Friday, December 23, 2016

ايلي فرزلي في مقابلته مع مجلة وطني اجرتها الاعلامية رونا

دولة الرئيس اهلاً و سهلاً بك على صفحات مجلة وطني.

ü    س : بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية و تشكيل الحكومة كيف ترى مستقبل لبنان؟
ج : انا اعتقد ان استحقاق تشكيل الحكومة هو استحقاق طبيعي و ليس إستثنائي و لكن في حالة لبنان الحاضرة تتمثل أهمية هذه الحكومة بالعمل على إقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية  ومن ثم إجراء الانتخابات النيابية  وبعد ذلك يمكن ان نفتح الأفاق للبحث في مستقبل لبنان، حيث أن نتائج هذه الانتخابات وفق القانون الجديد سوف تؤدي الى رسم خارطة جديدة برلمانية و بالتالي تشكل قوى جديدة وتحالفات جديدة وتتبلور الاسس التي سوف تقوم عليها هذه التحالفات و هذا المجلس الجديد، عندئذٍ يمكن الحديث عن مستقبل لبنان.
فان النقطة المركزية التي يجب ان ترتكز عليها هذه المرحلة الانتقالية التي تفصلنا عن موعد  تاريخ اجراء الانتخابات النيابية هي انتاج قانون جديد يعمل على طرد قانون الستين من حياتنا البرلمانية  وإدخال النسبية بطريقة او بأخرى مما يؤدي الى إنتاج موالاة و معارضة  و مستقبل مختلف للبنان.
ü    س : هل افهم من ذلك انك مع قانون النسبية المختلط أم الكامل؟
ج: مبدأ النسبية الكاملة في النهاية هو هدف استراتيجي يجب العمل على تحقيقه و لو على المدى البعيد ولكن حاليا" هناك  ظروف لا تسمح بتحقيقه و لذلك يمكن العبور إليه عبر القانون المختلط ، ذلك لأن البعض يرى في النسبية الكاملة ما يتعارض مع مصالحهم الانتخابية و يرى البعض الآخر في القانون الأكثري ما هو ضد مصلحتهم ايضاً، لذلك قد يكون القانون المختلط هو الحل المرحلي و الوسط الذي يرضي الجميع حيث انه يجمع ما بين مطالب كافة الاطراف و   بالتالي لا يشعر أي طرف بأنه مغبون او انتقص من حقوقه مباشرة.
 وهناك طريقة اخرى للوصول الى التمثيل النيابي الصحيح و المتوازن ألا و هي التأهيل على مستوى القضاء  من خلال القانون الاكثري ثم الانتقال الى الانتخاب على مستوى المحافظة على قاعدة النسبية الكاملة.
ü    س: ماذا عن الملفات العالقة مثل الفساد،الكهرباء، النفايات وغيرها ...هل ستتمكن  هذه الحكومة من معالجتها  بشكل سليم؟
ج: الفساد ليس شخصاً يمكن تحديد مكانه و محاربته بل هو موجود منذ وجود البشر  واذا انطلقت  عجلة الدولة و عادت مؤسساتها الى العمل وفق الآلية القانونية الصحيحة فيمكن معالجة الفساد، و من المعروف ان أم  المؤسسات الرقابية في الدولة هو مجلس النواب، فضلاً عن القضاء المستقل و الهيئات الرقابية الأخرى مثل التفتيش  المركزي و القضائي و ديوان المحاسبة ومجلس التأديب و غيره من المؤسسات و اذا انتجت موالاة و معارضة في  مجلس النواب يصبح أمر المسألة و المحاسبة طبيعي ، حيث ان مجلس النواب يحاسب الحكومة من خلال دور  المعارضة، ثم تقوم المعارضة بلعب دورها بحماية المؤسسات الرقابية و تحصينها، عندئذِ تنتظم آلية عمل الدولة و يمكن محاربة الفساد.  المهم هو كيفية التعاطي مع ظاهرة الفساد بهدف التمكن من وضع حد له و من ثم القضاء عليه و لا بد من الإقرار و الاعتراف ان الفساد ظاهرة مستمرة من الصعب القضاء عليها نهائياً و لكن التعاطي معها بدءاً من  تفعيل المؤسسات الرقابية يحد كثيراً منها، الا أن عدم وجود معارضة في مجلس النواب مستندة الى قاعدة شعبية لا  يمكن ان يفسح المجال بمحاربة الفساد.
ü    س: من المعروف ان دولتك تعتبر عراب القانون الارثوذكسي ، ولكن هناك العديد من السياسيين وخبراء القانون يتهمونك بالطائفية و يعتبرون أن هذا المشروع يغذي الطائفية في البلد. ما ردك على  ذلك؟
ج : العكس هو الصحيح، لانه اذا تم الإنتخاب على اساس أن كل لبنان هو دائرة واحدة و أن تطبق النسبية ضمن كل طائفة على حدة فإن اكبر طيار متطرف ضمن كل طائفة لا يمكنه أن يحقق شيئاً لوحده في مجلس النواب ولا بد له  من الاتفاق مع تيارات أخرى متطرفة في الطوائف الأخرى و ذلك يخلق حالة من التحالف التي تنفي التطرف،  فالقانون الارثوذكسي قائم على فلسفة أن تقوم كل طائفة بإنتخاب نوابها على اساس النسبية وعلى هذا الاساس ينتهي التطرف في لبنان. فإذا اخذنا مثلاً الطائفة المارونية التي تعتبر الأكبر في لبنان و يبلغ عدد نوابها 34 نائباً،  واذا افترضنا وجود تيارات متطرفة داخلها يمكن ان تصل الى 5-6-7-8 نواب ، فإنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً داخل الخارطة البرلمانية و بالتالي فهم يلجأون الى التحالف مع التيارات المتطرفة من الطوائف الأخرى و عليه فإن الصراع المفترض بين الطوائف يتحول الى صراع صحي داخل كل طائفة.
 على كل حال ان هذا الحل على اساس القانون المسمى الاورثوذكسي هو حل مرحلي و مؤقت يمكن اعتماده الى حين انتاج قانون النسبية الكاملة الذي يؤدي الى انتاج الممثلين الحقيقيين للشعب و للطوائف أيضاً وبالتالي يمكن  الذهاب الى الغاء الطائفية وفقاً للمادة 95 من الدستور.
ü    س: هل يحمي هذا القانون الطوائف كلها في لبنان؟
ج: صحيح انه يحمي الطوائف لكنه يفجرها من الداخل.
ü    س:إذن لماذا الخوف منه؟
ج: المعارضين له يخشون خسارة نواب من الكتل التي يهيمنون عليها و هم في الوقت الحاضر زعماء الطوائف، وهؤلاء النواب هم من الطوائف الأخرى، واذا اخذنا الخريطة الحالية في المجلس نجد ان كل الطوائف المحمدية (السنية و الشيعية و الدرزية) تستفيد من القانون الحالي حيث ان زعماء هذه الطوائف كما ذكرت يستطيعون إيصال نواب مسيحيين من مناطقهم على اللوائح التي يشكلونها. فهناك حوالي 20 نائب مسيحي في البرلمان الحالي فازوا بمقاعدهم من خلال ترشحهم على لوائح الاكثرية السنية , كذلك فإن الثنائي الشيعي اوصل 7-8 نواب مسيحيين على لوائحه, اما الزعامة أو المكون الدرزي فاستطاعت ايصال ثمانية نواب مسيحيين على لوائحها بالرغم من ان عدد النواب الدروز لا يتجاوز هذا الرقم إذن ان زعماء الطوائف المحمدية يتعاملون مع المسيحيين و كأنهم تفليسة يريدون ان يرثوها , و هذا فيه اجحاف بحق المسيحيين و خلل بصحة التمثيل النيابي . و بالتالي هذا الانتفاخ في كل طائفة يرجع الى حجمه الطبيعي اذا ما طبق القانون الارثوذكسي.
ü    س: الى أي مدى تلعب السياسة دوراً  في المحاكم والقضاء اللبناني؟
ج: ان مسألة الإستقلال القضائي في لبنان هي مسألة حساسة وخطيرة جداً  وخاصة في القضاء الواقف  أي النيابات العامة ، والتأثير السياسي على هذا القضاء هو تأثير مؤذي  لفكرة إستقلالية القضاء ، ولذلك لا بد من العمل على تحصين القضاء وحمايته من التدخلات السياسية وتأمين فكرة القضاء المستقل على أكمل وجه ، وبالتالي يطمئن المواطن والمستثمر.
ü    س: برأيكم هل الرئيس ميشال عون سيعمل للبنان كرجل عسكري وابن المؤسسة العسكرية وقائدها أم كسياسي  حليف لحزب الله؟
ج: ان الرئيس عون إضافة الى كونه ابن المؤسسة  العسكرية وقائدها  السابق إكتسب مخزوناً هائلاً من المعترك السياسي فقد تبوأ منصب رئاسة الحكومة في نهاية عهد الرئيس اميل الجميل ثم اسس تياراً حزبياً واسع الإنتشار وعابر للطوائف، ثم تزعم ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان ولمدة ظويلة من الزمن، كل ذلك أتاح له إكتساب خبرة  ومعرفة بالتعاطي مع الأمور  الوطنية على أساس وطني وليس  على أساس تحالفي مع اي جهة، وهذا مصدر قوته.
 بعيداً عن السياسة
ü    س: اين أخطأت وأين نجحت؟
ج:أخفقت وفشلت في كل موقف وكل مسلك صدر مني على قاعدة ردة الفعل على عملِ ما، ونجحت في كل عمل صدر مني على قاعدة  الهدوء وتلقف السلبية  ومحاولة هضمها.
ü    س: من هو مثلكم الأعلى؟
ج: والدي.
ü    س: كونكم رجل قانون، انتم مع قانون الإعدام في جرائم القتل؟
ج: انا ضد قتل النفس البشرية بصرف النظر عن نوع الجريمة.
ü    س: أي بلد  تعتبره الأجمل بعد لبنان؟
ج: البرازيل.
ü    س: مع بداية عام 2017 توجه بكلمة صغيرة الى كل من:
-الرئيس ميشال عون: اتمنى له أن يوفق  بتحقيق الأهداف التي من أجلها كان رئيساً للجمهورية.
-الدكتور سمير جعجع : اتمنى له ان يوفق بمسيرته المدنية الجديدة.
 -الشيخ سعد الحريري: ان يكون كما كان والده المرحوم عليه من قدرة على محبة الناس وتعاطي معهم بمحبة دون حقد.
الرئيس نبيه بري: أتمنى له الصحة والعافية.
الرئيس وليد جنبلاط : أتمنى أن يوفق ابنه تيمور فيما خطط له والده ان يكون.
للشعب اللبناني: اتمنى له ان يعود لبنان الى سابق عهده.

مجلة وطني: اتمنى لكم المزيد من الإزدهار والتوفيق.

Thursday, December 1, 2016

عن الطيارين المصريين في سوريا





عن الطيارين المصريين في سوريا

شادي لويس

الأربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦   | عدد القراء 2
عن الطيارين المصريين في سوريا
print
-T
+T
"ومن هذه الزاوية تحديداً سنتبيّن أهمية الدراسة المقارنة بين محمد علي باشا وجمال عبد الناصر، بما يتعدى مسألة الأمن القومي المصري في سوريا... واحد هزم الوهابية السعودية في عقر دارها فربح في سوريا، وآخر خسر في سوريا لأن حربه مع الوهابية السعودية جاءت متأخرة وعلى هوامشها"..

في كتابه "حروب الناصرية والبعث" (2016)، يسعى الصحافي والكاتب اللبناني، سليمان الفرزلي، إلى النظر في مصائر المنطقة العربية ومآلات ثوراتها بالرجوع إلى قيام الوحدة المصرية السورية وانهيارها، متخذاً من صراعات الناصرية مع البعثين السورى والعراقي، مرجعية، لتفسير تاريخ بلدان المنطقة، ومحوراً لمآسيها. وبغض النظر عن رجاحه تحليل الفرزلي ودقته، فإن طرحه ينطلق من فرضيتين جديرتين بالفحص. 

أولاً، يركن الفرزلي إلى منطق الحتمية الجغرافية، والتي لا يسعه أن يؤكدها سوى بالاستشهاد برائدها، جمال حمدان، أكثر من مرة في كتابه. فالجغرافيا لدى حمدان والفرزلي، لا تحمل بالضرورة بُعداً سياسياً واستراتيجياً فقط، ولا هي مجرد خلفية مادية للسياسية والتاريخ، بل، والأهم فالجغرافيا، هي الجبرية المحددة والمنتجة للسياسية. هكذا، بحسب "حروب الناصرية والبعث"، فإن الأمن القومي المصري، وبفعل الجغرافيا، يبدأ من الشرق، ويرتبط ارتباطاً مصيرياً بسوريا تحديداً، والتي تمثل عمقه الاستراتيجي الأهم. بالطبع، لا يجد الفرزلي صعوبة في تقديم عشرات الأسانيد والحجج التاريخية والاستشهادات لتدعيم أطروحته عن الأمن القومي المصري وارتباطه السوري، وكذلك المركزية المصرية بالنسبة للأمن القومي العربي.

وتقود فرضية الحتمية الجغرافية إلى الفرضية الثانية، والتي، وإن كانت ثانوية، فإنها لا تقل أهمية عن الأولى، فالتاريخ يصبح تنويعات على المسارات التي تفرضها الجغرافيا، وتضحي أحداثه إعادة لروايات تلتئم عقدتها حول المحدد الجغرافي مرة تلو أخرى. وبالتالي، بالنسبة إلى الفرزلي، فإن حملة إبراهيم باشا في سوريا، وحرب محمد علي في الحجاز، ليستا سوى تمظهر للحتميات الجغرافية نفسها التي قادت إلى الوحدة مع سوريا، وحرب ناصر في اليمن، وأيضاً بالنسبة إلى الموقف المصري من الحرب السورية اليوم.

ما ينجح فيه الفرزلي باقتدار هو قلب التاريخ على رأسه، من دون قصد. لكن كتاب "حروب الناصرية والبعث" نفسه يقدم أيضاً ما يدحض فرضيتيه. فالوحدة المصرية السورية، بحسب الكتاب، تبدو نتاجاً لإيديولوجيا القومية العربية العابرة لحدود الجغرافيا، في نسخها الناصرية والبعثية وغيرها. هكذا، فإن الجمهورية العربية المتحدة، التي يصعب تصور رابط جغرافي بين قُطريها الشمالي والجنوبي اللذين لا يتشاركان حدوداً مادية، تبدو نتاجاً للايديولوجيا القادرة على تشكيل الجغرافيا وتجاوزها، بل ونفيها أيضاً. وفي مقابل حملة إبراهيم باشا في سوريا عبر فلسطين، والتي جاءت في سياق تمدد جغرافي طبيعي لطموح محمد علي الإمبراطوري، فإن الجمهورية العربية المتحدة تمثل نموذجاً استثنائياً لوحدة سياسية ضد منطق الجغرافيا ورُغماً عنه. يعيد الفرزلي قلب مثلث الجغرافيا والتاريخ والساسية، على قاعدته مرة أخرى، ربما بلا قصد مرة أخرى. 

تأتي الأخبار التي تم تدوالها عن وصول طليعة من 18 طياراً مصرياً إلى سوريا، ونفيها على وجل من وزارة الخارجية المصرية، بالتوازي مع تصريحات السيسي للتلفزيون البرتغالي عن ضرورة دعم الجيوش العربية الوطنية، ومن ضمنها جيش "النظام" السوري، لتستدعي الحاجة إلى إعادة فحص فرضيات الفرزلي. فهل يأتي موقف النظام المصري من سوريا اليوم مدفوعاً برؤيته للوضع السوري بوصفه عمقاً استراتيجياً للأمن القومي المصري، تفرضه الجغرافيا ومركزية "دور مصر العربي"؟ أم أن الأمر يتعلق بإدراك النظام المصري لدور الإيديولوجيا والأفكار- بوصفها عابرة للجغرافيا- في تحديد أولويات سياسته الإقليمية؟

بلا شك، يبدو نظام السيسي، بشكل أو بآخر، إعادة إنتاج للتجربة الناصرية في نسخة مشوهة، أو على الأقل وريثة لها بحكم الضرورة، أو بدافع إنتهازي لتراثها. الأمر الذي لا يصعب معه تصور التورط المصري في سوريا مدفوعاً بقناعات شبه ناصرية حول مركزية الدور المصري عربياً، وعمقه الجيو-سياسي السوري. لكن الموقف المصري من سوريا، يبدو بشكل أكبر، مدفوعاً بإدراك نظام السيسي لدور الأيديولوجيا والأفكار في تجاوز الجغرافيا وتخطي الحدود السياسية. فالثورات العربية، ومن بينها الثورة المصرية، التي أشعلتها شرارة السقوط المفاجئ لنظام زين العابدين بن علي في تونس، لم تتمدد جذوتها بفعل محددات الجغرافيا، بل بموجب انتقال الأفكار السياسية وتجاوزها للحدود. فكما كان سقوط بن علي، نموذجاً ملهماً للانتفاضات العربية، فإن نظام السيسي الذي وصل للحكم بغية تحطيم ذلك النموذج ومحوه، يدرك أن مصلحته في الصراع السوري تنحصر أولوياتها في انتصار نموذج الدولة الوطنية السلطوية، ونسختها الأسدية الأكثر وحشية وفجاجة، على سواها من النماذج الممكنة. ويبدو تأبيد النظام الأسدي، أمراً مصيرياً للنظام المصري وإيديولوجيته التي تستند إلى المرجعيات نفسها: ادعاءات محاربة الإسلام الجهادي والإرهاب، والصمود في وجه المؤامرة الإمبريالية الغربية، وأولوية وحدة التراب والإستقلال الوطنيين على حساب الديموقراطية والحريات. وفي تقارب السياسة المصرية الخارجية، مع النظام الجزائري، ودعمه لحفتر في ليبيا، وتأييدها الذي أصبح معلناً لنظام بشار مؤخراً، لا تبدو مدفوعة بحسابات جيوسياسية تحتّمها الجغرافيا وامتدادات الأمن القومي المصري التاريخية، بل بالأحرى برغبة إيديولوجية في تعميم نموذج سياسي بعينه، ومحو فرص غيره في وعي المجتمعات العربية ومخيلاتها. رغبة، تبدو اليوم، مع الأسف، أقرب إلى الانتصار من أي وقت مضى خلال الأعوام الخمسة الماضية. 

Monday, November 21, 2016

معايدة من ميشال نخلة

لحالو الدهر هيك فَرز لي
الناس بين أوفيا وخُوّان
وحطّ الياس بن أديب الفرزلي
للوفا والعطا عنوان
يا ملايكة السما قومي انزلي
رفرفي جوانحك حولو كمان
وزيدي بعمرو بعد كم مرحلي
واحتفلي بعيدو يا اجراس وآذان
م.ن
عقبال المية دولة الرئيس

Wednesday, October 26, 2016

النخبة المسيحية اللبنانية في دورها الجديد


النخبة المسيحية اللبنانية في دورها الجديد

جهاد الزين
27 تشرين الأول 2016

لا أعرف تفاصيل التفاهمات غير المعلنة بين الجنرال ميشال عون والسيد سعد الحريري و"حزب الله". الذي أعرفه أنها موجودة وأنها لا يمكن إلا أن تكون موجودة ومكتوبة وقد تكون مسهبة.

هؤلاء يمثلون قوى إقليمية ومتصلون بقوى دولية ولا سيما إيران والسعودية. ويمثلون أنفسهم كقوى محلية، اثنان منهم تأسسا بقرار خارجي سعودي وإيراني ولكنهما ولأسباب مختلفة تحولا إلى قوتين راسختين في بيئتيهما الشعبية والطائفية. استثماران كاملان لا سابق لهما من حيث ولادة كلٍّ منهما في بلاط خارجي ثم نجاحهما في التجذر الشعبي إلى حد، كما في حالة "حزب الله"، غيَّر في سوسيولوجيا الطائفة الشيعية. ورغم بقاء التنوع العميق في هذه الطائفة على مستوى النخب غير أن جسم الطائفة وتقاليدها تغيرت بدءاً أو مروراً بجارتنا المرحومة الحاجّة حمدة في قريتي جبشيت. الحريرية، ولو بدأت التراجع الجاد عن سطوتها السابقة، تلقّفت التغيير الاجتماعي السني، وهو جزء من التبدل العربي والمسلم، ولكنها غيّرت النخبة السنية اللبنانية مروراً بجاري في القنطاري.
ميشال عون كزعيم هو نتاج لبناني كامل. ولكن كرئيس هو حتماً نتاج قبول خارجي بزعيم لبناني. عدا ذلك تجليط.
لكنْ وبعيداً من "بعض" الكلام الفارغ أو المجامل أو الببغائي، فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو لحظة مسيحية كبيرة، حتى لو كانت أو هي الآن لحظة لبنانية ومشرقية هامة. وفي زمن الانقراض المسيحي في المنطقة صار للدور المسيحي في لبنان ليس فقط أهمية مضاعفة بل أهميات مضاعفة. صار معنى الضعف مضاعفاً ومعنى الاستمرار مضاعفاً.
أي رئيس جديد للجمهورية، وخصوصا حين يكون آتياً من مدرسة المسيحية المقاتلة عسكرياً التي انتهت ميدانياً مع نهاية الحرب الأهلية مثل ميشال عون، لا ينبغي أن يقع في المفهوم السياسوي الصرف لفكرة القوة والضعف الطائفية. هناك مفهوم آخر بل منظور آخر عميق وحقيقي للقوة المسيحية اللبنانية:
الطائفة الأقوى في لبنان تربوياً وثقافياً وتعليمياً واقتصادياً وفنياً وسياحياً واجتماعياً (أي ليبرالياً) هي الطائفة المسيحية التي أصبحت عملياً طائفة مركّبة من طوائف مسيحية متعددة.
رئيس الجمهورية الآتي هو من هذه الطائفة "الهولدينغ" التي بسببها تأسست قبل ولادة الدولة اللبنانية الجامعتان اللتان لا تزالان الجامعتين الأهم في العالم العربي (باستثناء اسرائيل)، وهما اللتان لايحتاج القارئ حتى غير النبيه لتسميتهما مع أنني سأسمّيهما أي الجامعتان الأميركية واليسوعية. وبين الجامعات الجديدة النوعية فلا شك أن في عداد عددها القليل جامعتين أو ثلاثاً من البيئة المسيحية.
أقرأ حالياً كتاباً بالفرنسية صادراً عام 2014 للباحث التونسي قيس الإزرللي تحت عنوان: الديبلوماسية الغربية والانشقاق العربي - فرنسا الكولونيالية والحركة العروبية في سوريا العثمانية (1912 - 1914). لست الآن في وارد مراجعته ككتاب. أعتقد أن الموضوع الذي يعالجه ليس شائعاً لأن الحركة العروبية يُنظر إليها يومها على أنها قريبة من بريطانيا ومعادية لفرنسا التي كانت معنية فقط بالمسيحيين في "اللوفان".
ما لفتني وما سأنقله من الكتاب هو التالي:
حسب تقرير فرنسي حكومي عام 1913 عن عدد المؤسسات التعليمية الفرنسية أو المدعومة من فرنسا، كان هناك 36 ألف تلميذ وطالب. يمثل هذا الرقم نصف عدد التلامذة في المؤسسات الفرنسية أو المدعومة من فرنسا في كل الامبراطورية العثمانية. والأهم من ذلك أن ثلثي هؤلاء التلامذة يتمركز في منطقة بيروت وجبل لبنان بما فيهم بل في مقدمتهم طلاب الجامعة اليسوعية.
لا أعرف أو لا أتذكر مشروعاً "انفصالياً" سياسياً أسفر عن قيام دولة هي دولة لبنان الكبير استند أساساً على قاعدة تعليمية بهذا الشكل؟
هذا دون أن ننسى الجامعة والمدارس الأميركية والروسية وفي بيروت، ولو بنسبة أقل طبعاً، مدارس المقاصد فيما كانت هذه "العدوى" الفاضلة بدأت تتسرب إلى وعي النخبة الجديدة المسفرة عن طموحاتها في جبل عامل بعد الانقلاب الدستوري في اسطنبول عام 1908 مع قيام بعض رجال الدين بتأسيس مدرسة أولى في النبطية! ولن أتطرق هنا إلى عدد المستشفيات أيضاً المختلف كالمدارس عن الداخل السوري وخصوصاً دمشق وحلب في ما يستنتج الكاتب أن الاهتمام الخاص الفرنسي كان بمناطق الساحل لا الداخل السوري كما عن كل المناطق العثمانية الأخرى.
بعد أكثر من مائة عام على هذه الأرقام، وبعد سنوات طويلة لاحقة من الصراع المضني على هوية لبنان "القومية" وأحيانا الدينية، يبدو أن شيئاً ما عميقاً مات في هذا النوع من التجاذب بين الهويات - الأولويات الوهمية أو الحقيقية. لم تمت الهويات بل ماتت أهمية الصراع عليها حيال تحديات جديدة في غاية الخطورة في المنطقة ولبنان ضمن العصر العالمي الجديد.
الرئيس الجديد ينبغي أن يبني استراتيجيته على ما أسمّيه المعنى الجديد للوطنية اللبنانية الذي يلعب فيه الوجود المسيحي دوراً قيادياً طبيعياً لا يحتاج إلى تباكٍ.
لا شك أن المعنى المسيحي لدور الرئيس الجديد أساسي. فهو رئيس لبنان ما بعد الانقراض المسيحي في المنطقة.
يا للمسؤولية الضخمة في هذا الواقع، مسيحية وغير مسيحية.
نعرف حجم الصعوبات التي تواجه المهمة المسيحية كمهمة وطنية خصوصا أمام استمرار الكثير من النخب السياسية المسلمة في اتباع تقليد التنافس الضيق جداً مع المسيحيين، وهي نخبة سنية وشيعية ودرزية لم تعِ بعد أو لم تخرج من التقاليد القديمة للتنافس الطائفي، ولكن بالمقابل يجب أن تنتبه مدرسة المسيحية المقاتِلة القديمة بفرعيها الدولتي والميليشياوي إلى أن خطاباً جديداً يجب أن يتأسس هذه المرة: خطاب جديد ليس فقط للوفاق بل أيضاً خطاب جديد للتنافس مع الطائفيات الأخرى.
يأتي الرئيس الجديد للبنان في منطقة جديدة مدمَّرة ومستمرة في الدمار. ويواجه لبنان خطرين متداخلين:
الخطر على مسيحييه والخطر عليه كبُنية.
لا أتفاءل ولن أتفاءل في شرق أوسط عربي جزءٌ كبير منه منهار، وقد أصبح هناك جيلان من كفاءاته العليا من كل الأديان في الخارج بلا علاقة منتِجة مع الأصول... ولكن الرئيس الجديد يستطيع ربما أن يؤسس لا جمهورية جديدة، تدهورت دولتها في التفاهة، وإنما لخطاب جديد، لمعنى جديد للوطنية اللبنانية.
إنه في العمق، وأستميح أي رئيس جديد العذر، دور جديد للنخبة المسيحية وليس للرئيس سوى كممثّل له.
من هنا أرجو أن يكون هذا السؤال بين الأسئلة التي يطرحها الرئيس الجديد على نفسه:
هل الطبقة السياسية المسيحية الحالية عبءٌ على الدور المسيحي النوعي في المعنى الموعود للوطنية اللبنانية أم داعم له؟
لا أستسيغ مصطلح "إعادة بناء الدولة" لأن هيكلية الدولة لا يمكن إعادة بنائها في الجيل الحالي وصارت مرتبطة بتخلفها مصالحُ فئة بل "نخبة" لبنانية من الطبقة الوسطى من كل الطوائف تديرها طائفيات عاتية.
ما يمكن أن يكون واقعياً هو البدء بإعادة بناء الخطاب الوطني. معنى جديد للوطنية اللبنانية وسط منطقة منشغلة بنفسها طويلاً وترتسم عبر هذا الانشغال صورة الشرق الأوسط الجديد ذي المساحة العربية المتفككة.
هل يعني هذا أن البرنامج الفعلي اللبناني هو البرنامج المستحيل ... غير بقاء الحد الأدنى؟

jihad.elzein@annahar.com.lb
Twitter: @ j_elzein

Saturday, October 22, 2016

نصّ المقال كما جاء في جريدة الديار التمسّك بالطائف يكشف الحيّز التسووي بمراعاة السعودية بقلم جورج عبيد

نصّ المقال كما جاء في جريدة الديار لهذا اليوم.

التمسّك بالطائف يكشف الحيّز التسووي بمراعاة السعودية
بقلم جورج عبيد

النتيجة التي بلغها اللبنانيون بدعم رئيس الحكومة السابق والعتيد ترشيح العماد ميشال عون، ما كانت لتتجلّى بهذا البهاء لو لم يكن خلفها "مهندس بارع" رسم خريطة الطريق نحوها وهو نائب رئيس مجلس النواب سابقًا إيلي الفرزلي، بتكثيف الأطروحة الميثاقيّة وتثميرها وتجذيرها في تربة خصبة على الرغم من كلّ الظروف.
المشهد الذي بلغناه وشاهدناه في بيت الوسط في بيروت ومن ضمنه خطاب الرئيس الحريري مع كلام العماد عون إثر زيارته، كان هو التتويج للمسعى الذي قاده إيلي الفرزلي مع نخبة واعية آمنت منذ اللحظة الأولى بضرورة ترتيب البيت المسيحيّ على مراحل عديدة وفقًا لطبقتين واحدة سياسية غير محشورة بالشكل بقدر ما هي رانية إلى مضمون متكامل، وأخرى إكليريكيّة متعاونة من حيث تقدير الأمور بالسعي إلى مصالحات تاريخيّة بين الأقطاب المسيحيين، فتؤدّي تلك المصالحات إلى رؤى جديدة مثبّتة للهيكل على صخرة صلبة، توّجت بمصالحة تاريخيّة فيما بعد بين التيار الوطنيّ الحرّ والقوات اللبنانيّة. ويتذكر إيلي الفرزلي في هذا المقام كيف أنّه خلال تأديته واجب العزاء بوفاة بوزير الخارجيّة السعوديّ سعود الفيصل في جامع محمّد الأمين كيف أن السفير السعوديّ علي عواض العسيري قال له بإلحاح على مسمع من الوزير السابق الدكتور محمد جواد خليفة، بأن يسعى لمصالحة العماد ميشال عون مع رئيس القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع، فلم يعد هذا الأمر مجرّد أمنيات بل تحقّق بالفعل، وكان له أن يزور سمير جعجع غير مرّة برفقة وزير الخارجية الحالي جبران باسيل للتباحث معه حول مسألتين مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ ومن تحقيق المصالحة بين التيار والقوات. المصالحات كانت الهمّ الكبير عند الفرزلي وقد أنجر الكثير منها طبقًا لما رسم.
جوهر النضال عند الرجل تحقيق المناصفة الفعليّة بين المسيحيين والمسلمين وتأمين وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهوريّة كممثل للوجدان المسيحيّ بأكثريته المطلقة مقابل وصول من يمثّل الوجدان الشيعيّ بأكثريته المطلقة والوجدان السنيّ بأكثريته المطلقة. كان يرى هذا الهدف تحقيقًا للفلسفة الميثاقيّة، ليس بإطارها الثنائيّ بل بإطارها الثلاثيّ والرباعيّ بحيث تحوي في طياتها كلّ الطوائف والمذاهب وتتكامل بها. هذه الرؤية عنده هي السقف المثلّث الأضلاع ، لكنّ هذا السقف في تفسيره وتفسير كثيرين، لن يتحصّن ويثبت إلاّ بقانون انتخابات يؤمّن المناصفة الفعليّة، فكان مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ ثمرة هذا الحراك، وتميّز بأنه انطلق من لبنان دائرة واحدة والنسبية المطلقة مع أنّ كل طائفة تنتخب ممثليها في المجلس بلا استيلاد لطائفة في كنف اخرى فيتم الخلاص من الصراع بين الطوائف والمذاهب إلى التنافسداخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد، فتتلاشى شهوة كثيرين بافتعال الحروب بطوائفنا وبشرنا وعلى أرضنا، فتنتهي الرؤية عند حدود تاليف تكتلات وطنية داخل المجلس النيابيّ بين النواب فتتعمّم الرؤية نحو المجتمع بالتمرّس على تجسيد الطائفيّة المتوازنة القامعة والمبطلة للطائفيّة المتلاشية، فتتعبّد الطريق بتدرّج كامل وعلى جرعات باتجاه إلغاء الطائفية السياسيّة كما نصّت تمامًا في المادة 95 من الدستور.
نجح إيلي الفرزلي مع عدد قليل من الشرّاح بتوضيح الفكرة والمعنى والمراد، فتبنّت بكركي مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ، وجعلته جزءًا أساسيًّا من وثيقتها الوطنية الصادرة بتاريخ 9 شباط من سنة 2014. وبالإزاء عينه تبنت الأحزاب المسيحيّة وبخاصّة التيار الوطنيّ الحرّ وعلى رأسه العماد ميشال عون هذا المشروع من باب تأمين المناصفة الفعلية، وجرى النقاش حوله في اللجنة التي ترأسها النائب روبير غانم، وخلصت إلى جعله على رأس مشاريع انتخابية لمناقشتها في المجلس النيابيّ.
أمّا النجاح الكبير فيقول الفرزلي بأنّه تمّ في إعلان الرئيس الحريري دعمه لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهوريّة، كان يوم أمس عنده يوم المنى كما يقال. القمّة بنظره لم تكن في الترشيح بل في الخطاب الكبير الذي لفظه الحريري، وقد ظهر فيه على أنه رجل دولة من طراز رفيع ويملك القدرة على الانسكاب في الآخرين كممثل للوجدان السنيّ بشفافية وحرص على خلاص لبنان وعدم تمزّقه بالصراعات. ويعترف إيلي الفرزلي بأنّ معظم ما سمعه رأى فيه نفسه في كلّ حرف وفي معظم الأسباب الموجبة اتي سردها وآلت به إلى لحظة دعم وصول العماد عون لرئاسة الجمهوريّة، والتكامل الميثاقيّ في بناء حكم متين لجمهوريّة تلاشت وتمزّقت والهدف في كلّ ذلك ترميمها لتبدو مشعّة وساطعة وفاعلة بين الأمم.
حسب إيلي الفرزلي أنه قاتل ونظّر إلى تلك الرؤية، وكسبها في المعطى السياسيّ بشقيّه البنيويّ والميثاقيّ. وعلى الرغم من ذلك يسوغ لنا طرح السؤال التالي، ما هو المضمون السياسيّ المتجلي في المرحلة الحالية وفي مراحل قادمة؟
-المرحلة الأولى بحسب قراءة كثيرين ومنهم الفرزليّ، تمتين الدستور وتثميره باتجاه الأصعدة كافّة. لكنّ بعضهم طرح السؤال التالي: ما معنى إشارة الحريري بتبنيه كاملاً، هل الدساتير وجدت لتتكلّس وتتجمّد بسياقها العتيق، أو تتحرك وتتجدّد بإطلالات تتوثّب بها نحو التطور؟ هذه المسألة تحتاج لنقاش دقيق وهادئ بعد رسوخ العلاقة أكثر بين رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة. الطامة الكبرى التي تواجه اللبنانيين أنّه إذ تمّ طرح أيّ تعديل دستوري عادل ومطلوب، ينبري بعضهم ويعتبرون أنه مسّ حقيقيّ بالجوهر، ويهوّلون بالحروب فيستحيل بهذا الوضع طرح أي تعديل يتناسب مع المستقبل، ممّا يجعل النظام السياسيّ في لبنان جامدًا. وبرأي كثيرين بأنّ الدستور ليس إنجيلاً ولا قرآنًا. لكنّ التشديد على التمسك باتفاق الطائف يكشف الحيّز التسوويّ بمراعاة السعوديّة ومراعاة الطائفة السنيّة الكريمة حتى تكتمل عناصر التسويبة. ما يهمّ كثيرين التأكيد على الفلسفة الميثاقيّة المكنونة في قلب النص الدستوريّ وروحيته، وبرأي الفرزلي تلك الفلسفة هي انّ هذه التسوية ورحمها، وبلوغها نحو الذروة بوصول العماد عون للرئاسة سعد الحريري لرئاسة الحكومة.
-المرحلة الثانية، يتكثّف فيها السعي إلى بناء الجمهوريّة، وبناؤها لا يتمّ ويصحّ إلاّ بقانون انتخابات يؤمّن المناصفة. الرئيس الفرزلي عنده إصرار على أن يكون مشروع اللقاء الأرثوذكسي هو القاعدة الأساسيّة بحيث في متنها ينتفي استيلاد المسيحيين في كنف المذاهب الأخرى. أمران أساسيان يجب أخذهما في عين الاعتبار هما:
-إنهاء قانون الستين وهو أسوأ قانون في التاريخ السياسيّ المعاصر والحديث، ويعيد إنتاج الطبقة السياسيّة عينها، وهي التي عاثت فسادًا في لبنان كما أوضح الفرزلي وأكّد على كلامه أيضًا رئيس الجمهوريّة السابق العماد إميل لحود. والحل بحسب الفرزلي البلوغ نحو قانون تتأمّن فيه النسبية الكاملة مع لبنان دائرة واحدة أو مجموعة دوائر، على ان تراعى المناصفة، ولا بأس إذا تمّ اعتنماد القانون المختلط علمًا أنّ طبيعة هذا القانون معقدة وقد تخلق مشكلة في منطق العلاقة المنتخبين وفقًا للنسبية أو الأكثرية. وهذا سيكون مسرى لنضال سيقوده الفرزلي مع مجموعة مهتمة بهذه المسألة ومختصة بها.
-تطهير الدولة من الفساد والمفسدين، ويعتقد الفرزلي بأنّ العماد عون وضع تلك المسلمة من ضمن رؤيته كحالة جوهريّة ومطلوبة. والعماد عون عاكف على هذه المسألة مع مجموعة خبراء يقومون بدراساتهم لتجسديها.
-القيام بمصالحات ضروريّة. ويعتقد مصدر سياسيّ بأنّ العماد عون سيسعى إلى مصالحة القوات اللبنانيّة مع حزب الله، وهو يعرف بأنّهما الرافعتان الأساسيتان لوصوله لرئاسة الجمهوريّة، وسينجح عون بحسب المعطيات بتدعيم تلك المصالحة بمجموعة مقاربات يسعى إليها من الزوايا السياسيّة والعقيديّة والأخلاقيّة.
-رفض الثنائيّات الطائفية، والاتجاه إلى أن الميثاق الوطنيّ وكما قال عون شامل الكلّ بلا انتقاص أو اقتناص. وستتألّف الحكومة على تلك القاعدة وليس من قاعدة أخرى تضاهيها لتكون حكومة الميثاق والمصالحة بحسب المتابعين.
وفي الختام معظم الأفكار المطروحة سعى إيلي الفرزلي إليها، وإنضاج اللحظة هذه جاءت من رؤية الرجل وسعيه وآماله... على رجاء أن بحبا لبنان في المراحل المقبلة بأمن وهدوء وسلام.

Wednesday, October 19, 2016

الاكليروس الأرثوذكسي يتفرّد بالمؤسسات: «الشعب يريد إسقاط النظام»!


الاكليروس الأرثوذكسي يتفرّد بالمؤسسات: «الشعب يريد إسقاط النظام»!

الفرزلي: القانون الأرثوذكسي داخل البيت الأرثوذكسيّ (أ ف ب)
لم تعد مشكلة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي مع استيلاد النواب المسيحيين في كنف الطوائف الأخرى فقط. تمددت «ثورته» أخيراً لتطاول المطارنة ورجال الدين الأرثوذكس المُستولَدين في كنف الطوائف الأخرى. ولذلك يسعى الى تطبيق القانون الأرثوذكسي داخل البيت الأرثوذكسيّ أيضاً
غسان سعود
آن الأوان لكي يسأل من يدفعون الفواتير الإستشفائية الباهظة في «مستشفى الروم» والأقساط المخيفة في المدارس الأرثوذكسية وجامعة البلمند أين تذهب أموالهم، وكيف يدار الوقف الكنسي وتوزع عائداته؟ والأهم من السؤال هو الحصول على أجوبة تبرر الخسائر التي تعلن بين وقت وآخر وتحديد المسؤولين عنها وسبل محاسبتهم، وخصوصاً أنها الذريعة الدائمة لرفع الرسوم والأقساط وعدم تقديم المساعدات والمنح اللازمة.
السؤال مشروع استناداً الى إرث الكنيسة الأرثوذكسية ونظامها الداخليّ السابق الذي كان ينص على الشراكة الكاملة بين رجال الدين وجميع أبناء الطائفة الممثلين في مجالس منتخبة لهذه الغاية، قبل أن يقرر الاكليروس إجراء تعديلات للتفرّد بإدارة كل المؤسسات. أما التوقيت، فيرتبط بشلل بعض المطرانيات ولامبالاتها حيال النزوح الأرثوذكسيّ الكبير من سوريا وخطف المطرانين وكل ما يجري في المنطقة. الاعتراض على إلغاء الشراكة داخل الكنيسة كان يقتصر، منذ أكثر من عقدين، على مجموعة صغيرة تعرف بـ «الجبهة الأرثوذكسية». وحده عضو الجبهة نقولا مالك كان يحمل ملفاته ويدور من ساحة الى أخرى، رافضاً استئثار المطران الياس عودة بإدارة الكنيسة والوقف والمؤسسات الكنسية وكل المؤسسات التربوية والصحية من دون حسيب أو رقيب، إلا أن المعطيات تشير الى أن مالك لم يعد وحيداً. فأجواء «اللقاء الأرثوذكسي» عموماً، والنائب السابق إيلي الفرزلي خصوصاً، إضافة الى مجموعات مؤثرة في مطرانيات بيروت وجبل لبنان وعدة أبرشيات سورية واغترابية، كلها تشي بتوجه جدي الى بلورة موقف واضح في معارضة استمرار الأوضاع على بؤسها الحالي.
معظم المطارنة الأرثوذكس في لبنان أقرب إلى عوكر ومن خريجي الكنيسة اليونانية
وبرغم أن هؤلاء يعوّلون أساساً على البطريرك يوحنا اليازجي الذي انتخب بطريركاً قبل نحو عامين، إلا أنهم لا يخفون إحباطهم من عدم اتخاذه، ولو إيحاءً، أي خطوات جدية لتفعيل مراقبة المؤسسات والوقف الكنسيين وتوضيح المداخيل والمصاريف للرأي العام، وخصوصاً أبناء الكنيسة.
إدارياً، تتفرّج البطريركية على الأحاديث المختلفة عن وجوب تقسيم مطرانية جبل لبنان أو تقاسمها بين المطرانيات ليذهب الجزء الأكبر منها إلى مطرانية بيروت فيزداد نفوذ المطران الياس عودة.
سياسياً، لا يزال عودة يوحي بأنه الناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية، وقد مرّ بيعه لأراضي الوقف وتأجيرها مرور الكرام، فيما يخطّط لإنشاء جامعة خاصة في الأشرفية لسحب بساط «البلمند» من تحت البطريركية. والأسوأ هو أن البطريركية لا تجد نفسها معنية بأداء دور استثنائي في ما خص النزوح الكبير من سوريا أو رفع الصوت ضد خطف المطارنة والرهبان وتدمير الأديرة والكنائس. واللافت أن البطريرك اليازجي كان قد عقد قبل عام مؤتمراً يبحث «دور الشعب الأرثوذكسي في الحياة الكنسية»، إلا أن توصياته ضُمّت سريعاً إلى أرشيف الكنيسة الممتلئ بالتوصيات التي لا يُنفذ منها شيء.
اقتصادياً، يبدو المشهد الأرثوذكسيّ اليوم على النحو التالي: الجمهور في عكار وطرابلس والكورة والأشرفية وزحلة ومرجعيون وجبل لبنان في مكان، ورجال الأعمال المحيطون برجال الدين في مكان آخر. والهوة شاسعة بين رجال الأعمال الذين يريدون التوسع في أعمالهم ضمن نطاق الوقف الكنسي والمؤسسات الكنسية التربوية والاستشفائية، والجمهور. أما رجال الدين، فيفضلون حماسة رجال الأعمال ومشاريعهم المربحة على شكاوى المؤمنين واحتجاجهم الدائم على ارتفاع الأسعار وغيرها.
أما سياسياً، فالناخبون الأرثوذكس في عكار وطرابلس والكورة والأشرفية وزحلة وجبل لبنان في مكان، وممثلوهم المفترضون في المجلس النيابي في مكان آخر. ويتطابق موقف النواب الحريريين هنا مع غالبية رجال الدين. ومن تصدى لاقتراح القانون الأرثوذكسي بقوة سابقاً كان النواب الأرثوذكس أولاً الذين سيخسرون مقاعدهم اذا حظيت طائفتهم أخيراً بفرصة انتخاب ممثليها، بدل أن يواصل تيار المستقبل انتداب موظفيه لتمثيلها. والمطارنة ثانياً لخشيتهم على التقليد القائم بتزكيتهم فلاناً من موظفي المستقبل على غيره من الموظفين لدى القيادة الحريرية.
عملياً، يسأل نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي عن الفائدة التي يجنيها المواطنون الأرثوذكس من «مستشفى الروم»، داعياً الكنيسة إلى نشر ميزانية توضح ما يتسبب بخسارة المستشفى عاماً تلو الآخر. والسؤال واجب، أيضاً، عما يدفع جامعة جامعة البلمند إلى تأسيس مستشفى في الشمال، ما دام مستشفى الطائفة في بيروت يخسر. والأهم يكمن في أسباب هذه الخسارة. أما السؤال الثاني، فيتعلق بوقف الطائفة، انطلاقاً من وسط بيروت، حيث تحوّل الحضور الأرثوذكسي إلى «أسهم لحاملها». وهو ينتظر إجابة تفصيلية تشرح للرأي العام حجم الأراضي التي بيعت أو أُجِّرت ومكانها، وأسماء المستثمرين وأسعار المبيع أو الإيجار. ومعلومات الفرزلي توحي بوجود فضائح كبيرة في هذا الملف. أما السؤال الثالث، فيتعلق باستمرار بعض المطارنة في عملهم «برغم الشبهات الأخلاقية حولهم». ويقول الفرزلي إن ربط مصالح الأرثوذكس في كل لبنان بشخص واحد هو عرضة لـ»الأهواء والإغراءات» بغض النظر عن مناعته أو عدمها، هو أمر خطر.
كتب الفرزلي مرة أن «بروز الكنيسة الأرثوذكسية في لبنان وسوريا فتح أعين الديبلوماسية الأميركية منذ عام 1960 إلى وجوب التدخل في شؤون الكرسي الأنطاكي وتذكية صراع المطارنة داخله للسيطرة على ذلك الكرسي». ومن يدقق اليوم في مواقف المطارنة الأرثوذكس وخلفياتهم فسيُصدم بأن عدداً مؤثراً منهم أقرب إلى السفارة الأميركية في بيروت منه إلى السفير الروسيّ أو السوريّ، وأن غالبيتهم من خريجي الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية التي تبيع الأراضي الأرثوذكسية في فلسطين لليهود، وهم يرفعون الصوت اليوم اعتراضاً على التدخل الروسيّ ضد التكفيريين في سوريا على نحو يستوجب السؤال الجديّ: أين كان هؤلاء حين خطفت المجموعات التكفيرية معلولا والمطارنة والكنائس وغيرهم؟ علماً أن البطريرك الروسي فوجئ حين زار بيروت أخيراً بمطران بيروت يبقيه منتظراً أكثر من عشرين دقيقة، قبل أن يعرض عليه عودة تناول العشاء في كافيتيريا المستشفى، فما كان من الأخير سوى الاعتذار بلباقة والمغادرة.
متى ينتهي البناء في مستشفى البلمند؟
بعد طيّ جامعة البلمند صفحة «مستشفى الرئيس رفيق الحريري»، إثر الاعتراض الشعبي الواسع على اشتراط الممولين لإنشاء المستشفى تسميتها باسم رئيس الحكومة الراحل بدل «سيدة البلمند»، عاد مشروع المستشفى ليطل من جديد عبر رسالة وجهها رئيس الجامعة إيلي سالم للمتخرجين في 14 نيسان 2014. يومها أعلمهم سالم بقرار الجامعة استحداث مركز طبي في الجامعة «استدنّا الأموال من أحد المصارف الخاصة» لبنائه (مصرف IBL الذي يرأس مجلس إدارته نائب طرابلس الأرثوذكسي السابق سليم حبيب، والقرض مدعوم من مصرف لبنان). أما تصميم المستشفى فأعده المهندس نبيل عازار. واشار سالم إلى تقدم ثمانية متعهدين إلى مناقصة المستشفى، وإلى أن الأعمال ستنطلق في الصيف لتستغرق بين عامين وثلاثة. وختم رسالته بأن «البلمند وفّرت أموال الحفر والبناء والتجهيز، لكن الباب قد يفتح مستقبلاً للمتبرعين».
تقدمت شركات عدة إلى المناقصة ليتبين بعد فضّ العروض أن شركة الإنشاءات العربية (علي غسان المرعبي) تقدمت بأعلى سعر: نحو 56 مليون دولار، فيما تقدمت شركة المهندس إيلي معلوف بأدنى سعر: نحو 42 مليون دولار. أما شركة نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، فكان سعرها نحو 49 مليون دولار. رست المناقصة على معلوف بعد تدقيق دار الهندسة في الملفات. وظن المعنيون بالمشروع داخل الجامعة ووسط المقاولين أن الأعمال ستنطلق، إلا أن إدارة الجامعة أبلغت شركة معلوف أن في حوزتها 30 مليون دولار فقط، ولا يسعها توفير مبالغ إضافية، رغم قول سالم في رسالته للمتخرجين إنهم وفّروا المبالغ اللازمة. بدأ البحث عن الحلول المتوافرة، وبرزت اقتراحات جدية بإمكانية الاستغناء عن المصبغة مثلاً لمصلحة التعاقد مع إحدى المصابغ القريبة، وتكبير الأقسام المربحة وتصغير الأقسام غير المربحة، والتعاقد مع أحد المختبرات القريبة للاستغناء عن بعض الماكينات المكلفة في المرحلة الأولى. إلا أن المعنيين بالمشروع فوجئوا بتجاهل إدارة الجامعة لكل النقاش الحاصل وإعلانها الانطلاق بتنفيذ المشروع بنفسها. ولدى الاستفسار، تبين أن إدارة الجامعة قررت حلها «أهلية بمحلية» من دون مناقصات ودفاتر شروط: استدعى رئيس الجامعة أحد المتعهدين المقربين منه ليبدأ الحفر، وبالطريقة نفسها استدعي تاجر باطون ومعلم بناء وسمسار تجهيزات استشفائية و(...) بدأ العمل.
وفق دفتر الشروط السابق كان يفترض أن ينتهي العمل كاملاً خلال 36 شهراً، على أن ينتهي في المرحلة الأولى (18 شهراً) الحفر وبناء القسم الخارجي الذي يضم العيادات والمختبرات والأشعة. اليوم، بعد مرور تسعة أشهر، لا يزال العمل في مرحلة الحفر، ولا شيء يوحي بأنّ المرحلة الأولى ستنتهي بعد تسعة أشهر أو حتى تسعة عشر شهراً. لكن لا أحد يسأل أو يدقق في الحسابات المالية ونوعية العمل وغيره.
يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويتر | ghassansaoud@
سياسة
العدد ٢٧١٩ الثلاثاء ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٥
Like
Comment