Friday, December 23, 2016

ايلي فرزلي في مقابلته مع مجلة وطني اجرتها الاعلامية رونا

دولة الرئيس اهلاً و سهلاً بك على صفحات مجلة وطني.

ü    س : بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية و تشكيل الحكومة كيف ترى مستقبل لبنان؟
ج : انا اعتقد ان استحقاق تشكيل الحكومة هو استحقاق طبيعي و ليس إستثنائي و لكن في حالة لبنان الحاضرة تتمثل أهمية هذه الحكومة بالعمل على إقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية  ومن ثم إجراء الانتخابات النيابية  وبعد ذلك يمكن ان نفتح الأفاق للبحث في مستقبل لبنان، حيث أن نتائج هذه الانتخابات وفق القانون الجديد سوف تؤدي الى رسم خارطة جديدة برلمانية و بالتالي تشكل قوى جديدة وتحالفات جديدة وتتبلور الاسس التي سوف تقوم عليها هذه التحالفات و هذا المجلس الجديد، عندئذٍ يمكن الحديث عن مستقبل لبنان.
فان النقطة المركزية التي يجب ان ترتكز عليها هذه المرحلة الانتقالية التي تفصلنا عن موعد  تاريخ اجراء الانتخابات النيابية هي انتاج قانون جديد يعمل على طرد قانون الستين من حياتنا البرلمانية  وإدخال النسبية بطريقة او بأخرى مما يؤدي الى إنتاج موالاة و معارضة  و مستقبل مختلف للبنان.
ü    س : هل افهم من ذلك انك مع قانون النسبية المختلط أم الكامل؟
ج: مبدأ النسبية الكاملة في النهاية هو هدف استراتيجي يجب العمل على تحقيقه و لو على المدى البعيد ولكن حاليا" هناك  ظروف لا تسمح بتحقيقه و لذلك يمكن العبور إليه عبر القانون المختلط ، ذلك لأن البعض يرى في النسبية الكاملة ما يتعارض مع مصالحهم الانتخابية و يرى البعض الآخر في القانون الأكثري ما هو ضد مصلحتهم ايضاً، لذلك قد يكون القانون المختلط هو الحل المرحلي و الوسط الذي يرضي الجميع حيث انه يجمع ما بين مطالب كافة الاطراف و   بالتالي لا يشعر أي طرف بأنه مغبون او انتقص من حقوقه مباشرة.
 وهناك طريقة اخرى للوصول الى التمثيل النيابي الصحيح و المتوازن ألا و هي التأهيل على مستوى القضاء  من خلال القانون الاكثري ثم الانتقال الى الانتخاب على مستوى المحافظة على قاعدة النسبية الكاملة.
ü    س: ماذا عن الملفات العالقة مثل الفساد،الكهرباء، النفايات وغيرها ...هل ستتمكن  هذه الحكومة من معالجتها  بشكل سليم؟
ج: الفساد ليس شخصاً يمكن تحديد مكانه و محاربته بل هو موجود منذ وجود البشر  واذا انطلقت  عجلة الدولة و عادت مؤسساتها الى العمل وفق الآلية القانونية الصحيحة فيمكن معالجة الفساد، و من المعروف ان أم  المؤسسات الرقابية في الدولة هو مجلس النواب، فضلاً عن القضاء المستقل و الهيئات الرقابية الأخرى مثل التفتيش  المركزي و القضائي و ديوان المحاسبة ومجلس التأديب و غيره من المؤسسات و اذا انتجت موالاة و معارضة في  مجلس النواب يصبح أمر المسألة و المحاسبة طبيعي ، حيث ان مجلس النواب يحاسب الحكومة من خلال دور  المعارضة، ثم تقوم المعارضة بلعب دورها بحماية المؤسسات الرقابية و تحصينها، عندئذِ تنتظم آلية عمل الدولة و يمكن محاربة الفساد.  المهم هو كيفية التعاطي مع ظاهرة الفساد بهدف التمكن من وضع حد له و من ثم القضاء عليه و لا بد من الإقرار و الاعتراف ان الفساد ظاهرة مستمرة من الصعب القضاء عليها نهائياً و لكن التعاطي معها بدءاً من  تفعيل المؤسسات الرقابية يحد كثيراً منها، الا أن عدم وجود معارضة في مجلس النواب مستندة الى قاعدة شعبية لا  يمكن ان يفسح المجال بمحاربة الفساد.
ü    س: من المعروف ان دولتك تعتبر عراب القانون الارثوذكسي ، ولكن هناك العديد من السياسيين وخبراء القانون يتهمونك بالطائفية و يعتبرون أن هذا المشروع يغذي الطائفية في البلد. ما ردك على  ذلك؟
ج : العكس هو الصحيح، لانه اذا تم الإنتخاب على اساس أن كل لبنان هو دائرة واحدة و أن تطبق النسبية ضمن كل طائفة على حدة فإن اكبر طيار متطرف ضمن كل طائفة لا يمكنه أن يحقق شيئاً لوحده في مجلس النواب ولا بد له  من الاتفاق مع تيارات أخرى متطرفة في الطوائف الأخرى و ذلك يخلق حالة من التحالف التي تنفي التطرف،  فالقانون الارثوذكسي قائم على فلسفة أن تقوم كل طائفة بإنتخاب نوابها على اساس النسبية وعلى هذا الاساس ينتهي التطرف في لبنان. فإذا اخذنا مثلاً الطائفة المارونية التي تعتبر الأكبر في لبنان و يبلغ عدد نوابها 34 نائباً،  واذا افترضنا وجود تيارات متطرفة داخلها يمكن ان تصل الى 5-6-7-8 نواب ، فإنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً داخل الخارطة البرلمانية و بالتالي فهم يلجأون الى التحالف مع التيارات المتطرفة من الطوائف الأخرى و عليه فإن الصراع المفترض بين الطوائف يتحول الى صراع صحي داخل كل طائفة.
 على كل حال ان هذا الحل على اساس القانون المسمى الاورثوذكسي هو حل مرحلي و مؤقت يمكن اعتماده الى حين انتاج قانون النسبية الكاملة الذي يؤدي الى انتاج الممثلين الحقيقيين للشعب و للطوائف أيضاً وبالتالي يمكن  الذهاب الى الغاء الطائفية وفقاً للمادة 95 من الدستور.
ü    س: هل يحمي هذا القانون الطوائف كلها في لبنان؟
ج: صحيح انه يحمي الطوائف لكنه يفجرها من الداخل.
ü    س:إذن لماذا الخوف منه؟
ج: المعارضين له يخشون خسارة نواب من الكتل التي يهيمنون عليها و هم في الوقت الحاضر زعماء الطوائف، وهؤلاء النواب هم من الطوائف الأخرى، واذا اخذنا الخريطة الحالية في المجلس نجد ان كل الطوائف المحمدية (السنية و الشيعية و الدرزية) تستفيد من القانون الحالي حيث ان زعماء هذه الطوائف كما ذكرت يستطيعون إيصال نواب مسيحيين من مناطقهم على اللوائح التي يشكلونها. فهناك حوالي 20 نائب مسيحي في البرلمان الحالي فازوا بمقاعدهم من خلال ترشحهم على لوائح الاكثرية السنية , كذلك فإن الثنائي الشيعي اوصل 7-8 نواب مسيحيين على لوائحه, اما الزعامة أو المكون الدرزي فاستطاعت ايصال ثمانية نواب مسيحيين على لوائحها بالرغم من ان عدد النواب الدروز لا يتجاوز هذا الرقم إذن ان زعماء الطوائف المحمدية يتعاملون مع المسيحيين و كأنهم تفليسة يريدون ان يرثوها , و هذا فيه اجحاف بحق المسيحيين و خلل بصحة التمثيل النيابي . و بالتالي هذا الانتفاخ في كل طائفة يرجع الى حجمه الطبيعي اذا ما طبق القانون الارثوذكسي.
ü    س: الى أي مدى تلعب السياسة دوراً  في المحاكم والقضاء اللبناني؟
ج: ان مسألة الإستقلال القضائي في لبنان هي مسألة حساسة وخطيرة جداً  وخاصة في القضاء الواقف  أي النيابات العامة ، والتأثير السياسي على هذا القضاء هو تأثير مؤذي  لفكرة إستقلالية القضاء ، ولذلك لا بد من العمل على تحصين القضاء وحمايته من التدخلات السياسية وتأمين فكرة القضاء المستقل على أكمل وجه ، وبالتالي يطمئن المواطن والمستثمر.
ü    س: برأيكم هل الرئيس ميشال عون سيعمل للبنان كرجل عسكري وابن المؤسسة العسكرية وقائدها أم كسياسي  حليف لحزب الله؟
ج: ان الرئيس عون إضافة الى كونه ابن المؤسسة  العسكرية وقائدها  السابق إكتسب مخزوناً هائلاً من المعترك السياسي فقد تبوأ منصب رئاسة الحكومة في نهاية عهد الرئيس اميل الجميل ثم اسس تياراً حزبياً واسع الإنتشار وعابر للطوائف، ثم تزعم ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان ولمدة ظويلة من الزمن، كل ذلك أتاح له إكتساب خبرة  ومعرفة بالتعاطي مع الأمور  الوطنية على أساس وطني وليس  على أساس تحالفي مع اي جهة، وهذا مصدر قوته.
 بعيداً عن السياسة
ü    س: اين أخطأت وأين نجحت؟
ج:أخفقت وفشلت في كل موقف وكل مسلك صدر مني على قاعدة ردة الفعل على عملِ ما، ونجحت في كل عمل صدر مني على قاعدة  الهدوء وتلقف السلبية  ومحاولة هضمها.
ü    س: من هو مثلكم الأعلى؟
ج: والدي.
ü    س: كونكم رجل قانون، انتم مع قانون الإعدام في جرائم القتل؟
ج: انا ضد قتل النفس البشرية بصرف النظر عن نوع الجريمة.
ü    س: أي بلد  تعتبره الأجمل بعد لبنان؟
ج: البرازيل.
ü    س: مع بداية عام 2017 توجه بكلمة صغيرة الى كل من:
-الرئيس ميشال عون: اتمنى له أن يوفق  بتحقيق الأهداف التي من أجلها كان رئيساً للجمهورية.
-الدكتور سمير جعجع : اتمنى له ان يوفق بمسيرته المدنية الجديدة.
 -الشيخ سعد الحريري: ان يكون كما كان والده المرحوم عليه من قدرة على محبة الناس وتعاطي معهم بمحبة دون حقد.
الرئيس نبيه بري: أتمنى له الصحة والعافية.
الرئيس وليد جنبلاط : أتمنى أن يوفق ابنه تيمور فيما خطط له والده ان يكون.
للشعب اللبناني: اتمنى له ان يعود لبنان الى سابق عهده.

مجلة وطني: اتمنى لكم المزيد من الإزدهار والتوفيق.

Thursday, December 1, 2016

عن الطيارين المصريين في سوريا





عن الطيارين المصريين في سوريا

شادي لويس

الأربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦   | عدد القراء 2
عن الطيارين المصريين في سوريا
print
-T
+T
"ومن هذه الزاوية تحديداً سنتبيّن أهمية الدراسة المقارنة بين محمد علي باشا وجمال عبد الناصر، بما يتعدى مسألة الأمن القومي المصري في سوريا... واحد هزم الوهابية السعودية في عقر دارها فربح في سوريا، وآخر خسر في سوريا لأن حربه مع الوهابية السعودية جاءت متأخرة وعلى هوامشها"..

في كتابه "حروب الناصرية والبعث" (2016)، يسعى الصحافي والكاتب اللبناني، سليمان الفرزلي، إلى النظر في مصائر المنطقة العربية ومآلات ثوراتها بالرجوع إلى قيام الوحدة المصرية السورية وانهيارها، متخذاً من صراعات الناصرية مع البعثين السورى والعراقي، مرجعية، لتفسير تاريخ بلدان المنطقة، ومحوراً لمآسيها. وبغض النظر عن رجاحه تحليل الفرزلي ودقته، فإن طرحه ينطلق من فرضيتين جديرتين بالفحص. 

أولاً، يركن الفرزلي إلى منطق الحتمية الجغرافية، والتي لا يسعه أن يؤكدها سوى بالاستشهاد برائدها، جمال حمدان، أكثر من مرة في كتابه. فالجغرافيا لدى حمدان والفرزلي، لا تحمل بالضرورة بُعداً سياسياً واستراتيجياً فقط، ولا هي مجرد خلفية مادية للسياسية والتاريخ، بل، والأهم فالجغرافيا، هي الجبرية المحددة والمنتجة للسياسية. هكذا، بحسب "حروب الناصرية والبعث"، فإن الأمن القومي المصري، وبفعل الجغرافيا، يبدأ من الشرق، ويرتبط ارتباطاً مصيرياً بسوريا تحديداً، والتي تمثل عمقه الاستراتيجي الأهم. بالطبع، لا يجد الفرزلي صعوبة في تقديم عشرات الأسانيد والحجج التاريخية والاستشهادات لتدعيم أطروحته عن الأمن القومي المصري وارتباطه السوري، وكذلك المركزية المصرية بالنسبة للأمن القومي العربي.

وتقود فرضية الحتمية الجغرافية إلى الفرضية الثانية، والتي، وإن كانت ثانوية، فإنها لا تقل أهمية عن الأولى، فالتاريخ يصبح تنويعات على المسارات التي تفرضها الجغرافيا، وتضحي أحداثه إعادة لروايات تلتئم عقدتها حول المحدد الجغرافي مرة تلو أخرى. وبالتالي، بالنسبة إلى الفرزلي، فإن حملة إبراهيم باشا في سوريا، وحرب محمد علي في الحجاز، ليستا سوى تمظهر للحتميات الجغرافية نفسها التي قادت إلى الوحدة مع سوريا، وحرب ناصر في اليمن، وأيضاً بالنسبة إلى الموقف المصري من الحرب السورية اليوم.

ما ينجح فيه الفرزلي باقتدار هو قلب التاريخ على رأسه، من دون قصد. لكن كتاب "حروب الناصرية والبعث" نفسه يقدم أيضاً ما يدحض فرضيتيه. فالوحدة المصرية السورية، بحسب الكتاب، تبدو نتاجاً لإيديولوجيا القومية العربية العابرة لحدود الجغرافيا، في نسخها الناصرية والبعثية وغيرها. هكذا، فإن الجمهورية العربية المتحدة، التي يصعب تصور رابط جغرافي بين قُطريها الشمالي والجنوبي اللذين لا يتشاركان حدوداً مادية، تبدو نتاجاً للايديولوجيا القادرة على تشكيل الجغرافيا وتجاوزها، بل ونفيها أيضاً. وفي مقابل حملة إبراهيم باشا في سوريا عبر فلسطين، والتي جاءت في سياق تمدد جغرافي طبيعي لطموح محمد علي الإمبراطوري، فإن الجمهورية العربية المتحدة تمثل نموذجاً استثنائياً لوحدة سياسية ضد منطق الجغرافيا ورُغماً عنه. يعيد الفرزلي قلب مثلث الجغرافيا والتاريخ والساسية، على قاعدته مرة أخرى، ربما بلا قصد مرة أخرى. 

تأتي الأخبار التي تم تدوالها عن وصول طليعة من 18 طياراً مصرياً إلى سوريا، ونفيها على وجل من وزارة الخارجية المصرية، بالتوازي مع تصريحات السيسي للتلفزيون البرتغالي عن ضرورة دعم الجيوش العربية الوطنية، ومن ضمنها جيش "النظام" السوري، لتستدعي الحاجة إلى إعادة فحص فرضيات الفرزلي. فهل يأتي موقف النظام المصري من سوريا اليوم مدفوعاً برؤيته للوضع السوري بوصفه عمقاً استراتيجياً للأمن القومي المصري، تفرضه الجغرافيا ومركزية "دور مصر العربي"؟ أم أن الأمر يتعلق بإدراك النظام المصري لدور الإيديولوجيا والأفكار- بوصفها عابرة للجغرافيا- في تحديد أولويات سياسته الإقليمية؟

بلا شك، يبدو نظام السيسي، بشكل أو بآخر، إعادة إنتاج للتجربة الناصرية في نسخة مشوهة، أو على الأقل وريثة لها بحكم الضرورة، أو بدافع إنتهازي لتراثها. الأمر الذي لا يصعب معه تصور التورط المصري في سوريا مدفوعاً بقناعات شبه ناصرية حول مركزية الدور المصري عربياً، وعمقه الجيو-سياسي السوري. لكن الموقف المصري من سوريا، يبدو بشكل أكبر، مدفوعاً بإدراك نظام السيسي لدور الأيديولوجيا والأفكار في تجاوز الجغرافيا وتخطي الحدود السياسية. فالثورات العربية، ومن بينها الثورة المصرية، التي أشعلتها شرارة السقوط المفاجئ لنظام زين العابدين بن علي في تونس، لم تتمدد جذوتها بفعل محددات الجغرافيا، بل بموجب انتقال الأفكار السياسية وتجاوزها للحدود. فكما كان سقوط بن علي، نموذجاً ملهماً للانتفاضات العربية، فإن نظام السيسي الذي وصل للحكم بغية تحطيم ذلك النموذج ومحوه، يدرك أن مصلحته في الصراع السوري تنحصر أولوياتها في انتصار نموذج الدولة الوطنية السلطوية، ونسختها الأسدية الأكثر وحشية وفجاجة، على سواها من النماذج الممكنة. ويبدو تأبيد النظام الأسدي، أمراً مصيرياً للنظام المصري وإيديولوجيته التي تستند إلى المرجعيات نفسها: ادعاءات محاربة الإسلام الجهادي والإرهاب، والصمود في وجه المؤامرة الإمبريالية الغربية، وأولوية وحدة التراب والإستقلال الوطنيين على حساب الديموقراطية والحريات. وفي تقارب السياسة المصرية الخارجية، مع النظام الجزائري، ودعمه لحفتر في ليبيا، وتأييدها الذي أصبح معلناً لنظام بشار مؤخراً، لا تبدو مدفوعة بحسابات جيوسياسية تحتّمها الجغرافيا وامتدادات الأمن القومي المصري التاريخية، بل بالأحرى برغبة إيديولوجية في تعميم نموذج سياسي بعينه، ومحو فرص غيره في وعي المجتمعات العربية ومخيلاتها. رغبة، تبدو اليوم، مع الأسف، أقرب إلى الانتصار من أي وقت مضى خلال الأعوام الخمسة الماضية.