليد الأخرى، مفتتحاً كلمته بالتأكيد أنه «اذا كانت أنطاكيا مدينة المسيحيين الاولى، فلبنان هو صوت المسيحيين الاول». هكذا بدأت، يوم السبت في فندق الحبتور، أعمال المؤتمر الذي استمر يومين، وجمع قرابة اربعين شخصية من فلسطين، الاردن، العراق، مصر، سوريا ولبنان، اضافة الى سفراء الدول المعنية بقضية «الوجود المسيحي في الشرق»، وممثلين عن البطاركة المسيحيين، وعن المؤسسات الاعلامية المحلية والاقليمية التي «تعد هذه المواضيع في صلب استراتيجيتها الاعلامية»، كما عبّر مراسلوها.
في زحمة الكراسي والأعلام العربية والغربية، كرسي بقي وحيدا. كان هذا المكان المخصص للسفير الاميركي دافيد هيل. فوجئ الأخير لدى وصوله بأن علم بلاده يتوسط علميّ روسيا وسوريا. طلب من المنظمين تبديل المكان، وبما أنهم لم ينصاعوا لطلباته «حرد» مغادرا القاعة. ما همّ، «منكمّل بللي بقيوا». والباقون كثر: سفراء ودبلوماسيون روس وأرجنتينيون وفرنسيون وبريطانيون ومن الاتحاد الاوروبي وبرازيليون وسوريون وإيرانيون وجنوب افريقيون وإيطاليون وألمان و...
بدأت أعمال يوم السبت بكلمات للوفود المشاركة، وكان القاسم المشترك بينها التركيز على «الهواجس التي يشعر بها المسيحيون في المشرق». تحدثوا عن التضييق عليهم في الوزارات، الاضطهاد الذي يعانونه، وأسلمة المجتمع التي تدفع بالمسيحيين الى الهجرة. دوّن الديبلوماسيون الملاحظات، لينتهي بذلك المحور الاول.
السفير الروسي الكسندر زاسبيكين توقع في حديث مع «الأخبار» أن «يسجل اللقاء نتائج ايجابية على كافة النواحي». قال إن «روسيا تسعى الى التسوية السياسية من أجل الوصول الى الحلول السلمية للنزاعات وتأمين العيش المشترك والتسامح بين الجميع». النائبة في مجلس الشعب السوري ماريا سعادة رأت أن المسيحيين «يواجهون صراع مفاهيم وتحريضاً طائفياً». هي تريد بقاء المسيحيين في سوريا، أما هم «ففي حاجة الى بعضهم بعضاً ولنشر المفهوم الصحيح عن الاسلام لا ذاك التكفيري». يتشارك عادل لبيب من مصر رأي زاسبيكين بأن «هذه المبادرة لم تحدث من قبل»، الا أنه لا يخفي توقعه ان «مشاكل المسيحيين لن تحل».
خلف الابواب المقفلة، تصادم الوفدان المصري والفلسطيني. فقد كشف أحد المنظمين لـ «الأخبار»عن جدل بين الاثنين، «فالمصري يريد أن يتبنى اللقاء الهجوم أولا على الجماعات الاصولية، فيما يريد الفلسطيني التركيز على الاحتلال الاسرائيلي». انتهى الامر بالاتفاق على الحديث عن الخطرين. تركز البحث على اتجاهين. أولا «رفض التدخلات الاجنبية والخطر الناتج عنها»، وثانياً «التطرف الاصولي الديني، وخصوصاً الوهابي»، استنادا الى أحد المشاركين.
ختام اليوم الاول كان بعشاء جمع الديبلوماسيين والوفود المشاركة بالنائب ميشال عون. لم ينتج عن المائدة شيء مهم، «فقد كانت مناسبة اجتماعية لا أكثر».
ليس من عادة المجمّعات التجارية أن تزدحم صبيحة أيام الآحاد، الا أن البارحة كان استثناءً للمجمّع الملاصق لمكان عقد اللقاء. اما السبب، فهو عون. حضر غالبية أعضاء تكتل التغيير والاصلاح، فرئيسهم سيلقي كلمة باسم «المشرقيين». ما دفع أحد الصحافيين للسؤال ممازحاً «أهو لقاء مسيحي أم لقاء للتكتل؟». بداية اليوم الثاني كانت مع الوثيقة الصادرة عن اللقاء، تلا ملخصها الزميل جان عزيز، الذي تحدّث عن الخطر على الوجود المسيحي في الشرق، وأن «زوالهم من أرضهم سيغرق المنطقة في حروب لا تنتهي». أما ما عملت عليه اللجان المنبثقة من اللقاء، ووضعت له أوراق عمل كاملة، فهو: «الشراكة المتوازنة والمتعاونة على مستوى بنى الدولة اللبنانية، الدفاع عن الشراكة نفسها على صعيد أنشطة المجتمع، والدفاع عن مقومات هذه الشراكة، وخصوصا في الديموغرافيا والجغرافيا». بعد ذلك، قدّم ممثل لكل من اللجان الخمس ملخصا عن عمل لجنته. ليتوالى بعدها على المنبر المتكلمون باسم الوفود العربية. خرج الفرزلي من القاعة قبيل إلقاء الوفد السوري كلمته، والسبب بلبلة حول من يتحدث باسمه. مستشارة الرئيس بشار الاسد كوليت خوري أرادت القاء كلمة، فيما الوفد كان قد اختار النائبة سعادة. حل الفرزلي الموضوع بالاكتفاء بكلمة سعادة. الوحيد الذي خرج عن مضمون الكلمات كان ممثل الوفد الاردني، الذي تحدث عن «الوضع الجيد» للمسيحيين في «المملكة». ومسك الختام كان مع رئيس أكبر كتلة مسيحية لبنانية. بـ «وحدة الايمان المسيحي والشراكة»، بدأ عون كلمته، «نجتمع للتفكير معا في الأخطار التي تهدّد وجودنا في المشرق، بعدما تعاظمت الاخطار مع بداية ما سمي الربيع العربي بسبب التحركات المتطرفة التكفيرية». تمنى انتصار «الاسلام الحقيقي»، قبل أن يتساءل عما يدور في بال الدول العربية التي «تستبدل الحرب ضد اسرائيل بحروب اسلامية ـــ اسلامية يُضطهد فيها المسيحيون». وأوضح أن «ما نريد بحثه اليوم هو ماهية الدور المسيحي»، منبّهاً القيمين على الانظمة من «أن من واجبهم أن يتطلعوا الى ما يجري حولهم قبل أن تتحول بلدانهم بؤراً من النار يصعب اطفاؤها». ولم ينسَ عون الخلل في ممارسة الحكم الذي «يوجب علينا اعتماد نهج تغييري وبرنامج اصلاحي، فهما يمثلان أساس العمل السياسي». تنفس الحاضرون الصعداء عند انتهاء كلمة عون، بات بامكانهم المغادرة. وسط الزحمة ضحكة الفرزلي كانت بارزة: «نجاح اللقاء فوق المتوقع». يقول لـ «الاخبار» إنه «أهم مؤتمر بسبب مستواه، ونوعية الوفود ومستواها، ودعوة الدول المشرقية». وكشف «أننا سنبدأ الإعداد لمؤتمر مسيحي مشرقي يجمع مسيحيي المشرق في الاغتراب». وبرر اختيار عون لالقاء الكلمة السياسية «بأنه من أول من أبدى دعمه الكامل للقاء»، فيما «الرئيس أمين الجميل باركنا، لكنه اشترط أن يكون تحت مظلة بكركي . أما سمير جعجع، فما زلنا في انتظار أن يحدد موعداً لاستقبالنا، وسنبقى نحاول الاتصال به، لان الغاية هي الوحدة».
ما بعد المؤتمر هو بلورة مجموعة لقاءات مع الدول الغربية والعربية، وتمتين العلاقة بين المسيحيين على اختلاف تنوّعاتهم، إضافة الى انشاء لجنة متابعة أمينها العام رئيس رابطة السريان حبيب افرام.
يمكنكم متابعة ليا القزي عبر تويتر @azzilea


No comments:

Post a Comment