Ferzli Blog

Saturday, May 9, 2020

مقال الدكتور سامر عوض عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا)


  1. لم يفاجئني كتاب ايلي فرزلي
  2. بقلم سامر عوض



قرعت جرس الهاتف في احدى ظهيرات يوم من أيام شهر نيسان 2018، فضربت موعدا مع الرئيس أيلي الفرزلي، وإذا به يحدد لي موعدا للقاء دام بعض الساعات. خرجت من ذاك اللقاء الودي بالانطباع ذاته، الذي راودني عندما قرأت كتاب الرجل تحت عنوان "أجمل التاريخ كان غدا" لكنه من المفارقة الكبيرة بالنسبة لي فأن الكتاب بمثابة موسوعة تلخص تاريخ لبنان السياسي الحديث، منذ بدايات القرن المنصرم حتى مطلع القرن الحالي. فهو كتاب لرجل لكنه يجسد مرحلة يطير طيفها ليطال كل ما ارتبط به وبدولته من شخصيات ودول و سياقات واحداث. فمن المستغرب بمكان أن يتحدث سياسي ممارس بهذه الطلاقة التي رأينا ذروة صراحتها على رأس قلمه المدمى بنار لبنان ونور مشرقه خلال عقود طوال من الزمان. حيث أن هذا الكتاب ليس مجرد مذكرات أو ذكريات أو تحليلات، بل هو سبر لعمق النفس البشرية واختلاجاتها بكل ما لها وما عليها. إذ أرجح أن يكون الفرزلي قد أرخ دقائق وتفاصيل حياته السياسية برمتها يوما بيوم ولحظة بلحظة؛ فأرشفها وأعادها إلينا اليوم مبلسمة بمحاكاته ومحاكمته لتلك المشاعر الجياشة، التي تخللت مواقفه ومواقعه ورؤاه. فقد تعرض مستطردا للكثير من الحوادث والمجريات التي تفسر لنا ظواهر لم نكن نفهم حيثياتها؛ لجهلنا خبايا كواليسها كفلسفة دخول القوات السورية إلى لبنان وخروجها منه بعد حوالي التسعة والعشرين عاما، حيث يقدم نموذج السياسي السابق الصريح حد جرح الحقيقة في عمق قلبها لتنزف دما يحوله يراعا. وكل هذا يكون مربوطا بريشة سعيد عقل الزحلي النشأة والعالمي الصيت الذي قال أن أجمل التاريخ كان غدا. فقيمة الكتاب أنه لا يقف عند الحقائق بل بنتقل لينطلق، منها متمنيا على المستقبل ومنه أن يكون أجمل. حبث فتحت هذه المذاكرات التي تدارسها لمجلدات كانت قد أقفلت بالشكل الذي فتحته كحربي زحلة، وأغلقت أبوابا من الجدال البيزنطي السريالي بوثائق دامغة حقيقية ككواليس نهاية رئيس قوات الاستطلاع السوري في لبنان غازي كنعان. هو كتاب للتاريخ ومن اجلنا ليس مجرد صفحات نقلبها، بل وثائق ومستندات يجدر دراستها وتفحصها وتمحيص دقائقها ودلالانها. حيث يتحدث مثلا عن كواليس اختيار الرئيس الهراوي ومنطق التمديد له، مما يذكرنا بكميل منسى وكتابه عن تلك الحقبة حين يقول الهراوي عند سؤاله عن هذه التفاصيل، أن من مدد لي و اختار الرئيس لحود هو سوريا. لكن الجديد في الامر هو الدوافع الجدية الدقيقة التي حثت أصحاب القرار في تلك الفترة لتبني هذا النهج. فمن المستغرب في مكان أن يبقى الكتاب محافظا على ذات الحرارة و الحنية والشفافية، منذ فاتحته حتى خاتمته. فقد كتب بريشة واحدة وقلب وروح واحدة، حيث يبدأ القارئ بترصد ليتوقع الموقف لأنه عرف مبدأ الكاتب ومنطلقه والأهداف منها التي يرمي لتحقيقها. حيث يذكر أن الاستقالة من الدور يعني الاستقالة من الوطن، وهو حتى في أشد مراحل حياته وطأة لن يتوانى ولو للحظة واحدة عن المبادرة للوي ذراع أي يد تمتد لتقطع أي جسر، لا بل سعى لمد جسور بين الأفرقاء فوظف علاقاته لخدمة وطنه كما جاء في الفصل الذي يتحدث عن إعادة المياه لمجاريها بين بكركي ودمشق. لكن هذا النفس المبادراتي لا يغير من مدى حدية موافق الرجل، إن تطلبت ذلك. حيث ذكر بسياق ما واصفا أحد رؤساء الوزراء ومسميا إياه ووصفه بأنه يحمل كل مواصفات نكران الجميل. آمن الفرزلي بضرورة التعددية ولا سيما في الإعلام، فإذا كانت الفوضى في الإعلام مصيبة فإن أحاديته كارثة. يؤكد الكتاب كلام معالي الأستاذ كريم بقردوني أن الفرزلي من دون السياسة لا يستطيع أن يعيش، فهذا ما يدفعنا لتفسير الشخصية الزحلية من خلال الكتاب، فعندما تتطالعه تشتم من شرفة الكتاب رائحة أشجار البقاع وتتذوق طيب شراب كرمها. فهو ليس كتاب قائم بذاته، بل جزء من تراكمات عائلية تظهر استخلاصاتها في نفحات استطلاع الكاتب. فهو لم يولد سنة ١٩٤٩ بل هو تراكم تجارب وخبرات ترى نتائجها في صفحات الكتاب، فهو لا يحمل راية العائلة بل يتحمل وزر تدبيرها. قد توافق أو تعارض ما يقدم لك الكتاب وصاحبه، لكنك لا تستطيع الا ان تحترم ما قاله، لانه نتيجة جد وتعب وكد دون كلل بشكل مستمر ومتواصل. حيث جاء إلى السياسة من باب المحاماة كالمنطق اللاتيني الذي يعتبرها ميدان للدفاع عن الحقوق والمطالبة بها. فهو أمين ليتحدث عن خصال أخصامه كالهراوي وأن يبرر موقف سوريا في تلك الحوادث التي كانت تحصل كاختيار الأشخاص والتسويق لهم مظهرا في كل ذلك توجهاته وتوجساته فيبين الإخفاقات تارة والانتصارات طورا والهزائم في حين أخرى. يذكرنا هذا الكتاب بمذكرات كيسنجر بالنسبة لأميركا ومذكرات ونستن تشرشل بالنسبة لبريطانيا وكتاب الأسد والصراع على الشرق الأوسط عن سوريا ،وأعتقد أنه سيتم ترجمة هذا الكتاب إلى لغات عدة لأنه لم يسبق ربما مقاربة المواضيع التي تناولها هذا الكتاب بالدسم والعمق والتكثيف ذاته الذي تمت معالجة الكتاب على أساسه. سيصبح هذا الكتاب مرجعا يعود إليه كل دارس لهذه الحقبة ليميز بين النص و ما حوله فلا تعود الآراء جوهرا منفصلا عن الواقع بل هما تؤمان أزليان لا ينفصم عراهما. ينقل الكتاب صاحبه من اصطفاف وطني إلى بعد إقليمي سخر كل ما يمكن من أجل قضية لبنان كما يراها ويشعر بها فتراه ثابت والسياسة تتغير حيث يقدم لك الفلسفة و التأريخ و التاريخ والسياسة،بقالب سهل ممتنع وكأنك تتطالع رواية زحلاوية بحبر لبناني وبعد وطني وورق مشرقي ونفحة إنسانية.

Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 11:46 PM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Wednesday, January 29, 2020

مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا


بقلم الصديق الدكتور فهد عكروش
فَرَغْتُ لِلتَّوِّ مِنْ قِراءَةٍ دَقيقَةٍ وَمُرَكَّزة لِمُذَكِّراتِ نائِبِ رَئيسِ مَجْلِسِ النُّوّابِ إيلي الفُرْزُلي بَعْدَ أَنْ كَلَّفَني فَشَرَّفَني في هَذِهِ الْمَهَمَّةِ الّتي تَدُلُّ عَلى ثِقَةٍ وَمَحَبّة وَتَقْديرْ.
مَهَمّةٌ لَيْسَت سَهْلَةً إنَّما مَحْفوفَةً بِروحِ الْمُغامَرَةِ وَإِعادةِ اكْتِشافِ مَرَحَلَةٍ حَسّاسَّةٍ مِنْ تاريخِ لُبْنانَ الْحَديثِ أَعادَ كِتابَتَها الرَّجُلُ وَهُوَ مِنْ صُلْبِها وَحَرَكَتِها أَماطَ اللِّثامَ عن مُدَّةٍ حَرِجَةٍ مِنْ تاريخِ الْبِلادفَأَتى قابَ قَوْسَيْ الرَّجُلِ "أَجْمَلُ التّاريخِ كانَ غَداً" حَوالي ٨٠٠ صَفْحَةٍ كُتِبَتْ بِميزانِ ذَهَبٍ تَراصَفَتْ كَلِماتُهُ الْمُثْخَنَةُ بِتَجْرُبَةِ الرَّجُلِ وَقِيَمِهِ السِّياسِيَّةِ وَالْفِكْرِيَّةِ.
أَنْ تَقْرَأَ إيلي الفُرْزُلي هَذا لَيْسَ سَهْلاً فالرَّجُلُ مَطْبَخٌ سِياسِيٌّ مُتَكامِلٌ تَسْتَطيعُ النَّفاذَ مِنْهُ إلى عَوالِمِ السِّياسَةِ اللُّبْنانِيّةِ المُعَقّدَةِ بِعِلاقاتِها الإِنْسانِيّةِ وَعِلاقاتُ السُّلْطَةِ المُتَبادَلَةِ وَتَفاعُلاتِها وَمُمارَساتها الإِتِصالِيّةِ الّتي يَتَوَقَّفُ عِنْدَها الرَّجُلُ لِما تَنْطَوي عَلَيْهِ من مَلامِحٍ وَإيحاءاتٍ تَتَقَدَّمُ مَعَها العلاقات السياسية او تتراجع على ضوء معطياتها.
تُساعد المذكرات لما فيها من خلاصات وتجارب فردية في انتقاء ما يتلائم منها مع الراهن الفردي والجماعي والسياقات العامة والكشف عن ملامح تطور العلاقات الاجتماعية والسياسية من منظور العائلة الفُرْزُليَّةِ التي اكتسبت غناها من محيطها المتنوع بقاعياً وأكسبته غناها وخبرتها ورؤيتها للأمور انطلاقاً من جدي ملحم الطبيب العائد (راجع القسم الاول "البيت العتيق) من شيكاغو والذي افرد له مساحة واسعة فهو الاب المؤسس والمدبر والجد المرجع مرورًا بالعم أديب النّائب "بلبل المجلس" وصولاً الى نجيب الأب والمحامي اللامع تتوالى فصول الكتاب المسندة والمستندة الى مراجع وهوامش تكاد معها لا تجد أية انفراط لعقد لغوي او علمي او بحثي.
ما خلت صفحات الكتاب من صفحات حملت روح الهزيمة التي اصابت العائلة التي كانت مع كل صفعة تقف من جديد أقوى وأمتن (راجع القسم الثاني "خيبات وملمّات").
وإذا كان الطفل أب الرجل حمل (راجع القسم الثالث "البدايات") ملامح الطفل ايلي حينذاك الذي لم تَرُق له دراسة الطب فطرده الوالد من المنزل بعد ان عرف ان ابنه يدرس سِرّاً الحقوق فتدخل العم شكيب على الخط مصالحاً الاب مع ابنه تلحظ في هذا القسم الملامح التي ستستقر عليها شخصية ايلي الطفل والمراهق مستقبلاً عندما سيصبح شاباً رسمت المحاماة والسياسة هويّته العريضة.
ما اكتفت المهنة في تكوين هذا الشاب الذي حمل مُحيّاه ملامح بشير الجميّل بل حملته الحرب باكراً ليقف خلف متاريس المفاوضات والوساطات التي لم يسلم هو شخصياً من شظاياها لكنّ خلاصة "الحل الزّحلي" ذلك الحين كانت عصارة جهد هذا الرجل في تضميد جراح زحلة المدينة التي "لا يأمن وجهها لظهرها ولا ظهرها لوجهها" (راجع القسم الرابع "حرب السّنتين").
لم يكن "الزمن السوري" سهلاً على الرجل الذي تلقّفه كالجمر في الأيدي فكان فيه مرجوماً مظلوماً كان قريباً وبعيداً في آنٍ مَعاً عن هذا الزّمن الصّعب الذي رافقه بحَذَر ومضض ومشقّة مع كل ما رافق ذلك الزمن من شخصيات دينية ودنيوية (راجع القسم الخامس "الزمن السوري")
ولـ"الزمن السوري" في كتاب المذكرات النفيس ظلّه في الحرب كما في (السلم) وما بين الامتدادين خفايا اسدل الرجل عنها السّتار للمرة الاولى ما بعد اتفاق الطائف منها المتعلق بميشال عون وما علق ايضاً بين رنيه معوض وإلياس الهراوي وصولاً الى صفقة "بوما" وبراءة أمين الجميّل منها والتي حاكها الفرزلي على نوله ليستقر آخر الكلام عن رفيق الحريري بما له وما عليه. (راجع القسم السادس "في ظل الطائف").
والدور المسيحي المنحصر ذلك الحين له حصة كبيرة من الكتاب الذي عمل صاحبه على تقريب وجهات النظر بين المسيحيين والواقع الجديد وقتذاك من خلال "الحوار الصعب" مع الرهبان والرهبانيات (المارونية على وجه الخصوص) ليتعدى الكلام في هذا السياق الى الدور الفاتيكاني واوجه العلاقة الفاتيكانية مع مسيحيي لبنان. (راجع القسم السابع "الدور المسيحي")
وإذا كانت المذكرات تحمل بُعداً محلياً بطبيعة الحال والواقع المرتبط بكاتبها لكنها حملت في طياتها بُعداً عالمياً (راجع القسم الثامن "إطلالة على العالم") من خلال الدبلوماسية البرلمانية وسلطة الاعلام العالمي والجولات العالمية بين العواصم العربية والغربية دون ان يغفل الرجل عن الحديث عن ارتباط هذه النقاط بالسياق المحلي من نتائج وتأثيرات. (راجع القسم الثامن "إطلالة على العالم").
ما كانت العلاقة مع إلياس الهراوي ناجحة ولم يجمع بينهما سوى الاسم الاول فالعلاقة طوال العهد كانت مضطربة لاعتبارات مختلفة (راجع القسم التاسع "سنوات من العثرات").
لم يغفل ابن العم أديب في مذكراته عن قوانين الانتخاب التي ارتبط اسمه بها في القديم والحديث فكان عرابها خصوصا بعد "الاقتراح الأرثوذكسي" الذي ارتبط باسمه ذخرت المذكرات بالأرقام والدوائر والتحالفات ورسم ملامح المجتمع الانتخابي (راجع القسم العاشر "الائتلاف المستعصي").
يعترف الفرزلي في متن الصفحات المقبلة برهانه الخاطىء و"الانقلاب الذي ظل فكرة" على عهد الهراوي (راجع القسم الحادي عشر "الرهان الخاطىء").
وصولاً الى عهد أميل لحود يُبدي الفرزلي في مذكراته امتعاضاً كبيراً من العهد والمحيطين به ويقف بإسهاب حول العلاقة بين بكركي وقرنة شهوان وسياسة مد اليد التي اتبعها تجاههما (راجع القسم الثاني عشر "القطيعة").
صعباً كان وقع التمديد لإميل لحود على ايلي الفرزلي و"مكلفاً" كان هذا التمديد (راجع القسم الثالث عشر "الخليفة")
"الزلزال" هكذا وصف الفُرْزُلي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مُسهباً في اجتراح الوصف وتشخيص الألم الذي رافقه بعد الاغتيال على المستوى الفردي والوطني مُدركاً عمق الأثر وصعوبة المرحلة وما كان يُحاك للبلاد من خلال هذا الاغتيال "الجريمة البشعة" وتكر السبحة في تقديم الشروحات وعرض النتائج الناجمة عن هذه الجريمة سواء على المستوى الشخصي ام الوطني (راجع القسم الرابع عشر: "الزلزال").
ويتحدث الفرزلي في مذكراته التي ارادها "الى كل الذين يعملون ليكون لبنان وطناً ديمقراطياً نهائياً لجميع اللبنانيين" عن كيفية وصول العماد ميشال عون الى بعبدا وعن العلاقة بينه وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله (راجع القسم الخامس عشر: "رؤى لتحول لم يحصل").
متمهلاً في عرضه ومتخصصا بدا الفرزلي في مذكراته شغوفاً بحديثه عن قانون الانتخاب لاسيما القانون الأرثوذكسي الذي بدأ اقتراحاً ثم لقاءً فقانوناً غائصاً حتى العظم في حشد الحجج والبراهين والأسباب الموجبة لهذه الولادة "المستقيمة" التي تقف خلفها عوامل وجودية لم ينم الفرزلي الى ان ابصر مشروعه النور هو الذي وصل الليل بالنهار حتى اصبح حلمه الذي هو حلم كثيرين (سواء بالعلن او بالسر) حتى صار حقيقة واقعة. (راجع القسم السادس عشر "الأرثوذكسي خطوة... خطوة).
لم تغب عن مذكرات الفرزلي رؤيته واستشرافه للبنان والإقليم من خلال مجموعة مقالات واوراق بحثية عن روسيا وسوريا والفاتيكان ومصر (راجع القسم السابع عشر "آراء ومواقف").
"مظلوماً ايلي الفرزلي في مذكراته" على حد تعبير الكاتب الكبير جهاد الزين لانه يُصعب ان تفيه حقه في بضعة سطور وكلمات هو الذي ان قصد لكتب ٨٠٠ صفحة أخرى لتجربة رجل ووطن وإنسان.

Image may contain: 1 person, standing and outdoor
23Charbel Laham, Lerissa Ferzli and 21 others
3 Comments1 Share
Like



Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 10:20 PM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Thursday, March 15, 2018

تكريم ايلي فرزلي في جامعة الحكمة بتاريخ 4 نبسان الساعة 7 مساء

لا الصدفةُ الحسنة ولا قدرةُ من رمى فأصاب ولا دواليب الحظِّ وقعت جميعها على الرقم الصعب هو الاختيار البريء من كل شائبة، اختيارُ المميّزين الاربعين المكلّلين بالعلم والذكاء والسؤدد في"لقاء العمرين"، مع جامعة الحكمة التي تحمل كلَّ معاني الحكمة، والتراثَ الضارب في أرض العلم حتى نواتها.
هذان الصرحان المارونيان البيروتيان يقرّران تكريم الارتوذكسي البقاعي أيلي الفرزلي.
... إيلي الفرزلي عاشق الوطن النحرير، ومركزُ الجاذبية في المعادلات الوطنية، ونقطةُ البيكار في محبة لبنان بكل ما فيه وبما له وعليه.
رجل الفصول المتجدّد، والذي إذا وقفَ متكلّمًا لا يُلحن ولا يُخطىُ ولا يتلكّأ، ولا يدخل في موضوعٍ ويخرجُ منه وقد بقي منه شيء.
تقرأ في عينَيه ما يفوتُك من كلامه. وتتقرى في تقاسيم وجههِ ما به ينبض قلبه، تُحسُّ أنّه معكَ ومنك وفيك.
عربيٌّ يحمل في صوته عراقةَ قحطان وعُدّي وقُصّي ويعرب.
هذا هو إيلي الفرزلي الذي تحتفل به الحكمة، ولقاء العمرين بتاريخهما العابق بعطر العلم والحكمة والمعرفة.
Image may contain: text
Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 11:55 AM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Monday, February 19, 2018

min · ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ : أكثر من رائع

1 min ·
ﺣﻮﺍﺭ ﻣﻊ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ : أكثر من رائع
#######################
#ﻣﻦ_ﺃﻧﺖ ؟
*********
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻈﺮ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺑﻲ

ﻭﺃﺳﻤﻌﺖ ﻛﻠﻤﺎﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻪ ﺻﻤﻢ
*****************************
#ﻣﻦ_ﺃﺑﻮﻙ ؟
**********
ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻲ
ﺇﻥ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﺎ ﺃﻧﺬﺍ
***************************
#ﻛﻢ_ﻟﻚ_ﻣﻦ_ﺍﻟﻌﻤﺮ ؟
****************
ﻣﻀﻰ ﺑﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻳﺤﺚ ﺍﻟﺮﻛﺎﺑﺎ
ﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺼﺒﺎ ﻣﻨﻲ ﻭﻭﻟﻰ ﺍﻟﺸﺒﺎﺑﺎ
***************************
#ﺃﺗﻌﻨﻲ_ﺑﺬﻟﻚ_ﺃﻧﻚ_ﺗﺘﻤﻨﻰ_ﺍﻟﻤﻮﺕ ؟
**************************
ﻛﻔﻰ ﺑﻚ ﺩﺍﺀ ﺃﻥ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺷﺎﻓﻴﺎً
ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﻤﻨﺎﻳﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻦّ ﺃﻣﺎﻧﻴﺎ
************************
#ﻫﻞ_ﻟﻚ_أﺻﺪﻗﺎﺀ ؟
***************
ﻭﺣﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻠﺪﺓ
ﺇﺫﺍ ﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻗﻞّ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪ
**************************
#ﻭ_ﻛﻴﻒ_ﻫﻲ_ﺑﻼﺩﻙ ؟
*****************
ﻛﻢ ﻣﻨﺰﻝٍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻳﺄﻟﻔﻪ ﺍﻟﻔﺘﻰ
ﻭﺣﻨﻴﻨﻪ ﺃﺑﺪﺍً ﻷﻭﻝ ﻣﻨﺰﻝ
************************
#ﺍﻟﻤﻌﺬﺭﺓ_ﺳﺆﺍﻝ_ﺷﺨﺼﻲ
********************
#ﻫﻞ_ﺃﺣﺒﺒﺖ ؟
***********
ﻏﺰﺗﻨﻲ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺤﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ
ﺇﺫﺍ ﺣﺎﻥ ﻣﻦ ﺟﻨﺪٍ ﻗﻔﻮﻝٌ ﺃﺗﻰ ﺟﻨﺪ
***************************
#ﻭ_ﻛﻴﻒ_ﺑﺪﺃﺕ_ﻗﺼﺔ_ﺣﺒﻚ ؟
***********************
ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺅﻣﻦ ﺑﺎﻟﻌﻴﻮﻥ ﻭﺳﺤﺮﻫﺎ
ﺣﺘﻰ ﺩﻫﺘﻨﻲ ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ
**************************
#ﻭ_ﻣﺎﺫﺍ_ﻛﺎﻥ_ﻋﺮﺑﻮﻥ_ﺍﻟﺤﺐ
#ﺃﻭ_ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ_ﺍﻟﺬﻱ_ﻗﺪﻣﺘﻪ_ﻟﻬﺎ ؟
************************
ﺿﻤﻨﺖ ﻟﻬﺎ ﺃﻻ ﺃﻫﻴﻢ ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ
ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻘﺖ ﻣﻨﻲ ﺑﻐﻴﺮ ﺿﻤﺎﻥ
*************************
#ﻟﻜﻞ_ ﻣﻨﺎ_ﻋﻴﻮﺑﻪ_ﻓﻤﺎ_ﻫﻲ
#ﻋﻴﻮﺏ_ﻣﺤﺒﻮﺑﺘﻚ ؟
****************
ﺇﺫﺍ ﻋﺒﺘﻬﺎ ﺷﺒﻬﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﻃﺎﻟﻌﺎً
ﻭﺣﺴﺒﻚ ﻣﻦ ﻋﻴﺐ ﻟﻬﺎ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺒﺪﺭ
****************************
#ﻭ_ﻛﻢ_ﻣﺮﺓ_ﺃﺣﺒﺒﺖ_ﻳﺎ_ﺃﺑﺎ_ﺍﻟﻄﻴﺐ ؟
****************************
ﻧﻘّﻞ ﻓﺆﺍﺩﻙ ﺣﻴﺚ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻮﻯ
ﻣﺎ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻻ ﻟﻠﺤﺒﻴﺐ ﺍﻷﻭﻝ
*****************************
#ﻫﻞ_تحققت_أﻣﻨﻴﺎﺗﻚ_ﻓﻲ_ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؟
***************************
ﻣﺎ ﻛﻞّ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻳﺪﺭﻛﻪ
ﺗﺠﺮﻱ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﺸﺘﻬﻲ ﺍﻟﺴﻔﻦ
**************************
#ﻗﻞ_ﻟﻲ_ﻫﻞ_ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ_ﺃﻥ_ﺗﻜﺒﺢ
#ﺟﻤﺎﺡ_ﻧﻔﺴﻚ ؟
************************
ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﺘﻬﺎ ﺗﺘﺤﻤﻞ
ﻭﻟﻠﺪﻫﺮ ﺃﻳﺎﻡ ﺗﺠﻮﺭ ﻭﺗﻌﺪﻝ
**************************
#ﻣﺎﺫﺍ_ﺗﻄﻠﺐ_ﻣﻦ_ﺍﻟﻠﻪ ؟
********************
ﺩﻋﻮﺗﻚ ﺭﺑﻲ ﻟﺘﻐﻔﺮ ﺯﻟﺘﻲ
ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺰﻻﺕ ﺣﻴﻦ ﺗﻌﺪ
**************************
#ﻣﺎ_ﻣﺪﻯ_ﻋﻼﻗﺎﺗﻚ_ﻣﻊ_ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻚ؟
***************************
ﻭﻏﻨﻲ ﻟﻨﺠﻢ ﺗﻬﺘﺪﻱ ﺻﺤﺒﺘﻲ ﺑﻪ
ﺇﺫﺍ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺳﺤﺎﺏ
****************************
#ﻣﻦ_ﺗﻔﻀﻞ_ﻣﻦ_ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ؟
**********************
ﺃﻋﺰ ﻣﻜﺎﻥٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺟﻰ ﺳﺮﺝ ﺳﺎﺑﺢٍ
ﻭﺧﻴﺮ ﺟﻠﻴﺲٍ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﻛﺘﺎﺏ
*************************
#ﻛﻴﻒ_ﺗﺮﻯ_ﺃﺻﻨﺎﻑ_ﺍﻟﻨﺎﺱ
#ﻓﻲ_ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؟
*******************
ﺫﻭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺸﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺑﻌﻘﻠﻪ
ﻭﺃﺧﻮ ﺍﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻘﺎﻭﺓ ﻳﻨﻌﻢ
*****************************
#ﻛﻴﻒ_ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ_ﻣﻊ_ﺍﻟﻨﺎﺱ ؟
*********************
ﺇﺫﺍ ﺃﻧﺖ ﺃﻛﺮﻣﺖ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻠﻜﺘﻪ
ﻭﺇﻥ ﺃﻧﺖ ﺃﻛﺮﻣﺖ ﺍﻟﻠﺌﻴﻢ ﺗﻤﺮّﺩﺍ
Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 12:01 AM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Monday, December 11, 2017

ثمانون سليمان الفرزلي ( 'اطال الله بعمرك) اديبا و مؤرخا و صحفيا و مثقفا و شاعرا و قريبا و صديقا و رفيقا

ثمانون
سليمان الفرزلي ( 'اطال الله بعمرك) اديبا و مؤرخا و صحفيا و مثقفا و شاعرا و قريبا و صديقا و رفيقا

١١ كانون الأول ٢٠١٧

ثمانون عاماً أصبُّ الحبرَ في الورقِ
وأُعمِلُ الفكرَ في نومي وفي أرقي

وما جنيتُ كثيراً من منافعها سوى
ما حلَّلَ الله، بالجهدِ والعَرَقِ

فكم سهرتُ ليالٍ لا أبارحها
أضمِّخُ الحرفَ مسكاً، فاحَ بالعبقِ

كثُرَ القليلُ لمن بالعقل منفتحٌ
كما قلَّ الكثيرُ لكلِّ منغلقِ

كثُر القليلُ لأن الحبَّ باركه
كنفحةِ العطرِ تمتدُّ في الأفقِ

يا أسرعَ الحاسبين، صرتُ اليوم
محتسباً، اليه، فلا خوفي ولا قلقي

للاَّدغين لا أرجو لهم لَدَغاً
فما طُرُقُ الأشرارِ من طرُقِي

عتقُ الرقاب للمسترحمين منى
فليس همِّي مع الأيام في عَتَقِي

عتقتُ نفسي بنفسي من بدايتها،
بعيداً عن زحام الناس في النفقِ
With
Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 11:19 PM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Friday, December 8, 2017

رسالة رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري إلى أسرة الجامعة في ما يتعلق بقضية القدس

رسالة رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري
إلى أسرة الجامعة في ما يتعلق بقضية القدس


أعزائي أفراد أسرة الجامعة الأميركية في بيروت،
في 26 تموز، أشاد الرئيس دونالد ترامب بالعلاقات الأميركية اللبنانية. وكان يقف إلى جانبه عضو مجلس أمنائنا رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وقد أثنى الرئيس ترامب على لبنان "المناصر للاستقرار" في منطقة مضطربة. وفي التفاتة تُذكر، أشار إلى الجامعة الأمريكية في بيروت لمهمتنا المستمرة منذ مئة وخمسين عاماً "لتثقيف أجيال من القادة" بالدعم الأميركي.
هذا الأسبوع، جعل الرئيس ترامب مهمتنا بإنشاء قادة مفكّرين ومعتدلين ومتقبّلين أكثر صعوبة عندما اعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، مقوّضاً الجهود الأميركية لقيادة السلام في الشرق الأوسط بشكل فعّال.
منذ إنشائها في العام 1866 لتمكين الشعوب العربية بالتعليم وحرية الفكر والتعبير، دأبت الجامعة الأمريكية في بيروت على تأييد حق تقرير المصير لسكان هذه المنطقة. وفي 6 شباط 1919، ألقى رئيسنا الثاني هوارد بلس خطبة تاريخية في "مؤتمر باريس للسلام" مطالباً بإنشاء ما دُعي لجنة كينغ-كراين لتحقيق "رغبات وتطلعات" شعوب سوريا العثمانية السابقة. "الحكومات الوطنية التي ستستمد سلطتها من مبادرة الشعوب وإرادتها الحرة" والتي تطلّع إليها الرئيس بلس، تأخّرت كثيراً. وهي لم تتحقق بعد للشعب الفلسطيني.
الالتزام بفلسطين هو واحدة من السمات المميزة للجامعة الأمريكية في بيروت. ففيها صاغ المؤرخ الدكتور قسطنطين زريق مصطلح نكبة (كارثة) العام 1948. وفي الجامعة تشكّل الفكر السياسي والأدبي الفلسطيني بدرجة كبيرة.
هنا علّمنا العديد من الشخصيات الفلسطينية الأكثر تأثيراً، وسنواصل القيام بذلك. وهذا الأسبوع فُجعنا برحيل إحدى هذه الشخصيات، خريجنا وعضو مجلس أمنائنا عبد المحسن القطان (بكالوريوس في ادارة الأعمال 1951)، وهو كان نموذجاً للعناية والمسؤولية الاجتماعية وقُبول الآخر. وهو، مثل آخرين كُثُر، حلم بفلسطينَ مزدهرة ومستقلة يمكن أن تتحقّق عن طريق العقلانية، والتعليم، والعمل الجاد.
نحن نتّفق مع الرئيس ترامب على أنه من الحماقة تكرار أخطاء الماضي. ولكن لا يسعنا الموافقة معه على أن حق إسرائيل في تحديد عاصمتها هو شرط ضروري لتحقيق السلام فيما يُمنع هذا الحق ذاته عن شعب فلسطين. إننا نرى أن هذا لا يتّفق مع القِيَم الأساسية الأميركية للعدالة بالمساواة للجميع، ونخشى أنه سوف يُبعدنا عن هدف الجامعة الأميركية في بيروت "بأن تكون لشعوب المنطقة الحياة وتكون حياة  أفضل." كرئيس للجامعة الأميركية في بيروت، أتبنّى هذه المبادئ الشاملة وأكرر مطالبة سَلَفي بشكل أفضل من المواطنة والحكم، ينبثق من المبادرة والإرادة الحرّتين للشعوب نفسها.



Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 9:24 PM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest

Wednesday, June 7, 2017

أقباط مصر ومسيحيو لبنان: ملاحظات بقلم جهاد الزين

تاريخ النشر June 6, 2017 03:14
A A A
أقباط مصر ومسيحيو لبنان: ملاحظات
الكاتب: جهاد الزين - النهار
  • أقباط مصر
  • مسيحيو لبنان
في الشعور القوي الذي تثيره إعادة “اكتشاف” تعبير ولو غير جديد مثل تعبير “المسيحيين الأوائل” لوصف المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط هناك حقيقة أن النزيف الهائل المتواصل لهؤلاء لا يمكن تعويضه: ليس فقط بالنسبة للمسلمين بل أيضا للمسيحية الغربية نفسها التي لم تستطع دولُها الكبرى أن تنفي شبهة تأثير سياساتها العربية، إن لم يكن تواطؤ هذه السياسات، في تفعيل نزوح هذه البيئة التي استقبلت، بل أسست، المسيحية الأولى.
لست هنا في مجال تأملات أنتروبولوجية إلا بقدر ما يصح التأمل في أنتروبولوجيا المستقبل أو في الانتروبولوجيا كأداة مستقبلية!
المنطقة تشهد منذ 2003 ثم 2011 تحولات من تلك اللاعودة فيها. لكن الذي أثار موجة جديدة من الذعر، ولا أقول المخاوف، هو ظهور التركيز مؤخَّراً على إيذاء وترهيب الأقباط في مصر بشكل ليس مُركَّزاً فقط بل عبثيٌ أيضا بحيث يبدو جميع المتضررين، وعلى رأسهم الدولة المصرية، وكأنهم أمام قدَر لا يمكن ردُّه بسبب تداخل الفاعلين والمشبوهين حتى لو كانت الأداة الطاغية، الواضحة الغامضة معاً، هي أداة النوع الأكثر توحّشاً من الاسلام الأصولي، وهو تيار حديث (مودرن) وليس قديماً.
حتى لا أسمع تعليقاتٍ منتظرةً عن أن “الإكزودوس” ليس مسيحيا فقط بل هو من كل المكونات الدينية والطائفية، وهي تعليقات صحيحة إنما تُستخدم لتهميش الحالة المسيحية الخاصة في هذا الوضع الانهياري، ألفت النظر إلى أننا بصدد التوقف عند هذه الحالة لا لأنها الوحيدة بل لأنها الفريدة. طبعا علينا أن نضيف فورا هنا ان الوجود المسيحي كوجود أقلاوي يحمل معه كل مسألة الأقليات المسلمة الآتية من التراث الإسلامي للمنطقة كالدروز والعلويين والاسماعيليين، أو غير المسلمة وغير المسيحية كما العديد من الأقليات العراقية السابقة للإسلام والمسيحية.
خسارة المنطقة التي لا تعوّض تشمل بل تبدأ طبعا بخسارة يهودها، الخسارة التي أصبحت مكتملة عبر انقراض الحي اليهودي في المدن العربية والمسلمة منذ بدأ ثم نُفِّذ مشروعُ تأسيس إسرائيل في فلسطين. لذلك مسألة الوجود اليهودي اليوم كعنصر قوة في تكوين المجتمعات العربية والمسلمة أصبحت غير قائمة عمليا وهي لا تعني مطلقا وجود المجتمع الإسرائيلي بيننا الذي هو مسألة “جديدة” كليا ومختلفة حتى مع التنامي المتزايد للتسليم العربي والمسلم بهذا الوجود. لكن دولة إسرائيل والعلاقات معها موضوع مختلف عن “الحي اليهودي” الداخلي في مجتمعاتنا.
الضرب على الشرايين القبطية للجسد المصري هو لا شك ضرب ليس فقط لمعنى مصر بل ضربٌ لمصر بذاتها. صحيح أن إمكان استعادة مشروع ديموقراطي تحديثي لمصر ضد النزوع المحافظ الرجعي والتكفيري للإسلام الأصولي، خصوصا بعد موت مشروع ولادة اسلام تركي ديموقراطي على غرار التيار المسيحي الديموقراطي في أوروبا،، المشروع الذي ذبحه في السنوات الأخيرة “حزب العدالة والتنية” بقيادة رجب طيِّب أردوغان…
صحيح إذن أن التحديث المصري مرتبط بتحولات وطاقات النخبة المسلمة وغير منفصل عن المساهمة العضوية للنخبة القبطية فيه. لكن الموضوع يتخطّى ذلك من حيث أنه بات مسألة خطر حقيقي يهدد وجود التنوع المصري.
هكذا تبدو النخبتان “البارزتان” المسيحيتان وبمعنى ما “الباقيتان” (مع كل الاعتذار عن هذا التعبير المجازي بين هلالين من مسيحيي الدول المشرقية الأخرى) هما الكتلة العددية القبطية والكتلة السياسية المسيحية اللبنانية. الأولى تواجه مسألة وجود رغم ضخامتها العددية والثانية تواجه مسألة قلق وتوتر الصيغة السياسية للدولة اللبنانية.
إذا كانت زيارة البابا لمصر قبل أسابيع تعبيرا موفّقا عن رسالة دعم للأقباط وللدولة المصرية تلقّفَتْها الدولة في ظروفها الصعبة باحتضان رصين، فإن انتخاب ميشال عون لرئاسة الجمهورية كقوة مسيحية شعبية أولى في لبنان ( بمعزل عن متاهة النِسب) كان تعبيرا أيضا عن وعي النظام الإقليمي والدولي بضرورة العودة إلى ترجيح سياسي مسيحي جدي داخل الدولة بعد إهمال طويل! لكن مشكلة هذه “العودة” التي يمثلها ميشال عون عدا انسداد آفاق الإصلاح العميق أمامها في ظل نظام وطبقة سياسية قويين وفاسدين، هو انشغال أجنحة المسيحية السياسية العائدة بما أسميه الضعف المبكر أمام الرأسمال الداخلي والخارجي. وهذا ما يجعلها تسقط في فخ الأجنحة الأخرى المتمرسة بلعبة استخدام الرأسمال والنائمة على إرث معروف وذكي من الصفقات ولكنه إرث مكشوف.
لكي أكون صريحا، أنا لا أعترض على الميل الاستراتيجي أو البعيد المدى في طرح مسألة الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة لدى بعض ممثلي العونية السياسية التي تذوق طعم الصدارة الدستورية للمرة الأولى بعد نضال طويل، فهذا الميل أجده حيويا بمعزل عن التوافق أو الاختلاف على طروحاته هنا أو هناك ولو كنتُ أظن أن وسائل جديدة لتعزيز الحضور المسيحي في لبنان، بما يخدمنا جميعا اليوم كلبنانيين، يجب أن تظهر أما استعادة بعض مفاهيم “المسيحية المقاتلة” فقد استهلكتها حرب 1975 – 1990.
إذن الذي أعترض عليه في المشهد المسيحي اللبناني بعد الانتخاب البالغ الدلالة لميشال عون رئيسا للجمهورية ليس هذا النزوع الاستراتيجي المسيحي، خلافا لكثير من الانتقادات التي لا أعيرها أهمية خارج المماحكات التقليدية، وإنما أعترض على الانجراف الذي يظهره البعض ودون مبرر كاف للقبض السياسي على الصفقات الرأسمالية. طبعا أعرف أنه من السذاجة مطالبة قوة حاكمة بعدم وجود صلة لها بالرأسمال الكبير. هذه الصلة بديهية في كل أنحاء العالم. ولكني مُفاجَأ بحجم الانطباع عن اندفاع للسيطرة أو الشراكة الاقتصادية يعطيها بعض من يُفتَرَض أنهم ليسوا بحاجة إلى ذلك، خصوصا أن المستنقع اللبناني يجعلهم يقفون إلى جانب عديدين متنوِّعي الطوائف والطائفيات من هم أكثر تمرُّساً منهم بذلك خبرةً ووقاحة. أتحدث هنا عن المبالغة في الارتباط مع الرأسمال الكبير ولا أتهم أحدا في هذا السياق بالضرورة، إذْ قد تكون هناك ربما افتراءات في التهم ولكن الأكيد أن مناخا “ماليا” غير صحي أو مشوّشاً يواكب انطلاقة العهد الجديد.
الموضوع المسيحي في لبنان هو اليوم موضوع قيادة مسيحيي المنطقة والمساهمة في قيادة إعادة صياغتها إذا أحسن العهد الجديد التخطيط لهذه القيادة، دون السقوط في وهم إمكان “إعادة بناء الدولة”، التعبير الذي بات يكرره كثيرا الرئيس ميشال عون وأنصحه بعدم تكراره لصالح سياسة تثبيت الاستقرار اللبناني ومكافحة ما أمكن من الفساد المسلم المسيحي.
على عاتق مسيحيي لبنان، من حيث هم قوة نوعية (أوسع من ناعمة) تتعلق بالمؤسسات الثقافية والجامعات والليبرالية الاجتماعية والاقتصادية المتأثرة بتقاليد تحديثية، تقع قوة إعادة إنهاض لبنان معنى ودورا بمشاركة الجزء الحيوي الواسع من نخب المسلمين المتمكنة تحديثيا في الداخل والخارج.
لبنان الدولة صعبةٌ إعادةُ بنائه بل المستحيل ذلك. فمعادلة الدولة التافهة – النظام القوي باتت نهائية في الجيل الراهن من المنطقة والبلد. لكن باستطاعة الرئيس عون أن يعطي مثالا لرئاسة غير مشوشة ونظيفة وأن يكشف أو يردع ما أمكنه ذلك. هذا ليس مجرّد كلام إنشائي في البلد الذي تقع على عاتقه اليوم قيادة عملية إنقاذ المعنى السياسي الثقافي للوجود المسيحي في كل المنطقة.
*
** راجع مقال جهاد الزين . السبت 3-6-2017: حذار الانفجار المصري المقبل لأنه سيكون ضد المنطقة.
  • Facebook
  • Twitter
Posted by )مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا at 10:39 PM No comments:
Email ThisBlogThis!Share to XShare to FacebookShare to Pinterest
Older Posts Home
Subscribe to: Posts (Atom)

Follow Me

Total Pageviews

About Me

)مقال الدكتور فهد عكروش عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان غدا
View my complete profile

Blog Archive

  • ▼  2020 (2)
    • ▼  May (1)
      • مقال الدكتور سامر عوض عن مذكراتي (اجمل التاريخ كان...
    • ►  January (1)
  • ►  2018 (2)
    • ►  March (1)
    • ►  February (1)
  • ►  2017 (7)
    • ►  December (2)
    • ►  June (1)
    • ►  March (2)
    • ►  February (2)
  • ►  2016 (21)
    • ►  December (2)
    • ►  November (1)
    • ►  October (6)
    • ►  September (1)
    • ►  August (1)
    • ►  July (5)
    • ►  June (1)
    • ►  April (1)
    • ►  March (3)
  • ►  2015 (51)
    • ►  December (2)
    • ►  November (1)
    • ►  October (7)
    • ►  September (1)
    • ►  August (1)
    • ►  July (3)
    • ►  June (5)
    • ►  May (7)
    • ►  April (3)
    • ►  March (7)
    • ►  February (6)
    • ►  January (8)
  • ►  2014 (83)
    • ►  December (4)
    • ►  November (2)
    • ►  October (9)
    • ►  September (5)
    • ►  August (6)
    • ►  July (9)
    • ►  June (3)
    • ►  May (10)
    • ►  April (5)
    • ►  March (6)
    • ►  February (17)
    • ►  January (7)
  • ►  2013 (164)
    • ►  December (12)
    • ►  November (9)
    • ►  October (4)
    • ►  September (11)
    • ►  August (10)
    • ►  July (13)
    • ►  June (16)
    • ►  May (8)
    • ►  April (17)
    • ►  March (25)
    • ►  February (23)
    • ►  January (16)
  • ►  2012 (101)
    • ►  December (25)
    • ►  November (28)
    • ►  October (29)
    • ►  September (17)
    • ►  August (2)
Picture Window theme. Powered by Blogger.