Thursday, December 1, 2016

عن الطيارين المصريين في سوريا





عن الطيارين المصريين في سوريا

شادي لويس

الأربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦   | عدد القراء 2
عن الطيارين المصريين في سوريا
print
-T
+T
"ومن هذه الزاوية تحديداً سنتبيّن أهمية الدراسة المقارنة بين محمد علي باشا وجمال عبد الناصر، بما يتعدى مسألة الأمن القومي المصري في سوريا... واحد هزم الوهابية السعودية في عقر دارها فربح في سوريا، وآخر خسر في سوريا لأن حربه مع الوهابية السعودية جاءت متأخرة وعلى هوامشها"..

في كتابه "حروب الناصرية والبعث" (2016)، يسعى الصحافي والكاتب اللبناني، سليمان الفرزلي، إلى النظر في مصائر المنطقة العربية ومآلات ثوراتها بالرجوع إلى قيام الوحدة المصرية السورية وانهيارها، متخذاً من صراعات الناصرية مع البعثين السورى والعراقي، مرجعية، لتفسير تاريخ بلدان المنطقة، ومحوراً لمآسيها. وبغض النظر عن رجاحه تحليل الفرزلي ودقته، فإن طرحه ينطلق من فرضيتين جديرتين بالفحص. 

أولاً، يركن الفرزلي إلى منطق الحتمية الجغرافية، والتي لا يسعه أن يؤكدها سوى بالاستشهاد برائدها، جمال حمدان، أكثر من مرة في كتابه. فالجغرافيا لدى حمدان والفرزلي، لا تحمل بالضرورة بُعداً سياسياً واستراتيجياً فقط، ولا هي مجرد خلفية مادية للسياسية والتاريخ، بل، والأهم فالجغرافيا، هي الجبرية المحددة والمنتجة للسياسية. هكذا، بحسب "حروب الناصرية والبعث"، فإن الأمن القومي المصري، وبفعل الجغرافيا، يبدأ من الشرق، ويرتبط ارتباطاً مصيرياً بسوريا تحديداً، والتي تمثل عمقه الاستراتيجي الأهم. بالطبع، لا يجد الفرزلي صعوبة في تقديم عشرات الأسانيد والحجج التاريخية والاستشهادات لتدعيم أطروحته عن الأمن القومي المصري وارتباطه السوري، وكذلك المركزية المصرية بالنسبة للأمن القومي العربي.

وتقود فرضية الحتمية الجغرافية إلى الفرضية الثانية، والتي، وإن كانت ثانوية، فإنها لا تقل أهمية عن الأولى، فالتاريخ يصبح تنويعات على المسارات التي تفرضها الجغرافيا، وتضحي أحداثه إعادة لروايات تلتئم عقدتها حول المحدد الجغرافي مرة تلو أخرى. وبالتالي، بالنسبة إلى الفرزلي، فإن حملة إبراهيم باشا في سوريا، وحرب محمد علي في الحجاز، ليستا سوى تمظهر للحتميات الجغرافية نفسها التي قادت إلى الوحدة مع سوريا، وحرب ناصر في اليمن، وأيضاً بالنسبة إلى الموقف المصري من الحرب السورية اليوم.

ما ينجح فيه الفرزلي باقتدار هو قلب التاريخ على رأسه، من دون قصد. لكن كتاب "حروب الناصرية والبعث" نفسه يقدم أيضاً ما يدحض فرضيتيه. فالوحدة المصرية السورية، بحسب الكتاب، تبدو نتاجاً لإيديولوجيا القومية العربية العابرة لحدود الجغرافيا، في نسخها الناصرية والبعثية وغيرها. هكذا، فإن الجمهورية العربية المتحدة، التي يصعب تصور رابط جغرافي بين قُطريها الشمالي والجنوبي اللذين لا يتشاركان حدوداً مادية، تبدو نتاجاً للايديولوجيا القادرة على تشكيل الجغرافيا وتجاوزها، بل ونفيها أيضاً. وفي مقابل حملة إبراهيم باشا في سوريا عبر فلسطين، والتي جاءت في سياق تمدد جغرافي طبيعي لطموح محمد علي الإمبراطوري، فإن الجمهورية العربية المتحدة تمثل نموذجاً استثنائياً لوحدة سياسية ضد منطق الجغرافيا ورُغماً عنه. يعيد الفرزلي قلب مثلث الجغرافيا والتاريخ والساسية، على قاعدته مرة أخرى، ربما بلا قصد مرة أخرى. 

تأتي الأخبار التي تم تدوالها عن وصول طليعة من 18 طياراً مصرياً إلى سوريا، ونفيها على وجل من وزارة الخارجية المصرية، بالتوازي مع تصريحات السيسي للتلفزيون البرتغالي عن ضرورة دعم الجيوش العربية الوطنية، ومن ضمنها جيش "النظام" السوري، لتستدعي الحاجة إلى إعادة فحص فرضيات الفرزلي. فهل يأتي موقف النظام المصري من سوريا اليوم مدفوعاً برؤيته للوضع السوري بوصفه عمقاً استراتيجياً للأمن القومي المصري، تفرضه الجغرافيا ومركزية "دور مصر العربي"؟ أم أن الأمر يتعلق بإدراك النظام المصري لدور الإيديولوجيا والأفكار- بوصفها عابرة للجغرافيا- في تحديد أولويات سياسته الإقليمية؟

بلا شك، يبدو نظام السيسي، بشكل أو بآخر، إعادة إنتاج للتجربة الناصرية في نسخة مشوهة، أو على الأقل وريثة لها بحكم الضرورة، أو بدافع إنتهازي لتراثها. الأمر الذي لا يصعب معه تصور التورط المصري في سوريا مدفوعاً بقناعات شبه ناصرية حول مركزية الدور المصري عربياً، وعمقه الجيو-سياسي السوري. لكن الموقف المصري من سوريا، يبدو بشكل أكبر، مدفوعاً بإدراك نظام السيسي لدور الأيديولوجيا والأفكار في تجاوز الجغرافيا وتخطي الحدود السياسية. فالثورات العربية، ومن بينها الثورة المصرية، التي أشعلتها شرارة السقوط المفاجئ لنظام زين العابدين بن علي في تونس، لم تتمدد جذوتها بفعل محددات الجغرافيا، بل بموجب انتقال الأفكار السياسية وتجاوزها للحدود. فكما كان سقوط بن علي، نموذجاً ملهماً للانتفاضات العربية، فإن نظام السيسي الذي وصل للحكم بغية تحطيم ذلك النموذج ومحوه، يدرك أن مصلحته في الصراع السوري تنحصر أولوياتها في انتصار نموذج الدولة الوطنية السلطوية، ونسختها الأسدية الأكثر وحشية وفجاجة، على سواها من النماذج الممكنة. ويبدو تأبيد النظام الأسدي، أمراً مصيرياً للنظام المصري وإيديولوجيته التي تستند إلى المرجعيات نفسها: ادعاءات محاربة الإسلام الجهادي والإرهاب، والصمود في وجه المؤامرة الإمبريالية الغربية، وأولوية وحدة التراب والإستقلال الوطنيين على حساب الديموقراطية والحريات. وفي تقارب السياسة المصرية الخارجية، مع النظام الجزائري، ودعمه لحفتر في ليبيا، وتأييدها الذي أصبح معلناً لنظام بشار مؤخراً، لا تبدو مدفوعة بحسابات جيوسياسية تحتّمها الجغرافيا وامتدادات الأمن القومي المصري التاريخية، بل بالأحرى برغبة إيديولوجية في تعميم نموذج سياسي بعينه، ومحو فرص غيره في وعي المجتمعات العربية ومخيلاتها. رغبة، تبدو اليوم، مع الأسف، أقرب إلى الانتصار من أي وقت مضى خلال الأعوام الخمسة الماضية. 

Monday, November 21, 2016

معايدة من ميشال نخلة

لحالو الدهر هيك فَرز لي
الناس بين أوفيا وخُوّان
وحطّ الياس بن أديب الفرزلي
للوفا والعطا عنوان
يا ملايكة السما قومي انزلي
رفرفي جوانحك حولو كمان
وزيدي بعمرو بعد كم مرحلي
واحتفلي بعيدو يا اجراس وآذان
م.ن
عقبال المية دولة الرئيس

Wednesday, October 26, 2016

النخبة المسيحية اللبنانية في دورها الجديد


النخبة المسيحية اللبنانية في دورها الجديد

جهاد الزين
27 تشرين الأول 2016

لا أعرف تفاصيل التفاهمات غير المعلنة بين الجنرال ميشال عون والسيد سعد الحريري و"حزب الله". الذي أعرفه أنها موجودة وأنها لا يمكن إلا أن تكون موجودة ومكتوبة وقد تكون مسهبة.

هؤلاء يمثلون قوى إقليمية ومتصلون بقوى دولية ولا سيما إيران والسعودية. ويمثلون أنفسهم كقوى محلية، اثنان منهم تأسسا بقرار خارجي سعودي وإيراني ولكنهما ولأسباب مختلفة تحولا إلى قوتين راسختين في بيئتيهما الشعبية والطائفية. استثماران كاملان لا سابق لهما من حيث ولادة كلٍّ منهما في بلاط خارجي ثم نجاحهما في التجذر الشعبي إلى حد، كما في حالة "حزب الله"، غيَّر في سوسيولوجيا الطائفة الشيعية. ورغم بقاء التنوع العميق في هذه الطائفة على مستوى النخب غير أن جسم الطائفة وتقاليدها تغيرت بدءاً أو مروراً بجارتنا المرحومة الحاجّة حمدة في قريتي جبشيت. الحريرية، ولو بدأت التراجع الجاد عن سطوتها السابقة، تلقّفت التغيير الاجتماعي السني، وهو جزء من التبدل العربي والمسلم، ولكنها غيّرت النخبة السنية اللبنانية مروراً بجاري في القنطاري.
ميشال عون كزعيم هو نتاج لبناني كامل. ولكن كرئيس هو حتماً نتاج قبول خارجي بزعيم لبناني. عدا ذلك تجليط.
لكنْ وبعيداً من "بعض" الكلام الفارغ أو المجامل أو الببغائي، فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو لحظة مسيحية كبيرة، حتى لو كانت أو هي الآن لحظة لبنانية ومشرقية هامة. وفي زمن الانقراض المسيحي في المنطقة صار للدور المسيحي في لبنان ليس فقط أهمية مضاعفة بل أهميات مضاعفة. صار معنى الضعف مضاعفاً ومعنى الاستمرار مضاعفاً.
أي رئيس جديد للجمهورية، وخصوصا حين يكون آتياً من مدرسة المسيحية المقاتلة عسكرياً التي انتهت ميدانياً مع نهاية الحرب الأهلية مثل ميشال عون، لا ينبغي أن يقع في المفهوم السياسوي الصرف لفكرة القوة والضعف الطائفية. هناك مفهوم آخر بل منظور آخر عميق وحقيقي للقوة المسيحية اللبنانية:
الطائفة الأقوى في لبنان تربوياً وثقافياً وتعليمياً واقتصادياً وفنياً وسياحياً واجتماعياً (أي ليبرالياً) هي الطائفة المسيحية التي أصبحت عملياً طائفة مركّبة من طوائف مسيحية متعددة.
رئيس الجمهورية الآتي هو من هذه الطائفة "الهولدينغ" التي بسببها تأسست قبل ولادة الدولة اللبنانية الجامعتان اللتان لا تزالان الجامعتين الأهم في العالم العربي (باستثناء اسرائيل)، وهما اللتان لايحتاج القارئ حتى غير النبيه لتسميتهما مع أنني سأسمّيهما أي الجامعتان الأميركية واليسوعية. وبين الجامعات الجديدة النوعية فلا شك أن في عداد عددها القليل جامعتين أو ثلاثاً من البيئة المسيحية.
أقرأ حالياً كتاباً بالفرنسية صادراً عام 2014 للباحث التونسي قيس الإزرللي تحت عنوان: الديبلوماسية الغربية والانشقاق العربي - فرنسا الكولونيالية والحركة العروبية في سوريا العثمانية (1912 - 1914). لست الآن في وارد مراجعته ككتاب. أعتقد أن الموضوع الذي يعالجه ليس شائعاً لأن الحركة العروبية يُنظر إليها يومها على أنها قريبة من بريطانيا ومعادية لفرنسا التي كانت معنية فقط بالمسيحيين في "اللوفان".
ما لفتني وما سأنقله من الكتاب هو التالي:
حسب تقرير فرنسي حكومي عام 1913 عن عدد المؤسسات التعليمية الفرنسية أو المدعومة من فرنسا، كان هناك 36 ألف تلميذ وطالب. يمثل هذا الرقم نصف عدد التلامذة في المؤسسات الفرنسية أو المدعومة من فرنسا في كل الامبراطورية العثمانية. والأهم من ذلك أن ثلثي هؤلاء التلامذة يتمركز في منطقة بيروت وجبل لبنان بما فيهم بل في مقدمتهم طلاب الجامعة اليسوعية.
لا أعرف أو لا أتذكر مشروعاً "انفصالياً" سياسياً أسفر عن قيام دولة هي دولة لبنان الكبير استند أساساً على قاعدة تعليمية بهذا الشكل؟
هذا دون أن ننسى الجامعة والمدارس الأميركية والروسية وفي بيروت، ولو بنسبة أقل طبعاً، مدارس المقاصد فيما كانت هذه "العدوى" الفاضلة بدأت تتسرب إلى وعي النخبة الجديدة المسفرة عن طموحاتها في جبل عامل بعد الانقلاب الدستوري في اسطنبول عام 1908 مع قيام بعض رجال الدين بتأسيس مدرسة أولى في النبطية! ولن أتطرق هنا إلى عدد المستشفيات أيضاً المختلف كالمدارس عن الداخل السوري وخصوصاً دمشق وحلب في ما يستنتج الكاتب أن الاهتمام الخاص الفرنسي كان بمناطق الساحل لا الداخل السوري كما عن كل المناطق العثمانية الأخرى.
بعد أكثر من مائة عام على هذه الأرقام، وبعد سنوات طويلة لاحقة من الصراع المضني على هوية لبنان "القومية" وأحيانا الدينية، يبدو أن شيئاً ما عميقاً مات في هذا النوع من التجاذب بين الهويات - الأولويات الوهمية أو الحقيقية. لم تمت الهويات بل ماتت أهمية الصراع عليها حيال تحديات جديدة في غاية الخطورة في المنطقة ولبنان ضمن العصر العالمي الجديد.
الرئيس الجديد ينبغي أن يبني استراتيجيته على ما أسمّيه المعنى الجديد للوطنية اللبنانية الذي يلعب فيه الوجود المسيحي دوراً قيادياً طبيعياً لا يحتاج إلى تباكٍ.
لا شك أن المعنى المسيحي لدور الرئيس الجديد أساسي. فهو رئيس لبنان ما بعد الانقراض المسيحي في المنطقة.
يا للمسؤولية الضخمة في هذا الواقع، مسيحية وغير مسيحية.
نعرف حجم الصعوبات التي تواجه المهمة المسيحية كمهمة وطنية خصوصا أمام استمرار الكثير من النخب السياسية المسلمة في اتباع تقليد التنافس الضيق جداً مع المسيحيين، وهي نخبة سنية وشيعية ودرزية لم تعِ بعد أو لم تخرج من التقاليد القديمة للتنافس الطائفي، ولكن بالمقابل يجب أن تنتبه مدرسة المسيحية المقاتِلة القديمة بفرعيها الدولتي والميليشياوي إلى أن خطاباً جديداً يجب أن يتأسس هذه المرة: خطاب جديد ليس فقط للوفاق بل أيضاً خطاب جديد للتنافس مع الطائفيات الأخرى.
يأتي الرئيس الجديد للبنان في منطقة جديدة مدمَّرة ومستمرة في الدمار. ويواجه لبنان خطرين متداخلين:
الخطر على مسيحييه والخطر عليه كبُنية.
لا أتفاءل ولن أتفاءل في شرق أوسط عربي جزءٌ كبير منه منهار، وقد أصبح هناك جيلان من كفاءاته العليا من كل الأديان في الخارج بلا علاقة منتِجة مع الأصول... ولكن الرئيس الجديد يستطيع ربما أن يؤسس لا جمهورية جديدة، تدهورت دولتها في التفاهة، وإنما لخطاب جديد، لمعنى جديد للوطنية اللبنانية.
إنه في العمق، وأستميح أي رئيس جديد العذر، دور جديد للنخبة المسيحية وليس للرئيس سوى كممثّل له.
من هنا أرجو أن يكون هذا السؤال بين الأسئلة التي يطرحها الرئيس الجديد على نفسه:
هل الطبقة السياسية المسيحية الحالية عبءٌ على الدور المسيحي النوعي في المعنى الموعود للوطنية اللبنانية أم داعم له؟
لا أستسيغ مصطلح "إعادة بناء الدولة" لأن هيكلية الدولة لا يمكن إعادة بنائها في الجيل الحالي وصارت مرتبطة بتخلفها مصالحُ فئة بل "نخبة" لبنانية من الطبقة الوسطى من كل الطوائف تديرها طائفيات عاتية.
ما يمكن أن يكون واقعياً هو البدء بإعادة بناء الخطاب الوطني. معنى جديد للوطنية اللبنانية وسط منطقة منشغلة بنفسها طويلاً وترتسم عبر هذا الانشغال صورة الشرق الأوسط الجديد ذي المساحة العربية المتفككة.
هل يعني هذا أن البرنامج الفعلي اللبناني هو البرنامج المستحيل ... غير بقاء الحد الأدنى؟

jihad.elzein@annahar.com.lb
Twitter: @ j_elzein

Saturday, October 22, 2016

نصّ المقال كما جاء في جريدة الديار التمسّك بالطائف يكشف الحيّز التسووي بمراعاة السعودية بقلم جورج عبيد

نصّ المقال كما جاء في جريدة الديار لهذا اليوم.

التمسّك بالطائف يكشف الحيّز التسووي بمراعاة السعودية
بقلم جورج عبيد

النتيجة التي بلغها اللبنانيون بدعم رئيس الحكومة السابق والعتيد ترشيح العماد ميشال عون، ما كانت لتتجلّى بهذا البهاء لو لم يكن خلفها "مهندس بارع" رسم خريطة الطريق نحوها وهو نائب رئيس مجلس النواب سابقًا إيلي الفرزلي، بتكثيف الأطروحة الميثاقيّة وتثميرها وتجذيرها في تربة خصبة على الرغم من كلّ الظروف.
المشهد الذي بلغناه وشاهدناه في بيت الوسط في بيروت ومن ضمنه خطاب الرئيس الحريري مع كلام العماد عون إثر زيارته، كان هو التتويج للمسعى الذي قاده إيلي الفرزلي مع نخبة واعية آمنت منذ اللحظة الأولى بضرورة ترتيب البيت المسيحيّ على مراحل عديدة وفقًا لطبقتين واحدة سياسية غير محشورة بالشكل بقدر ما هي رانية إلى مضمون متكامل، وأخرى إكليريكيّة متعاونة من حيث تقدير الأمور بالسعي إلى مصالحات تاريخيّة بين الأقطاب المسيحيين، فتؤدّي تلك المصالحات إلى رؤى جديدة مثبّتة للهيكل على صخرة صلبة، توّجت بمصالحة تاريخيّة فيما بعد بين التيار الوطنيّ الحرّ والقوات اللبنانيّة. ويتذكر إيلي الفرزلي في هذا المقام كيف أنّه خلال تأديته واجب العزاء بوفاة بوزير الخارجيّة السعوديّ سعود الفيصل في جامع محمّد الأمين كيف أن السفير السعوديّ علي عواض العسيري قال له بإلحاح على مسمع من الوزير السابق الدكتور محمد جواد خليفة، بأن يسعى لمصالحة العماد ميشال عون مع رئيس القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع، فلم يعد هذا الأمر مجرّد أمنيات بل تحقّق بالفعل، وكان له أن يزور سمير جعجع غير مرّة برفقة وزير الخارجية الحالي جبران باسيل للتباحث معه حول مسألتين مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ ومن تحقيق المصالحة بين التيار والقوات. المصالحات كانت الهمّ الكبير عند الفرزلي وقد أنجر الكثير منها طبقًا لما رسم.
جوهر النضال عند الرجل تحقيق المناصفة الفعليّة بين المسيحيين والمسلمين وتأمين وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهوريّة كممثل للوجدان المسيحيّ بأكثريته المطلقة مقابل وصول من يمثّل الوجدان الشيعيّ بأكثريته المطلقة والوجدان السنيّ بأكثريته المطلقة. كان يرى هذا الهدف تحقيقًا للفلسفة الميثاقيّة، ليس بإطارها الثنائيّ بل بإطارها الثلاثيّ والرباعيّ بحيث تحوي في طياتها كلّ الطوائف والمذاهب وتتكامل بها. هذه الرؤية عنده هي السقف المثلّث الأضلاع ، لكنّ هذا السقف في تفسيره وتفسير كثيرين، لن يتحصّن ويثبت إلاّ بقانون انتخابات يؤمّن المناصفة الفعليّة، فكان مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ ثمرة هذا الحراك، وتميّز بأنه انطلق من لبنان دائرة واحدة والنسبية المطلقة مع أنّ كل طائفة تنتخب ممثليها في المجلس بلا استيلاد لطائفة في كنف اخرى فيتم الخلاص من الصراع بين الطوائف والمذاهب إلى التنافسداخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد، فتتلاشى شهوة كثيرين بافتعال الحروب بطوائفنا وبشرنا وعلى أرضنا، فتنتهي الرؤية عند حدود تاليف تكتلات وطنية داخل المجلس النيابيّ بين النواب فتتعمّم الرؤية نحو المجتمع بالتمرّس على تجسيد الطائفيّة المتوازنة القامعة والمبطلة للطائفيّة المتلاشية، فتتعبّد الطريق بتدرّج كامل وعلى جرعات باتجاه إلغاء الطائفية السياسيّة كما نصّت تمامًا في المادة 95 من الدستور.
نجح إيلي الفرزلي مع عدد قليل من الشرّاح بتوضيح الفكرة والمعنى والمراد، فتبنّت بكركي مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ، وجعلته جزءًا أساسيًّا من وثيقتها الوطنية الصادرة بتاريخ 9 شباط من سنة 2014. وبالإزاء عينه تبنت الأحزاب المسيحيّة وبخاصّة التيار الوطنيّ الحرّ وعلى رأسه العماد ميشال عون هذا المشروع من باب تأمين المناصفة الفعلية، وجرى النقاش حوله في اللجنة التي ترأسها النائب روبير غانم، وخلصت إلى جعله على رأس مشاريع انتخابية لمناقشتها في المجلس النيابيّ.
أمّا النجاح الكبير فيقول الفرزلي بأنّه تمّ في إعلان الرئيس الحريري دعمه لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهوريّة، كان يوم أمس عنده يوم المنى كما يقال. القمّة بنظره لم تكن في الترشيح بل في الخطاب الكبير الذي لفظه الحريري، وقد ظهر فيه على أنه رجل دولة من طراز رفيع ويملك القدرة على الانسكاب في الآخرين كممثل للوجدان السنيّ بشفافية وحرص على خلاص لبنان وعدم تمزّقه بالصراعات. ويعترف إيلي الفرزلي بأنّ معظم ما سمعه رأى فيه نفسه في كلّ حرف وفي معظم الأسباب الموجبة اتي سردها وآلت به إلى لحظة دعم وصول العماد عون لرئاسة الجمهوريّة، والتكامل الميثاقيّ في بناء حكم متين لجمهوريّة تلاشت وتمزّقت والهدف في كلّ ذلك ترميمها لتبدو مشعّة وساطعة وفاعلة بين الأمم.
حسب إيلي الفرزلي أنه قاتل ونظّر إلى تلك الرؤية، وكسبها في المعطى السياسيّ بشقيّه البنيويّ والميثاقيّ. وعلى الرغم من ذلك يسوغ لنا طرح السؤال التالي، ما هو المضمون السياسيّ المتجلي في المرحلة الحالية وفي مراحل قادمة؟
-المرحلة الأولى بحسب قراءة كثيرين ومنهم الفرزليّ، تمتين الدستور وتثميره باتجاه الأصعدة كافّة. لكنّ بعضهم طرح السؤال التالي: ما معنى إشارة الحريري بتبنيه كاملاً، هل الدساتير وجدت لتتكلّس وتتجمّد بسياقها العتيق، أو تتحرك وتتجدّد بإطلالات تتوثّب بها نحو التطور؟ هذه المسألة تحتاج لنقاش دقيق وهادئ بعد رسوخ العلاقة أكثر بين رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. الطامة الكبرى التي تواجه اللبنانيين أنّه إذ تمّ طرح أيّ تعديل دستوري عادل ومطلوب، ينبري بعضهم ويعتبرون أنه مسّ حقيقيّ بالجوهر، ويهوّلون بالحروب فيستحيل بهذا الوضع طرح أي تعديل يتناسب مع المستقبل، ممّا يجعل النظام السياسيّ في لبنان جامدًا. وبرأي كثيرين بأنّ الدستور ليس إنجيلاً ولا قرآنًا. لكنّ التشديد على التمسك باتفاق الطائف يكشف الحيّز التسوويّ بمراعاة السعوديّة ومراعاة الطائفة السنيّة الكريمة حتى تكتمل عناصر التسويبة. ما يهمّ كثيرين التأكيد على الفلسفة الميثاقيّة المكنونة في قلب النص الدستوريّ وروحيته، وبرأي الفرزلي تلك الفلسفة هي انّ هذه التسوية ورحمها، وبلوغها نحو الذروة بوصول العماد عون للرئاسة سعد الحريري لرئاسة الحكومة.
-المرحلة الثانية، يتكثّف فيها السعي إلى بناء الجمهوريّة، وبناؤها لا يتمّ ويصحّ إلاّ بقانون انتخابات يؤمّن المناصفة. الرئيس الفرزلي عنده إصرار على أن يكون مشروع اللقاء الأرثوذكسي هو القاعدة الأساسيّة بحيث في متنها ينتفي استيلاد المسيحيين في كنف المذاهب الأخرى. أمران أساسيان يجب أخذهما في عين الاعتبار هما:
-إنهاء قانون الستين وهو أسوأ قانون في التاريخ السياسيّ المعاصر والحديث، ويعيد إنتاج الطبقة السياسيّة عينها، وهي التي عاثت فسادًا في لبنان كما أوضح الفرزلي وأكّد على كلامه أيضًا رئيس الجمهوريّة السابق العماد إميل لحود. والحل بحسب الفرزلي البلوغ نحو قانون تتأمّن فيه النسبية الكاملة مع لبنان دائرة واحدة أو مجموعة دوائر، على ان تراعى المناصفة، ولا بأس إذا تمّ اعتنماد القانون المختلط علمًا أنّ طبيعة هذا القانون معقدة وقد تخلق مشكلة في منطق العلاقة المنتخبين وفقًا للنسبية أو الأكثرية. وهذا سيكون مسرى لنضال سيقوده الفرزلي مع مجموعة مهتمة بهذه المسألة ومختصة بها.
-تطهير الدولة من الفساد والمفسدين، ويعتقد الفرزلي بأنّ العماد عون وضع تلك المسلمة من ضمن رؤيته كحالة جوهريّة ومطلوبة. والعماد عون عاكف على هذه المسألة مع مجموعة خبراء يقومون بدراساتهم لتجسديها.
-القيام بمصالحات ضروريّة. ويعتقد مصدر سياسيّ بأنّ العماد عون سيسعى إلى مصالحة القوات اللبنانيّة مع حزب الله، وهو يعرف بأنّهما الرافعتان الأساسيتان لوصوله لرئاسة الجمهوريّة، وسينجح عون بحسب المعطيات بتدعيم تلك المصالحة بمجموعة مقاربات يسعى إليها من الزوايا السياسيّة والعقيديّة والأخلاقيّة.
-رفض الثنائيّات الطائفية، والاتجاه إلى أن الميثاق الوطنيّ وكما قال عون شامل الكلّ بلا انتقاص أو اقتناص. وستتألّف الحكومة على تلك القاعدة وليس من قاعدة أخرى تضاهيها لتكون حكومة الميثاق والمصالحة بحسب المتابعين.
وفي الختام معظم الأفكار المطروحة سعى إيلي الفرزلي إليها، وإنضاج اللحظة هذه جاءت من رؤية الرجل وسعيه وآماله... على رجاء أن بحبا لبنان في المراحل المقبلة بأمن وهدوء وسلام.

Wednesday, October 19, 2016

الاكليروس الأرثوذكسي يتفرّد بالمؤسسات: «الشعب يريد إسقاط النظام»!


الاكليروس الأرثوذكسي يتفرّد بالمؤسسات: «الشعب يريد إسقاط النظام»!

الفرزلي: القانون الأرثوذكسي داخل البيت الأرثوذكسيّ (أ ف ب)
لم تعد مشكلة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي مع استيلاد النواب المسيحيين في كنف الطوائف الأخرى فقط. تمددت «ثورته» أخيراً لتطاول المطارنة ورجال الدين الأرثوذكس المُستولَدين في كنف الطوائف الأخرى. ولذلك يسعى الى تطبيق القانون الأرثوذكسي داخل البيت الأرثوذكسيّ أيضاً
غسان سعود
آن الأوان لكي يسأل من يدفعون الفواتير الإستشفائية الباهظة في «مستشفى الروم» والأقساط المخيفة في المدارس الأرثوذكسية وجامعة البلمند أين تذهب أموالهم، وكيف يدار الوقف الكنسي وتوزع عائداته؟ والأهم من السؤال هو الحصول على أجوبة تبرر الخسائر التي تعلن بين وقت وآخر وتحديد المسؤولين عنها وسبل محاسبتهم، وخصوصاً أنها الذريعة الدائمة لرفع الرسوم والأقساط وعدم تقديم المساعدات والمنح اللازمة.
السؤال مشروع استناداً الى إرث الكنيسة الأرثوذكسية ونظامها الداخليّ السابق الذي كان ينص على الشراكة الكاملة بين رجال الدين وجميع أبناء الطائفة الممثلين في مجالس منتخبة لهذه الغاية، قبل أن يقرر الاكليروس إجراء تعديلات للتفرّد بإدارة كل المؤسسات. أما التوقيت، فيرتبط بشلل بعض المطرانيات ولامبالاتها حيال النزوح الأرثوذكسيّ الكبير من سوريا وخطف المطرانين وكل ما يجري في المنطقة. الاعتراض على إلغاء الشراكة داخل الكنيسة كان يقتصر، منذ أكثر من عقدين، على مجموعة صغيرة تعرف بـ «الجبهة الأرثوذكسية». وحده عضو الجبهة نقولا مالك كان يحمل ملفاته ويدور من ساحة الى أخرى، رافضاً استئثار المطران الياس عودة بإدارة الكنيسة والوقف والمؤسسات الكنسية وكل المؤسسات التربوية والصحية من دون حسيب أو رقيب، إلا أن المعطيات تشير الى أن مالك لم يعد وحيداً. فأجواء «اللقاء الأرثوذكسي» عموماً، والنائب السابق إيلي الفرزلي خصوصاً، إضافة الى مجموعات مؤثرة في مطرانيات بيروت وجبل لبنان وعدة أبرشيات سورية واغترابية، كلها تشي بتوجه جدي الى بلورة موقف واضح في معارضة استمرار الأوضاع على بؤسها الحالي.
معظم المطارنة الأرثوذكس في لبنان أقرب إلى عوكر ومن خريجي الكنيسة اليونانية
وبرغم أن هؤلاء يعوّلون أساساً على البطريرك يوحنا اليازجي الذي انتخب بطريركاً قبل نحو عامين، إلا أنهم لا يخفون إحباطهم من عدم اتخاذه، ولو إيحاءً، أي خطوات جدية لتفعيل مراقبة المؤسسات والوقف الكنسيين وتوضيح المداخيل والمصاريف للرأي العام، وخصوصاً أبناء الكنيسة.
إدارياً، تتفرّج البطريركية على الأحاديث المختلفة عن وجوب تقسيم مطرانية جبل لبنان أو تقاسمها بين المطرانيات ليذهب الجزء الأكبر منها إلى مطرانية بيروت فيزداد نفوذ المطران الياس عودة.
سياسياً، لا يزال عودة يوحي بأنه الناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية، وقد مرّ بيعه لأراضي الوقف وتأجيرها مرور الكرام، فيما يخطّط لإنشاء جامعة خاصة في الأشرفية لسحب بساط «البلمند» من تحت البطريركية. والأسوأ هو أن البطريركية لا تجد نفسها معنية بأداء دور استثنائي في ما خص النزوح الكبير من سوريا أو رفع الصوت ضد خطف المطارنة والرهبان وتدمير الأديرة والكنائس. واللافت أن البطريرك اليازجي كان قد عقد قبل عام مؤتمراً يبحث «دور الشعب الأرثوذكسي في الحياة الكنسية»، إلا أن توصياته ضُمّت سريعاً إلى أرشيف الكنيسة الممتلئ بالتوصيات التي لا يُنفذ منها شيء.
اقتصادياً، يبدو المشهد الأرثوذكسيّ اليوم على النحو التالي: الجمهور في عكار وطرابلس والكورة والأشرفية وزحلة ومرجعيون وجبل لبنان في مكان، ورجال الأعمال المحيطون برجال الدين في مكان آخر. والهوة شاسعة بين رجال الأعمال الذين يريدون التوسع في أعمالهم ضمن نطاق الوقف الكنسي والمؤسسات الكنسية التربوية والاستشفائية، والجمهور. أما رجال الدين، فيفضلون حماسة رجال الأعمال ومشاريعهم المربحة على شكاوى المؤمنين واحتجاجهم الدائم على ارتفاع الأسعار وغيرها.
أما سياسياً، فالناخبون الأرثوذكس في عكار وطرابلس والكورة والأشرفية وزحلة وجبل لبنان في مكان، وممثلوهم المفترضون في المجلس النيابي في مكان آخر. ويتطابق موقف النواب الحريريين هنا مع غالبية رجال الدين. ومن تصدى لاقتراح القانون الأرثوذكسي بقوة سابقاً كان النواب الأرثوذكس أولاً الذين سيخسرون مقاعدهم اذا حظيت طائفتهم أخيراً بفرصة انتخاب ممثليها، بدل أن يواصل تيار المستقبل انتداب موظفيه لتمثيلها. والمطارنة ثانياً لخشيتهم على التقليد القائم بتزكيتهم فلاناً من موظفي المستقبل على غيره من الموظفين لدى القيادة الحريرية.
عملياً، يسأل نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي عن الفائدة التي يجنيها المواطنون الأرثوذكس من «مستشفى الروم»، داعياً الكنيسة إلى نشر ميزانية توضح ما يتسبب بخسارة المستشفى عاماً تلو الآخر. والسؤال واجب، أيضاً، عما يدفع جامعة جامعة البلمند إلى تأسيس مستشفى في الشمال، ما دام مستشفى الطائفة في بيروت يخسر. والأهم يكمن في أسباب هذه الخسارة. أما السؤال الثاني، فيتعلق بوقف الطائفة، انطلاقاً من وسط بيروت، حيث تحوّل الحضور الأرثوذكسي إلى «أسهم لحاملها». وهو ينتظر إجابة تفصيلية تشرح للرأي العام حجم الأراضي التي بيعت أو أُجِّرت ومكانها، وأسماء المستثمرين وأسعار المبيع أو الإيجار. ومعلومات الفرزلي توحي بوجود فضائح كبيرة في هذا الملف. أما السؤال الثالث، فيتعلق باستمرار بعض المطارنة في عملهم «برغم الشبهات الأخلاقية حولهم». ويقول الفرزلي إن ربط مصالح الأرثوذكس في كل لبنان بشخص واحد هو عرضة لـ»الأهواء والإغراءات» بغض النظر عن مناعته أو عدمها، هو أمر خطر.
كتب الفرزلي مرة أن «بروز الكنيسة الأرثوذكسية في لبنان وسوريا فتح أعين الديبلوماسية الأميركية منذ عام 1960 إلى وجوب التدخل في شؤون الكرسي الأنطاكي وتذكية صراع المطارنة داخله للسيطرة على ذلك الكرسي». ومن يدقق اليوم في مواقف المطارنة الأرثوذكس وخلفياتهم فسيُصدم بأن عدداً مؤثراً منهم أقرب إلى السفارة الأميركية في بيروت منه إلى السفير الروسيّ أو السوريّ، وأن غالبيتهم من خريجي الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية التي تبيع الأراضي الأرثوذكسية في فلسطين لليهود، وهم يرفعون الصوت اليوم اعتراضاً على التدخل الروسيّ ضد التكفيريين في سوريا على نحو يستوجب السؤال الجديّ: أين كان هؤلاء حين خطفت المجموعات التكفيرية معلولا والمطارنة والكنائس وغيرهم؟ علماً أن البطريرك الروسي فوجئ حين زار بيروت أخيراً بمطران بيروت يبقيه منتظراً أكثر من عشرين دقيقة، قبل أن يعرض عليه عودة تناول العشاء في كافيتيريا المستشفى، فما كان من الأخير سوى الاعتذار بلباقة والمغادرة.
متى ينتهي البناء في مستشفى البلمند؟
بعد طيّ جامعة البلمند صفحة «مستشفى الرئيس رفيق الحريري»، إثر الاعتراض الشعبي الواسع على اشتراط الممولين لإنشاء المستشفى تسميتها باسم رئيس الحكومة الراحل بدل «سيدة البلمند»، عاد مشروع المستشفى ليطل من جديد عبر رسالة وجهها رئيس الجامعة إيلي سالم للمتخرجين في 14 نيسان 2014. يومها أعلمهم سالم بقرار الجامعة استحداث مركز طبي في الجامعة «استدنّا الأموال من أحد المصارف الخاصة» لبنائه (مصرف IBL الذي يرأس مجلس إدارته نائب طرابلس الأرثوذكسي السابق سليم حبيب، والقرض مدعوم من مصرف لبنان). أما تصميم المستشفى فأعده المهندس نبيل عازار. واشار سالم إلى تقدم ثمانية متعهدين إلى مناقصة المستشفى، وإلى أن الأعمال ستنطلق في الصيف لتستغرق بين عامين وثلاثة. وختم رسالته بأن «البلمند وفّرت أموال الحفر والبناء والتجهيز، لكن الباب قد يفتح مستقبلاً للمتبرعين».
تقدمت شركات عدة إلى المناقصة ليتبين بعد فضّ العروض أن شركة الإنشاءات العربية (علي غسان المرعبي) تقدمت بأعلى سعر: نحو 56 مليون دولار، فيما تقدمت شركة المهندس إيلي معلوف بأدنى سعر: نحو 42 مليون دولار. أما شركة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، فكان سعرها نحو 49 مليون دولار. رست المناقصة على معلوف بعد تدقيق دار الهندسة في الملفات. وظن المعنيون بالمشروع داخل الجامعة ووسط المقاولين أن الأعمال ستنطلق، إلا أن إدارة الجامعة أبلغت شركة معلوف أن في حوزتها 30 مليون دولار فقط، ولا يسعها توفير مبالغ إضافية، رغم قول سالم في رسالته للمتخرجين إنهم وفّروا المبالغ اللازمة. بدأ البحث عن الحلول المتوافرة، وبرزت اقتراحات جدية بإمكانية الاستغناء عن المصبغة مثلاً لمصلحة التعاقد مع إحدى المصابغ القريبة، وتكبير الأقسام المربحة وتصغير الأقسام غير المربحة، والتعاقد مع أحد المختبرات القريبة للاستغناء عن بعض الماكينات المكلفة في المرحلة الأولى. إلا أن المعنيين بالمشروع فوجئوا بتجاهل إدارة الجامعة لكل النقاش الحاصل وإعلانها الانطلاق بتنفيذ المشروع بنفسها. ولدى الاستفسار، تبين أن إدارة الجامعة قررت حلها «أهلية بمحلية» من دون مناقصات ودفاتر شروط: استدعى رئيس الجامعة أحد المتعهدين المقربين منه ليبدأ الحفر، وبالطريقة نفسها استدعي تاجر باطون ومعلم بناء وسمسار تجهيزات استشفائية و(...) بدأ العمل.
وفق دفتر الشروط السابق كان يفترض أن ينتهي العمل كاملاً خلال 36 شهراً، على أن ينتهي في المرحلة الأولى (18 شهراً) الحفر وبناء القسم الخارجي الذي يضم العيادات والمختبرات والأشعة. اليوم، بعد مرور تسعة أشهر، لا يزال العمل في مرحلة الحفر، ولا شيء يوحي بأنّ المرحلة الأولى ستنتهي بعد تسعة أشهر أو حتى تسعة عشر شهراً. لكن لا أحد يسأل أو يدقق في الحسابات المالية ونوعية العمل وغيره.
يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويتر | ghassansaoud@
سياسة
العدد ٢٧١٩ الثلاثاء ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٥
Like
Comment

Friday, October 14, 2016

The long history of the U.S. interfering with elections elsewhere


WorldViewsAnalysis

The long history of the U.S. interfering with elections elsewhere

By Ishaan Tharoor October 13 at 7:00 AM 

U.S. Secretary of State Henry Kissinger shakes hands with Chilean Foreign Minister Ismale Huerta Diaz during break in the Latin Foreign Ministers Conference in Mexico City, Feb. 22, 1974. (Ed Kolenovsky?AP)
One of the more alarming narratives of the 2016 U.S. election campaign is that of the Kremlin's apparent meddling. Last week, the United States formally accused the Russian government of stealing and disclosing emails from the Democratic National Committee and the individual accounts of prominent Washington insiders.
The hacks, in part leaked by WikiLeaks, have led to loud declarations that Moscow is eager for the victory of Republican nominee Donald Trump, whose rhetoric has unsettled Washington's traditional European alliesand even thrown the future of NATO — Russia's bête noire — into doubt.
Leading Russian officials have balked at the Obama administration's claim. In an interview with CNN on Wednesday, Foreign Minister Sergei Lavrov dismissed the suggestion of interference as “ridiculous,” though he said it was “flattering” that Washington would point the finger at Moscow. At a time of pronounced regional tensions in the Middle East and elsewhere, there's no love lost between Kremlin officials and their American counterparts.
To be sure, there's a much larger context behind today's bluster. As my colleague Andrew Roth notes, whatever their government's alleged actions in 2016, Russia's leaders enjoy casting aspersions on the American democratic process. And, in recent years, they have also bristled at perceived U.S. meddling in the politics of countries on Russia's borders, most notably in Ukraine.
While the days of its worst behavior are long behind it, the United States does have a well-documented history of interfering and sometimes interrupting the workings of democracies elsewhere. It hasoccupied and intervened militarily in a whole swath of countries in the Caribbean and Latin America and fomented coups against democratically elected populists.
The most infamous episodes include the ousting of Iranian Prime Minister Mohammed Mossadegh in 1953— whose government was replaced by an authoritarian monarchy favorable to Washington — the removal and assassination of Congolese leader Patrice Lumumba in 1961, and the violent toppling of socialist Chilean President Salvador Allende, whose government was swept aside in 1973 by a military coup led by the ruthless Gen. Augusto Pinochet.
For decades, these actions were considered imperatives of the Cold War, part of a global struggle against the Soviet Union and its supposed leftist proxies. Its key participants included scheming diplomats like John Foster Dulles and Henry Kissinger, who advocated aggressive, covert policies to stanch the supposedly expanding threat of communism. Sometimes that agenda also explicitly converged with the interests of U.S. business: In 1954, Washington unseated Guatemala's left-wing president, Jacobo Arbenz, who had had the temerity to challenge the vast control of the United Fruit Co., a U.S. corporation, with agrarian laws that would be fairer to Guatemalan farmers. The CIA went on to install and back a series of right-wing dictatorships that brutalized the impoverished nation for almost half a century.
A young Che Guevara, who happened to be traveling through Guatemala in 1954, was deeply affected by Arbenz's overthrow. He later wrote to his mother that the events prompted him to leave “the path of reason” and would ground his conviction in the need for radical revolution over gradual political reform.
Aside from its instigation of coups and alliances with right-wing juntas, Washington sought to more subtly influence elections in all corners of the world. And so did Moscow. Political scientist Dov Levin calculates that the “two powers intervened in 117 elections around the world from 1946 to 2000 — an average of once in every nine competitive elections.”
In the late 1940s, the newly established CIA cut its teeth in Western Europe, pushing back against some of the continent's most influential leftist parties and labor unions. In 1948, the United States propped up Italy's centrist Christian Democrats and helped ensure their electoral victory against a leftist coalition, anchored by one of the most powerful communist parties in Europe. CIA operatives gave millions of dollars to their Italian allies and helped orchestrate what was then an unprecedented, clandestine propaganda campaign: This included forging documents to besmirch communist leaders via fabricated sex scandals, starting a mass letter-writing campaign from Italian Americans to their compatriots, and spreading hysteria about a Russian takeover and the undermining of the Catholic Church.
“We had bags of money that we delivered to selected politicians, to defray their political expenses, their campaign expenses, for posters, for pamphlets,” recounted F. Mark Wyatt, the CIA officer who handled the mission and later participated in more than 2½ decades of direct support to the Christian Democrats.
This template spread everywhere: CIA operative Edward G. Lansdale, notorious for his efforts to bring down the North Vietnamese government, is said to have run the successful 1953 campaign of Philippines President Ramon Magsaysay. Japan's center-right Liberal Democratic Party was backed with secret American funds through the 1950s and the 1960s. The U.S. government and American oil corporations helped Christian parties in Lebanon win crucial elections in 1957 with briefcases full of cash.
In Chile, the United States prevented Allende from winning an election in 1964. “A total of nearly four million dollars was spent on some fifteen covert action projects, ranging from organizing slum dwellers to passing funds to political parties,” detailed a Senate inquiry in the mid-1970s that started to expose the role of the CIA in overseas elections. When it couldn't defeat Allende at the ballot box in 1970, Washington decided to remove him anyway.
“I don’t see why we need to stand by and watch a country go communist due to the irresponsibility of its own people,” Kissinger is said to have quipped. Pinochet's regime presided over years of torture, disappearances and targeted assassinations. (In a recent op-ed, Chilean-American novelist Ariel Dorfman called on Hillary Clinton to repudiate Kissinger if she wins the presidential election.)
After the end of the Cold War, the United States has largely brought its covert actions into the open with organizations like the more benign National Endowment for Democracy, which seeks to bolster civil society and democratic institutions around the world through grants and other assistance. Still, U.S. critics see theAmerican hand in a range of more recent elections, from Honduras to Venezuela to Ukraine.
Meanwhile, the threat of foreign meddling in U.S. elections is not restricted to fears of Russian plots. In the late 1990s, the specter of illicit Chinese funds dominated concerns about Democratic campaign financing. But some observers cautioned others not to be too indignant.
“If the Chinese indeed tried to influence the election here . . . the United States is only getting a taste of its own medicine,” Peter Kornbluh, director of the National Security Archive, which is affiliated with George Washington University, said in a 1997 interview with the New York Times. “China has done little more than emulate a long pattern of U.S. manipulation, bribery and covert operations to influence the political trajectory of countless countries around the world.”